المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(38) - (390) - باب ما جاء في صلاة الاستخارة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كِتابُ الأذان (3)

- ‌(1) - (353) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(2) - (354) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(3) - (355) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌تنبيه

- ‌(4) - (356) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الاسْتِسْقَاءِ

- ‌(5) - (357) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(6) - (358) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَمْ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(7) - (359) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(8) - (360) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(9) - (361) - بَابُ مَا جَاءَ فِي انْتِظَارِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(10) - (362) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا

- ‌(11) - (363) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا

- ‌فائدة

- ‌‌‌فائدة أخرى

- ‌فائدة أخرى

- ‌(12) - (364) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ طَرِيقٍ وَالرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِهِ

- ‌فائدة

- ‌(13) - (365) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّقْلِيسِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌(14) - (366) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَرْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌(15) - (367) - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(16) - (368) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ

- ‌(17) - (369) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ مَطَرٌ

- ‌(18) - (370) - بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ السِّلَاحِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ

- ‌(19) - (371) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاغْتِسَالِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(20) - (372) - بَابٌ: فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(21) - (373) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكعَتَانِ

- ‌(22) - (374) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌تنبيه

- ‌(23) - (375) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(24) - (376) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(25) - (377) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَيْقَظَ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(26) - (378) - بَابٌ: فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرآنِ

- ‌(27) - (379) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(28) - (380) - بَابٌ: فِي كَمْ يُسْتَحَبُّ يُخْتَمُ الْقُرْآنُ

- ‌(29) - (381) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(30) - (382) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(31) - (383) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كمْ يُصَلِّي بِالَّيْلِ

- ‌(32) - (384) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيِّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌فائدة مهمة في النزول

- ‌(33) - (385) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُرْجَى أَنْ يَكْفِيَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(34) - (386) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُصَلِّي إِذَا نَعَسَ

- ‌(35) - (387) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

- ‌(36) - (388) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

- ‌(37) - (389) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى

- ‌(38) - (390) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِخَارَةِ

- ‌(39) - (391) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْحَاجَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(40) - (392) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌(41) - (393) - بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

- ‌(42) - (394) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّجْدَةِ عِنْدَ الشُّكْرِ

- ‌(43) - (395) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَن الصَّلَاةَ كَفَّارَةٌ

- ‌(44) - (396) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا

- ‌(45) - (397) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(46) - (398) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(47) - (399) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ

- ‌(48) - (400) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ

- ‌(49) - (401) - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَدْءِ شَأْنِ الْمِنْبَرِ

- ‌(50) - (402) - بَابُ مَا جَاءَ فِي طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(51) - (403) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ السُّجُودِ

- ‌(52) - (404) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ

- ‌(53) - (405) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ حَيْثُ تُصَلَّى الْمَكْتُوبَةُ

- ‌(54) - (406) - باب مَا جَاءَ فِي تَوْطِينِ الْمَكَانِ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ

- ‌(55) - (407) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيْنَ تُوضَعُ النَّعْلُ إِذَا خُلِعَتْ فِي الصَّلَاةِ

الفصل: ‌(38) - (390) - باب ما جاء في صلاة الاستخارة

(38) - (390) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِخَارَةِ

(126)

- 1356 - (1) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

===

(38)

- (390) - (باب ما جاء في صلاة الاستخارة)

(126)

- 1356 - (1)(حدثنا أحمد بن يوسف) بن خالد الأزدي (السلمي) أبو الحسن النيسابوري المعروف بحمدان، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة أربع وستين ومئتين (264 هـ)، وله ثمانون سنة. يروي عنه:(م د س ق).

(حدثنا خالد بن مخلد) القطواني بفتح القاف والطاء أبو الهيثم البجلي مولاهم الكوفي، صدوق يتشيع وله أفراد، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(خ م ت س ق).

(حدثنا عبد الرحمن) بن زيد (بن أبي الموال) أبو محمد مولى آل علي، شيخ مدني، صدوق ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة ثلاث وسبعين ومئة (173 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(قال: سمعت محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير مصغرًا التيمي المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(يحدث عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

ص: 333

قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ

===

(قال) جابر: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا) دعاء

(الاستخارة) وصلاتها أي: طلب تيسُّر الخَير من الأمرين من الفعل والترك في الأمور التي تريد الإقدام عليها مباحة كانت أو عبادة، لكن بالنسبة إلى إيقاع العبادة في وقتها وكيفيتها، لا بالنسبة إلى أصل فعلها، زاد في رواية البخاري:(في الأمور كلها)، وفيه دليل على العموم، وأن المرء لا يحتقر أمرًا لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه؛ فَرُبَّ أمر يستخف بشأنه فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم، أو في تركه.

(كما يُعلمنا السورة من القرآن) فيه دليل على الاهتمام بأمر الاستخارة، وأنه متأكد مرغب فيه، وجملة قوله:(يقول) لنا في تعليمنا إياها حال من فاعل (يُعلمنا الاستخارة) أو بدل من (يُعلمنا)، (إذا هم) وقصد (أحدكم بالأمر) أي: من نكاح أو سفر أو غيرهما مما يريد فعله أو تركه.

قال ابن أبي جمرة: الوارد على القلب على مراتب الهمة، ثم اللمَّةُ، ثم الخطرة، ثم النية، ثم الإرادة، ثم العزيمة، فالثلاثة الأول لا يؤاخذ بها، بخلاف الثلاث الأخيرة، فقوله (إذا هم) يشير إلى أنه أول ما يرد على القلب يستخير، فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت عزيمته فيه؛ فإنه يصير إليه ميل وحب، فيخشى أن يخفى عليه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه.

ويحتمل أن يكون المراد بالهم: العزيمة؛ لأن الخواطر لا تثبت، فلا يستخير إلا على ما يقصد التصميم على فعله، وإلا فلو استخار في كل خاطر .. لاستخار فيما لا يعبأ به فتضيع عليه أوقاته، ووقع في حديث

ص: 334

فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لْيَقُلِ: اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ

===

ابن مسعود بلفظ: (إذا أراد أحدكم أمرًا) رواه الطبراني وصححه الحاكم.

(فليركع ركعتين) أي: فليصل ركعتين ندبًا بنية الاستخارة، وهما أقل ما يحصل به المقصود، يقرأ في الأولى (الكافرون)، وفي الثانية (الإخلاص)، (من غير الفريضة) بيان للأكمل ونظيره تحية المسجد وشكر الوضوء، وفي "التحفة": فيه دليل على أنه لا تحصل سنة صلاة الاستخارة بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة، قال مِيرَكُ: فيه إشارة إلى أنه لا تجزئ الفريضة، وما عُيِّن وقتًا، فتجوز في جميع الأوقات، وإليه ذهب جمع، والأكثرون على أنها في غير الأوقات المكروهة انتهى من "العون".

(ثم ليقل) بعد الصلاة: (اللهم؛ إني أستخيرك) أي: أطلب منك أن تُوفِّقَني لأصلح الأمرين من الفعل أو الترك (بعلمك) أي: بسبب علمك؛ والمعنى: أطلب منك أن تشرح صدري لخير الأمرين بسبب علمك بكيفيات الأمور كلها كلياتها وجزئياتها، قال الطيبي: الباء فيه، وفي قوله:(وأستقدرك بقدرتك) أي: أطلب منك أن تجعل لي قدرة عليه بقدرتك: إما للاستعانة؛ كما في قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} (1)؛ أي: أطلب خيرك مستعينًا بعلمك؛ فإني لا أعلم فِيمَ خَيْرُكَ، وأطلب منك القدرة؛ فإنه لا حول ولا قوة إلا بك، وإما للاستعطاف؛ أي: بحق علمك الشامل وقدرتك الكاملة.

(وأسألك من فضلك العظيم) أي: تعيين الخير وتبيينه وتقديره وتيسيره وإعطاء القدرة لي عليه؛ (فإنك تقدر) بالقدرة الكاملة على كل شيء ممكن؛

(1) سورة هود: (41).

ص: 335

وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ؛ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ -فَيُسَمِّيهِ مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ- خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ .. فَاقْدُرْهُ لِي

===

تعلقت به إرادتك، (ولا أقدر) أنا على شيء إلا بقدرتك وحولك وقوتك، (وتعلم) بالعلم المحيط بجميع الأشياء خيرها وشرها، (ولا أعلم) أنا شيئًا منها إلا بإعلامك وإلهامك، (وأنت علام الغيوب، اللهم؛ إن كنت تعلم) أي: إن كان في علمك (هذا الأمر) أي: الذي يريده (فيسميه) أي: يسمي ذلك الأمر الذي يريده وينطق بحاجته ويتكلم بمراده (ما كان من شيء) يريده بعينه؛ أي: بعين ذلك الأمر الذي يريده المستخير، وهذه الجملة صفة قوله هذا الأمر، وقوله:"يسميه بعينه" جملة مستأنفة.

(خيرًا لي) أي: إن كنت تعلم أن هذا الأمر الذي عزمت عليه أصلح لي (في ديني) أي: فيما يتعلق بديني أولًا وآخرًا، (ومعاشي) في "الصحاح": العيش الحياة، وقد عاش الرجل معاشًا ومعيشًا، وكل منهما يصلح أن يكون مصدرًا وأن يكون اسمًا مثل معاب ومعيب، ولفظ الطبراني في "الأوسط" من حديث ابن مسعود:(في ديني ودنياي)، وعنده في "الكبير" عن أبي أيوب:(في دنياي وآخرتي).

(وعاقبة أمري) الظاهر أنه بدل من قوله: "ديني"، (أو) قال:(خيرًا لي في عاجل أمري وآجله) شك من الراوي .. (فاقدره لي) بضم الدال وكسرها أي: اجعله مقدورًا لي أو هيئه لي ونجزه لي، قال في "النهاية": القدر عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمر، وهو مصدر قدر يَقْدرُ قَدَرًا وقد تُسكَّن دالُه، ومنه ليلة القدر التي تُقدر فيها الأرزاقُ وتُقضى، ومنه حديث الاستخارة فاقدره لي، قال مِيركُ: روي بضم الدال وكسرها، ومعناه: أَدْخِلْهُ تحت قدرتي، ويكون

ص: 336

وَيَسِّرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ يَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ شَرًّا لِي .. فَأصْرِفْهُ عَنِّي وَأصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ".

===

قوله: (ويسره لي) طلب التيسير بعد التقدير، وقيل: المراد من التقدير التيسير، ويكون قوله:(ويَسِّرْه لي) عطفًا تفسيريًا.

(وبارك لي فيه) أي: أَكْثِرْ الخيرَ والبركةَ فيما أَقْدَرْتَنِي عليه ويَسَّرْته لي (وإن كنت تعلمُ يقول مثلَ ما قال في المرة الأولى) من قوله: في ديني ومعاشي ومعادي وعاقبة أمري؛ أي: (وإن كان شرًّا لي) في ديني ودنياي ومعادي وعاقبة أمري .. (فَاصرِفْه عني) أي: لا تقدرني عليه، (واصرفني عنه) أي: اصرف خاطري عنه حتى لا يكون سبب اشتغال البال، (وَاقْدُر لي الخيرَ) أي: يَسِّره على واجعله مقدورًا لفعلي (حيثما كان) أي: في أي زمان كان فيه ذلك الخير أو مكانٍ، (ثم رَضِّني به) أي: بذلك الخير، من الترضية؛ وهو جعل الشخص راضيًا به، وأَرْضَيْتُ ورَضَّيْتَ بالتشديد بمعنىً واحد، وفي رواية النسائي:(بقضائك) قال ابن الملك: أي: اجعلني راضيًا بخيرك المقدور؛ لأنه ربما قدر له ما هو خير له فرآه شرًّا.

وفي الحديث استحباب صلاة الاستخارة والدعاء المأثور في الأمور التي لا يدري العبدُ وَجْهَ الصواب فيها، أما ما هو معروف خيره؛ كالعبادات، وصنائع المعروف .. فلا حاجة للاستخارة فيها، قال النووي: إذا استخار .. مضى بعدها لما شرح له صدره. انتهى.

وهل يستحب تكرار الصلاة والدعاء في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصوابِ في الفعل أو الترك مما لم ينشرح له صدره؛ قال العراقي: الظاهر الاستحباب، وقد ورد تكرار الاستخارة في حديث رواه ابن السني من حديث

ص: 337

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أنس مرفوعًا بلفظ: "إذا هممت بأمر .. فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك؛ فإن الخير فيه" لكن الحديث ساقط لا حجة فيه، قال النووي وغيره: يستحب أن يقرأ في ركعتي الاستخارة في الأولى بعد الفاتحة (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية (قل هو الله أحد) وقال العراقي: لم أجد في شيء من طرق أحاديث الاستخارة ما يقرأ فيهما. انتهى من "تحفة الأحوذي".

قال السندي: معنى (أستخيرك) أي: أسألك أن ترشدني إلى الخير فيما أريد بسبب أنك عالم بما هو الخير لي، (وأستقدرك) أي: أطلب منك أن تجعلني قادرًا عليه إن كان فيه خير. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التهجد وفي كتاب الدعوات، وفي كتاب التوحيد، باب ما جاء في التطوع أنه مثنى مثنى، باب الدعاء عند الاستخارة، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب الاستخارة، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الاستخارة، قال أبو عيسى: حديث جابر حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي، وهو شيخ مدني، ثقة، روى عنه سفيان حديثًا، وقد روى عن عبد الرحمن غير واحد من الأئمة؛ وهو عبد الرحمن بن زيد بن أبي الموالي، وأخرجه النسائي في كتاب النكاح، باب كيف الاستخارة، وأحمد بن حنبل.

قال العيني في "شرح البخاري": حكم الترمذي على حديث جابر بالصحة تبعًا للبخاري في إخراجه في "الصحيح"، وصححه أيضًا ابن حبان، ومع ذلك فقد ضعفه أحمد بن حنبل، فقال: إن حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي في الاستخارة منكر، وقال ابن عدي في "الكامل": لعبد الرحمن بن أبي الموالي

ص: 338

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أحاديث

وهو مستقيم الحديث والذي أُنْكِرَ عليه حديثُ الاستخارة، وقد رواه غير واحد من الصحابة، وقال شيخنا زين الدين: كأن ابن عدي أراد بذلك أن لحديثه هذا شاهدًا من حديث غير واحد من الصحابة، فخرج بذلك عن أن يكون فردًا مطلقًا، وقد وثقه جمهور أهل العلم. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".

قلت: فدرجة هذا الحديث؛ أنه صحيح، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا هذا الحديث الصحيح.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 339