المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(48) - (838) - باب الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْهِبَاتِ

- ‌(1) - (791) - بَابُ الرَّجُلِ يَنْحَلُ وَلَدَ

- ‌(2) - (792) - بَابُ مَنْ أَعْطَى وَلَدَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ

- ‌(3) - (793) - بَابُ الْعُمْرَى

- ‌(4) - (794) - بَابُ الرُّقْبَى

- ‌(5) - (795) - بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌(6) - (796) - بَابُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً رَجَاءَ ثَوَابِهَا

- ‌(7) - (797) - بَابُ عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌بشارة عظيمة

- ‌كِتَابُ الصَّدَقَاتِ

- ‌(8) - (798) - بَابُ الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ

- ‌(9) - (799) - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَوَجَدَهَا تُبَاعُ هَلْ يَشْتَرِيهَا

- ‌(10) - (800) - بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا

- ‌(11) - (801) - بَابُ مَنْ وَقَفَ

- ‌تتمة

- ‌(12) - (802) - بَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌(13) - (803) - بَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌(14) - (804) - بَابُ الْأَمِينِ يَتَّجِرُ فِيهِ فَيَرْبَحُ

- ‌(15) - (805) - بَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌(16) - (806) - بَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌تتمة

- ‌تتمة

- ‌(17) - (807) - بَابُ مَنِ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي قَضَاءَهُ

- ‌(18) - (808) - بَابُ مَنِ ادَّانَ دَيْنًا لَمْ يَنْوِ قَضَاءَهُ

- ‌(19) - (809) - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ

- ‌(20) - (810) - بَابٌ: مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا .. فَعَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ

- ‌(21) - (811) - بَابُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ

- ‌فائدة

- ‌(22) - (812) - بَابُ حُسْنِ الْمُطَالَبَةِ وَأَخْذِ الْحَقِّ فِي عَفَافٍ

- ‌(23) - (813) - بَابُ حُسْنِ الْقَضاءِ

- ‌(24) - (814) - بَابٌ: لِصَاحِبِ الْحَقِّ سُلْطَانٌ

- ‌تتمة

- ‌(25) - (815) - بَابُ الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ وَالْمُلَازَمَةِ

- ‌(26) - (816) - بَابُ الْقَرْضِ

- ‌(27) - (817) - بَابُ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(28) - (818) - بَابٌ: ثَلَاثٌ مَنِ ادَّانَ فِيهِنَّ .. قَضَى اللهُ عز وجل عَنْهُ

- ‌كتاب الرّهون

- ‌(29) - (819) - بَابُ رَهْنِ الدِّرْعِ

- ‌فائدة

- ‌(30) - (820) - بَابٌ: الرَّهْنُ مَرْكوبٌ وَمَحْلُوبٌ

- ‌(31) - (821) - بَابُ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ

- ‌(32) - (822) - بَابُ أَجْرِ الْأُجَرَاءِ

- ‌(33) - (823) - بَابُ إِجَارَةِ الْأَجِيرِ عَلَى طَعَامِ بَطْنِهِ

- ‌(34) - (824) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَقِي كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ وَيَشْتَرِطُ جَلْدَةً

- ‌(35) - (825) - بَابُ الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ

- ‌(36) - (826) - بَابُ كِرَاءِ الْأَرْضِ

- ‌(37) - (827) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌(38) - (828) - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُزَارَعَةِ

- ‌(39) - (829) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ

- ‌(40) - (830) - باب اسْتِكْرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ

- ‌(41) - (831) - بَابُ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ

- ‌كتابُ المساقاة

- ‌(42) - (832) - بَابُ مُعَامَلَةِ النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ

- ‌فائدة

- ‌(43) - (833) - بَابُ تَلْقِيحِ النَّخْلِ

- ‌(44) - (834) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ

- ‌(45) - (835) - بَابُ إِقْطَاعِ الْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ

- ‌(46) - (836) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ

- ‌(47) - (837) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ

- ‌(48) - (838) - بَابُ الشُّرْبِ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَمِقْدَارِ حَبْسِ الْمَاءِ

- ‌(49) - (839) - بَابُ قِسْمَةِ الْمَاءِ

- ‌(50) - (840) - بَابُ حَرِيمِ الْبِئْرِ

- ‌(51) - (841) - بَابُ حَرِيمِ الشَّجَرِ

- ‌(52) - (842) - بَابُ مَنْ بَاعَ عَقَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ

- ‌كتاب الشُّفْعة

- ‌(53) - (843) - بَابُ مَنْ بَاعَ رِبَاعًا .. فَلْيُؤْذِنْ شَرِيكَهُ

- ‌(54) - (844) - بَابُ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ

- ‌(55) - (845) - بَابٌ: إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ .. فَلَا شُفْعَةَ

- ‌(56) - (846) - بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌كتابُ اللُّقَطة

- ‌(57) - (847) - بَابُ ضَالَّةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ

- ‌(58) - (848) - بَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌(59) - (849) - بَابُ الْتِقَاطِ مَا أَخْرَجَ الْجُرَذُ

- ‌(60) - (850) - بَابُ مَنْ أَصَابَ رِكَازًا

- ‌كتابُ العتق

- ‌(61) - (851) - بَابُ الْمُدَبَّرِ

- ‌تتمة

- ‌(62) - (852) - بَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌(63) - (853) - بَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌(64) - (854) - بَابُ الْعِتْقِ

- ‌(65) - (855) - بَابٌ: مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ .. فَهُوَ حُرٌّ

- ‌(66) - (856) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَاشْتَرَطَ خِدْمَتَهُ

- ‌(67) - (857) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ

- ‌(68) - (858) - بَابٌ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ

- ‌(69) - (859) - بَابُ عِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌(70) - (860) - بَابُ مَنْ أَرَادَ عِتْقَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ .. فَلْيَبْدَأْ بِالرَّجُلِ

الفصل: ‌(48) - (838) - باب الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء

(48) - (838) - بَابُ الشُّرْبِ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَمِقْدَارِ حَبْسِ الْمَاءِ

(104)

- 2439 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ

===

(48)

- (838) - (باب الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء)

(104)

- 2439 - (1)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي مولاهم المصري، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري عالمها، ثقة متقن قرين مالك، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن) أخيه (عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي المدني رضي الله عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رجلًا من الأنصار) قيل: اسمه: ثابت بن قيس بن شماس، وقيل: حاطب بن أبي بلتعة، وقيل: ثعلبة بن حاطب، وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} (1) أنها نزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل، قال ابن كثير: وهو مرسل، ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري. انتهى "قسطلاني".

(1) سورة النساء: (65).

ص: 325

خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرَّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ"،

===

(خاصم الزبير) بن العوام؛ أي: رافعه للخصومة (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة) أي: في سواقيها وجداولها (التي يسقون بها النخل) من ماء السيل والشراج - بكسر الشين المعجمة آخره جيم - جمع شرج - بفتح أوله وسكون الراء - بوزن بحر وبحار، ويجمع أيضًا على شروج.

وإنما أضيفت إلى الحرة؛ لكونها فيها، والحرة - بفتح الحاء والراء المشددة المهملتين -: موضع معروف بالمدينة المنورة ذو حجارة سود؛ والمراد بها هنا: مسايل الماء من المطر؛ وذلك لأن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري، فيحبسه الزبير في نخله لإكمالِ سَقْيِ أرضِه، ثم يُرسله إلى أرض جاره (فقال الأنصاري) للزبير ملتمسًا منه تعجيلَ ذلك:(سَرِّح الماءَ) وأَرسِلْه - بفتح السين وكسر الراء المشددة وبالحاء المهملة - أي: أَطْلِق الماءَ حالةَ كونه (يَمُر) عليك، ولا تَحْبِسْه في أرضِك (فأبى عليه) مِن أَبَى يَأْبَى إباءً؛ من باب سعى؛ كما بسطنا الكلام عليه في "مناهل الرجال" أي: امتنع الزبير مما طلبه من إرسال الماء إليه (فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: ترافعا إليه؛ ليفصل الخصومة بينهما (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: (أسق يا زبير) نخلك - بهمزة مفتوحة - لأنه من أسقى الرباعي الذي هو من مزيد الثلاثي، وثُلَاثِيه سَقَى يَسْقِي؛ من باب رمى.

وقال العيني: بكسر الهمزة؛ لأنه أمر من سقى يسقي؛ من باب ضرب.

والمعنى: أسق شيئًا يسيرًا دون حقك (ثم أرسل الماء إلى جارك) الأنصاري

ص: 326

فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:"يَا زُبَيْرُ؛ أَسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ"،

===

- بهمزة قطع مفتوحة أيضًا - لأنه أمر من الإرسال (فغضب الأنصاري) حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير ذلك (فقال) الأنصاري لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ أن كان) الزبير - بفتح الهمزة وسكون النون - على أنها مصدرية أو مخففة من أن المشددة على تقدير اللام المعللة لمحذوف؛ تقديره: أي: حكمت له بالتقديم علي؛ لكونه (ابن عمتك) صفية بنت عبد المطلب، وروي بكسر الهمزة على أنها مخففة من إن المكسورة، واسمها ضمير الشأن، وجملة كان خبرها، والجملة حينئذ استئنافية في موضع التعليل (فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من البياض إلى الحمرة؛ من قول الأنصاري، وظهر فيه آثار الغضب؛ لانتهاك حرمات النبوة وقبح كلام هذا الرجل، ولم يعاقبه؛ لصبره على الأذى ومصلحةِ تَأَلُّفِ الناس، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

(ثم) بعد كلام الأنصاري (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: (يا زبير؛ أسق) نَخْلَكَ - بهمزة مفتوحة - (ثم) بعدما سقيتَه (احبس الماء) تحت الشجرة بهمزة وصل أيضًا؛ أي: أمسك نفسك عن سقي غير تلك النخلة (حتى يرجع) الماء المجتمع تحتها (إلى الجدر) أي: حتى يصير الماء الذي تحتها إلى الجدر - بفتح الجيم وسكون الدال المهملة - وهو ما وضع بين شربات النخل؛ كالجدار أو الحواجز التي تحبس الماء تحت الشجر، ويروى بكسر الجيم؛ وهو الجدار، والمراد به: جدران الشربات؛ وهي الحفر التي تحفر حول أصول النخل؛ لتمسك الماء تحتها ويروى.

ص: 327

قَالَ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللهِ؛ إِنِّي لَأَحْسَبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا

===

قال في "شرح السنة": قوله صلى الله عليه وسلم في الأول: "أسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك" كان الأول منه أمرًا منه للزبير بالمعروف، وأخذًا بالمسامحة وحسن الجوار؛ لترك بعض حقه دون أن يكون حكمًا منه عليه، فلما رأى الأنصاري يجهل موضع حقه .. أمر صلى الله عليه وسلم الزبير باستيفاء تمام حقه؛ فإنه أصلح له، وفي الزجر أبلغ.

وقول الأنصاري ما قال وقع منه في شدة الغضب بلا اختيار منه إن كان مسلمًا، ويحتمل أنه كان منافقًا، وقيل له: أنصاري؛ لاتحاد القبيلة، وقد جاء في "النسائي" أنه حضر بدرًا. انتهى.

(قال) عبد الله بن الزبير: (فقال) لنا والدي (الزبير) بن العوام رضي الله تعالى عنه: (والله) أي: أقسمت بالله الذي لا إله غيره؛ (إني لأحسب) وأظن (هذه الآية) المذكورة هنا (نزلت في ذلك) الخصام الذي وقع بيني وبين الأنصاري؛ يعني بها: قوله تعالى: ({فَلَا وَرَبِّكَ}) أي: فوربك، (فلا) مزيدة؛ لتأكيد القسم لا لِتُظَاهِرَ (لا) في قوله:({لَا يُؤْمِنُونَ}) لأنها تزاد أيضًا في الإثبات؛ كقوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (1)({حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}) أي: فيما اختلف واختلط، ومنه الشجر؛ لتداخل أغصانه ({ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا}) أي: ضيقًا ({مِمَّا قَضَيْتَ}) أي: من قضائك بينهم؛ أي: لا تضيق صدورهم من حكمك، وقيل: شكًّا من أجله؛ فإن الشاك في ضيق من أمره حتى يلوح له اليقين ({وَيُسَلِّمُوا}) أي: ينقادوا ويذعنوا لما تأتي به

(1) سورة البلد: (1).

ص: 328

تَسْلِيمًا}.

(105)

- 2440 - (2) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ،

===

من قضائك لا يعارضونه بشيء ({تَسْلِيمًا})(1) مصدر مؤكد لعامله بمنزلة تكريره؛ كأنه قيل: وينقادوا لحكمك انقيادًا لا شبهة فيه بظاهرهم وباطنهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المساقاة، باب سكر الأنهار وسدها، ومسلم في كتاب الفضائل، باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وأبو داوود في كتاب الأقضية، باب أبواب من القضاء، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء، والنسائي في كتاب آداب القضاء، باب إشارة الحاكم بالرفق وابن ماجه في المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عبد الله بن الزبير بحديث ثعلبة بن أبي مالك رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(105)

- 2440 - (2)(حدثنا إبراهيم بن المنذر) بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي (الحزامى) بالزاي، صدوق، من العاشرة، مات سنة ست وثلاثين ومئتين (236 هـ). يروي عنه:(خ ت س ق).

(1) سورة النساء: (65).

ص: 329

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ الْأَعْلَى فَوْقَ الْأَسْفَلِ،

===

(حدثنا زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك) ويقال له: زكريا بن يحيى بن منظور، فنسب إلى جده، القُرظيُّ أبو يحيى المدني، ضعيف، من الثامنة. يروي عنه:(ق).

(حدثني محمد بن عقبة بن أبي مالك) القرظي، مستور، من الثالثة. يروي عنه:(ق).

(عن عمه ثعلبة بن أبي مالك) القرظي حليف الأنصار أبي مالك، ويقال له: أبو يحيى المدني مختلف في صحبته، وقال العجلي: تابعي ثقة. يروي عنه: (خ د ق).

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن زكريا بن منظور متفق على ضعفه، وليس لثعلبة هذا عند ابن ماجه إلا هذا الحديث، وليس له شيء في شيء من الكتب الخمسة الأصول، وبالجملة: إسناده ضعيف لا يحتج به.

(قال) ثعلبة: (قضى رسول الله عملى الله عليه وسلم في سيل مهزور) - بتقديم المعجمة على المهملة - اسم واد لبني قريظة بالحجاز، فهو من إِضَافَةِ الحالِّ إلى المحلِّ، وأما بتقديم المهملة على المعجمة .. فموضع سوق بالمدينة، تصدق به رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، كذا ذكره السيوطي.

ومفعول قضى محذوف؛ أي: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيل يسيل في موضع يسمى بمهزور أن يسقي (الأعلى) وهو الذي يلي إلى جهة الماء (فوق الأسفل) وفوق هنا ظرف بمعنى قبل؛ أي: أن يسقي الأعلى قبل

ص: 330

يَسْقِي الْأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ.

(106)

- 2441 - (3) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَنْبَأَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَّنِ، حَدَّثَنِي أَبِي،

===

الأسفل، فـ (يسقي الأعلى) فيحبس الماء تحت أصل الشجر إلى أن يصل الماء المجتمع (إلى الكعبين، ثم يرسل) الأعلى الماء (إلى من هو أسفل منه).

فهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه البيهقي من طريق الوليد بن كثير عن أبي مالك بن ثعلبة عن أبيه ثعلبة به، وسياقه أتم، وهذا الحديث مرسل؛ لأن ثعلبة ليست له صحبة.

فهذا الحديث: سنده ضعيف؛ لما ذكروا، مَتْنُهُ صحيحٌ بما قبله، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن الزبير بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(106)

- 2441 - (3)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري، ثقة رمي بالنصب، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).

(أنبأنا المغيرة بن عبد الرحمن) بن الحارث بن عياش - بتحتانية ومعجمة - ابن أبي ربيعة المخزومي أبو هاشم المدني، صدوق فقيه كان يهم، من الثامنة، مات سنة ست أو ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثني أبي) عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش - بتحتانية مشددة ومعجمة - ابن أبي ربيعة المخزومي أبو الحارث المدني، صدوق له

ص: 331

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ أَنْ يُمْسِكَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلَ الْمَاءَ.

===

أوهام، من السابعة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئة (143 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن عمرو بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن أبيه) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، صدوق ثبت سماعه من جده عبد الله بن عمرو، من الثالثة. يروي عنه (عم).

(عن جده) عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأنه اختلف في عمرو فيما روى عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو؛ لأنه يرويه من الكتاب.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور أن يمسك)

الأعلى منهم الماء تحت الشجر (حتى يبلغ) الماء في ارتفاعه إلى (الكعبين) أي: إلى كعبي من يقوم فيه (ثم يرسل) الأعلى (الماء) أي: يتركه جاريًا إلى من هو أسفل منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأقضية، أبواب من القضاء، ومالك في "الموطأ" في كتاب الأقضية، باب القضاء في المياه.

فدرجته: أنه حسن السند، صحيح المتن بما قبله، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن الزبير بحديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنهم، فقال:

ص: 332

(107)

- 2442 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغَلِّسِ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ

===

(107)

- 2442 - (4)(حدثنا أبو المغلس) عبد ربه بن خالد بن عبد الملك بن قدامة النميري البصري، مقبول، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا فضيل بن سليمان) النميري - بالنون مصغرًا - أبو سليمان البصري، صدوق له خطأ كثير، من الثامنة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).

(حدثنا موسى بن عقبة) بن أبي عياش - بتحتانية ومعجمة - الأسدي مولى آل الزبير، ثقة فقيه إمام في المغازي، من الخامسة، مات سنة إحدى وأربعين ومئة (141 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن إسحاق بن يحيى بن الوليد) بن عبادة بن الصامت أرسل عن عبادة، وهو مجهول، قتل سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ)، من الخامسة. يروي عنه:(ق).

(عن عبادة بن الصامت) بن قيس الأنصاري الخزرجي أبي الوليد المدني أحد النقباء بدري مشهور رضي الله تعالى عنه، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين (34 هـ)، وله اثنتان وسبعون سنة، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية، قال سعيد بن عفير: كان طوله عشرة أشبار. يروى عنه: (ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن إسحاق بن يحيى لم يدرك عبادة بن الصامت، فهو مرسل، قاله البخاري في "التاريخ الصغير"، والترمذي وابن عدي في "الكامل".

ص: 333

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي شُرْبِ النَّخْلِ مِنَ السَّيْلِ أَنَّ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى يَشْرَبُ قَبْلَ الْأَسْفَلِ، وَيُتْرَكُ الْمَاءُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَاءُ إِلَى الْأَسفَلِ الَّذِي يَلِيهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَوَائِطُ أَوْ يَفْنَى الْمَاءُ.

===

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في شرب النخل) وسقيه (من السيل) وهو ماء المطر يسيل في الوادي (أن الأعلى) أي: أن الأقرب (فالأعلى) أي: فالأقرب إلى الماء (يشرب) ويسقي (قبل الأسفل) أي: قبل الأبعد من الماء، وجملة أن في محل النصب مفعول قضى (ويترك الماء) أي: يحبس تحت أصل الشجر حتى يجتمع ويبلغ (إلى الكعبين) أي: إلى كعبي القائم فيه.

(ثم) بعدما بلغ الكعبين (يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه) أي: يلي لهذا الأعلى، ثم إلى الذي يليه، وهكذا إلى آخر الأشجار؛ كما قال الراوي.

(وكذلك) أي: وكما يرسل الماء من الأعلى إلى الأسفل منه يرسل الماء من ذلك الأسفل إلى الأسفل من ذلك الأسفل (حتى تنقضي) وتنتهي (الحوائط) والبساتين في السقي (أو) حتى (يفنى الماء) وينقطع بانقطاع السيل.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه البيهقي في "السنن الكبرى" من طريق محمد بن أبي بكر عن فضيل بن سليمان، فذكره، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو رواه أبو داوود وابن ماجه، كما مر قبل هذا الحديث، وأصله في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عبد الله بن الزبير السابق أول هذا الباب.

فدرجة هذا الحديث: أنه ضعيف السند، لما مر آنفًا، صحيح المتن بما

ص: 334

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قبله من حديث عبد الله بن عمرو، وبما سبق في أول الباب من حديث ابن الزبير رضي الله تعالى عنهم، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 335