الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
الركين بن الربيع تقدّم 193.
7 -
حصين بن قبيصة تقدّم 193.
8 -
علي بن أبي طالب: تقدّم 91.
وهذه رواية أخرى لحديث علي وقد تقدم ما يتعلق به.
131 - باب غُسْلِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ
195 -
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ قَالَ: "إِذَا أَنْزَلَتِ الْمَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ".
• [رواته: 5]
1 -
إسحاق بن إبراهيم: تقدّم 2.
2 -
عبدة بن سليمان الكلابي الكوفي، يقال: اسمه عبد الرحمن بن سليمان بن حاجب بن زرارة بن عبد الرحمن بن صرد بن سمير بن مليل بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب، أدرك صرد الإِسلام فأسلم، روى عن إسماعيل بن أبي خالد ويحيى بن سعيد الأنصاري وعاصم الأحول وعبيد الله بن عمر وهشام بن عروة وجماعة، وعنه أحمد وإسحاق وابنا أبي شيبة وإبراهيم بن موسى الرازي ومحمد بن سلام البيكندي وآخرون. قال أحمد: ثقة وزيادة مع صلاح في بدنه، ووثقه ابن معين والعجلي وقال: رجل صالح صاحب قرآن، ووثقه ابن سعد والدارقطني وعثمان بن أبي شيبة وقال: مسلم صدوق.
3 -
سعيد بن أبي عروبة: تقدّم 38.
4 -
قتادة بن دعامة السدوسي: تقدّم 34.
5 -
أنس بن مالك: تقدّم 6.
• التخريج
أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد، ولأبي داود عن عائشة وأم سلمة نحوه.
• اللغة والإِعراب والمعنى
قوله: (أن أم سليم) أي حدثنا بأن أم سليم واسمها الغميصاء وقيل غيره مما هو مذكور في ترجمتها، وهي أم أنس وزوج أبي طلحة أم ابنه عبد الله والد إسحاق شيخ مالك. قوله (عن المرأة) أي عن حكم المرأة.
وقولها: (ترى في منامها) أي في حال نومها، والرؤية منامية.
وقولها: (ما يرى الرجل) ما موصولة، يرى الرجل: أي من الاحتلام بأن يرى في النوم أنه يجامع امرأة، أي الذي جرت العادة أن الرجل يراه في نومه، وعائد الصلة ضمير منصوب هو مفعول (يرى)، وحذف العائد المنصوب بالفعل ونحوه كثير مطرد. وجملة (ترى في منامها) جملة حالية، والمكني عنه هو الجماع أي ترى أن رجلًا يجامعها في النوم كما يرى الرجل أنه يجامع المرأة، وقد جاء التصريح بذلك -أي بلفظ الاحتلام- في الروايتين التاليتين، ولاشتهار الاحتلام عند الرجال صار كأنه خاص بهم لأنهم يذكرون ذلك وقلّما يذكره النساء حتى كأنهن لا يعرفنه، وفي رواية لأحمد:"إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها".
وقوله: (إذا رأت الماء فلتغتسل) هذا يدل على أن السؤال عن حكم الاغتسال على ما قدمنا، وهو مصرح به في رواية أحمد التي تقدم ذكرها:"إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل؟ " والماء المراد به المني، و (رأت) يحتمل معنيين أحدهما: أحست وتحققت خروجه، لأن مني المرأة قد لا يخرج وينعقص داخل الرحم فالرؤية على هذا قلبية، ويحتمل الرؤية البصرية فيكون بمعنى: أبصرت، ولكن الأول الأقوى لرواية بن أبي شيبة:"هل تجد شهوة؟ قالت: لعله" ووجود الشهوة هو سبب الخروج فهو يقوي القول بأن المراد إذا وجدت وأحست بالخروج، لا بشرط الرؤية بالعين فإذا تحققت الخروج وجب الغسل ولو لم تر بعينها، وقد يقوي الثاني تشبيهها بالرجل في ذلك كما في الروايات الأخر لأن الأصل أن الرجل يرى ذلك. ولكن قد يقال: إن وجه الشبه مقصور على الاشتراك في حصول الاحتلام ووجود الشهوة من كل منهما لا بقيد صفة العلم بالخروج، ومال ابن حجر رحمه الله إلى أن الرؤية المراد بها رؤية البصر لا مجرد العلم، فإنه قال: بعدما ذكر حديث خولة عند أحمد في قصة أم سليم وفيه: "ليس عليها غسل حتى تنزل مثلما ينزل الرجل"
قال: (وفيه رد على من زعم أن ماء المرأة لا يبرز وإنما يعرف إنزالها بشهوتها، وحمل قوله: (إذا رأت) على علمت به، لأن وجود العلم هنا متعذر إذا أراد علمها بذلك وهي نائمة فلا يثبت به حكم، لأن الرجل إذا رأى أنه يجامع فلم يجد بللًا لم يجب عليه الغسل اتفاقًا فكذلك المرأة، وإن أراد علمها بعد أن تستيقظ فهو متعذر لأنه لا يستمر في اليقظة ما كان في النوم إن كان مشاهدًا، فحمل الرؤية على ظاهرها هو الصواب) اهـ.
قلت: وفيه نظر فإنه لا يمتنع أن تكون المرأة تحس بالخروج منها في حال النوم بعد اليقظة، بحالة تألفها عند خروجه منها على وجه جرت به العادة، فإن حُكم الرجل عليها بنفي علامة لذلك تختص بالنساء يصعب الحكم به كما لا يخفى، والله أعلم.
196 -
أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَلَّمَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَرَى فِي النَّوْمِ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَفَتَغْتَسِلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ" قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: أُفٍّ لَكِ أَوَ تَرَى الْمَرْأَةُ ذَلِكِ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ ".
• [رواته: 6]
1 -
كثير بن عبيد بن نمير المذحجي أبو الحسن الحمصي الحذاء المقرئ إمام جامع حمص، روى عن بقي بن الوليد والوليد بن مسلم ومروان بن معاوية ومحمد بن حرب الخولاني ومحمد بن خالد الوهبي وابن عيينة وغيرهم، وعنه أبو داود والنسائي وابن ماجه وبقي بن مخلد وابن أبي عاصم وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم. وقال أبو حاتم: ثقة، وقال النسائي: لا بأس به، يقال إنه أمَّ أهل حمص ستين سنة فَمَا سَهَا في صلاةٍ قط، ويقال: إنه سئل عن ذلك فقال: ما دخلت باب المسجد قط وفي نفسي غير الله. وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه مسلمة بن قاسم وأبو بكر بن داود. مات سنة 250 وقيل: قبلها بقليل، وقيل: بعدها، والله أعلم.
2 -
محمد بن حرب الخولاني: تقدّم 172.
3 -
محمد بن الوليد الزبيدي: تقدّم 56.
4 -
محمد بن شهاب الزهري: تقدّم 1.
5 -
عروة بن الزبير: تقدّم 44.
6 -
عائشة رضي الله عنها: تقدّم 5.
تقدّم الحديث من رواية أنس بن مالك، وتقدم تخريجه هناك وبعض معانيه.
• اللغة والإعراب والمعنى
قولها: (كلمت رسول الله) أي بالكلام الذي ذكرته وهو قولها: إن الله إلخ وجملة (كلمت) في محل رفع خبر أن، وقوله:(وعائشة جالسة) جملة حالية أي عند النبي صلى الله عليه وسلم في وقت كلام أم سليم.
وقولها: (إن الله لا يستحيي من الحق) الحياء خجل وانكسار يعتري الإنسان عند ملابسته لما يعاب عليه أو يذم فاعله أو يستقبح منه وذكره يعيره أو يكرهه، يقال منه: استحا يستحي واستحيا يستحيي، قال ابن دقيق العيد وغيره: هو بهذا المعنى يستحيل على الله، فيكون المعنى لا يمنعه الحياء من بيان الحق أي كما يمنع ذلك بعض الناس. قال: وقد يقال إن هذا إنما يحتاج إليه عند الإثبات، وأما في حال النفي فإن النفي لا يدل على الحصول أي حصوله من الله، اللهم إلا أن يقال: إن نفيه في هذه الحالة يدل على حصوله في غيرها.
قلت: وقد جاء مثبتًا في الحديث الصحيح: "أما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه". وكذلك في الحديث الآخر: "إن الله حييٌ كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرًا خائبتين" ويأتي حديث يعلى: "إن الله حيي سِتِّيْر"، وإذا ثبت ذلك وجب الإِيمان بوجود هذه الصفة لله عز وجل على وجه يليق بجلال الله، مخالف لصفات المخلوقين من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه، كما هو الواجب في الإِيمان بالذات وبسائر الصفات الثابتة في الكتاب والسنّة. وهذا القول من أم سليم من كمال أدبها، فإنها مهدت لنفسها العذر قبل السؤال عما جرت عادة النساء بكتمانه حتى كأنه لا يحصل لهن، وهذا من المستحسن في
استعمال الأدب مع العلماء وأهل الفضل، في حال السؤال وغيره مما تدعو الحاجة إلى الإِخبار فيه بمثل هذا.
وقولها: (أرأيت) أي أخبرني عن المرأة، وتقدم الكلام على أرأيت مستوفى في حديث "وددت أني رأيت إخواني" الحديث رقم (150). وقولها:(ترى في النوم) جملة حالية أي أخبرني عن حكمها في حال رؤيتها، فالمراد الإِخبار عن حكمها كما تقدم. وقوله:(ما يرى الرجل) ما موصولة أي الذي يراه الرجل، فالعائد الضمير المنصوب المحذوف والموصول في محل نصب بـ (ترى)، وقد قدمنا أن المكنى عنه هو حالة الجماع المصرح به في بعض الروايات كما تقدم. وفي قولها:(ما يرى الرجل) دليل على اشتهار ذلك في الرجال فإنهم لا يستحيون من ذكره، بخلاف النساء فإنهن لا يكدن يتكلمن بذلك حتى كأنه خاص بالرجال دونهن لا أنَّ ذلك منفي عنهن كما روى عن بعض السلف، وهذه الأحاديث وأمثالها ترد عليه وتبطل قوله ذلك، واستبعاد عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين لذلك. أما عائشة فقد كانت من صغرها مع زوجها فلا يستبعد أن يكون الله عز وجل صانها عن تلاعب الشيطان، وأم سلمة وإن كانت زوجًا لغيره فمن الجائز أن تكون لا تحتلم، لأنه يقال إن بعض الرجال لا يحتلم فلا يبعد أن يكون بعض النساء كذلك، أو تكون قد صانها الله عن ذلك لما علم أنها طيبة وستكون زوجًا لأطيب الطيبين فتكون صيانتها عن ذلك من جملة إكرام الله له صلى الله عليه وسلم. وقولها:(أَفتغتسل) هذا هو محل السؤال والهمزة للاستفهام والفاء للعطف، وعلماء العربية يقولون: إن همزة الاستفهام لأصالتها في الصدارة إذا دخل عليها حرف العطف يتأخر حرف العطف عنها، والنحويون يعللون ذلك بأن لها الأصالة في التصدير كما تقدم، فهي عندهم أولى بالصدر منه. وقولها:(من ذلك) الجار والمجرور متعلق بتغتسل، أي بسبب ذلك الذي تراه في النوم من حالة الجماع الحاصل فيه.
وقوله: (نعم) إيجاب ويكون للإِعلام بعد الإستفهام، ويكون بعد الخبر للتصديق، ويكون بعد الأمر والنهي ونحوهما وعدًا، وفي أكثر الروايات:(إذا هي رأت الماء) كما تقدّم في الرواية الأولى وسيأتي أيضًا.
وقول عائشة: (أف لك) كلمة تقذر وتضجر وتستعمل لكل مستثقل،
وقيل: أصل الأف وسخ الأظفار وكذا التف، وقيل: الوسخ والتف القلامة، وقيل: الأف وسخ الأذن والتف وسخ الأظفار، وقيل: هو النتن وكل مستقذر وكل حقير قليل، ثم استعملت في كل متضجر منه ومستثقل مما يتأذى منه الإِنسان، وفيها عند العرب عشر لغاتٍ: أفٌّ أفًّا أفِّ أفُّ أفِّ أفًا مخففًا إفْ أُفَّهْ وأُفْ بالسكون. ومعناها في الحديث التضجر من كلامها واستثقاله، وهي منونة تنوين أسماء الأفعال لأنها اسم فعل، أي: استقذارًا لما جئت به واستثقالًا لما تقولين.
وقولها: (أو ترى ذلك) استفهام إنكاري تقدمت الهمزة فيه على حرف العطف على نحو ما تقدم، أنكرت عائشة رضي الله عنها أن تكون المرأة ترى ذلك.
وقولها: (فالتفت إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي منكرًا عليها استنكارها لذلك (فقال: تربت يمينك) هذا اللفظ أصله يستعمل للدعاء ومعناه: لزقت يمينك بالتراب، لكن العرب صاروا يستعملونه لغير الدعاء بل للاستعظام والإِنكار لما يصدر من المخاطب به، وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة كما في هذا الحديث. ومثله في الاستعمال لغير الدعاء وإن كان أصله للدعاء قولهم:"رغم أنفه" أي لزق بالرَّغام، وهو التراب كناية عن المذلة والهوان أو الخيبة والحرمان، ولكنهم أحيانًا لا يقصدون به ذلك على ما تقدم في (تربت يمينك) مع أنه صلى الله عليه وسلم قصد بذلك الدعاء؛ فدعاؤه على من لم يستحق الدعاء يكون كفارة ورفعة يوم القيامة كما ثبت في الحديث:"اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعلها له زكاة وأجرًا" أخرجه مسلم.
وقوله: (فمن أين) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر أي: إذا كانت المرأة لا يخرج منها المني فمن أي؟ أَيْ: من أي جهة يكون الشبه أيْ شبه الولد بأمه، فالمني هو سبب شبه ولدها بها كما في الرواية الأخرى:"فمن أين يشبهها الولد" أي ولدها، فهذا إنكار منه صلى الله عليه وسلم على عائشة في إنكارها على أم سليم وتصديق لأم سليم فيما ذكرت من احتلام النساء كالرجال. وفي هذه الرواية أن المنكرة هي عائشة، وفي الرواية التالية أن المنكرة على أم سليم أم سلمة، كما جاء في الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة، وفي رواية بنت أم سلمة، وكلتاهما صحيحة فإنها بنت
أبي سلمة وأمها أم سلمة فهي بنت أم سلمة عن أمها أم سلمة الحديث وفيه: أن أم سلمة هي التي أنكرت على أم سليم كرواية المصنف التالية. ونقل ابن حجر رحمه الله عن القاضي عياض أنه نقل عن أهل الحديث أن الصحيح أن القصة وقعت لأم سلمة لا لعائشة، وقال: وهذا يقتضي ترجيح رواية هشام وهو ظاهر صنيع البخاري رحمه الله، لكن نقل ابن عبد البر عن النفيلي أنه صحح الروايتين، وأشار أبو داود إلى تقوية رواية الزهري لأن نافع بن عبد الله تابعه عن عروة عن عائشة، وأخرج مسلم أيضًا رواية نافع ورواية الزهري وكذا رواية أنس وفيها:"جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له وعائشة عنده فذكر الحديث". وروى أحمد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن جدته أم سليم، وكانت مجاورة لأم سلمة فذكر الحديث وفيه: أن أم سلمة هي التي راجعتها، وهذا يقوي رواية هشام.
قال النووي في شرح مسلم: يحتمل أن تكون عائشة وأم سلمة أنكرتا على أم سليم. قال ابن حجر: (وهو جمع حسن لأنه لا يمتنع حضور عائشة وأم سلمة عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد) اهـ.
قلت: ولابن أبي شيبة: فاستقبلتها النسوة وقلن: فضحتنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يزيد احتمال حضور غير عائشة وأم سلمة عند النبي صلى الله عليه وسلم وقت السؤال من النساء، والظاهر أن الجمع بحمل الأحاديث على حضور أمي المؤمنين عائشة وأم سلمة أقرب إلى الصواب، فهو كالمتعيّن لصحة الحديث بحضور كل منهما والقصة واحدة والله تعالى أعلم.
• الأحكام والفوائد
فيه دليل على استعمال الأدب عند السؤال مع من يتعلم منه وكذا من له حرمة وفضل، وفيه: تقديم العذر على حصول ما يعتذر منه، وفيه: عقل أم سليم وفضلها واحترامها للرسول صلى الله عليه وسلم وقد تقدم، وفيه: حرصها على السؤال والاستفادة، وفيه: سؤال المرأة الأجنبية للعالم لكن مع لزوم الستر ومراعاة الأدب، وفيه: سماع صوت الأجنبية عند الحاجة إذا أمنت الفتنة وله شواهد كثيرة غير هذا، وفيه: أن التصريح بذكر ما يستحيا منه عادة عند الحاجة لا ينافي الأدب بل هو مطلوب وقد يتعين، وفيه: حكم المسألة التي هذا أصلها
وهو أن احتلام المرأة يوجب الغسل إذا علمت أنها خرج منها منيّ بسببه، كما هو الحكم في الرجال سواء، وعدم وجوب الغسل إذا لم يخرج منيّ وهو أيضًا حكم الرجال. وفيه: أن النساء لهن منيٌّ كما للرجال قال تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} أي أخلاط من مني الرجل ومني المرأة، وفيه: أن الشبه سببه المني الذي يخلق منه الولد، وفيه: تسمية المني ماء، وفيه: أن لا ينبغي للمسلم أن يمنعه الحياء من التعلم والسؤال عن الحكم الشرعي، إلا أن يكون يجد من ينوب عنه في ذلك كما تقدم في قصة علي رضي الله عنه.
197 -
أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ"، فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: "أَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَفِيمَ يُشْبِهُهَا الْوَلَدُ".
• [رواته: 6]
1 -
شعيب بن يوسف: تقدّم 49.
2 -
يحيى بن سعيد القطان: تقدّم 4.
3 -
هشام بن عروة: تقدّم 61.
4 -
عروة بن الزبير: تقدّم 44.
5 -
زينب بنت أبي سلمة: تقدّمت 182.
6 -
أم سلمة رضي الله عنها: تقدمت 183.
• اللغة والإِعراب
قولها: (أن امرأة) هي أم سليم كما هو مصرح به في الصحيحين وغيرهما في حديث هشام هذا، قوله:(فضحكت أم سلمة) ونحوه للبخاري في الأدب وفي رواية: "فغطت وجهها"، وهي محمولة على أنها حصل منها الأمران فتبسمت تعجبا وغطت وجهها حياء، والفاء في قولها (فقالت) عاطفة، وقولها:(أتحتلم المرأة؟ ) استفهام إنكاري، كما تقدم نحوه من عائشة لشدة حياء النساء
من ذكر هذا. وقوله صلى الله عليه وسلم: (ففيم) هو كقوله لعائشة: (فمن أين يشبهها الولد)، (فيم) هي ما الاستفهامية دخل عليها حرف الجر فحذف ألفها، على أصل القاعدة المشار إليها بقول ابن مالك رحمه الله وإيانا:
وما في الإستفهام إن جرت حذف
…
ألفها وأولها الها إن تقف
198 -
أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَحْتَلِمُ فِي مَنَامِهَا؟ فَقَالَ: "إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ".
• [رواته: 6]
1 -
يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي أبو يعقوب الأنطاكي الحافظ، روى عن حجاج بن محمد الأعور وقبيصة وإسحاق بن عيسى بن الطباع وداود بن منصور وعلي بن بكار المصيص وغيرهم، وعنه النسائي وعبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر وأبو عوانة ومحمد بن المنذر شكر ومحمد بن الربيع الجيزي وغيرهم. قال النسائي: ثقة حافظ وأبوه ثقة، مات سنة 256، وقيل:271.
2 -
حجاج بن محمد المصيصي: تقدّم 32.
3 -
شعبة بن الحجاج: تقدّم 26.
4 -
عطاء بن أبي مسلم الخراساني أبو أيوب ويقال: أبو عثمان ويقال: أبو محمد ويقال: أبو صالح، البلخي نزيل الشام مولى المهلب بن أبي صفرة الأزدي، اسم أبيه عبد الله وقيل: ميسرة، وروى عن الصحابة مرسلًا كابن عباس وعدي بن عدي الكندي وأبي هريرة وغيرهم، وروى عن سعيد بن المسيب وعبد الله بن بريدة ويحيى بن يعمر ونافع مولى ابن عمر وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وعنه عثمان ابنه وشعبة وإبراهيم بن طهمان وداود بن أبي هند ومعمر والأوزاعي وغيرهم. وثقه ابن معين وأبو حاتم وقال: صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الدارقطني: ثقة في نفسه إلا أنه لم يلق ابن عباس، وقال شعبة: كان نسيبًا، وقال ابنه: مات سنة 135 وقيل: مولده سنة 50.
5 -
سعيد بن المسيب: تقدم 9.