الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
===
تنبيه
اعلم: أن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم بن مازن المازني لا عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي الذي رأى الأذان في المنام، وهما مختلفان، ومن ظنهما واحدًا .. فقد غلط وأخطأ. انتهى "تحفة الأحوذي".
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أنه) أي: أن عمه عبد الله بن زيد (شهد النبي صلى الله عليه وسلم أي: حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد (خرج) أي: النبي صلى الله عليه وسلم (إلى المصلى) أي: إلى مصلى العيد، حالة كون النبي صلى الله عليه وسلم (يستسقي) أي: يطلب سقيا المطر من الله تعالى، (فاستقبل القبلة) موليًا ظهره إلى الناس، (وقلب رداءه) أي: جعل ظاهره باطنه وباطنه ظاهره، ويمينه شماله وشماله يمينه؛ تفاؤلًا بتغير الحال من الجدب إلى الخصب، (وصلى) صلاة الاستسقاء (ركعتين) كما يصلي العيد، كبر في الأولى سبع تكبيرات، وقرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وكبر في الثانية خمس تكبيرات، وقرأ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} . رواه الدارقطني (3/ 66)، وهذا نص، لكن في إسناده محمد بن عمر بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ضعيف الحديث، ذكره ابن أبي حاتم. انتهى من "المفهم".
وفي الحديث دليل على أن الصلاة في الاستسقاء سنة، وبه قال الشافعي وأحمد ومالك والجمهور، وهو قول أبي يوسف ومحمد، قال محمد: أما أبو حنيفة .. فكان لا يرى أن في الاستسقاء صلاة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: قول الجمهور هو الصواب والحق؛ لأنه قد ثبت صلاته صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء ركعتين من أحاديث كثيرة صحيحة؛ منها حديث عبد الله بن زيد المذكور في الباب وهو حديث متفق عليه، ومنها حديث أبي هريرة أخرجه أحمد وابن ماجه، ومنها حديث ابن عباس أخرجه أصحاب السنن الأربعة، ومنها حديث عائشة أخرجه أبو داوود، وقال: غريب وإسناده جيد، ورواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "المستدرك"، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، فهذه الأحاديث حجة بينة لقول الجمهور، وهي حجة على الإمام أبي حنيفة.
قال بعض العلماء في تعليقه على "موطأ الإمام محمد" بعد ذكر هذه الأحاديث ما لفظه: وبه ظهر ضعف قول صاحب "الهداية" في تعليل مذهب أبي حنيفة أن رسول الله استسقى ولم يرو عنه الصلاة. انتهى، فإنه إن أراد أنه لم يرو بالكلية فهذه الأخبار تكذبه، وإن أراد أنه لم يروفي بعض الروايات .. فغير قادح. انتهى من "تحفة الأحوذي" باختصار، وقال في "حاشية شرح الوقاية": ولعل هذه الأحاديث لم تبلغ الإمام أبا حنيفة، وإلا .. لم ينكر استنان الجماعة.
قلت: هذا هو الظن به، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الاستسقاء، باب تحويل الرداء في الاستسقاء، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، وأبو داوود في كتاب الاستسقاء، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الاستسقاء، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الاستسقاء، والدارمي ومالك وأحمد.
(11)
- 1241 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ قَالَ سُفْيَانُ: عَنِ الْمَسْعُودِيِّ
===
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عباس.
* * *
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن زيد، فقال:
(11)
- 1241 - (3)(حدثنا محمد بن الصباح، أنبأنا سفيان، عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة. أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري المدني القاضي، كنيته اسمه، ثقة عابد، من الخامسة، مات سنة عشرين ومئة، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن عباد بن تميم، عن عمه) عبد الله بن زيد.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق أبو بكر بن محمد (بمثله) أي: بمثل حديث عبد الله بن أبي بكر.
وهذا السند من سداسياته، غرضه: بيان متابعة أبي بكر لولده عبد الله بن أبي بكر في الرواية عن عباد بن تميم.
(قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق راويًا (عن المسعودي) عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي، صدوق، اختلط قبل موته، وضابطه أنه من سمع منه ببغداد .. فبعد الاختلاط، من السابعة، مات سنة ستين ومئة،
قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو: أَجَعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، أَوِ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ؟ قَالَ: لَا، بَلِ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ.
(12)
- 1242 - (4) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي
===
وقيل: سنة خمس وستين ومئة (165 هـ). يروي عنه: (عم).
(قال) المسعودي: (سألت أبا بكر بن محمد بن عمرو: أجعل) أي: هل جعل النبي صلى الله عليه وسلم في قلب ردائه (أعلاه أسفله أو) جعل (اليمين على الشمال؟ قال) لي أبو بكر في جواب سؤالي: (لا، بل) جعل (اليمين على الشمال) وبالعكس.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقال:
(12)
- 1242 - (4)(حدثنا أحمد بن الأزهر) بن منيع أبو الأزهر العبدي النيسابوري، صدوق، كان يحفظ ثم كَبِرَ فصار كتابُه أثبت من حفظه، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وستين ومئتين (263 هـ). يروي عنه:(س ق).
(والحسن) بن يحيى بن الجعد العبدي أبو علي (بن أبي الربيع) الجرجاني نزيل بغداد، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وستين ومئتين (263 هـ). يروي عنه:(ق).
كلاهما (قالا: حدثنا وهب بن جرير) بن حازم بن زيد أبو عبد الله الأزدي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا أبي) جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضر البصري، والد وهب، ثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضَعْفٌ، وله أوهام إذا حدث من
قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَّنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يَسْتَسْقِي، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ،
===
حفظه، وهو من السادسة، مات سنة سبعين ومئة (170 هـ) بعدما اختلط، لكن لم يحدث في حال اختلاطه. يروي عنه:(ع).
(قال: سمعت النعمان) بن راشد الجزري أبا إسحاق الرَّقي مولى بني أمية. روى عن: الزهري، ويروي عنه:(م عم)، وجرير بن حازم.
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال: مضطرب الحديث روى أحاديث مناكير، وقال ابن معين: ضعيف، وقال البخاري وأبو حاتم: في حديثه وهم كثيرٌ، وقال أبو داوود: ضعيف، وقال النسائي: ضعيف كثير الغلط، وبالجملة: اتفقوا على ضعفه، وقال في "التقريب": صدوق سيئ الحفظ، من السادسة.
(يحدث عن) محمد بن مسلم (الزهري) المدني، ثقة إمام الأئمة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).
(عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثانية، مات سنة خمس ومئة (105 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه النعمان بن راشد، وهو متفق على ضعفه.
(قال) أبو هريرة: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا) إلى مصلى العيد، حالة كونه (يستسقي) أي: يطلب سقيا المطر من الله تعالى، (فصلى بنا) معاشر الصحابة (ركعتين) كركعتي العيد (بلا أذان ولا إقامة،
ثُمَّ خَطَبَنَا وَدَعَا اللهَ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ، ثُمَّ قَلَبَ رِدَاءَهُ، فَجَعَلَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ.
===
ثم خطبنا) أي: وعظنا بالترغيب والترهيب، (ودعا الله) سبحانه وتعالى في خطبته المطر، (وحوَّل وجهه) أي: حوله عنَّا ووجهه (نحو القبلة) حالة كونه (رافعًا يديه) إلى السماء، (ثم قلب رداءه) أي: حوله من يمين إلى يسار وبالعكس، قوله:(فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن) تفسير لقوله: وقلب رداءه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه ابن خزيمة في "صحيحه" عن أبي طالب زيد بن أخزم وإبراهيم بن مرزوق، قالا: حدثنا وهب بن جرير
…
فذكره، ورواه الحاكم من طريق وهب بن جرير به، ورواه البيهقي من طريق الحاكم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب ذكر الأخبار التي تدل على أنه دعا أو خطب قبل الصلاة بنحوه، وأصله في "الصحيحين" من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم، وأحمد في "المسند".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن؛ لأن له شواهد، كما بيناه، ضعيف السند؛ لأن فيه النعمان بن راشد، وهو متفق على ضعفه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عباس.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد والمتابعة.
والله سبحانه وتعالى أعلم