الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(12) - (802) - بَابُ الْعَارِيَّةِ
(23)
- 2358 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ،
===
(12)
- (802) - (باب العارية)
والعاريَّةُ - بتشديد الياء على الأفصح، وقد تخفف، وفيها لغة ثالثة؛ وهي عَارَةٌ على وزن ناقَةٍ - لغةً: مأخُوذةٌ من مصدر عارَ؛ إذا ذهب ورجعَ بسُرْعة، ومنه قيل للغلام الخفيف: عَيَّار؛ لكثرةِ ذهابه ومجيئه، وإنما أُخذت من ذلك؛ لذهابِها ومجيئِها بسرعة لمالكها غالبًا.
أو مأخُوذةٌ من التعاوُر؛ وهو التناوُب؛ لأن المستعير والمالكَ يتناوَبان في الانتفاع بها، فحقيقتُها لغةً: الذهابُ والمجيءُ بسرعة.
وشرعًا: إباحةُ الانتفاعِ مِن أهل التبرع بما يحلُّ الانتفاع به مع بقاءِ عَيْنِهِ ليَرُدَّه على المتبرِّع.
وأركانُها أربعة: مُعير، ومستعير، ومُعار، وصيغة.
وهو لفظٌ يُشعر بالإذنِ في الانتفاع به؛ كأَعَرْتُك، أو بطلبِه؛ كأَعِرْني مع لفظ الآخر أو فعلِه. انتهى من "البيجوري على الغاية".
(23)
- 2358 - (1)(حدثنا هشامُ بن عمَّار) بن نُصير السلمي الدمشقي صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة. يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا إسماعيل بن عياش) بن سُليم العَنْسي -بالنون- أبو عتبة الحمصيُّ، صدوق في روايته عن أهل بلده مُخلّطٌ في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(عم).
حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ".
===
(حدثنا شُرحبيل) بضم أوله وفتح الراء وسكون المهملة (ابن مسلم) بن حامد الخَولاني الشامي، صدوق فيه لينٌ، ووثَّقه أحمدُ والعِجليُّ، من الثالثة. يروي عنه:(د ت ق).
(قال) شُرحبيل: (سمعتُ أبا أُمامة) الباهليَّ صُديَّ بن عَجْلان الصحابيَّ المشهور رضي الله تعالى عنه، سكَن الشام، ومات بها سنة ست وثمانين (86 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السندُ مِن رُباعياته، وحكمه: الصحةُ؛ لأن رجالَه صدوقون؛ لأن إسماعيلَ بن عياش روى عن أهل بلده، فهو صدوق ليس مخلّطًا.
أي: سمعتُ أبا أمامة حالة كونه (يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: العاريةُ مؤدَّاة) أي: يجب ردُّها إلى المُعير إن بقيَتْ وردُّ مثلِها أو قيمتِها إن تلفَتْ؛ لأنها أمانة مضمونة.
قال السندي: قوله: (مؤداة) أي: وجَب رَدُّ عينِها إن بقيَتْ، وقيل: مضمونة يجب أداؤُها بِردِّ عَينِها أو قيمتِها إن تَلِفَتْ.
وقال التوربشتي: أي: تُؤدَّى إلى صاحبها؛ واختلَفُوا في تأويلِه على حَسَب اختلافهم في الضمانِ: فالقائلُ بالضمانِ يقولُ: تُؤدَّى عينًا حالَ البقاء، وقيمةً عند التلف، وفائدةُ التأدية عند من يَرى خلافَ ذلك: إلزام المستعير مؤنةَ ردها إلى مالِكها. انتهى من "العون".
(والمِنْحةُ) -بكسر الميم وسكون النون- هي ما يَمْنحُه الرجلُ صاحبَه - أي: يُعطيه - من ذاتِ در؛ ليشربَ لبنَها، أو شجرةٍ؛ ليأكل ثمرها، أو أَرْضًا؛ ليزرعَها (مردودةٌ) فيه: إعلامٌ بِأنَّها تتَضمَّنُ تمليكَ المنفعةِ لا تمليكَ الرَّقَبة. انتهى منه.
(24)
- 2359 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
===
قال السندي: والمنحة في الأصل: العطية؛ ويقال لِما يُعْطي الرجلُ لِيُنْتَفَع به؛ كأرض يُعطيها للزرع، وشاة لِلَّبن، أو شجرة لأكل الثمرة، ومرجعُ الكل إلى تمليك المنفعة، فيجب ردُّ عينه إلى مالكه بعد الفراغ من الانتفاع بها. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب في تضمين العارية، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في أن العارية مؤداة، قال أبو عيسى: وفي الباب عن سمرة وصفوان وأنس، قال: وحديثُ أبي أمامة حديث حسن غريب، وأخرجه أحمد وابن حبان والبيهقي.
قال الحافظ الزيلعيُّ: قال صاحبُ "التنقيح": روايةُ إسماعيل بن عياش عن الشاميين جَيِّدَة، وشرحبيلُ من ثقات الشاميين، قاله الإمام أحمد. ووثَّقَهُ أيضًا العجليُّ وابنُ حبان، وضعَّفَه ابنُ معين. انتهى، والحديثُ أخرجه الترمذي في الوصايا مطولًا. انتهى من "التحفة".
فدرجةُ هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحةِ سنده وللمشاركة فيه، وغرضُه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثُمَّ استشهد المؤلف لحديث أَبِي أمامة بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(24)
- 2359 - (2)(حدَّثنا هشامُ بن عمار) بن نُصير السلمي الدمشقي، صدوق، من العاشرة مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(وعبدُ الرحمن بن إبراهيم) بن عَمرو العثمانيُّ مولاهم، أبو سعيد لقبه
الدِّمَشْقِيَّانِ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ".
===
دُحيم - مصغرًا - ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).
وقوله: (الدمشقيان) راجع إلى الراويَيْنِ.
(قالا) أي: قال كُلٌّ منهما:
(حدثنا محمد بن شعيب) بن شَابُور -بالمعجمة والموحدة- الأمويُّ مولاهم الدمشقي نزيلُ بيروت، صدوق صحيحُ الكتاب، من كِبار التاسعة، مات سنةَ مئتين (200 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن عبد الرحمن بن يزيد) بن جابر الأزديِّ أبي عُتْبَةَ الشاميِّ الدَّارَانِي، ثقة، من السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبريِّ أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، تغيَّر قبل موته بأربع سنين، مات في حدود العشرين ومئة، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحةُ؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أنس: (سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: العاريةُ مؤداة) إلى المُعِير إن بقيَتْ، ومضمونة بمثلها أو قيمتها إن تلفَتْ بغير الاستعمالِ المأذون فيه؛ كما هو مقرر في كتب الفقه.
(والمنحةُ) أي: البهيمة المُعْطَاة للمحتاج ليشربَ لبنها مثلًا (مردودة)
(25)
-2360 - (3) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ
===
بذاتها إلى مالكها بعد انقطاعِ اللبن، وقد مرَّ ما فيه من البَحْثِ في الحديث المذكور قَبْلَه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد في السنن الأربعة من حديث الحسن عن سمرة، ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" في كتاب العارية عن ابن عباس والدارقطني.
فدرجتُه: أنه صحيح؛ لصحةِ سنده، ولأن له شواهد، وغرضُه: الاستشهاد به.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي أمامة بحديث سمرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(25)
-2360 - (3)(حدثنا إبراهيم بن المستمر) الهذلي العروقي -بضم العين وبالقاف- الناجي -بالنون والجيم- أبو إسحاق البصري، صدوق يغرب، من الحادية عشرة، وذكره ابن حبان في "الثقات". يروي عنه:(د س ق).
(حدثنا محمد بن عبد الله) بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري القاضي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس عشرة ومئتين (215 هـ). يروي عنه:(ع).
(ح وحدثنا يحيى بن حكيم) المقومي أبو سعيد البصري، ثقة حافظ عابد مصنف، من العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومئتين (256 هـ). يروي عنه:(د س ق).
(حدثنا) محمد بن إبراهيم (بن أبي عدي) وقد ينسب لجده، وقيل: هو
جَمِيعًا، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ".
===
إبراهيم أبو عمرو البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(جميعًا) أي: كل من محمد بن عبد الله وابن أبي عدي رويا (عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البصري، ثقة، من السادسة، مات سنة ست، وقيل: سنة سبع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن قتادة) بن دعامة بن قتادة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن الحسن) بن أبي الحسن يسار البصري الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، من الطبقة الثالثة، مات سنة عشرة ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سمرة) بن جندب بن هلال الفزاري حليف الأنصار الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، له أحاديث، مات بالبصرة سنة ثمان وخمسين (58 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات، ولكن فيهما انقطاع؛ لأن في سماع الحسن عن سمرة خلافًا.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: على اليد) الآخذة ضمان (ما أخذت) بعارية أو غصب أو سرقة (حتى تؤديه) أي: حتى تؤدي اليد الآخذة ما أخذته إلى مالكه وترده إليه، ويلزم منه أن السارق يضمن المسروق وإن قطعت يده. انتهى "سندي بزيادة".
أي: يجب على اليد رد ما أخذته.
قال الطيبي: (ما) موصولة مبتدأ مؤخر، و (على اليد) خبره مقدم، والعائد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
محذوف؛ تقديره: أي: ما أخذته اليد ضمان على صاحبها، والإسناد إلى اليد على المبالغة؛ لأنها هي المتصرفة، (حتى تؤديه) بصيغة الإسناد إلى الفاعل المؤنث؛ أي: حتى تؤديه تلك اليد إلى مالكه.
والحديث دليل على أنه يجب على الإنسان رد ما أخذته يده من مال غيره بإعارة أو إجارة أو غيرهما حتى يرده إلى مالكه، وبه استدل من قال بأن المستعير ضامن، ويجيء الخلاف في ذلك.
قال القاضي: هذا الحديث دليل على أن العارية مضمونة على المستعير، فلو تلفت في يده .. لزمه الضمان، وبه قال ابن عباس وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهما، وإليه ذهب عطاء والشافعي وأحمد، وذهب شريح والحسن والنخعي وأبو حنيفة والثوري إلى أنها أمانة في يده لا تضمن إلا بالتعدي، وروي ذلك عن علي وابن مسعود. انتهى كذا في "المرقاة"، انتهى من "العون".
قال الحافظ ابن القيم: اختلف أهل الحديث في سماع الحسن من سمرة على ثلاثة أقوال: أحدها: صحة سماعه منه مطلقًا، وهذا قول يحيى بن سعيد وعلي بن المديني وغيرهما، والثاني: أنه لا يصح سماعه منه مطلقًا، وإنما روايته عنه من كتاب، والثالث: صحة سماعه منه حديث العقيقة وحده.
وحديث الحسن هذا عن سمرة في العارية أخرجه الحاكم في "صحيحه"، وقال: هو على شرط البخاري، وفيما قاله نظر؛ فإن البخاري لم يخرج حديث العارية في كتابه من طريق الحسن عن سمرة، وإنما أخرجه من حديث أيوب السختياني عن ابن سيرين، قال: حدثنا سليمان بن عامر الضبي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مع الغلام العقيقة
…
" الحديث. انتهى منه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
==
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب البيوع، باب في تضمين العارية، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في العارية مؤداة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكر المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم