المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(24) - (376) - باب ما جاء في قيام الليل - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كِتابُ الأذان (3)

- ‌(1) - (353) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(2) - (354) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(3) - (355) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌تنبيه

- ‌(4) - (356) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الاسْتِسْقَاءِ

- ‌(5) - (357) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(6) - (358) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَمْ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(7) - (359) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(8) - (360) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(9) - (361) - بَابُ مَا جَاءَ فِي انْتِظَارِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(10) - (362) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا

- ‌(11) - (363) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا

- ‌فائدة

- ‌‌‌فائدة أخرى

- ‌فائدة أخرى

- ‌(12) - (364) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ طَرِيقٍ وَالرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِهِ

- ‌فائدة

- ‌(13) - (365) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّقْلِيسِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌(14) - (366) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَرْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌(15) - (367) - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(16) - (368) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ

- ‌(17) - (369) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ مَطَرٌ

- ‌(18) - (370) - بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ السِّلَاحِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ

- ‌(19) - (371) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاغْتِسَالِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(20) - (372) - بَابٌ: فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(21) - (373) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكعَتَانِ

- ‌(22) - (374) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌تنبيه

- ‌(23) - (375) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(24) - (376) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(25) - (377) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَيْقَظَ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(26) - (378) - بَابٌ: فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرآنِ

- ‌(27) - (379) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(28) - (380) - بَابٌ: فِي كَمْ يُسْتَحَبُّ يُخْتَمُ الْقُرْآنُ

- ‌(29) - (381) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(30) - (382) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(31) - (383) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كمْ يُصَلِّي بِالَّيْلِ

- ‌(32) - (384) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيِّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌فائدة مهمة في النزول

- ‌(33) - (385) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُرْجَى أَنْ يَكْفِيَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(34) - (386) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُصَلِّي إِذَا نَعَسَ

- ‌(35) - (387) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

- ‌(36) - (388) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

- ‌(37) - (389) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى

- ‌(38) - (390) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِخَارَةِ

- ‌(39) - (391) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْحَاجَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(40) - (392) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌(41) - (393) - بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

- ‌(42) - (394) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّجْدَةِ عِنْدَ الشُّكْرِ

- ‌(43) - (395) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَن الصَّلَاةَ كَفَّارَةٌ

- ‌(44) - (396) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا

- ‌(45) - (397) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(46) - (398) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(47) - (399) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ

- ‌(48) - (400) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ

- ‌(49) - (401) - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَدْءِ شَأْنِ الْمِنْبَرِ

- ‌(50) - (402) - بَابُ مَا جَاءَ فِي طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(51) - (403) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ السُّجُودِ

- ‌(52) - (404) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ

- ‌(53) - (405) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ حَيْثُ تُصَلَّى الْمَكْتُوبَةُ

- ‌(54) - (406) - باب مَا جَاءَ فِي تَوْطِينِ الْمَكَانِ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ

- ‌(55) - (407) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيْنَ تُوضَعُ النَّعْلُ إِذَا خُلِعَتْ فِي الصَّلَاةِ

الفصل: ‌(24) - (376) - باب ما جاء في قيام الليل

(24) - (376) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

(73)

- 1303 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِاللَّيْلِ بِحَبْلٍ فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ؛

===

(24)

- (376) - (باب ما جاء في قيام الليل)

(73)

- 1303 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير.

(عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة.

(عن أبي صالح) ذكوان السمان القيسي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعقد الشيطان) من باب ضرب؛ أي: يشد ويربط الشيطان؛ أي: إبليس أو بعض جنوده، ولعله بالنظر إلى كل شخص شيطان (على قافية رأس أحدكم) قال السندي: القافية هي القفا وهو آخر الأضراس (بالليل بحبل فيه ثلاث عقد) -بضم العين وفتح القاف- جمع عقدة -بسكون القاف- ولعل ذلك يكون سببًا لثقل النوم حتى يمنع الإنسان من رفع الرأس عن موضعه في حالة النوم، ولذلك خصَّ القافية؛ لأن الثقل فيها أشد منعًا للرأس من الرفع.

قوله: (على قافية

) إلى آخره؛ أي: على قفا رأس أحدكم ومؤخره،

ص: 195

فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ .. انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ .. انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ .. انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ قَدْ أَصَابَ خَيْرًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ

===

وقيل: وسطه، قوله:"بحبل فيه ثلاث عقد" جمع عقدة، والمراد: عقد الكسل؛ أي: يحمله الشيطان عليه، قاله ابن الملك. وقال الطيبي: أراد تثقيله وإطالته، فكأنه قد شد عليه شدًّا وعقده ثلاث عقد، قال البيضاوي: القافية: القفا، وقفا كل شيء وقافيته آخره، وعقد الشيطان على قافيته استعارة عن تسويل الشيطان وتحبيبه النوم إليه والدَّعة والاستراحة، والتقييد بالثلاث للتأكيد، أو لأن الذي تنحلُّ به عقدته ثلاثة أشياء: الذكر والوضوء والصلاة، وكأن الشيطان منعه عن كل واحدة منها بعقدة عقدها على قافيته، ولعل تخصيص القفا؛ لأنه محل الواهمة ومحل تصرفها وهو أطوع القوى للشيطان وأسرع إجابة لدعوته.

(فإن استيقظ) أي: من نوم الغفلة، (فذكر الله) بقلبه أو لسانه .. (انحلت) أي: انفكت وانفتحت (عقدة) أي: عقدة الغفلة، (فإذا قام فتوضأ .. انحلت) وانفكت (عقدة) أي: عقدة الحدث، (فإذا قام إلى الصلاة) فصلى .. (انحلت) وانفكت عقدة؛ أي: عقدة الكسالة والبطالة حتى انحلت (عقده كلها) قال الحافظ ابن حجر: وقع بلفظ الجمع بغير اختلاف في رواية البخاري، وفي "الموطأ" بلفظ الإفراد (فيُصبح) أي: يدخل في الصباح وصار (نشيطًا) أي: ذا نشاط وقوة للعبادة (طيب النفس) أي: فرحانها؛ أي: ذات فرح؛ لأنه تخلص عن وثاق الشيطان، وتخفف عنه أعباء الغفلة والنسيان، وحصل له رضا الرحمن، و (قد أصاب خيرًا) أي: فعل خيرًا من الذكر والوضوء والصلاة.

(وإن لم يفعل) ما ذكر من الذكر والوضوء والصلاة؛ بأن أطاع الشيطان

ص: 196

أَصْبَحَ كَسِلًا خَبِيثَ النَّفْسِ لَمْ يُصِبْ خَيْرًا".

(74)

- 1304 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ،

===

ونام حتى تفوته صلاة الصبح ذكره ميرك، والظاهر حتى تفوته صلاة التهجد ..

(أصبح) أي: دخل في الصباح حالة كونِه (كسلًا) -بفتح الكاف وكسر السين- أي: ذا كسل وغفلة عن فعل الخير لا يحصل مراده فيما يقصده من أموره (خبيث النفس) أي: محزون القلب كثير الهم متحيرًا في أمره (لم يصب خيرًا) أي: لم يفعله؛ لأنه مقيد بقيد الشيطان ومبعد عن قرب الرحمن، ذكره عليٌّ القاري. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التهجد، باب عقد الشيطان على قافية الرأس، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب ما روي فيمن نام الليل أجمع، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب قيام الليل، والنسائي في كتاب قيام الليل وأحمد.

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، فقال:

(74)

- 1304 - (2)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).

(أنبأنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 197

عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ: "ذَلِكَ الشَّيْطَانُ بَالَ فِي أُذُنَيْهِ".

===

(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عَتَّاب الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) عبد الله: (ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة) كلها (حتى أصبح) أي: دخل في الصباح، ولم أر من ذكر اسم الذاكر، (قال: ذلك) النائم طول الليل (الشيطان بال في أُذُنيه) أي: استحوذ عليه وغلبه واستخفه واستعلى عليه حتى نوَّمه طول الليل ومنعه من الاستيقاظ بسد أُذُنيه بسحره ونفثه، فالبول كناية عن تحكمه عليه وعقده على قافية رأسه حتى نام عن طاعة الله تعالى. قال مُلا علي: وخص البول من الأَخْبَثين؛ لأنه مع خبَاثَتِه أسهل مدخلًا في تجاويف الخروق والعروق، ونفوذُهُ فيها يُورث الكسلَ في جميع الأعضاء، وخصَّ الأُذُن؛ لأن الانتباه أكثر ما يكون باستماع الأصوات. انتهى.

قال القرطبي: يصح بقاؤه على ظاهره؛ إذ لا إحالة فيه، ويفعل ذلك استهانة به، ويحتمل أن يحمل على التوسع، فيكون معناه: أن الذي ينام الليل كله ولا يستيقظ عند أذان المؤذنين ولا تِذكار المذكرين، فكأن الشيطان سدَّ أُذُنيه ببوله، وخصَّ البول بالذكر؛ إبلاغًا في التَّفْحِيش به، وليجتمع له مع إذهاب سمعه

ص: 198

(75)

- 1305 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ،

===

استقذار ما صُرف به سمعُه، ويحتمل أن يكون معناه: أن الشيطان استولى عليه واستهان به حتى قد اتخذه كالكَنيفِ المعدِّ لإلقاء البول فيه، والله أعلم. انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التهجد، باب إذا نام ولم يصل .. بال الشيطان في أذنيه، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح، والنسائي في كتاب قيام الليل، باب الترغيب في قيام الليل، وأحمد بن حنبل.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(75)

- 1305 - (3)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).

(أنبأنا الوليد بن مسلم) القرشي الأموي مولاهم مولى بني أمية، ثقة لكنه كثير التدليس، من الثامنة، مات آخرَ سنة أربع، أو أولَ سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو الشامي الإمام العلم، ثقة مأمون فاضل كثير الحديث والعلم والفقه، من السابعة، مات في الحمام سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 199

عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ؛ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ".

===

(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم اليمامي، ثقة، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) عبد الله: (قال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله (لا تكن مثل فلان) قال الحافظ: لم أقف على تسميته في شيء من الطرق، وكأن إبهام مثل هذا لقصد الستر عليه، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد شخصًا معينًا، وإنما أراد تنفير عبد الله بن عمرو من الصَّنِيعِ المذكور، قال العيني: والظاهر أن الإبهام من أحد الرواة، والله أعلم.

(كان) فلان (يقوم) أي: يصلي (الليل) كثيرًا (فترك قيام الليل) وصلاته؛ يريد: أن الإكثار من قيام الليل قد يؤدي إلى تركه رأسًا، كما فعل فلان، فلا تفعل أنت ذاك، خذ فيه التوسط والقصد، ولهذا الحديث ما ترك عبد الله قيام الليل حتى تُوفِّي رضي الله تعالى عنه. انتهى "سندي"، قال ابن العربي: في هذا الحديث دليل على أن قيام الليل ليس بواجب؛ إذ لو كان واجبًا .. لم يكتف لتاركه بهذا القدر، بل كان يذمه أبلغ الذم، وفيه استحباب الدوام على ما اعتاده

ص: 200

(76)

- 1306 - (4) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ

===

المرء من الخير من غير تفريط، ويستنبط منه كراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة. انتهى من "الكوكب".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التهجد، باب ما يكره من ترك قيام الليل، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوَّت به حقًّا واجبًا عليه، والنسائي في كتاب قيام الليل، باب ذم من ترك قيام الليل.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(76)

- 1306 - (4)(حدثنا زهير بن محمد) بن قُميْر -مصغرًا- المروزي نزيل بغداد، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ق).

(والحسن بن محمد بن الصباح) الزعفراني أبو علي البغدادي صاحب الشافعي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ستين ومئتين (260 هـ) أو قبلها بسنة. يروي عنه:(خ عم).

(والعباس بن جعفر) بن عبد الله بن الزِّبْرِقان أبو محمد البغدادي، أصله من واسط، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ق).

ص: 201

وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَدَثَانِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُنَيْدُ بْنُ دَاوُودَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُودَ لِسُلَيْمَانَ: يَا بُنَيَّ؛ لَا تُكْثِرِ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ تَتْرُكُ الرَّجُلَ فَقِيرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

===

(ومحمد بن عمرو الحدثاني) مستور، من الثانية عشرة. يروي عنه:(ق).

(قالوا) أي: قال كل من الأربعة المذكورين: (حدثنا سُنَيْد) بنون ودال مصغرًا (ابن داوود) المِصِّيصي المحتسب واسمه حسين، ضُعِّفَ مع إمامته ومعرفته؛ لكونه كان يُلقِّنُ حجاجَ بن محمد شيخَه، من العاشرة، مات سنة ست وعشرين ومئتين (226 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر) التيمي، ضعيف، من السابعة. يروي عنه:(ق).

(عن أبيه) محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُدَيْر -مصغرًا- التيمي المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ) أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه يوسف بن محمد بن المنكدر، وهو متفق على ضعفه، وفيه أيضًا سنيد بن داوود وهو ضعيف.

(قال) جابر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قالت أم سليمان بن داوود) عليهما السلام، ولم أر من ذكر اسمها (لـ) ولدها (سليمان) بن داوود:(يا بني) تصغير شفقة؛ (لا تكثر النوم بالليل؛ فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل) وتُصَيِّره (فقيرًا) أي: قليل الأجر والثواب (يوم القيامة) إذ الغالب على

ص: 202

(77)

- 1307 - (5) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُوسَى أَبُو يَزِيدَ، عَنْ شَرِيكٍ،

===

الإنسان في النهار شغل المعيشة، فإذا لم يتخذ من الليل ما يعمل فيه للآخرة .. يبقى فيها فقيرًا بالضرورة.

وفي "الزوائد": هذا إسناد فيه سُنَيْد بن داوود وشيخه يوسف بن محمد، وهما ضعيفان، وقال السيوطي: هذا الحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، وأعله بيوسف بن محمد بن المنكدر؛ فإنه متروك.

وانفرد به ابن ماجه، فدرجة هذا الحديث: أنه ضعيف (7)(145)؛ لضعف سنده، كما قد عرفت، وغرضه بسوقه: الاستئناس به للترجمة.

* * *

ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة ثانيًا بحديث آخر لجابر رضي الله تعالى عنه، فقال:

(77)

- 1307 - (5)(حدثنا إسماعيل بن محمد) بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن زكريا بن يحيى بن طلحة التيمي (الطلحي) الكوفي، صدوق يهم، من العاشرة. يروي عنه:(ق).

(حدثنا ثابت بن موسى) بن عبد الرحمن بن سلمة الضبي (أبو يزيد) الكوفي الضرير، العابد، ضعيف الحديث، من العاشرة، مات سنة تسع وعشرين ومئتين (229 هـ). يروي عنه:(ق).

(عن شريك) بن عبد الله النخعي الكوفي، القاضي بواسط، أبي عبد الله، صدوق يخطئ كثيرًا منذ ولي القضاء، وكان عادلًا فاضلًا عابدًا، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

ص: 203

عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ .. حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ".

===

(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم المكي نزيل واسط، صدوق، من الرابعة. يروي عنه:(ع).

(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه ثابت بن موسى، وهو ضعيف بالاتفاق.

(قال) جابر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كثرت صلاته) من النوافل (بالليل) أي: في الليل .. (حَسُنَ) وجَمُل (وجهه) وتنَوَّر (بالنهار) أي: في النهار من آثار صلاة الليل.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" من عدة طرق وضعفها كلها، وقال: هذا حديث باطل.

فدرجة الحديث: أنه ضعيف (8)(146)، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.

قال السندي: قوله: "حسن وجهه في النهار" أي: يظهر في وجهه نور العبادة وبهاء القبول، قال الله تعالى:{سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} (1)، وكثير منهم يعرفُ المتهجِّدين بما في وجوههم من النور.

وبالجملة: فمعنى الحديث ثابت بموافقة القرآن وشهادة التجربة، لكن

(1) سورة الفتح: (29).

ص: 204

(78)

- 1308 - (6) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،

===

الحفاظ على أن الحديث بهذا اللفظ غير ثابت، قال الحاكم: دخل ثابت بن موسى على شريك بن عبد الله القاضي والمُسْتَعْمَلُ بين يديه وهو بصيغة المفعول ما أمر بعمله من جهة الإمارة؛ كديوان المحكمة والأقلام التي يكتب بها كذا يفهم من "المنجد"، وشريك يقول: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر الحديث، فلما نظر إلى ثابت بن موسى .. قال:"من كثرت صلاته بالليل .. حسن وجهه بالنهار" وقصَدَ به ثابتًا، فظُنَّ أنَّه مَتْنٌ من الحديث إلا؛ أي: لا غير الحديث، وسَرَقَه جماعة ضعفاءُ من تلامذته فأدخلوه في الحديث. انتهى.

وأخرج البيهقي في "الشُّعَب" عن محمد بن عبد الرحمن بن كامل، قال: قلت لمحمد بن عبد الله بن نمير: ما تقول في ثابت بن موسى، قال: شيخ له فضل وإسلام ودين وصلاح وعبادة، قال قلت له: ما تقول في هذا الحديث، قال: غلط من الشيخ، وأما غير ذلك .. فلا يتوهم، وقد تواردت أقوال الأئمة على عدّ هذا الحديث من الموضوع على سبيل الغلط لا التعمد، وخالفهم القضاعي في "مسند الشهاب"، فمال في الحديث إلى ثبوته، وقد سُقْتُ كلامه في "اللآلئ المصنوعة". انتهى من "السندي".

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث ابن سلام رضي الله عنهما، فقال:

(78)

- 1308 - (6)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 205

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ

===

(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ القطان التميمي البصري، ثقة إمام، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(و) محمد بن إبراهيم (بن أبي عدي) السلمي مولاهم أبو عمرو البصري، ثقة، من التاسعة، مات بالبصرة سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).

(وعبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري، ثقة، من الثامنة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ). يروي عنه:(ع).

(ومحمد بن جعفر) الهذلي البصري، ربيب شعبة، المعروف بغندر، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومئة (193 هـ)، وقال ابن سعد: سنة أربع. يروي عنه: (ع).

(عن عوف بن أبي جميلة) -بفتح الجيم- العبدي أبي سهل البصري المعروف بالأعرابي، ثقة، من السادسة، مات سنة ست أو سبع وأربعين ومئة (147 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن زُرارة بن أوفى) العامري أبي حاجب البصري قاضيها، ثقة عابد، من الثالثة، مات فجأة في الصلاة، سنة ثلاث وتسعين (93 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن سلام) -بالتخفيف- الإسرائيلي، أبي يوسف المدني، حليف بني الخزرج الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات بالمدينة سنة ثلاث وأربعين (43 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

ص: 206

قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ .. انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ .. تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ".

===

(قال) عبد الله بن سلام: (لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة .. انجفل الناس) وسارعوا في الذهاب (إليه) صلى الله عليه وسلم، قال السيوطي: أي: ذهبوا مسرعين نحوه، وفي "الصحاح": انجفل القوم؛ أي: انقلبوا كلهم ومضوا، (وقيل) فيما بين الناس؛ أي: قال بعضهم لبعض: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: انتشر خبر مجيئه بين الناس، قال عبد الله بن سلام:

(فجئت) أنا (في الناس) أي: مع الناس إليه صلى الله عليه وسلم (لأنظر إليه) أي: إلى ذاته وأقواله وأفعاله وأخلاقه، (فلما اسْتَبَنْتُ) وأيقنت وعرفت (وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: فلما نظرت إلى وجهه وتيقنت صفته .. (عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب) لما لاح عليه من سواطع أنوار النبوة، وإذا كان أهل الصلاح والصلاة في الليل يُعْرفُون بوجوههم، كما تقدم قريبًا، فكيف هو وهو سيدهم صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهله وصحبه أجمعين؟ !

(فكان) حين جلست جنبه (أول شيء تكلم به) بنصب أول على أنه خبر كان مقدم على اسمها؛ وهو قوله: (أن قال) أي: فكان قوله: (يا أيها الناس؛ أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام .. تدخلوا الجنة بسلام) أول شيء تكلم به حين جلست جنبه.

ص: 207

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: "أفشوا السلام" من الإفشاء؛ أي: أكثروه فيما بينكم، وهذا الحديث موافق لقوله تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} ، فإفشاء السلام إشارة إلى قوله:{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} وإطعام الطعام إشارة إلى قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا

} الآية، وصلاة الليل إلى قوله:{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (1)، وقوله: يدخلون الجنة موافق لقوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا} (2)، والله أعلم.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: ستة:

الأول: حديث أبي هريرة، ذكره للاستدلال.

والثاني: حديث عبد الله بن مسعود، ذكره للاستشهاد.

والثالث: حديث عبد الله بن عمرو، ذكره للاستشهاد.

والرابع: حديث جابر بن عبد الله، ذكره للاستئناس.

والخامس: حديث آخر لجابر بن عبد الله، ذكره للاستئناس.

والسادس: حديث عبد الله بن سلام، ذكره للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

(1) سورة الفرقان: (63 - 67).

(2)

سورة الفرقان: (75).

ص: 208