الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(28) - (380) - بَابٌ: فِي كَمْ يُسْتَحَبُّ يُخْتَمُ الْقُرْآنُ
(89)
- 1319 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الطَّائِفِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ
===
(28)
- (380) - (باب: في كم يستحب يختم القرآن)
(89)
- 1319 - (1)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).
(حدثنا أبو خالد الأحمر) الأزدي سليمان بن حيان الكوفي، وثقه ابن معين وابن المديني، وقال في "التقريب": صدوق يخطئ، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ) أو قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى) بن كعب الثقفي أبو يعلى (الطائفي) صدوق يخطئ ويهم، من السابعة. يروي عنه:(م س ق).
(عن عثمان بن عبد الله بن أوس) بن أبي أوس واسم أبي أوس حذيفة الثقفي الطائفي، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(د ق).
(عن جده أوس بن حذيفة) الثقفي الصحابي رضي الله تعالى عنه. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن علي بن أبي طالب، ويروي عنه:(د س ق)، وابنه عمرو، وابن ابنه عثمان بن عبد الله، وقال البخاري في "تاريخه": تُوفي أوس بن حذيفة الثقفي رضي الله تعالى عنه سنة (59 هـ) تسع وخمسين.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لقصور عثمان بن عبد الله بن أوس عن درجة الضبط والحفظ.
قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ فَنَزِّلُوا الْأَحْلَافَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَنْزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي مَالِكٍ فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَكَانَ يَأْتِينَا كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَيُحَدِّثُنَا قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى
===
(قال) أوس بن حذيفة: (قَدمْنا) من الطائف (على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة (في وفد ثقيف) أي: مع جماعة ثقيف، والوفد: الجماعة المختارة من أعيان القوم ثم ترسل إلى أُمراء دولة أُخرى؛ لزيارتهم وللمشاورة معهم في التعامل في أمر من أمور السياسة، وهو جمع وافد كصحب وصاحب. انتهى "مختار" بتصرف وزيادة.
(فنَزَّلُوا) من التنزيل؛ أي: فنزَّلَ الوَفْدُ الذين كنا معهم (الأحلاف) أي: الحلفاء الذين كانوا معهم، جمع حليف، قال في "المصباح": الحليف المعاهد، يقال: منه تحالفا؛ إذا تحالفا وتعاقدا على أن يكون أمرهما واحدًا في النصرة والحماية. انتهى، انتهى من "العون"، وفي لفظ أبي داوود الطيالسي: فنزل الأحلافيون (على المغيرة بن شعبة) الثقفي؛ أي: نزلوا في منزل المغيرة بن شعبة بن مسعود الثقفي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، أسلم قبل الحديبية، وهاجر من الطائف إلى المدينة فنزل في المدينة رضي الله تعالى عنه؛ أي: تركوا الحلفاءَ الذين كانوا معهم في منزل شعبة ونزلوهم فيه، (وأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني مالك) من الوافدين وهم بطن من ثقيف (في قُبَّةٍ له) أي: في خيمة كانت له صلى الله عليه وسلم بين حُجَر أزواجه وبين أهل الصفة.
قال أوس بن حذيفة: (فكان) صلى الله عليه وسلم (يأتينا كل ليلة بعد العشاء، فَيُحدِّثُنا) أحاديث من أمور الدين حالة كونه (قائمًا على رجليه حتى
يُرَاوِحَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَقُولُ: "وَلَا سَوَاءَ؛ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ، فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ .. كَانَتْ سِجَالُ
===
يُراوح) أي: كي يراوح (بين رجليه) أي: يعتمد على إحدى الرجلين مرة وعلى الأخرى مرة أخرى؛ ليواصل الراحة إلى كل منهما (وأكثر ما يحدثنا) وأكثر مبتدأ، خبره ما الموصولة في قوله:(ما لَقِيَ من قومه من قريش) أي: الإذايةَ التي لقيها من قومه قريش، و (من قريش) بدل (من قومه) بدل كل من كل، ولفظ الطيالسي: وكان أكثر ما يحدثنا اشتكاء قريش.
(ويقول) النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الحديث: (ولا سواءَ) لا: نافية للجنس تعمل عمل إن، (سواء) في محل النصب اسمها، والخبر محذوف جوازًا؛ تقديره: أي لا مساواةَ بيننا -يعني: المسلمين وبين المشركين- موجودة؛ إذ كُنَّا بمكة قبْلَ الهجرة، وجملةُ (كُنَّا) تعليل للنفي؛ أي: لأنا (كنا مستضعفين) في مكة (مستذلين) أي: ضعفاء محقرين معذبين؛ إذ كنا بمكة وهم أقوياء معززون مسلطون على إذايتنا.
وفي رواية أبي داوود إسقاط الواو من قوله: (ولا سواء) وهو أَوْلَى وأوضحُ؛ لأن المقام ليس للعطف، وقال الطيبي: أي: لا نحن سواء، فحذف المبتدأ، وجعلت (لا) عوضًا عن المحذوف، وهو قول سيبويه، والمعنى: حالنا الآن غير ما كانت عليه قبل الهجرة. انتهى، وقال السندي: أي: ما كان بيننا وبينهم مساواة، بل إنهم كانوا أوَّلًا أعزَّة، ثم أذلَّهم الله تعالى. انتهى، وفي بعض نسخ الكتاب:(لا أَنْسَى) وهكذا في نسختين من المنذري؛ والمعنى: لا أنسى أذيتهم وعداوتهم لنا.
(فلما خرجنا) وهاجرنا من مكة (إلى المدينة .. كانت سِجال) -بكسر
الْحَرْبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؛ نُدَالُ عَلَيْهِمْ وَيُدَالُونَ عَلَيْنَا"، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ .. أَبْطَأَ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَأْتِينَا فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَقَدْ أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا اللَّيْلَةَ، قَالَ: "إِنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبِي مِنَ الْقُرْآنِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَخْرُجَ حَتَّى أُتِمَّهُ"،
===
السين- أي: كانت سِجالُ (الحرب) أي: ذَنُوبُها ودلاؤُها (بيننا) معاشر المسلمين (وبينهم) أي: بين المشركين أهل مكة، ولفظ الطيالسي:(فلما قدمنا المدينة .. انتصفنا من القوم، فكانت سجال الحرب لنا وعليهم)، قال الخطابي: والسجال -بكسر السين- جمع سجل -بسكون الجيم مع فتح السين على وزن حبل وحبال- وهي الدلو الكبيرة، وقد يكون السجال مصدر ساجلت الرجل مساجلة وسجالًا؛ وهو أن يستقي رجلان من بئر أو ركية، فينزع هذا سجلًا وهذا سجلًا يتناوبان السقي بينهما. انتهى.
(ندال عليهم) أي: مرة؛ أي: تكون لنا عليهم دولة وغلبة؛ أي: نغلب عليهم مرة (ويدالون علينا) أي: يغلبون علينا مرة أخرى؛ أي: ولهم علينا دولة وغلبة، فهو تفسير لقوله:"كانت سجال الحرب بيننا وبينهم".
قال أوس بن حذيفة: (فلما كان) صلى الله عليه وسلم (ذات ليلة) أي: في ليلة من الليالي، ولفظ ذات مقحم أو الإضافة للبيان .. (أبطأ) أي: تأخر عن الوقت الذي كان يأتينا فيه، ولفظ الطيالسي:(واحتبس عنا ليلة)(عن الوقت الذي كان يأتينا فيه).
قال أوس بن حذيفة: (فـ) لما حضر صلى الله عليه وسلم .. (قلت) له: (يا رسول الله؛ لقد أبطأت) وتأخرت (علينا) أي: عنا هذه (الليلة) الحاضرة، فلم تأخرت عنا عن الوقت المعتاد لك؟ فـ (قال: إنه) أي: إن الشأن والحال (طرأ) وفجأ (على حزبي) ووردي (من القرآن، فكرهت أن أخرج) من البيت (حتى) أقرأه و (أُتِمه) -بضم الهمزة وكسر التاء- من الإتمام،
قَالَ أَوْسٌ: فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ؟ قَالُوا: ثَلَاثٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإحْدَى عَشْرَةَ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ
===
قال الخطابي: قوله: "طرأ على حزبي" يريد كأنه أغفله أولًا عن وقته المعتاد وأخره، ثم ذكره فقرأه، وأصله من قولك: طرأ عليك الرجل؛ إذا خرج عليك فجأة طروًا فهو طار، وفي "النهاية": أي: ورد وأقبل، يقال: طرأ يطرأ مهموزًا؛ إذا جاء مفاجأة، كأنه الوقت الذي كان يؤدي فيه ورده من القراءة. انتهى، انتهى من "العون".
(قال أوس) بن حذيفة: (فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأحزاب، فقلت لهم: (كيف تحزبون القرآن؟ ) أي: كيف تجزئون وتقسمون القرآن؛ أي: إلى كم تقسمون القرآن وتجعلون كل قسم حزب ليلة ووردها وتقرؤونه فيها؟ قالوا: نُحَزِّبه ونُجزئه ونقسمه سبعة أحزاب وأقسام، ونجعل كل قسم منها حزب ليلة ووردها، والحزب: هو ما يجعله الرجل على نفسه ورد ليلة وقراءتها، وقوله:(كيف تحزبون؟ ) من التحزب؛ وهو تجزئة القرآن وتقسيمه أقسامًا، واتخاذ كل جزء وقسم حزبًا ووردًا له في كل ليلة، (قالوا) أي: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي: نُجَزِّئهُ سبعة أحزاب، ونقسمه سبعة أقسام؛ كل قسم حزب ليلة ووردها.
الحزب الأول (ثلاث) سور: البقرة وآل عمران والنساء، فهذه السور الثلاث حزب واحد من الأحزاب السبعة من القرآن، (و) الحزب الثاني (خمس) سور من المائدة إلى براءة، (و) الحزب الثالث (سبع) سور من يونس إلى النحل، (و) الحزب الرابع (تسع) سور من بني إسرائيل إلى الفرقان، (و) الحزب الخامس (إحدى عشرة) سورة من الشعراء إلى يس، (و) الحزب السادس (ثلاث عشرة)
وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ.
(90)
- 1320 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ،
===
سورة من الصافات إلى الحجرات، (و) السابع (حزب المُفصَّل) وحده حال من المفصل؛ أي: حالة كونه منفردًا عن غيره من سائر القرآن؛ وهو من قاف إلى آخر القرآن، فعلم من هذا أن في عصر الصحابة كان ترتيب القرآن مشهورًا على هذا النمط المعروف الآن.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب تحزيب القرآن، وأخرجه الطبراني أيضًا، وابن أبي شيبة في كتاب الصلوات، باب في القرآن في كم يُختم، قال ابن معين: إسناد هذا الحديث صالح؛ أي: حسن، وحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث ليس بالقائم في تحزيب القرآن.
فالحديث حسن؛ لكون سنده حسنًا، وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أوس بن حذيفة بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(90)
- 1320 - (2)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م د س ق).
(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ البصري التميمي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ الزَّمَانُ وَأَنْ تَمَلَّ فَاقْرَأْهُ في شَهْرٍ"،
===
(عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي، ثقة، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله (بن أبي مليكة) زهير بن عبد الله التيمي المكي، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن حكيم بن صفوان) بن أمية الجمحي المكي، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(س ق).
(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عبد الله بن عمرو: (جَمعْتُ القرآن) كله في قلبي؛ أي: حفظته كاملًا، (فقرأته كله في ليلة) أي: جعلت قراءة كله في الصلاة في ليلة واحدة عادة لي، فأُخْبِر رسول الله قراءتي القرآن كله في صلاة ليلة واحدة، فدعاني (فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أخشى) وأخاف (أن يطول عليك الزمان) والعمر؛ أي: أن تكون شيخًا كبيرًا ضعيفًا لا تُطيق المداومة على هذه العادة (وأن تمل) وتكسل؛ أي: يَعْرُضَ لك المِلالُ والكسل عن المواظبة على هذه العادة، فتكون تاركًا لها مع أن أفضل العمل ما واظب عليه صاحبه، (فـ) أقول لك نصيحة:(اقرأه) أي: اقرأ القرآن كله (في شهر) واختمه فيه.
فَقُلْتُ: دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، قَالَ:"فَاقْرَأْهُ فِي عَشْرَةٍ"، قُلْتُ: دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، قَالَ:"فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ"، قُلْتُ: دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، فَأَبَى.
===
قال عبد الله: (فقلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعنى) أي: اتركني يا رسول الله عَلَى ما أنَا عليه من قراءة القرآن كله في ليلة ولا تنهني عنه، وقوله:(أستمتع) بالجزم في جواب الطلب؛ أي: إن تركتني على حالي أستمتع وأستفد (من قوتي وشبابي) فيه عطف السبب على المسبب، فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبيت عن قبول رُخْصتي هذه .. (فاقرأه) أي: فاقرأ القرآن كله (في عشرة) أيام؛ أي: فاختمه في عشرة أيام، قال عبد الله:(قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعني) أي: اتركني يا رسول الله على حالي ووظيفتي (أستمتع) أي: إن تركتني أستفد (من قوتي وشبابي).
قال عبد الله: فأبيت عن قبول رخصة الختم في عشرة أيام، فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبيت عن قبول رخصة العشرة .. (فاقرأه) أي: فاقرأه كله واختمه (في سبع) ليال، قال عبد الله: فأبيت عن قبول رخصة السبع، فـ (قلت) له صلى الله عليه وسلم مرة ثالثة:(دعني) يا رسول الله على حالي ووظيفتي التي هي الختم في كل ليلة (أستمتع) أي: أستفد (من قوتي وشبابي، فأبى) رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتنع أن يرخص لي في الختم فيما دون السبع، فلما كبر عبد الله وكسل عن وظيفته .. قال: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أخرجه أحمد في "مسنده"(2/ 199)(11/ 91)، رقم (6837) بتحقيق أحمد محمد شاكر، قال الشيخ أحمد محمد شاكر: إسناده صحيح، كما في "حلية الأولياء"(1/ 285).
(91)
- 1321 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو
===
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أوس بن حذيفة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أوس بن حذيفة بحديث آخر لعبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(91)
- 1321 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري.
(حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي غندر البصري.
(حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري.
(ح وحدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير الباهلي البصري.
(حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي البصري، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة ست وثمانين ومئة (186 هـ). يروي عنه:(ع). (حدثنا شعبة) بن الحجاج.
(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري.
(عن يزيد بن عبد الله بن الشخير) -بكسر الشين المعجمة وتشديد الخاء المعجمة المكسورة- العامري أبي العلاء البصري، ثقة، من الثانية، مات سنة إحدى عشرة ومئة (111 هـ) أو قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَمْ يَفْقَهْ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ".
===
وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يفقه) ولم يفهم معنى القرآن ولم يتدبره لاستعجاله في القراءة (من قرأ القرآن) كله وختمه (في) زمانٍ (أقل من ثلاث) ليال؛ بأن ختمه في ليلتين أو ليلة، وهذا إخبار بأنه لا يحصل الفهم والفقه المقصود من قراءة القرآن لمن قرأه فيما دون ثلاث، أو دعاء عليه بألا يعطيه الله تعالى الفهم فيه، وعلى التقديرين فظاهر الحديث كراهة الختم فيما دون ثلاث، وكثير منهم أراد ذلك في الأعم الأغلب، وأما من غلبه الشُّغْلُ .. فيجوز له ذلك. انتهى "سندي".
قال النووي: هذا الحديث فيه الإرشاد إلى الاقتصاد في العبادة والإرشاد إلى تدبر القرآن، وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرؤون كل يوم بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم؛ فكان بعضهم يختم القرآن في كل شهر، وبعضهم في عشرين يومًا، وبعضهم في عشرة أيام، وبعضهم أو أكثرهم في سبعة أيام، وكثير منهم في ثلاثة، وكثير في يوم وليلة، وبعضهم في اليوم والليلة ثلاث ختمات، وبعضهم ثمان ختمات، والمختار أنه لا يستكثر ما لا يمكنه الدوام عليه ولا يعتاد إلا ما يغلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره.
هذا إذا لم يكن له وظائف عامة أو خاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها، فإن كانت له وظيفة عامة؛ كولاية وتعليم ونحو ذلك .. فليوظف لنفسه قراءة يمكنه المحافظة عليها مع نشاطه وغيره من غير إخلال بشيء من كمال تلك
(92)
- 1322 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى،
===
الوظيفة، وعلى هذا يُحمل ما جاء من السلف. انتهى، انتهى من "العون".
قال المنذري: وأخرج هذا الحديث البخاري ومسلم وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب في كم تقرأ القرآن، وباب تحزيب القرآن، والترمذي في كتاب القراءات، باب (13)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والدارمي وأحمد.
فدرجة الحديث: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أوس بن حذيفة بحديث عائشة رضي الله عنهما، فقال:
(92)
- 1322 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بِشْر) بن الفرافصة العبدي أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا سعيد بن أبي عَروبة) اسمه مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري، ثقة حافظ له تصانيف، لكنه كثير التدليس واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة، من السادسة، مات سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومئة (156 هـ). يروي عنه: (ع).
(حدثنا قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة.
(عن زرارة بن أوفى) العامري الحَرَشِيِّ -بمهملة وراء مفتوحتين ثم معجمة-
عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:"لَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ حَتَّى الصَّبَاحِ".
===
أبي حاجب البصري قاضيها، ثقة عابد، من الثالثة، مات فجأة في الصلاة سنة ثلاث وتسعين (93 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سعد بن هشام) وفي أكثر النسخ: (سعيد) بالياء وهو تحريف من النساخ، والصواب سعد -بفتح السين وسكون العين- ابن هشام بن عامر الأنصاري المدني، ثقة، من الثالثة، استشهد بأرض الهند. يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قالت) عائشة: (لا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله حتى الصباح) قال السندي: أي: فقام به من أول الليل إلى الصباح، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الاختلاف على عائشة في إحياء الليل الحديث، رقم (1640) وفي غيره.
ودرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم