الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإقرار العالم على ذلك دليل على أنه هو مراده، فهو بمنزلة فتياه ولو لم يقل: نعم، واستدل به بعض المحدثين على صحة العرض على الشيخ، وأن السامع له عنده أن يقول: حدثنا ونحوه، وفيه: الأخذ عن المفضول بحضرة الفاضل والسامع بحضرة العالم ولا يتوقف على إذنه، وفيه: أن تعليم المفضول بحضرة العالم لا يتوقف على إذنه، كالأخذ عنه إن دعت الحاجة إلى ذلك، لاسيما إن كان القصد التأدب مع العالم وعدم المشقة عليه وإضجاره بالترداد في السؤال وتكراره، وفيه: الرفق بالمتعلم، وفيه: استحباب المحافظة على طيب الرائحة وإزالة ما فيه رائحة كريهة بما يزيل أثرها عن الإنسان، ولذلك ثبتت السنة باستعمال الطيب للجمعة ونحوها من مجامع الخير كالعيدين ومجتمعات المسلمين، وهو من مكارم الأخلاق وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور المثل للجليس الصالح ببائع الطيب.
160 - باب تَرْكِ الْوُضُوءِ بَعْدِ الْغُسْلِ
252 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ.
• [رواته: 9]
1 -
أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي أبو عبد الله الكوفي، روى عن أبيه وعمه علي بن حكيم وشريح بن مسلمة وعبيد الله بن موسى وخالد بن مخلد وأبي نعيم وغيرهم، وعنه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وأبو حاتم وأبو عوانة ومحمد بن مخلد وهو آخر من روى عنه وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق، ووثقه النسائي وابن خراش وقال: عدلا، ووثقه العجلي والبزار وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة 261 أو قبل 260.
2 -
أبوه عثمان بن حكيم بن دينار الأودي أبو عمرو الكوفي، روى عن الحسن بن صالح بن حي وحبان بن علي وشريك بن عبد الله النخعي، وعنه
ابنه أحمد ومحمد بن الحسين بن أبي الحنين. مات سنة 219، له عند المصنف حديثان هذا أحدهما.
3 -
الحسن بن صالح بن حي وهو حيان بن شفي بن هني بن رافع الهمداني الثوري، قال البخاري: يقال: حي لقبه، روى عن أبيه وأبي إسحاق وعمرو بن دينار وعاصم الأحول وعبد الله بن محمَّد بن عقيل وإسماعيل السدي وعبد العزيز بن رفيع ومحمد بن عمرو بن علقمة وليث ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وعنه ابن المبارك وحميد بن عبد الرحمن الرواسي والأسود بن عامر شاذان ووكيع بن الجراح وأبوه الجراح بن مليح، وآخر أصحابه علي بن الجعد وغير هؤلاء. قال القطان: كان الثوري سيء الرأي فيه، قال ابن إدريس: ما أنا وابن حي لا يرى جمعة ولا جهادًا. قال أبو نعيم: دخل الثوري يوم الجمعة والحسن يصلي فقال: نعوذ باللهِ من خشوع النفاق، وأخذ نعليه فتحوّل وقال فيه: ذاك رجل يرى السيف على الأمة، وقال فيه: الحسن بن صالح مع ما سمع من العلم يترك الجمعة ويرى السيف على المسلمين. قال أبو موسى: ما رأيت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عن الحسن بن صالح بشيء. قال عمرو بن علي: كان عبد الرحمن يحدث عنه بثلاثة أحاديث ثم تركه، وقال أحمد: حسن ثقة، وقال أيضًا: الحسن بن صالح صحيح الرواية متفقهٌ صائن لنفسه في الحديث والورع، وقال فيه: أثبت في الحديث من شريك، وعن يحيى بن معين: ثقة مأمون، وعنه: ثقة مستقيم الحديث. قال الدوري عن يحيى بن معين: يكتب رأي مالك والأوزاعي والحسن بن صالح هؤلاء ثقات، وعنه: الحسن وعلي ابنا صالح ثقتان مأمونان، وقال أبو زرعة: اجتمع فيه إتقان وفقه وعبادة وزهد، وقال أبو حاتم: ثقة حافظ متقن، وقال النسائي: ثقة، وكان وكيع يقول: لا يبالي من رأى الحسن أن لا يرى الربيع بن خثيم، وقال أيضًا: الحسن بن صالح الذي لو رأيته ذكرت سعيد بن جبير، وقال أبو نعيم: حدثنا الحسن بن صالح، وما كان دون الثوري في الورع والفقه، وقال أيضًا: ما رأيت أحدًا إلا وغلط في شيء غير الحسن، وقال أبو نعيم أيضًا: كتبت عن ثمانمائة محدث فما رأيت أفضل من الحسن بن صالح، وقال يحيى بن بكير: قلنا للحسن بن صالح: صف لنا غسل الميت، فما قدر عليه من البكاء، وقال
ابن عدي: لم أجد له حديثًا منكرًا مجاوز المقدار، وهو عندي من أهل الصدق. ولد الحسن سنة 100 ومات على ما قاله أبو نعيم سنة 169، وقيل: 167، وفسّر ابن حجر رحمه الله كلام الثوري: وقوله: يرى السيف؛ أي الخروج على أئمة الجور. قال: وهو مذهب لبعض السلف قديم، ولكن استمر الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه. ثم قال ابن حجر رحمه الله: وبمثل هذا الرأي لا يقدح في رجل قد ثبت عدالته واشتهر بالحفظ والإتقان والورع التام، والحسن مع ذلك لم يخرج على أحد. وأما ترك الجمعة: ففي جملة رأيه ذلك أن لا يصلي خلف فاسق ولا يصحّح إمامة الفاسق، فهذا ما يعتذر به عن الحسن وإن كان الصواب خلافه فهو إمام مجتهد. قال وكيع: كان الحسن وأخوه علي ابنا صالح وأمهما قد جزءوا الليل ثلاثة أجزاء، فكان كل واحد. يقوم ثلثًا فماتت أمهما، فاقتسما الليل بينهما، فمات علي فقام الحسن الليل كله، وقال أبو سليمان الداراني: ما رأيت أحدًا الخوف أظهر على وجهه من الحسن، قام ليلة بعم يتساءلون فغشي عليه فلم يختمها إلى الفجر. قال العجلي: كان الحسن أفقه من سفيان الثوري، ثقة ثبتًا متعبّدًا، وقال ابن سعد: كان ناسكًا عابدًا فقيهًا حجة صحيح الحديث كثيره.
قال أبو زرعة الدمشقي: رأيت أبا نعيم لا يعجبه ما قال ابن المبارك في ابن حي. قال أبو نعيم: قال ابن المبارك: كان ابن صالح لا يشهد الجمعة، وأنا رأيته شهد الجمعة بعد جمعة اختفى فيها، وقال الساجي: الحسن بن صالح صدوق وكان يتشيع، وكان وكيع يحدث عنه ويقدمه، وكان يحيى بن سعيد يقول: ليس في السكة مثله، وحكي عن ابن معين أنه قال: هو ثقة ثقة. قال الساجي: قد حدث أحمد بن يونس عنه عن جابر عن نافع عن ابن عمر في شرب الفضيخ، وهذا حديث منكر، قال ابن حجر: الآفة فيه من جابر وهو الجعفي. قال الساجي: كان عبد الله بن داود الخريبي يحدث عنه ويطريه، ثم كان يتكلم فيه ويدعو عليه ويقول: كنت أؤم في مسجد الكوفة فأطريت أبا حنيفة، فأخذ الحسن بيدي ونحاني عن الإمامة، فكان ذلك سبب غضب الخريبي عليه. قال الدارقطني: ثقة عابد، وقال مالك بن إسماعيل النهدي: عجبت لأقوام قدّموا سفيان الثوري على الحسن.
قلت: إنما أطلت في هذه الترجمة ليتبيّن بها تحامل بعض الناس على بعض، فهذا الشيخ الجليل العابد المتفق على فضله وزهده وعبادته وثقته؛ يتحامل عليه جماعة من أهل الفضل كالثوري وأحمد بن يونس وزائدة، مع شهادة أئمة الحديث والسنة له كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين والفضل بن دكين وأبي حاتم والنسائي والدارقطني ووكيع وأبي زرعة وغيرهم. فكيف بغيره، والسلامة من الناس أمر لا يكاد يدرك، اهـ.
4 -
أبو إسحاق عمرو بن عبد الله: تقدّم 42.
5 -
عمرو بن علي الفلاس: تقدّم 4.
6 -
عبد الرحمن بن مهدي: تقدم 49.
7 -
شريك بن عبد الله: تقدّم 29.
8 -
الأسود بن يزيد بن قيس: تقدم 33.
9 -
عائشة رضي الله عنها: تقدّمت 5.
• التخريج
أخرجه أحمد: وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح، وابن ماجه والبيهقي، وروي عن ابن عمر موقوفًا ومرفوعًا.
• الأحكام والفوائد
قولها: (لا يتوضأ بعد الغسل) دليل على أنه يكتفي بوضوئه مع الغسل، فهو دليل على أن من توضأ في غسله أن ذلك الوضوء يكفيه عن تجديد وضوء بعد الغسل، ولكن بشرط ألا يحصل منه ما ينقض الوضوء بعد غسل أعضاء الوضوء أو بعضها، قال حذيفة رضي الله عنه:"أما يكفي أحدكم أن يغسل من قرنه إلى قدمه حتى يتوضأ". قال الشوكاني: وقد روي نحوه عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم، حتى قال أبو بكر بن العربي:(إنه لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل، وأن نية طهارة الجنابة تأتي على نية طهارة الحدث وتقضي عليها، لأن موانع الجنابة أكثر من موانع الحدث، فدخل الأقل في نية الأكثر وأجزأت نية الأكثر عنه) اهـ.
وقد نقل ابن بطال الإجماع على أن الوضوء لا يجب بعد الغسل، وهو