المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(30) - (382) - باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كِتابُ الأذان (3)

- ‌(1) - (353) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌(2) - (354) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ

- ‌(3) - (355) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌تنبيه

- ‌(4) - (356) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ فِي الاسْتِسْقَاءِ

- ‌(5) - (357) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(6) - (358) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَمْ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(7) - (359) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(8) - (360) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(9) - (361) - بَابُ مَا جَاءَ فِي انْتِظَارِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ

- ‌(10) - (362) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا

- ‌(11) - (363) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا

- ‌فائدة

- ‌‌‌فائدة أخرى

- ‌فائدة أخرى

- ‌(12) - (364) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ طَرِيقٍ وَالرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِهِ

- ‌فائدة

- ‌(13) - (365) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّقْلِيسِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌(14) - (366) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَرْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ

- ‌(15) - (367) - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(16) - (368) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ

- ‌(17) - (369) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ مَطَرٌ

- ‌(18) - (370) - بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ السِّلَاحِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ

- ‌(19) - (371) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاغْتِسَالِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌(20) - (372) - بَابٌ: فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌(21) - (373) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكعَتَانِ

- ‌(22) - (374) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى

- ‌تنبيه

- ‌(23) - (375) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(24) - (376) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(25) - (377) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَيْقَظَ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(26) - (378) - بَابٌ: فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرآنِ

- ‌(27) - (379) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(28) - (380) - بَابٌ: فِي كَمْ يُسْتَحَبُّ يُخْتَمُ الْقُرْآنُ

- ‌(29) - (381) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

- ‌(30) - (382) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(31) - (383) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كمْ يُصَلِّي بِالَّيْلِ

- ‌(32) - (384) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيِّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ

- ‌فائدة مهمة في النزول

- ‌(33) - (385) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُرْجَى أَنْ يَكْفِيَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(34) - (386) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُصَلِّي إِذَا نَعَسَ

- ‌(35) - (387) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

- ‌(36) - (388) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

- ‌(37) - (389) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الضُّحَى

- ‌(38) - (390) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الاسْتِخَارَةِ

- ‌(39) - (391) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْحَاجَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(40) - (392) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ

- ‌(41) - (393) - بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ

- ‌(42) - (394) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّجْدَةِ عِنْدَ الشُّكْرِ

- ‌(43) - (395) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَن الصَّلَاةَ كَفَّارَةٌ

- ‌(44) - (396) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا

- ‌(45) - (397) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(46) - (398) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(47) - (399) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ

- ‌(48) - (400) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ

- ‌(49) - (401) - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَدْءِ شَأْنِ الْمِنْبَرِ

- ‌(50) - (402) - بَابُ مَا جَاءَ فِي طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(51) - (403) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كَثْرَةِ السُّجُودِ

- ‌(52) - (404) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ

- ‌(53) - (405) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ حَيْثُ تُصَلَّى الْمَكْتُوبَةُ

- ‌(54) - (406) - باب مَا جَاءَ فِي تَوْطِينِ الْمَكَانِ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ

- ‌(55) - (407) - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيْنَ تُوضَعُ النَّعْلُ إِذَا خُلِعَتْ فِي الصَّلَاةِ

الفصل: ‌(30) - (382) - باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل

(30) - (382) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ

(99)

- 1329 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ .. قَالَ: "اللَّهُمَّ؛ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

===

(30)

- (382) - (باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل)

(99)

- 1329 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير -مصغرًا- السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا سفيان بن عيينة، عن سليمان الأحول) المكي خال ابن نجيح، قيل: اسم أبيه عبد الله، روى عن طاووس، ويروي عنه:(ع)، وابن عيينة، ثقة ثقة، من الخامسة.

(عن طاووس) بن كيسان اليماني، ثقة، من الثالثة، مات سنة ست ومئة، وقيل بعد ذلك.

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) ابن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من)

آناء (الليل) أي: صلى صلاة التهجد في الليل .. (قال) في ذكره ودعائه: (اللهم؛ لك الحمد) والشكر (أنت نور السماوات والأرض) أي: مُنورهما، وبك يهتدي من فيهما، قال ابن عباس: هادي أهلهما، وقال مجاهد: مدبرهما، وقيل: هو المنزه في السماوات والأرض من كل عيب؛ من قول العرب: امرأةٌ

ص: 258

وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَالِكُ السَّمَاوَاتِ

===

نَوَّارةٌ؛ أي: مُبرَّأة من كل ريبة، وفلان مُنوَّر؛ أي: مبرأ من العيب، وقيل: هو اسم مدح، يقال: فلان نور البلد؛ أي: مزينه وشمس الزمان؛ كما قال النابعة:

فإنك شمسٌ والملوكُ كواكب

إذا طلعَتْ لم يَبْدُ منهن كوكبُ

وقال آخر:

إذا سارَ عبدُ الله في مَرْوَ ليلةً

فقد سارَ فيها نورُهَا وجمالُها

قال أبو العالية: مزين السماوات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والأولياء والعلماء. انتهى "كوكب".

(و) نور (من فيهن) أي: من في السماوات والأرض؛ أي: مُزَيِّنُهُم بالتوحيد والهداية، (ولك الحمد) والشكر (أنت قيَّام السماوات والأرض) صيغة نسب؛ لأن المبالغة غير معتبرة في أسمائه تعالى، كعلَّام الغُيوب؛ أي: عالمها؛ أي: القائم بأمرهن وتدبيرهن، وفي "الكوكب": ولفظ قيَّام صيغة مبالغة من قام بالشيء إذا هيَّأ له ما يحتاج إليه، ويقال: قيوم وقيَّام وقيِّم بمعنًى، وقرأ عمر:(الله لا إله إلا هو الحيُّ القيَّام}، وعلقمة: {القيِّم}، وقال قتادة: هو القائم بتدبير خلقه، والحسن: القائم على كل شيء بما كسبت، وابن جبير: الدائم الوجود، وابن عباس: الذي لا يحول ولا يزول، وفي رواية: (قيُّوم السماوات والأرض) وبناء قيُّوم فَيْعُول، (وقيَّام) فَيْعَال، نحو ديُّون وديَّان، ولفظ البخاري:(قيِّم السماوات والأرض) أي: حافظهما وراعيهما، وقيل: القيِّم معناه القائم بأمور الخلق مُدبِّرهم ومُدبِّر العالم في جميع أحواله، ومنه: قيِّم الطفل.

(و) قيام (من فيهن، ولك الحمد) والشكر لا لغيرك (أنت مالك السماوات

ص: 259

وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ

===

والأرض) أي: معبودهن ومصلحهن ومدبرهن (و) مالك (من فيهن، ولك الحمد) والمحيط به والمتصرف فيه بما شاء، وفي رواية مسلم:(أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن) فهو بمعنى مالكهما ومالك من فيهن، أو مصلحهما ومصلح من فيهما؛ مأخوذ من الرَّبَّة وهي نَبْت تَصْلُح عليه المواشي وتسمنُ؛ يقال: رَبَّ يَرُبُّ رَبًّا، من باب شَدَّ فهو راب، ورب وربَّى يُربي تربية من باب زكى فهو مُرَب، قال النابغة:

ورَبَّ عليه اللهُ أَحْسَنَ صُنعِه

وقال آخر:

يَرُبُّ الذي يأتي من الخير أنه

إذا فعل المعروف زاد وتَمَّمَا

والربُّ أيضًا: السيِّد، فيكون معناه: أنه سيّدُ من في السماوات والأرض، والربُّ: المالك؛ أي: مالكهما ومالك من فيهما.

(أنت الحق) أي: الواجب الوجود، وأصله من حق الشيء؛ إذا ثبت ووجب، ومنه قوله:{أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ} (1)، {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} (2)؛ أي: ثبت ووجب (ووعدك الحق) أي: الثابت الذي لا خُلْفَ فيه، أو الثابت المتحقق فلا يدخله خُلف ولا شك في وقوعه وتحققه، (وقولك حق) أي: مدلوله ثابت (ولقاؤك حق) أي: رؤيتك في الدار الآخرة ثابتة حيث لا مانع، أو جزاؤك لأهل السعادة والشقاوة ثابت، وهو داخل فيما قبله، وهو من عطف الخاص على العام، (والجنة حق، والنار حق) أي: كل منهما

(1) سورة الزمر: (19).

(2)

سورة السجدة: (13).

ص: 260

وَالسَّاعَة حَقٌّ، وَالنّبِيُّون حَقٌّ وَمُحَمَّد حَقٌّ،

===

مخلوق موجود، (والساعة) أي: القيامة مع ما فيهما من المجازاة والمحاسبة (حق) أي: ثابتة لا شك في مجيئها.

(والنبيون حق) أي: صادقون فيما بلغوه إلى الأمم، (ومحمد حق) أي: صادق فيما أخبره لنا وبلغه إلينا، وأفرده بالذكر مع دخوله فيما قبله إظهارًا لشرفه.

قال السندي: وهكذا يُفسَّر الحقُّ في كل محل بما يناسب ذلك المحل، وأما التعريف في الأولين كما في رواية مسلم .. فالظاهر أن تعريف الخبر فيهما ليس للقصر، وإنما هو لإفادة أن الحكم به ظاهرٌ مسلَّمٌ لا منازع فيه؛ وذلك لأن مرجع هذا الكلام إلى أنه تعالى موجود صادق الوعد، وهذا أمر يقول به المؤمن والكافر، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (1)، ولم يُعْرَفْ في ذلك منازعٌ بَعْدَه يُعْتَدُّ به، وكأنه لهذا عَدَلَ إلى التنكير في البقية حيث وُجد المنازع فيها، بَقِيَ أن المناسب بذلك أن يقال: وقولك الحق بالتعريف، كما في رواية مسلم، فكأن التنكير فيه في رواية الكتاب للمشاكلة.

وقوله: "ومحمد حق" التأخير فيه للتواضعِ، وهو أنسب بمقام الدعاء، وذِكْرُهُ على الإفراد لذلك، وليتوسَّل بكونه نبيًّا حقًّا إلى إجابة الدعاء، وقيل: هو من عطف الخاص على العام تعظيمًا له بكونه نبيًّا حقًّا. انتهى " سندي".

وقوله: "والساعة حق" وأصل الساعة الجزء القليل من اليوم أو الليلة، ثم استُعِير للوقت الذي تقام فيه القيامة؛ يريد: أنها ساعة خفيفة يَحْدثُ فيها أمر عظيم، وتكريرُ الحمد للاهتمام بشأنه، ولينَاطَ به كُلَّ مرة معنىً آخرُ، وفي تقديم الجار والمجرور إفادةُ التخصيص.

(1) سورة لقمان: (25).

ص: 261

اللَّهُمَّ؛ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ،

===

فإن قلت: لِم عَرَّف الحق في الأولين ونكَّرَه في البواقي؟

قلت: لأنه هو الحق الواجب الدائم وما سواه في معرض الزوال، وكذا وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره، ونكَّرَهُ في البواقي؛ لأنه لم يكن موضعَ حصر؛ لأن لقاءه ثابت من جملة ما يكون ثابتًا. انتهى من " المبارق".

قال القرطبي: ومعنى لقائنا الله تعالى هو عبارة عن حال مآلنا بالنسبة إلى جزائنا على أعمالنا في الدار الآخرة، والساعةُ يومُ القيامة، وأصله القطعة من الزمان، لكن لما لم يكن هناك كواكب تُقَدَّرُ بها الأزمان سميت بذلك، والله أعلم، وإطلاق اسم الحق على هذه الأمور كلها معناه أنها لا بد من كونها، وأنها مما ينبغي أن يُصدَّق بها، وتكرار الحق في تلك المواضع على جهة التأكيد والتفخيم والتعظيم لها. انتهى من "المفهم".

(اللهم؛ لك) أي: لأمرك ونَهْيك (أسلمت) أي: استسلمت وانقدت وخضعت وقبلت، (وبك) أي: وبما أنزلت (آمنت) أي: صدقت (وعليك) لا على غيرك (توكلت) أي: اعتمدت وفوضت أمري إليك، (وإليك أنبت) أي: رجعت إليك مقبلًا بقلبي عليك، (وبك) أي: وبما آتيتني من البراهين والحُجج (خاصمت) أي: جادلت من خاصمني من الكفار، أو بتأييدك ونُصْرتك قاتلت، (وإليك حاكمت) كل من أبى قبول ما أرسلتني به، أو كل من جحد الحق حاكمته إليك، وجعلْتك الحاكم بيننا، لا مَنْ كانَتِ الجاهليةُ تتحَاكمُ إليه مِن كاهنٍ ونحوِهِ، وقدَّم صِلَات جميع هذه الأفعال عليها إشعارًا بالتخصيص وإفادة للحصر.

(فاغفر لي ما قدمت) ـه قبل وقتي هذا (وما أخرت) عنه؛ أي: ما فعلت

ص: 262

وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ".

===.

قبل وما سأفعل بَعْدُ، أو ما فعلت وتركت. انتهى "سندي"، (وما أسررت) أي: أخفيت عن غيرك، (وما أعلنت) أي: أظهرته لغيرك، أو ما تحدثت به نفسي وما تحرك به لساني؛ قاله تواضعًا وإجلالًا لله تعالى وتعليمًا لأمته، وزاد في مسلم:(أنت إلهي) أي: معبودي ومقصودي الذي وَلِهَ فيك قلبي وتَحيَّر في عظمتك وجلالك عقلي وكَلَّ عن ثنائك لساني، فغاية الوسيلة إليك لا أُحصي ثناء عليك (لا إله إلا أنت) أي: لا معبود غيرك ولا معروف بهذه المعرفة سواك.

(أنت المقدم) من قدمته على غيره حِسًّا كآدم على سائر الأنبياء، أو فضلًا كمحمد صلى الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء، (وأنت المؤخر) من أخرته حِسًّا؛ كمحمد عن سائر الأنبياء، أو فضلًا كسائر الأنبياء عن محمد؛ كما قال صلى الله عليه وسلم:"أنا سيد ولد آدم ولا فخر"، (لا إله) أي: لا معبود لنا (إلا أنت، ولا إله) أي: لا معبود بحق في الوجود (غيرك، ولا حول) أي: لا حيلة لنا نعتصم بها عن معصيتك (ولا قوة) لنا نتقوَّى بها على طاعتك (إلا) إذا كانا حاصلين لنا (بـ) معونت (ـك) وتوفيقك، فالكل لك ومنك وما لنا لك وإليك، وفي هذا الحديث وغيره مواظبته صلى الله عليه وسلم في الليل على الذكر والدعاء، والاعتراف لله تعالى بحقوقه والإقرار بصدق وعده ووعيده والبعث والجنة والنار وغير ذلك انتهى "نووي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التهجد، باب التهجد بالليل، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء،

ص: 263

(99)

- 1329 - (م) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَحْوَلُ خَالُ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، سَمِعَ طَاوُوسًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

===

والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا قام من الليل إلى الصلاة، والنسائي في كتاب قيام الليل، باب ذكر ما يستفتح به القيام، والدارمي ومالك وأحمد. انتهى "تحفة الأشراف".

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى متابعة أبي بكر بن خلاد لهشام بن عمَّار رحمهما الله تعالى، فقال:

(99)

-1329 - (م)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(م دس ق).

(حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا سليمان بن أبي مسلم) عبد الله (الأحول خال ابن أبي نجيح) اسم الابن عبد الله، واسم أبي نجيح: يسار.

(سمع) سليمان الأحول (طاووسًا) وفيه تصريح بسماع سليمان لطاووس.

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، غرضه: بيان متابعة أبي بكر بن خلاد لهشام بن عمار، وفائدتها تقوية السند الأول؛ لأن هشام بن عمار صدوق غير ثقة، فقواه بأبي بكر بن خلاد؛ لأنه ثقة، وفيها تصريح سماع سليمان الأحول طاووسًا.

ص: 264

قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِلتَّهَجُّدِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

(100)

- 1330 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ

===

(قال) ابن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل للتهجد)

الحديث، (فذكر) أبو بكر (نحوه) أي: نحو حديث هشام بن عمار.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث عائشة رضي الله عنهم، فقال:

(100)

- 1330 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحُباب) -بضم المهملة وبموحدتين- أبو الحُسين العكلي -بضم المهملة وسكون الكاف- وأصله من خراسان، وكان بالكوفة، صدوق يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن معاوية بن صالح) بن حُدَيْرٍ -مصغرًا بالحاء المهملة- الحضرمي أبي عمرو الحمصي قاضي الأندلس، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل بعد السبعين. يروي عنه:(م عم).

قال: (حدثني أزهر بن سعيد) الحرازي -بحاء مهملة ومفتوحة وراء خفيفة وبعد الألف زاي- الحمصي، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثمان أو تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(دس ق).

(عن عاصم بن حُميد) السَّكُوني -بفتح السين المهملة- الحمصي، صدوق مخضرم، من الثانية. يروي عنه:(دس ق).

ص: 265

قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: مَاذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ: كَانَ يُكَبِّرُ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا وَيُسَبِّحُ عَشْرًا وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ؛ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي"، وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمُقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

===

(قال) عاصم: (سألت عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

أي: سألتها بقولي: (ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أي: بأي شيء من الأذكار -كما في لفظ رواية أبي داوود- كان النبي صلى الله عليه وسلم (يفتتح به قيام الليل) وصلاته؟ أي: بأي شيء يبتدئ من الأذكار؟ فـ (قالت) لي عائشة: والله (لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك) وفي هذا تحسين لسؤاله، وتزيين لمقاله، وتأسف على غفلة الناس عن حاله، ثم قالت في جواب سؤالي:(كان) صلى الله عليه وسلم (يكبر) الله؛ أي: يقول: الله أكبر (عشرًا) من المرات، قال السندي: مع تكبيرة الإحرام أو بعده، وأما أنه كان يقول قبل الشروع في الصلاة .. فبعيد انتهى منه.

(ويحمد) الله؛ أي: يقول: الحمد لله (عشرًا) من المرات، (ويسبح) الله؛ أي: يقول: سبحان الله (عشرًا) من المرات، (ويستغفر) الله؛ أي: يقول: أستغفر الله (عشرًا) من المرات، (و) كان (يقول) بعد هذه الأذكار:(اللهم؛ اغفر لي) ما قدمت وما أخرت، (واهدني) إلى صراطك المستقيم، (وارزقني) رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا، (وعافني) من بلاء الدنيا والآخرة، أو من الأمراض الظاهرة والباطنة. انتهى "عون"، (و) كان (يتعوذ من ضيْق المُقام) -بضم الميم- أي: من ضيق الموقف (يوم القيامة) أي: من شدائد أحوالها وسكرات أهوالها.

ص: 266

(101)

- 1331 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ،

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة

(2 - 220)، باب ما يستفتح به الصلاة، وفي الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، والنسائي في كتاب قيام الليل، باب ذكر ما يستفتح به القيامَ.

ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده، وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عباس بحديث آخر لعائشة رضي الله عنهم، فقال:

(101)

- 1331 - (3)(حدثنا عبد الرحمن بن عمر) بن يزيد بن كثير الزهري أبو الحسن الأصبهاني، لقبه رُسْتَه -بضم الراء وسكون السين المهملة وفتح المثناة- ثقة، له غرائب وتصانيف، من صغار العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، وله اثنتان وسبعون. يروي عنه:(ق).

(حدثنا عمر بن يونس) بن القاسم (اليمامي) ثقة، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا عكرمة بن عمار) العجلي، أبو عمار اليمامي، أصله من البصرة، صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب، من الخامسة، مات قُبيل الستين ومئة. يروي عنه:(م عم).

(حدثنا يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي، ثقة، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

ص: 267

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ بِمَا كَانَ يَسْتَفْتِحُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؛ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ،

===

(عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(قال) أبو سلمة: (سألت عائشة) رضي الله تعالى عَنْها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عكرمة بن عمار، وهو مضطرب فيما روى عن يحيى بن أبي كثير.

أي: سألتها بقولي: (بما) أي: بأي شيء من الأذكار (كان يستفتح النبي صلى الله عليه وسلم صلاته إذا قام) وصلَّى (من الليل؟ قالت) عائشة: (كان) النبي صلى الله عليه وسلم (يقول) في استفتاح الصلاة بعد الإحرام: (اللهم) يا (رب جبرائيل)(رب): منادى مضاف حُذف منه حرف النداء للتخفيف، أو بدل من (اللهم) لا وصف له؛ لأن لُحُوق الميم المشددة مانع من التوصيف عند سيبويه، نعم؛ جوَّز الزجاج التوصيف أيضًا، والأول أولى، كما قدرناه. انتهى "سندي" بزيادة.

(وميكائيل وإسرافيل) معطوفان على جبرائيل على كونهما مضافًا إليه لِرَبَّ، وتخصيص هؤلاء الثلاثة بالإضافة مع أنه تعالى رب كل شيء؛ لتشريفهم وتفضيلهم على غيرهم، قال ابن حجر المكي: كأنه قَدَّم جبرائيل؛ لأنه أمين الكتب السماوية، فسائر الأمور الدينية راجعة إليه، وأَخَّر إسرافيل؛ لأنه أمين اللوح المحفوظ والصور، فإليه أمر المعاش والمعاد، وَوَسَّطَ ميكائيل؛ لأنه أخذ بطرف من كل منهما، لأنه أمين المطر والنبات ونحوهما مما يتعلق بالأرزاق المقوِّمة للدين والدنيا والآخرة، وهما

ص: 268

فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ؛ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ؛ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"،

===

أفضل من ميكائيل، وفي الأفضل منهما خلادت، كذا في "المرقاة". انتهى من "العون".

(فاطرَ السماوات والأرض) أي: مبتدعهما ومخترعهما على غير مثال سابق (عالم الغيب والشهادة) أي: بما غاب وظهر عند غيره (أنت تحكم بين عبادك) يوم القيامة بالتمييز بين المحق والمبطِل بالثواب والعقاب (فيما كانوا فيه يختلفون) من أمر الدين في الدنيا، (اهدني) أي: أَرشدني ودُلني، أو ثبتني، فليس المطلوب تحصيل الحاصل. انتهى "سندي" (لـ) صواب (ما اخْتُلِفَ فيه) بالبناء للمجهول (من الحق) بيان لما (بإذنك) أي: بتوفيقك وتيسيرك.

وقال النووي: معنى اهدني: ثبتني عليه؛ كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1)، والهداية يتعدى بنفسه وباللام وإلئ، فاللام فيه كهي في قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (2)، ومِنْ بيان لما، وهي موصولة؛ أي: اهدني للذي اختلف فيه عند مجيء الأنبياء؛ وهو الطريق المستقيم الذي دعوا إليه فاختلفوا فيه. انتهى من "المرقاة"، (إنك) يا إلهي (لَتَهْدِي) وترشد من تشاء وتريد هدايته (إلى صراط) أي: إلى طريق (مستقيم) لا اعوجاج فيه، وجملة إن مستأنفة متضمنة للتعليل.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب صلاة المسافرين،

(1) سورة الفاتحة: (6).

(2)

سورة الإسراء: (9).

ص: 269

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ: احْفَظُوهُ (جِبْرَائِيلُ) مَهْمُوزَةً؛ فَإِنَّهُ كَذَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

===

باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، والترمذي في أبواب الدعوات، باب ما جاء من الدعاء عند افتتاح الصلاة في الليل، والنسائي في كتاب قيام الليل، باب بأي شيء تُستفتح به الصلاة، وأحمد بن حنبل.

فالحديث حسن سنده؛ لأن عكرمة مضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير، صحيح متنه؛ لما فيه من المشاركة من مسلم وغيره، فغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عباس.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (قال) لنا شيخنا: (عبد الرحمن بن عمر) الزهري شيخ المؤلف: (احفظوه) أي: احفظوا هذا الحديث لفظًا ولا تحرفوه، احفظوا لفظة (جبرائيل) فيه حالة كونها (مهموزة) أي: مقروءة بالهمزة بعد الألف، فجبرائيل بدل من ضمير احفظوه، بدل بعض من كل؛ (فإنه) أي: فإن لفظ جبرائيل منقول (كذا) أي: ممدودًا (عن النبي صلى الله عليه وسلم.

* * *

فجُملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 270