الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحصين، وابن ابنه خليفة، والأحنف بن قيس، والحسن البصري وغيرهم، نزل البصرة، ومات بها وخلف 32 ولدًا، وذكر ابن عبد البر وغيره: أنه كان حرّم الخمر في الجاهلية وقصته في ذلك مشهورة وهو القائل:
رأيت الخمر منقصة وفيها
…
مخاز تفضح الرجل الكريما
فلا والله أشربها صحيحًا
…
ولا أشفى بها أبدًا سقيمًا
• التخريج
أخرجه أحمد وأبو داود وابن حبان وابن خزيمة والترمذي.
• الأحكام والفوائد
الحديث دليل على أن الكافر إذا أسلم يغتسل، واختلف العلماء في حكم غسله: فذهب الإِمام أحمد إلى أن الغسل واجب عليه لظاهر الأمر في الحديث، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله أنه صلى الله عليه وسلم أمر واثلة وقتادة الرّهاوي بالغسل، قال: ذكر ذلك الطبراني وذكر عن الحاكم في تاريخ نيسابور أنه قال: إنه أمر عقيلًا بالغسل، قال ابن حجر: وفي أسانيد الثلاثة ضعف. وذهب جماعة إلى أنه إن كان جنبًا وجب عليه الغسل، وحينئذٍ يكون الغسل للجنابة، وإن لم يكن جنبًا استحب له وجعلوا عدم أمره لغير قيس ممن أسلم قرينة صارفة عن الوجوب، وتعقبه الشوكاني: بأن غاية ما فيه عدم العلم بذلك. ولا يصح متمسكًا في حمل الأمر على عدم الوجوب، وقد يقال إن عدم الأمر بذلك مع انتشار الإِسلام في الناس ولم يحفظ عن أحد منهم لا في عهد النبوة، ولا بعدها الأمر بذلك مع أنه شيءٌ ضروري وكثير موجبه؛ دليل على عدم وجوبه لتوفّر الأسباب للعلم به لو حصل.
وقوله: (بماء وسدر) أي ماء معه سدر لأن السدر ينظف، وهو الشجر المعروف، وظاهر الأمر الوجوب، وتفصيل المذاهب في الحديث التالي.
127 - تَقْدِيمِ غُسْلِ الْكَافِرِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسْلِمَ
189 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ الْحَنَفِيَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ؛ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ. . . مُخْتَصِرًا.
• [رواته: 4]
1 -
قتيبة بن سعيد: تقدم 1.
2 -
الليث بن سعد المصري: تقدم 35.
3 -
سعيد بن أبي سعيد: تقدم 117.
4 -
ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه تقدم.
• التخريج
أخرجه مسلم والبخاري وأحمد وابن خزيمة وعبد الرزاق والبيهقي وابن حبان.
• اللغة والإِعراب والمعنى
قوله: (ثمامة) بثاء مثلّثة مضمومة و (أثال) بضم الهمزة وتخفيف الثاء المثلثة، و (الحنفي) نسبة إلى بني حنيفة قبيلة مشهورة من ربيعة، منهم مسيلمة بن حبيب الكذاب.
وقوله: (انطلق) هذا طرف من حديث ثمامة المشهور وأوله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خيلا قِبَل نجد أي سرية فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة فربطه إلى سارية من سواري المسجد فمر عليه فقال: ما وراءك يا ثمامة؟ وكان سيدًا من سادات بني حنيفة فقال: خير يا محمَّد إن تُنعم تُنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فخذ ما شئت، ففعل ذلك به ثلاث مرات ثم قال: أطلقوا ثمامة، فلما أطلقوه انطلق الخ. .".
وقوله: (فاغتسل) ظاهره أنه فعل ذلك من غير أمره صلى الله عليه وسلم ولكن في رواية ابن حبان في صحيحه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يذهب إلى حائط أبي طلحة) ومثله لابن خزيمة من حديث أبي هريرة: (أنه مر به فأسلم فبعث به إلخ.) ويدل على الأمر بالغسل الحديث السابق.
وقوله: (ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك) إخبار بما كان عليه من العداوة والمباعدة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تلك العداوة انقلبت صداقة بسبب العفو والحلم الذي حصل منه صلى الله عليه وسلم وانشراح الصدر بالإِيمان.
• الأحكام والفوائد
تقدّم أن العلماء اختلفوا في حكم غسل الكافر عند إسلامه، فذهب الإِمام أحمد إلى وجوب غسله وهو عنده غسل للإِسلام، وهو قول أبي ثور وقول مالك الصحيح عنه. قال القرطبي في تفسير قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} : والمذهب كله إيجاب الغسل على الكافر إذا أسلم إلا ابن عبد الحكم فإنه قال: ليس بواجب فإن الإِسلام يهدم ما كان قبله. قال: وبوجوب الغسل عليه قال أبو ثور وأحمد وأسقطه الشافعي وقال: أحب إليَّ أن يغتسل، ونحوه لابن القاسم، ولمالك قول أنه لا يعرف الغسل رواه عنه ابن وهب وابن أبي أويس، وحديث ثمامة وقيس بن عاصم حجة على من نفى الغسل بالكلية. ثم ذكر القرطبي رحمه الله بعد ذلك ما يدل على أن مذهب مالك موافق لقول الشافعي، وهو أن الكافر إذا أسلم ولم يكن أجنب حال الكفر، بأن كان صغيرًا أو كبيرًا لم يجنب؛ أن الغسل مستحب له، فإن كان أجنب فالغسل واجب عليه اغتسل أو لم يغتسل، وهذا أيضًا مذهب أحمد أي أنه يغتسل سواء اغتسل أو لم يغتسل، موافق لمذهبه رحمه الله لأن الغسل عنده للإِسلام لا للجنابة ولا تأثير عنده للجنابة حال الكفر بعد الإِسلام، فإطلاق القول بالوجوب عند مالك فيه نظر ولكنه رواية أو قول عنه كإطلاق عدم الوجوب عند الشافعي، لأنهما يقولان بوجوب الغسل على الكافر الذي حصلت منه جنابة حال الكفر واستحبابه على الذي لم تحصل منه، ووافقهما أبو حنيفة فيمن أجنب ولم يغتسل حال كفره، فإن اغتسل بعد الجنابة لم يجب عليه عنده لأن النية ليست شرطًا عنده في الطهارة. قال القرطبي: فإن كان إسلامه قبل احتلامه فغسله مستحب، ولبعض الشافعية قول موافق لقول أبي حنيفة.
قلت: فتحصّل من هذا أن في المسألة ثلاثة أقوال، وإن كان الذي أميل إليه حمل الأمر على الندب لعدم شيوع الأمر به، القول الأول: وجوب الغسل للإِسلام مطلقًا لكل كافر أراد الإِسلام، الثاني: عدم الوجوب إلا على من