الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(46) - (836) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ
(100)
- 2435 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، سَمِعْتُ إِيَاسَ بْنَ عَبْدٍ الْمُزَنِيَّ وَرَأَى أُنَاسًا يَبِيعُونَ الْمَاءَ فَقَالَ: لَا تَبِيعُوا الْمَاءَ؛
===
(46)
- (836) - (باب النهي عن بيع الماء)
(100)
- 2435 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، ثقة ثبت له تصانيف، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي، ثقة إمام، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه (ع).
(عن أبي المنهال) عبد الرحمن بن مطعم البناني - بضم الموحدة ونونين أولاهما خفيفة - المكي بصري نزل مكة، روى عن إياس بن عبد الرحمن، ويروي عنه عمرو بن دينار، ثقة، من الثالثة، قال أبو زرعة: ثقة مكي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة ست ومئة (106 هـ). يروي عنه:(ع).
قال: (سمعت إياس بن عبد) بغير إضافة (المزني) يكنى أبا عوف، له صحبة يعد في أهل الحجاز رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(عم).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
أي: سمعت إياس (و) الحال أنه (رأى أناسًا يبيعون الماء) الفاضل عن حاجتهم في الصحراء (فقال) لهم إياس: (لا تبيعوا الماء) الفاضل عن حاجتكم
فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُبَاعَ الْمَاءُ.
===
(فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع الماء) الفاضل؛ أي: نهى عن بيع ما فضل عن حاجته من ذي حاجة ولا ثمن له؛ فإن كان له ثمن .. فالأولى إعطاؤه بلا ثمن. انتهى "مناوي"، وفي رواية للنسائي عن طريق عطاء عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء، ولم يذكر لفظ "فضل"، وهذا الحديث يدل بظاهره على أن بيع الماء ممنوع مطلقًا، وإليه جنح ابن حزم في "المحلى"، والشوكاني في "نيل الأوطار".
ولكن لا يوجد من السلف من يحمل المنع على ظاهره؛ فإن الماء المحرز في الجرار والأواني مملوك بالإجماع، فيجوز بيعه؛ فالمراد من الماء في الحديث: ماء الأنهار والبحار التي لا ملك فيها لأحد، ويدل عليه ما أخرجه أحمد في "مسنده" عن إياس بن عبد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا فضل الماء؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء، قال: والناس يبيعون ماء الفرات، فنهاهم؛ فإنه يدل بظاهره أن النهي وارد في ماء الأنهار، وأما كون الماء المحرز مملوكًا .. فيدل عليه حديث الباب؛ حيث خص النهي بفضل الماء؛ كما في رواية مسلم، فيدل على أن بيع أصله مباح، وإنما الممنوع بيع فضله، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"من أحيا أرضًا ميتةً .. فهي له"؛ فإن الأرض الميتة مباحة لكل أحد وتملك بالإحياء، وكذلك الصيود كلها مباحة في الأصل، وتملك بالاصطياد، فيقاس عليها الماء؛ فإنه مباح في أصله، وصار هذا القياس مؤكدًا بإجماع الأمة، فلا يجوز العدول عنه. انتهى من "التكملة" بتصرف.
واختلف العلماء في أن هذا النهي للتحريم أو التنزيه: فرجح الطيبي حمله على كراهة التنزيه، وحكى صاحب "التوضيح" حرمته عن مالك والأوزاعي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
مطلقًا، والأصح عند الشافعية أنه يجب بذله للماشية لا للزرع، وهو مذهب الحنفية فيما حكاه العيني، ولا يفرق مالك بين المواشي والزرع، بل يوجب البذل في الجميع، ووجه الفرق بين المواشي والزرع: أن الماشية ذات روح يخشى عليها بالعطش، بخلاف الزرع؛ كما في "عمدة القاري"، ويتحصل مما ذكرنا أن الماء ثلاثة أقسام:
1 -
الأول: ماء البحار والأنهار التي لا ملك عليها لأحد، فهو مباح عام لا يجوز لأحد أن يمنع غيره منه.
2 -
والثاني: الماء المحرز في الجرار والأواني والتنكات والبراميل، وهو مملوك لِمُحْرِزهِ بالإجماع، ولا يجب عليه بذله إلا لمضطر.
3 -
والثالث: ماء الأبيار والحياض والعيون والقنا المملوكة في الأراضي المملوكة أو الموات، وفيه خلاف: فقال بعض الشافعية: إنه مملوك؛ كالماء المحرز في الأواني، وهو قول يحيى والمؤيد بالله، وقال الحنفية وأكثر الشافعية: إنه حق لا ملك؛ كما في "نيل الأوطار"(5/ 295) ومعنى كونه (حقًّا): أنه أحق به من غيره، ولكن يجب بذل ما فضل عن حاجته لشرب غيره. انتهى من "الكوكب".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث جابر، أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم فضل الماء، وأبو داوود في كتاب البيوع، باب بيع فضل الماء، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في فضل الماء، والنسائي في كتاب البيوع، في باب بيع الماء، والمؤلف بعد هذا الحديث.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شواهد في "مسلم" وفي
(101)
- 2436 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ
===
"السنن الأربعة"، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث إياس بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(101)
- 2436 - (2)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه: (ق).
(وإبراهيم بن سعيد الجوهري) أبو إسحاق الطبري نزيل بغداد، ثقة حافظ، من العاشرة، مات في حدود الخمسين والمئتين (250 هـ). يروي عنه:(م عم).
كلاهما (قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم المكي، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنهما، مات بالمدينة بعد السبعين. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ.
===
(قال) جابر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع) الشخص (فضل الماء) أي: الماء الفاضل عن حاجته، وقد مر ما فيه من المعنى، في الحديث الذي قبله، فراجعه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم بيع فضل الماء الذي يكون في الفلاة ويحتاج إليه لرعي الكلأ.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث إياس بن عبد.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم