المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(44) - (396) - باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كِتابُ الأذان (3)

- ‌(1) - (353) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(2) - (354) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(3) - (355) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌تنبيه

- ‌(4) - (356) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الاسْتِسْقَاءِ

- ‌(5) - (357) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(6) - (358) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَمْ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(7) - (359) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(8) - (360) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(9) - (361) - بَابُ مَا جَاءَ فِي انْتِظَارِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(10) - (362) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا

- ‌(11) - (363) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا

- ‌فائدة

- ‌‌‌فائدة أخرى

- ‌فائدة أخرى

- ‌(12) - (364) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ طَرِيقٍ وَالرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِهِ

- ‌فائدة

- ‌(13) - (365) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّقْلِيسِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌(14) - (366) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَرْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌(15) - (367) - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(16) - (368) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ

- ‌(17) - (369) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ مَطَرٌ

- ‌(18) - (370) - بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ السِّلَاحِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ

- ‌(19) - (371) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاغْتِسَالِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(20) - (372) - بَابٌ: فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(21) - (373) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكعَتَانِ

- ‌(22) - (374) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌تنبيه

- ‌(23) - (375) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(24) - (376) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(25) - (377) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَيْقَظَ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(26) - (378) - بَابٌ: فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرآنِ

- ‌(27) - (379) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(28) - (380) - بَابٌ: فِي كَمْ يُسْتَحَبُّ يُخْتَمُ الْقُرْآنُ

- ‌(29) - (381) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(30) - (382) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(31) - (383) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كمْ يُصَلِّي بِالَّيْلِ

- ‌(32) - (384) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيِّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌فائدة مهمة في النزول

- ‌(33) - (385) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُرْجَى أَنْ يَكْفِيَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(34) - (386) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُصَلِّي إِذَا نَعَسَ

- ‌(35) - (387) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

- ‌(36) - (388) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

- ‌(37) - (389) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى

- ‌(38) - (390) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِخَارَةِ

- ‌(39) - (391) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْحَاجَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(40) - (392) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌(41) - (393) - بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

- ‌(42) - (394) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّجْدَةِ عِنْدَ الشُّكْرِ

- ‌(43) - (395) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَن الصَّلَاةَ كَفَّارَةٌ

- ‌(44) - (396) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا

- ‌(45) - (397) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(46) - (398) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(47) - (399) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ

- ‌(48) - (400) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ

- ‌(49) - (401) - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَدْءِ شَأْنِ الْمِنْبَرِ

- ‌(50) - (402) - بَابُ مَا جَاءَ فِي طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(51) - (403) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ السُّجُودِ

- ‌(52) - (404) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ

- ‌(53) - (405) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ حَيْثُ تُصَلَّى الْمَكْتُوبَةُ

- ‌(54) - (406) - باب مَا جَاءَ فِي تَوْطِينِ الْمَكَانِ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ

- ‌(55) - (407) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيْنَ تُوضَعُ النَّعْلُ إِذَا خُلِعَتْ فِي الصَّلَاةِ

الفصل: ‌(44) - (396) - باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها

(44) - (396) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا

(142)

- 1372 - (1) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَرَضَ اللهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذلِكَ

===

(44)

- (396) - (باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها)

(142)

- 1372 - (1)(حدثنا حرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي (المصري) ثقة من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين ومئتين. يروي عنه:(م س ق).

(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).

(أخبرني يونس بن يزيد) الأموي مولاهم الأيلي، ثقة، من السابعة، مات سنة تسع وخمسين ومئة على الصحيح، وقيل سنة: ستين. يروي عنه: (ع).

(عن) محمد بن مسلم (ابن شهاب) الزهري المدني، ثقة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين.

(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرض الله) سبحانه عليَّ و (على أمتي) لأن الأصل عدم الخصوصية إلا بدليل يدل على التخصيص (خمسين صلاة) في كل يوم وليلة، كما في رواية مسلم، (فرجعت بذلك)

ص: 391

حَتَّى آتِيَ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: مَاذَا افْتَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ؛ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ عَنِّي شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ:

===

الذي فرض على أمتي؛ يعني: خمسين صلاة من ذلك المستوى ومحل المناجاة، ومررت على إبراهيم الخليل وهو في السماء السابعة، فلم يقل لي شيئًا (حتى آتي) أي: حتى أتيت، والتعبير بالمضارع لاستحضار تلك الحالة العجيبة، أو للدلالة على أنها حاضرة في الذهن بحيث كأنها في الحالة. انتهى "سندي".

أي: حتى أتيت من محل المناجاة ومررت (على موسى) في السماء السادسة، (فقال) لي (موسى: ماذا افترض) أي: ما أوجب (ربك) عليك و (على أمتك؟ قلت) له: (فرض عليَّ) وعلى أمتي (خمسين صلاة) في اليوم والليلة، ففي هذا دلالة على شرف الصلاة من حيث إِنها فرضت في المحل الأعلى، (قال) لي موسى:(فارجع إلى ربك) أي: إِلَى محلِّ مناجاته، فاسأله التخفيف عنكم والحط عنها؛ (فإن أمتك) يا محمد (لا تطيق ذلك) أي: لا يستطيعون القيام بذلك المفروض عليهم من خمسين صلاة في اليوم والليلة.

(فـ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (راجعت ربي) أي: رجعت إلى محل مناجاة ربي؛ أي: إلى المكان الذي ناجيت فيه ربي؛ فإن الله سبحانه وتعالى جعل ذلك المكان محلًا لمناجاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يناجيه فيه ليجمع له بين الرفعتين الحسية والمعنوية؛ كما جعل الطور محلًا لمناجاة موسى عليه السلام، فسألته التخفيف، (فوضع عني شطرها) أي: حط عني بعضها؛ أي: خمسًا من تلك الخمسين، (فرجعت) من محل المناجاة، ومررت على إبراهيم حتى وصلت (إلى موسى) فسألني موسى كم حط عنك؟ (فأخبرته) أي: فأخبرت موسى أنه حط عني خمسًا من خمسين (فقال) لي

ص: 392

ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ؛ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي".

===

موسى: (ارجع إلى ربك) ثانيًا فاسأله التخفيف؛ (فإن أمتك لا تطيق ذلك) أي: ما بقي من الخمسين.

(فـ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (راجعت ربي) عشر مرات فحط عني كل مرة خمسًا خمسًا، (فقال) لي ربي في المرة الأخيرة:(هي) أي: الصلاة المفروضة عليك في اليوم والليلة (خمس) عددًا (وهي) أي: تلك الخمس (خمسون) أجرًا، و (لا يبدل القول لدي) أي: لا يغير حكم كونها خمسًا عندي، (فرجعت إلى موسى، فقال) لي في المرة الأخيرة أيضًا: (ارجع إلى ربك) فاسأله التخفيف والحط عن الخمس، (فقلت) لموسى: قد رجعت إلى ربي مرات كثيرة لطلب التخفيف، فأكثرت المراجعة إليه حتى (قد استحييت) -بيائيين بعد المهملة- وخفت (من) المراجعة إلى (ربي).

وقول موسى: (فإن أمتك لا تطيق) كأنه قد علم ذلك من جهة أنهم أضعف من أمته جسدًا وأقل منهم قوة، وأمته قد كُلفت بأقل من هذا فعجزت، والعادة أن ما يعجز عنه القوي يعجز عنه الضعيف.

قوله: (فوضع عني شطرها) لا يلزم أن يكون هذا الوضع بالمراجعة بمرة، بل يجوز أن يكون بالمراجعة بمرات.

نعم؛ المتبادر من هذه الرواية هو الأول، لكن حيث جاء في الروايات الصحيحة أن الوضع كان خمسًا خمسًا حمل هذا عليه توفيقًا بين الروايات.

(فقال) ربي بعد مراجعات كثيرة كما تقدم: (هي خمس) عددًا (وهي) أي: تلك الخمس (خمسون) أجرًا؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها (لا يبدل القول

ص: 393

(143)

-1373 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ،

===

لدي) هو؛ أي: ذلك القول أن الخمس تساوي خمسين، لا أنها الخمس؛ إذ لو علم صلى الله عليه وسلم أن الخمس لا يقبل النسخ .. لما اعتذر عند موسى بقوله:"استحييت من ربي". انتهى من "سندي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، وفي كتاب الأنبياء، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء، رقم (349) ومسلم في كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، والنسائي في كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة، وأحمد في "مسنده".

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث ابن عباس رضي الله عنهم، فقال:

(143)

-1373 - (2)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م د س ق).

(حدثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة سبع وعشرين ومئتين (227 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا شريك) بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق يخطئ كثيرًا،

ص: 394

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُصْمٍ أَبِي عُلْوَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسِينَ صَلَاةً، فَنَازَلَ رَبَّكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ.

===

من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن عبد الله بن عُصْمٍ) ويقال: بن عُصْمَة (أبي علوان) -بضم المهملة وسكون اللام- الحنفي اليمامي نزيل الكوفة، صدوق، من الثالثة يخطئ، أفرط ابن حبان فيه، وتناقض كلامُه فيه. يروي عنه:(د ت ق).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما، كذا وقع عند ابن ماجه؛ والصواب:(عن ابن عمر).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لقصور عبد الله بن عُصم وأبي الوليد عن درجة أهل الحفظ والإتقان.

(قال) ابن عباس: (أُمر نبيكم صلى الله عليه وسلم بالبناء للمفعول (بخمسين صلاة، فنازل ربكم) أي: راجع ربكم في النزول والحط عن هذا العددِ إلى (أن يجعلها خمس صلوات).

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه الترمذي في "الجامع" من حديث أنس بن مالك، وقال: حسن صحيح غريب، قال: وفي الباب عن عبادة بن الصامت وطلحة بن عبيد الله وأبي ذر وأبي قتادة ومالك بن صعصعة وأبي سعيد الخدري.

فدرجته: أنه صحيح وإن كان سنده حسنًا؛ لأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أنس بن مالك.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أنس بن مالك بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنهما، فقال:

ص: 395

(144)

- 1374 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنِ الْمُخْدِجِيِّ،

===

(144)

- 1374 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري.

(حدثنا) محمد بن إبراهيم (ابن أبي عدي) قيل: هو إبراهيم السلميُّ مولاهم البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع وتسعين ومئة (194 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن شعبة) بن الحجاج البصري إمام أئمة الجرح والتعديل، ثقة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد ربه بن سعيد) بن قيس الأنصاري النجاري أخي يحيى بن سعيد المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن يحيى بن حبَّان) -بفتح المهملة وتشديد الموحدة- ابن منقذ بن عمرو الأنصاري المازني، أبي عبد الله المدني الفقيه، كانت له حلقة في المسجد النبوي، ثقة فقيه، من الرابعة، مات سنة إحدى وعشرين ومئة (121 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الله (بن مُحَيرِيز) -بمهملة وراء آخره زاي مصغرًا- ابن جنادة بن وهب الجمحي -بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة- المكي، ثقة عابد، من الثالثة، مات سنة تسع وتسعين (99 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن المُخْدِجِيّ) -بضم الميم وسكون الخاء- روى عن عبادة بن الصامت حديث الوتر، ويروي عنه عبد الله بن مُحيريز، اسمه رفيع، وقيل: ابنه رفيع، وقيل غير ذلك، من الثالثة. يروي عنه:(د س ق).

ص: 396

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِهِنَّ .. فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَهْدًا؛ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ قَدِ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا

===

(عن عبادة بن الصامت) بن قيس الأنصاري الخزرجي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين (34 هـ)، وله اثنتان وسبعون سنة، وقيل عاش إلى خلافة معاوية. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من ثمانياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

قال أبو عمر النَّمريُّ: لم يختلف عن مالك في إسناد هذا الحديث، وهو صحيح ثابت، والمخدجي فلسطيني، اسمه رفيع؛ وهو بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة، وقد فتحها بعضهم، وبعدها جيم، قيل: إن ذلك لقب، وقيل: هو نسب له، ومخدج بطن من كنانة. انتهى من "العون".

(قال) عبادة بن الصامت: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات افترضهن الله على عباده، فمن جاء بهن) وأداهن في أوقاتهن، حالة كونه (لم ينتقص) أي: لم ينقص (منهن شيئًا) من أركانهن وشروطهن (استخفافًا) وتساهلًا (بحقهن) أي: بآدابهن .. (فإن الله) سبحانه (جاعل له يوم القيامة عهدًا) أي: مظهر له يوم القيامة هذا العهد، وإلا .. فالجعل قد تحقق، والعهد هو الوعد المؤكد. انتهى "سندي"، أي: مظهر له عهد (أن يدخله الجنة) بإدخاله الجنة.

(ومن جاء بهن) أي: أداهن، حالة كونه (قد انتقص) أي: نقص (منهن) أي: من حقوقهن وشروطهن (شيئًا) قليلًا كان أو كثيرًا (استخفافًا) وتساهلًا

ص: 397

بِحَقِّهِنَّ .. لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ .. عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ .. غَفَرَ لَهُ".

===

(بحقهن) أي: لقلة الاعتناء والاهتمام بها .. (لم يكن له عند الله عنهد) أي: يدخله (إن شاء .. عذبه) على عدم الاهتمام بها، (وإن شاء .. غفر له) بفضله، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.

قال السندي: قوله: "خمس صلوات" مبتدأ، وسوغ الابتداء بالنكرة تخصصه بالإضافة، خبره جملة (افترضهن)، وجملة (من جاء بهن

) إلى آخره، مستأنفة لبيان ما ترتب على افتراضهن، ويحتمل أن تكون جملة افترضهن صفة، والخبر جملة من الشرطية، وقد استدل عبادة بن الصامت بالعدد على عدم وجوب الوتر، كما جاء عنه، لكن دلالة المفهوم للعدد ضعيفة عندهم، إلا أن يقال: قد قويت ها هنا؛ لما لحقها من القرائن المقتضية لاعتبارها ها هنا، وذلك لأنه لو كان فرض سادس في جملة الصلوات كل يوم .. لبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم بيانًا وافيًا واضحًا بحيث ما خفي على أحد لعموم الابتلاء، فضلًا عن أن يخفى على نحو عباده، فكيف وقد بين لهم ما يوهم خلافه، فظهر بهذا أن المفهوم هنا معتبر.

وقد يقال: لعله استدل على ذلك بقوله: "من جاء بهن

" إلى آخره، حيث رتب دخول الجنة على أداء الخمس، ولو كان هناك صلاة غير الخمس فرضًا .. لما رتب هذا الجزاء على أداء الخمس، وفيه أنه كيف يحصل دخول الجنة بالصلاة فقط مع وجود سائر الفرائض، فإن جوز ذلك .. فليجوز مثله مع وجود الفرض السادس في جملة الصلوات.

قوله: "استخفافًا بحقهن" قيده بذلك احترازأ عما إذا انتقص سهوًا أو نسيانًا.

قوله: "جاعل له يوم القيامة عهدًا" أي: مظهر له يوم القيامة هذا العهد

ص: 398

(145)

- 1375 - (4) حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ،

===

الذي عهده في الدنيا على لسان نبيه بإدخاله الجنة، وإلا .. فالجعل قد تحقق على ألسنة رسله، والعهد هو الوعد المؤكد بإحدى المؤكدات المذكورة في علم البلاغة.

قوله: "أن يدخله" أي: بأن يدخله من الإدخال، والمراد الإدخال أولًا، وإلا .. فمطلق الإدخال يكفي فيه مجرد الإيمان، وهذا يقتضي أن المحافظ على الصلوات يوفق للصالحات بحيث يدخله الجنة ابتداء "استخفافًا بحقهن" أي: لقلة الاهتمام والاعتناء بها، والحديث يدل على أن تارك الصلاة مؤمن .. "عذبه" أي: بقدر ذنوبه. انتهى "سندي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، أبواب الوتر، باب في المحافظة على وقت الصلوات، في باب من لم يوتر، والنسائي في كتاب الصلاة، باب المحافظة على الصلوات الخمس.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم اسشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أنس الأول بحديث آخر له رضي الله عنه، فقال:

(145)

-1375 - (4)(حدثنا عيسى بن حماد) بن مسلم التجيبي (المصري) أبو موسى الأنصاري، لقبه زُغْبَةُ -بضم الزاي وسكون المعجمة بعدها موحدة- وهو لقب أبيه أيضًا، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثمان وأربعين ومئتين (248 هـ)، وقد جاوز التسعين، وهو آخر من حدَّث عن الليث من الثقات. يروي عنه:(م د س ق).

ص: 399

أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ .. دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ

===

(أنبأنا الليث بن سعد) الفهمي المصري، ثقة، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سعيد) بن أبي سعيد كيسان (المقبري) أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، تغير قبل موته باربع سنين، مات في حدود العشرين ومئة (120 هـ)، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر) أبي عبد الله المدني، صدوق يخطئ، من الخامسة، مات في حدود أربعين ومئة (140 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(أنه سمع أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

حالة كون أنس (يقول: بينما نحن) معاشر الصحابة (جلوس) أي: جالسون (في المسجد) النبوي؛ أي: في أوقات جلوسنا في المسجد .. (دخل) علينا (رجل) وهو ضمام بن ثعلبة راكب (على جمل) أي: على فحل إبل، (فأناخه) أي: فأبرك جمله (في المسجد، ثم عقله) أي: ربط يد جمله بحبل لئلا يقوم، (ثم قال) ذلك الرجل (لهم) أي: للناس الحاضرين عنده صلى الله عليه وسلم: (أيكم) أي: معاشر الحاضرين (محمد؟ و) الحال أن (رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ) أي: متوسد جالس (بين ظهرانيهم) أي: وسطهم.

ص: 400

قَالَ: فَقَالُوا: هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَجَبْتُكَ"، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا مُحَمَّدُ؛ إِنِّي سَائِلُكَ وَمُشَدِّد عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلَا تَجِدَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ، فَقَالَ:"سَلْ مَا بَدَا لَكَ"، قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: نَشَدْتُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ؛

===

(قال) أنس: (فقالوا) أي: فقال الحاضرون للرجل مشيرين له إلى النبي صلى الله عليه وسلم: محمد (هذا الرجل الأبيض المتكئ) أي: المتوسد، (فقال له) صلى الله عليه وسلم (الرجل) السائل:(يا بن عبد المطلب) نسبه إلى جده؛ لكونه مشهورا به بين العرب، وأما أبوه عبد الله .. فقد مات صغيرا فلم يشتهر بين الناس اشتهار جده، (فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد أجبتك) أي: أجبت نداءك إياي، وهذا بمنزلة الجواب بنحو أنا حاضر، أنا مجيب لك، أنا سامع لك.

(فقال له) صلى الله عليه وسلم (الرجل) الجمَّال وهو ضمام مرة ثانية: (يا محمد؛ إني سائلك) أي: سائل لك عن حالك وشأنك (ومشدد) أي: مكثر (عليك في المسألة) أي: في السؤال عن حالك، (فلا تجدن عليَّ في نفسك) أي: فلا تغضب عليَّ في قلبك؛ لكثرة سؤالي، (فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم:(سل ما بدا) وظهر الك) من المسألة؛ أي: سلني عما تريد من المسألة، فلا أجد عليك قلبًا وقالبًا.

ثم (قال له) صلى الله عليه وسلم (الرجلُ) الجمَّال: (نشدتك) أي: سألتك يا محمد مقسمًا لك (بربك) الذي خلقك (ورَبِّ من قبلك) أي: وبالرب الذي خلق من قبلك؛ أي: سألتك به تعالى، وهذا بمنزلة القسم، قال له ذلك لزيادة التوثيق والتأييد، كما يؤتى بالتأكيد لذلك، ويقع ذلك في أمر

ص: 401

اللهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ، نَعَمْ"، قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللهِ، اللهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ؛ نَعَمْ"، قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللهِ؛ اللهُ أَمَرَكَ أَنْ تَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ؛ نَعَمْ"، قَالَ: فَأَنْشُدُكَ، بِاللهِ اللهُ أَمَرَكَ

===

يهتم بشأنه، ولم يقل ذلك لإثبات النبوة بالحلف؛ فإن الحلف لا يكفي في ثبوتها، ومعجزاته صلى الله عليه وسلم كانت مشهورة معلومة، وهي ثابتة بتلك المعجزات. انتهى "سندي".

(الله أرسلك) بمد الهمزة للاستفهام؛ كما في قوله تعالى: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} (1) أي: هل الله سبحانه وتعالى أرسلك وبعثك (إلى الناس كلهم) لدعوتهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده؟ (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم) كأنه بمنزلة يا الله؛ أُشهدك على كون ما أقول له حقًّا؛ أي: أقول لك مستشهدًا الله على قولي: (نعم) أرسلني إلى الناس كافة، (قال) الرجل ثانيًا:(فأنشدك) أي: فأسالك مقسمًا لك (بالله آلله) أي: هل الله سبحانه (أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ ) فـ (قال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم) أي: أقول لك في جوابك مستشهدًا الله على كون جوابي حقًّا: (نعم) أمرني أن أصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة.

ثم (قال) الرجل مرة ثالثة: (فأنشدك بالله، آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر) يعني: رمضان (من السنة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم؛ نعم) أمرني بصومه في السنة، (قال) الرجل (فأنشدك بالله، آلله أمرك

(1) سورة يونس: (59).

ص: 402

أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ؛ نَعَمْ"، فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ.

===

أن تأخذ هذه الصدقة) المفروضة التي تأخذها (من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم؛ نعم) أمرني الله بأخذها من الأغنياء وتوزيعها على الفقراء.

(فقال الرجل) الجمَّال: (آمنت) أي: صدقت وقبلت (بما جئت به) أي: بجميع ما جئت به من أركان الإسلام المذكورة، وهذا إخبار بما سبق له من الإيمان أو هو إنشاء للإيمان، وقد استُدل بالحديث على جواز القراءة بين يدي الإمام وتقرير العالم به، (وأنا رسول من) بقي (ورائي) ولم يحضرك؛ أي: سفير من لم يحضرك (من قومي، وأنا) اسمي (ضمام) بكسر الضاد المعجمة (بن ثعلبة، أخوبني سعد بن بكر) قبيلة حليمة السعدية.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العلم، باب ما جاء في العلم، رقم (63)، ومسلم في كتاب الإيمان، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد، رقم (486)، والنسائي في كتاب الصيام، باب وجوب الصوم، رقم (2091)، وأحمد.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به، والله أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أنس الأول بحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 403

(146)

-1376 - (5) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا ضُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّلِيلِ، أَخْبَرَنِي دُوَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ:

===

(146)

-1376 - (5)(حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي) القرشي، صدوق عابد، من العاشرة، مات سنة خمس وخمسين ومئتين (255 هـ). يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا بقية بن الوليد) بن صائد بن كعب بن حريز الكلاعي -بفتح أوله- نسبة إلى ذي الكلاع؛ قبيلة من حمير، أبو يُحمد -بضم التحتانية وكسر الميم بينهما مهملة ساكنة- الحمصي، قالوا: إذا حدث عن الثقات .. فهو ثقة، هاذا حدث عن الضعفاء .. فهو ضعيف، صدوق، من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا ضبارة) بضم الضاد المعجمة ثم موحدة مخففة (ابن عبد الله) بن مالك (بن أبي السليل) -بفتح السين المهملة ولامين بينهما تحتانية ساكنة - الحضرمي أبو شريح الحمصي، مجهول، من السادسة، ذكره ابن حبان في "الثقات". يروي عنه:(د س ق).

(أخبرني دويد) مصغرًا (ابن نافع) الأموي مولاهم أبو عيسى الشامي نزل مصر، مقبول وكان يرسل، من السادسة. يروي عنه:(د س ق).

(عن الزهري) محمد بن مسلم المدني.

(قال) الزهري: (قال) لنا (سعيد بن المسيب) بن حزن ابن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات والفقهاء الكبار، من كبار الطبقة الثانية، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع):

ص: 404

إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ اللهُ عز وجل: افْتَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْدًا أَنَّهُ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ .. أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ .. فَلَا عَهْدَ لَهُ عِنْدِي".

===

(إن أبا قتادة) الأنصاري الحارث (بن ربعي) -بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها عين مهملة- السَّلمي -بفتحتين- المدني رضي الله تعالى عنه، شهد أحدًا وما بعدها، مات سنة أربع وخمسين (54 هـ)، وقيل: سنة ثمان وثلاثين، والأول أصح وأشهر. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه ضبارة بن عبد الله، وهو مختلف فيه.

أي: أن أبا قتادة (أخبره) أي: أخبر لسعيد بن المسيب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل في الحديث القدسي: (افترضت) أي: أوجبت (على أمتك) يا محمد (خمس صلوات) في اليوم والليلة، (وعهدت عندي عهدًا) أي: وعدت لهم وعدًا مكتوبًا عندي على (أنه) أي: على أن الشأن والحال (من حافظ) وواظب (عليهن) أي: على أدائهن بحقوقهن (لوقتهن) أي: في أوقاتهن .. (أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن) أي: على أدائهن في أوقاتهن بحقوقهن .. (فلا عهد له عندي) على إدخاله الجنة، إن شئت .. عذبته على تركه المحافظة عليهن، وإن شئت .. غفرت له ما فرط فيهن وأدخلته الجنة بمجرد الإيمان؛ يعني: أنه لا يستحق الجنة بعمله، بل أمره مفوض إليَّ في تعذيبه أو إدخاله الجنة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب في المحافظة على وقت الصلوات، رقم (430).

ص: 405

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فدرجته: أنه صحيح، وإن كان سنده حسنًا؛ لأن له شاهدًا من حديث عبادة بن الصامت السابق في أوائل هذا الباب، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: خمسة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والباقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 406