الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
191 - باب بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ
305 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ أُنَاسًا أَوْ رِجَالًا مِنْ عُكْلٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلَامِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَهْلُ ضَرْعٍ وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهَا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا. فَلَمَّا صَحُّوا وَكَانُوا بِنَاحِيَةِ الْحَرَّةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهْمِ، فَأُتِيَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ وَقَطَّعُوا أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ تُرِكُوا فِي الْحَرَّةِ عَلَى حَالِهِمْ حَتَّى مَاتُوا.
• [رواته: 5]
1 -
محمَّد بن عبد الأعلى: تقدم 5.
2 -
يزيد بن زريع: تقدم 5.
3 -
سعيد بن أبي عروبة: تقدم 38.
4 -
قتادة بن دعامة: تقدم 34.
5 -
أنس بن مالك رضي الله عنه: تقدم 6.
• التخريج
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة والدارقطني وابن حبان في صحيحه، وأحمد، إلا أنه عنده وعند ابن ماجه مختصر.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (أن أناسًا) وفي رواية: أن ناسًا، قيل: اسم من أسماء الجموع واحده إنسان وإنسانة على غير قياس، ويصغر نويس مشتق من النوس وهو الحركة، وفي حديث أبو زرع:"أنَاسَ من حُلي أذني" أي حركة، أو من: نسي، قلب قلبًا مكانيًا فصار نيس، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار
ناس، فالهمزة على هذين الوجهين زائدة، ويشهد لكونه من (نسي) قول الشاعر:
لا تنسين تلك العهود فإنما
…
سميت إنسانًا لأنك ناس
وقول الآخر:
فإن نسيت عهودًا منك سالفة
…
فاغفر فأول ناس أول الناس
يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "فنسي آدم فنسيت ذريته". وقيل: مشتق أنس بمعنى استأنس، لأنسه بربه وأنس آدم بحواء وبنيه بعضهم ببعض، وعليه قول الشاعر:
وما سمي الإنسان إلا لأنسه
…
ولا القلب إلا أنه يتقلب
وأنس بمعنى أبصر، قال تعالى:{إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} أي أبصرت، وقال جرير ابن الخطفي:
هل تؤنسان ودير أروى بيننا
…
بالأعزلين بواكر الأظعان
وقوله: (من عكل) بضم العين وسكون الكاف إحدى قبائل الرباب، وهم أبناء أد بن طابخة تحالفوا وغمسوا أيديهم في جفنة من الرُّب توكيدًا للحلف فقيل: لهم الرباب، وهم عكل وثور وعجل وضبة وعدي وتميم، وعكل اسم أمة حضنت أبناء عوف بن إياس بن قيس بن عوف بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وأمهم بنت ذي اللحية رجل من حمير وهم -أي أبناء عوف المنوه عنهم، جشم وسعد وعلي وقيس أبناء عوف- غلب عليهم اللقب بحاضنتهم.
وقوله: (أو رجالًا) بدل أناس، وهو شك من أحد الرواة في لفظ أنس، وهذه الرواية بالجزم بأنهم من عكل، وفي رواية في صحيح البخاري:"من عكل أو عرينة" على الشك من حماد: وقيل من أنس، وفي رواية: من عرينة: وفي أخرى: من عكل وعرينة، بالعطف وهي الصواب إن شاء الله؛ لأنها تجمع بين الروايات الأخر بكونهم من القبيلتين، فصحت نسبتهم لكل واحدة تغليبًا، وفي رواية: أنهم أربعة من عرينة وثلاثة من عكل. وعرينة قبيلة من بجيلة وهي من قضاعة، ورجح بعض العلماء أن المراد هنا البجليون، وذكر ابن إسحاق أن قدومهم كان بعد غزوة ذي قرد، وكانت في آخر سنة ست لأنها بعد الحديبية مباشرة، كما هو ثابت في صحيح مسلم وغيره، والحديبية كانت في ذي القعدة
سنة ست، فعلى هذا تكون قصتهم إما في آخر سنة ست أو أول سنة سبع، ولا يصح قول من قال: إن قصتهم كانت في جمادى سنة ست على القول بأن قدومهم بعد غزوة ذي قرد، ولا قول من قال: إنها في شوال. وعلى ما روى في عددهم من مجموع القبيلتين؛ يتبين أنهم من القبيلتين، وأن رواية العطف أصوب، وتكون (أو) في الرواية بمعنى الواو، لأنها تأتي كثيرًا بمعناه كما في قوله تعالى:{وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} أي: وكفورًا.
وقوله: (قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: أتوه بالمدينة، والجملة في محل رفع خبر لقوله: إن أناسًا، أي خبر إن.
وقوله: (فتكلموا بالإسلام) أي نطقوا به وأظهروا أنهم مسلمون، وقوله:(فقالوا: يا رسول الله إنا أهل ضرع) أي أهل مواشي ذات ضروع، فالمراد بالضرع جنسه؛ وهو كناية عن كونهم أهل مواشي معتادين اللبن ولم يكونوا أهل حرث، وهو المراد بقولهم:(ولم نكن أهل ريف). والريف بكسر الراء والياء الساكنة بعده والفاء: المزارع، وفي القاموس الريف: أرض فيها زرع وخصب.
وقوله: (استوخموا) وجدوها وخيمة أو اعتقدوها وخيمة، والوخيمة: الأرض الوبية، وفي القاموس: استوخمه لم يستمرئه أي لم يستطب هواه، والوخم: ما لا تحمد عقباه من الأمور، قال أبو قيس صرمة بن أبي أنس الأنصاري رضي الله عنه:
فإياكم والحرب لا تعلقنكم
…
وحوضًا وخيم الماء مر المشارب
وقال زهير بن أبي سلمى:
فقضوا منايا بينهم ثم أصدروا
…
إلى كلإٍ مستوبل مستوخم
والمستوبل الذي تجده وبيلًا، قال قيس بن زهير:
ولكن الفتى حمل بن بدر
…
بغى والبغي مرتعه وخيم
أي سيء العاقبة، والوبيل والوخيم بمعنى، قوله:(فأمر لهم) اللام يحتمل أنها للتعليل أو لشبه التمليك، وليست للملك أو للإختصاص أو هي زائدة، والفاء للتعليل في قوله: فأمر، وقوله:(بذود) الذود من الإبل من الثلاثة إلى العشرة أو إلى خمس عشرة أو إلى ثلاثين أو ما بين الإثنين والتسع، كل ذلك قد قيل في تعريف الذود، وهو لفظ مؤنث لا يكون إلا للإناث، وجمعه أذواد أو جمع لا واحد له من لفظه. وقوله:(أمرهم أن يخرجوا) أي إلى ناحية الحرة
لأنه قال: وكانوا بناحية الحرة، وقوله:(فيها) أي مع الراعي، والضمير في قوله (فيها) عائد على الذود.
وقوله: (فيشربوا) معطوف على (يخرجوا) ولذا نصب، وقوله:(من أبوالها) جمع بول باعتبار أنواعه، وكذا قوله:(ألبانها).
وقوله: (فلما صحوا)؛ لمّا هنا هي الرابطة، وتقدم الكلام عليها في رد السلام على من يبول 38، والفاء هي الفصيحة أي فخرجوا وشربوا وصحّوا، فلما صحوا.
وقوله: (صحوا) أي مما ادعوه من المرض.
وقوله: (وكانوا بناحية) أي جهة الحرة، والحرة: الأرض ذات الحجارة السود، ولم يبين أي الحرتين بالمدينة، فإن بها حرتين: إحداهما حرة واقم وهي الشرقية، وواقم اسم أطم سميت به وله ذكر كثير. قال جرير:
لقد كان إخراج الفرزدق عنكم
…
طهور لما بين المصلى وواقم
وكانت وقعة الحرة فيها لأنّ أهل الشام دخلوا من جهتها فوقع القتال فيها، فقال عبد الرحمن بن سعيد بن زيد:
فإن تقتلونا يوم حرة واقم
…
فإنا على الإِسلام أول من قتل
والوقعة مشهورة سنة 63 في خلافة يزيد بن معاوية، والظاهر أنها هي المرادة هنا. والثانية: حرة الوبرة وهي التي تقع غرب المدينة وبها نقب بني دينار، وأكثرهم على أن هاتين الحرتين هما اللابتان المذكورتان في تحريم الصيد. وجملة:(وكانوا بناحية الحرة). إما اعتراضية، وإما استئنافية سيقت لبيان مكانهم الذي كانوا فيه، ويحتمل أنها حالية أي: والحال أنهم كانوا بناحية الحرة.
وقوله: (كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم) أي بعد إسلامهم الذي تكلموا به وقتلوا الراعي واسمه يسار، وذكر ابن إسحاق أنه مولى للنبي صلى الله عليه وسلم أصابه في غزوة بني ثعلبة، فلما رآه يصلي أَعتقه.
وقوله: (استاقوا الإبل) أي ساقوا، من: السوق، والسوق: السير العنيف، فالمعنى: أنهم قتلوا الراعي وذهبوا بالإبل معهم.
وقوله: (فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم) أي بلغه خبرهم أو فعلهم.
وقوله: (فبعث الطلب) يحتمل أنها عاطفة أو أنها سببية، والمراد بالطلب: جماعة يطلبونهم، وفي رواية: أنه بعث كرز بن جابر في خيل من المسلمين، وكرز -بضم الكاف وسكون الراء وآخره زاي- بن جابر من بني فهر بن محارب، وفي رواية: كانوا عشرين وفيهم سلمة بن الأكوع وبريدة بن الحصيب، وفي رواية: كان فيهم أبو ذر، وفي أخرى: كان معهم قائف، وكان فيهم بلال بن الحارث وأبو رهم وعبد الله بن عمرو بن عوف المزني وجندب ورافع ابنا مكيث الجهنيان.
وقوله: (فأتي بهم) أي جاء بهم القوم الذين بعثوا في أثرهم.
وقوله: (فسمّروا أعينهم) أي فقؤوها بمسامير من حديد أحميت لهم كما في رواية البخاري: أنه أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها. وفي رواية لمسلم: فسمل، والسمل باللام: فقء العين بأي شيء، فلا ينافي رواية الأكثرين لأنّ السمر أخص من السمل، قال أبو ذؤيب الهذلي:
والعين بعدهم كأنَّ حِدَاقها
…
سملت بشوك فهي عورٌ تدمع
وقد يطلق السمر على السمل كما تقدم، وقوله:(قطعوا أيديهم) أي أيدي كل واحد منهم ورجليه، وإنما فعل ذلك بهم من أجل أنهم فعلوه بالراعي فهو قصاص منهم، وقوله:(تركوا) أي تركهم الناس في الحرة التي هي قريبة من محل فعلهم بالراعي.
وقوله: (على حالهم) أي مقطعة أيديهم وأرجلهم حتى ماتوا على تلك الحال، وقد قيل: إن هذا الفعل كان قبل النهي عن المثلة فهو منسوخ به، وهذا لا يصح على قول الأكثرين إن لم يكن محل اتفاق أن النهي عن المثلة بعد وقعة أحد في الثالثة من الهجرة، ولهذا اعتمد على الآية جماعة من العلماء في مثل هذا من قطع الأيدي والأرجل في المحاربين الخارجين عن طاعة الإِمام، وفسروا به المراد من آية المائدة {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} الآية.
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه مسائل من العلم، منها: ما يتعلق بعقوبة المحاربين، وسيأتي إن شاء الله الكلام عليه في تأويل الآية الكريمة {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ} الآية.
وباقي ما يتعلق به يذكر هنا إن شاء الله. والمصنف رحمه الله أورده هنا لبيان حكم بول ما يؤكل لحمه، فإن قصة هذه الذود وأمر النبي صلى الله عليه وسلم للقوم بأن يشربوا من أبوالها والتداوي بذلك؛ استدل به جمهور العلماء على طهارة بول وورث ما يؤكل لحمه، لأنه دل على طهارة بول الإبل، والبعر له حكم البول فألحقوا مأكول اللحم بها، وعضدوا ذلك بالصلاة في مرابض الغنم، والطواف على البعير وبوله عادة على فخذيه، ودخوله للمسجد لا يؤمن أن يبول ويبعر فيه. وهذا القول مذهب جمهور العلماء مالك وأحمد والأوزاعي وأتباعهم والنخعي والزهري ومحمد بن الحسن وزفر صاحبي أبي حنيفة، وقال به من الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان والأصطخري والروياني، وبه قال الشعبي وعطاء وابن المسيب والثوري والحكم وابن سيرين، وذكر العيني عن أبي داود وابن علية: أن بول كل حيوان طاهر ولو لم يكن مأكول اللحم إلا الآدمي، وخالفهم في ذلك الشافعي وأكثر أصحابه وأبو حنيفة، وذكره ابن حزم عن جماعة من السلف ونسبه ابن حجر إلى الشافعي والجمهور، هكذا قال، فلينظر. وقد احتج القائلون بالنجاسة بعموم لفظ حديث ابن عباس في قصة المقبورين وفيه:"أما أحدهما فكان لا يستتر من البول"، وادعوا أن "أل" في البول للجنس فتعم سائر أنواع البول ولم يخصص بول الإنسان. وهذا الإستدلال بعيد لأن حمل "أل" في الحديث على الجنس غير ظاهر، بل الظاهر خلافه وهو أنها للعهد الذهني، فإن الذهن لا يسبق إليه في مثل هذا إلا بول المذكور، أو أنها بدل من المضاف إليه الذي هو ضمير الإنسان المقبور كما في الرواية الأخرى:"لا يستتر من بوله"، وهذا صريح في المراد من البول، وهو أقوى من غيره والرواية في صحيح البخاري وغيره، ولهذا قال البخاري رحمه الله: ولم يذكر سوى بول الناس. قال ابن بطال: أراد البخاري أن المراد بقوله: "كان لا يستتر من البول" بول الإنسان لا بول الحيوان، فلا يكون فيه حجة لمن حمله على العموم في بول الحيوان جميعه، وقال محمَّد بن علي الشوكاني رحمه الله: والظاهر طهارة الأبوال والأزبال من كل حيوان يؤكل لحمه؛ تمسكًا بالأصل واستصحابًا للبراءة الأصلية، والنجاسة حكم شرعي ناقل عن الحكم الذي يقتضيه الأصل والبراءة، فلا يقبل قول مدعيها إلا بدليل يصلح للنقل عنهما، ولم نجد للقائلين بالنجاسة دليلًا كذلك، وغاية ما جاءوا به حديث
صاحب القبر المعذب بالبول، وهو مع كونه المراد به الخصوص كما سلف: عموم ظني الدلالة، يعني أنه ليس نصًا وإنما الإحتجاج بكونه عامًا، وهو لا ينهض بمعارضة تلك الأدلة المقتضية بما سلف. اهـ.
وللعيني رحمه الله في شرح البخاري في الجواب عن هذا الحديث كلام يستغرب من مثله، كقوله: الجواب المقنع أنه عرف بطريق الوحي شفاءهم به، والإستشفاء بالحرام جائز. ولا يخفى ما في هذا، فإنه لو فرض أنه عرف ذلك ولم يبينه للأمة؛ فإن الأحكام الشرعية والنقل عن الأصل لا يصح أن يبنى على هذا، لأنه لو كان كذلك لوجب أن يبين للناس، لأن أمره لهؤلاء بشرب البول بمحضر من الناس من المعلوم ضرورة أنهم سيستحلونه، فكيف يسكت لهم عن بيان الحكم المخالف لما أمر به؟ هذا ما لا يقبله ولا يقوله منصف. وأما التداوي بالحرام فقد ورد فيه الحديث:"إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرمه عليها"، وهذا هو المناسب للحكمه، فإن تحريم ما فيه الشفاء بعيد عن النظر السليم.
306 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ أَعْرَابٌ مِنْ عُرَيْنَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمُوا، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ حَتَّى اصْفَرَّتْ أَلْوَانُهُمْ وَعَظُمَتْ بُطُونُهُمْ، فَبَعَثَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى لِقَاحٍ لَهُ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِيَهَا وَاسْتَاقُوا الإِبِلَ. فَبَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَلَبِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ. قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُ الْمَلِكِ لأَنَسٍ وَهُوَ يُحَدِّثُهُ هَذَا الْحَدِيثَ: بِكُفْرٍ أَمْ بِذَنْبٍ؟ قَالَ: بِكُفْرٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ: (عَنْ يَحْيَى عَنْ أَنَسٍ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ طَلْحَةَ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ: يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلٌ.
• [رواته: 7]
1 -
محمَّد بن وهب بن عمر بن أبي كريمة أبو المعافى الحراني، روى عن عتاب بن بشير وعيسى بن يونس ومحمد بن سلمة ومسكين بن بكير، وعنه النسائي ويعقوب بن يوسف الشيباني ومحمد بن علي بن حبيب الطرائفي
وأبو خيثمة علي بن عمرو الحراني والحسين بن إسحاق التستري وأبو عروبة الحراني وغيرهم. قال النسائي: لا بأس به، ومرة قال: صالح، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال مسلمة: صدوق، مات في رمضان سنة 243.
2 -
محمَّد بن سلمة بن عبد الله الباهلي أبو عبد الله الحراني، روى عن خاله أبي عبد الرحيم خالد ومحمد بن إسحاق وخصيف وابن عجلان وهشام بن حسان والزبير بن خريق وغيرهم، وعنه أحمد بن حنبل وأبو جعفر عبد الله بن محمَّد النفيلي وأحمد بن شعيب الحراني وعمرو بن خالد والعلاء بن هلال وعبد العزيز بن يحيى وموسى الأنطاكي وآخرون. وثقه النسائي وقال ابن سعد: ثقة عالم له فضل ورواية وفتوى، وذكره ابن حبان: في الثقات. قال أبو عروبة: أدركنا الناس لا يختلفون في فضله وحفظه، ووثقه العجلي. وفي الزهرة: روى له مسلم 12 حديثًا، مات سنة 191 وقيل: 192 وقيل: 193.
3 -
خالد بن يزيد -ويقال: ابن أبي يزيد وهو المشهور- ابن سماك بن رستم قاله أبو عروبة، وقال الدارقطني: سمال بفتح السين وتشديد الميم وباللام الأموي، مولاهم أبو عبد الرحيم الحراني، روى عن زيد بن أبي أنيسة وعبد الوهاب بن بُخْت وجهم بن الجارود ومكحول الشامي وغيرهم، وعنه ابن أخته محمَّد بن سلمة الحراني وموسى بن أعين وعيسى بن يونس ووكيع وآخرون، قال أحمد وأبو حاتم: لا بأس به، ووثقه ابن معين وأبو القاسم البغوي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: حسن الحديث متقن فيه، مات سنة 144.
4 -
زيد بن أبي أنيسة -واسمه زيد الجزري- أبو أسامة الرهاوي كوفي الأصل غنوي مولاهم، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن السائب وأبي الزبير وأبي الزناد والحكم بن عتيبة وسعيد بن أبي بردة وعمرو بن مرة والمنهال بن عمرو وغيرهم، وعنه مالك ومسعر ومعقل بن عبد الله وأبو عبد الرحيم الحراني وعبيد الله بن عمرو الرقي -وهو راويته- وغيرهم. وثقه ابن سعد وقال: كان كثير الحديث فقيهًا رواية للعلم، ووثقه العجلي وقال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه أبو داود ويعقوب بن سفيان وقال أحمد: حديثه حسن مقارب، ووثقه الذهلي وابن نمير
والبرقي. قال أحمد بعد قوله (حديثه حسن مقارب): وإن فيها لبعض النكرة وهو مع ذلك حسن الحديث، وقال فيه مرة: صالح وليس هو بذاك، وقال فيه ابن حبان: مات سنة 135 وهو ابن 36 وكان فقيهًا ورعًا، وقيل في موته إنه سنة 125 وقيل: 124 وقيل: 119.
5 -
طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب بن جحدب بن معاوية بن سعد بن الحارث الهمداني اليامي أبو محمَّد ويقال: أبو عبد الله الكوفي، روى عن أنس وعبد الله بن أبي أوفى وقرة بن شراحيل وخيثمة بن عبد الرحمن وزيد بن وهب وأبي صالح السمان وسعيد بن جبير، وعنه أبو إسحاق السبيعي وهو أكبر منه وإسماعيل بن أبي خالد وزبيد بن الحارث اليامي والأعمش وهم من أقرانه وابنه محمَّد ومالك بن مغول ومنصور وشعبة وجماعة. وثقه ابن معين وأبو حاتم والعجلي وقال أبو معشر: ما ترك بعده مثله، وما كان الأعمش يثني على أحد أدركه إلا طلحة بن مصرف. قال ابن إدريس: كانوا يسمونه سيد القراء، قال العجلي: كان عثمانيًا وكان من أقرأ أهل الكوفة وخيارهم، قال: واجتمع القراء في منزل الحكم بن عتيبة فأجمعوا على أن طلحة أقرأ أهل الكوفة، فبلغه ذلك فغدا إلى الأعمش ليذهب ذلك الإسم عنه، وقال عبد الملك بن أبجر: ما رأيتُ مثله ولا رأيته في قوم إلا رأيت له الفضل عليهم. قال ابن سعد: كان ثقة وله أحاديث صالحة، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن أبي حاتم في المراسيل: قيل لابن معين: سمع طلحة من أنس؟ قال: لا، وسمعت أبي يقول: طلحة أدرك أنسًا وما ثبت له سماع منه.
6 -
يحيى بن سعيد الأنصاري: تقدم 23.
7 -
أنس بن مالك: تقدم 6.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (أعراب) تقدم أنهم سكان البادية، جمع أعرابي وهم المذكورون في الرواية السابقة.
وقوله: (من عرينة) تقدم الكلام عليه وأنهم كانوا من عكل وعرينة، وينسبون في بعض الروايات لإحدى القبيلتين دون الأخرى كما هنا، اختصارًا أو تغليبًا لجماعة على أخرى. وتقدم تفسير (اجتوَوْا) وأنها: استوخموا، وهما