الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ومن حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه فأذن لها مرة، فخرجت ثم خرجت مرة أخرى بغير إذنه حنث، ولا بد من الإذن في كل خروج، لأن المستثنى خروج مقرون بالإذن، وما وراءه داخل في الحظر العام. ولو نوى الإذن مرة يصدق ديانة لا قضاء، لأنه محتمل كلامه، لكنه خلاف الظاهر. ولو قال: إلا أن آذن لك فأذن لها مرة واحدة فخرجت ثم خرجت بعدها بغير إذنه لم يحنث، لأن هذه كلمة غاية فتنتهي اليمين به، كما إذا قال: حتى آذن لك. ولو أرادت المرأة الخروج فقال إن خرجت فأنت طالق فجلست ثم خرجت لم يحنث، وكذلك إن أراد رجل ضرب عبده فقال له آخر إن ضربته فعبدي حر فتركه ثم ضربه، وهذه تسمى يمين الفور.
ــ
[البناية]
[الحلف على شيء يتكرر بتكرر المحلوف عليه أم لا]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه فأذن لها مرة فخرجت ثم خرجت مرة أخرى بغير إذنه حنث، ولا بد من الإذن في كل خروج، لأن المستثنى خروج مقرون بالإذن) ش: لأن تقديره والله لا تخرجي إلا خروجًا ملصقًا بإذني، لأن الباء للإلصاق يقتضي ملصقًا وملصقًا به م:(وما وراءه) ش: أي وما وراءه المستثنى م: (داخل في الحظر العام) ش: لأن اليمين باقية، لأنه نهاها عن الخروج عامًا بوقوع النكرة في موضع النفي.
م: (ولو نوى الإذن مرة يصدق ديانة لا قضاء لأنه محتمل كلامه، لكنه خلاف الظاهر) ش: لكونه مخالفًا لمقتضى الباء م: (ولو قال: إلا أن آذن لك فأذن لها مرة واحدة فخرجت ثم خرجت بعدها بغير إذنه لم يحنث) ش: لوقوع الكفاية بإذن واحد، واعترض عليه بقوله تعالى {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] (الأحزاب: الآية 53) ، وكان مراد الإذن لازما وأجيب بأن ذلك بدليل خارجي، وهو قَوْله تَعَالَى {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} [الأحزاب: 53] .
م: (لأن هذه) ش: أي قوله إلا أن آذن لك م: (كلمة غاية) ش: يعني تفيد معنى الغاية، لأن الإذن موضوع لها، بل الاستثناء تعذر حمله عليه، لأن صدر الكلام ليس من جنس الإذن، حتى يستثنى الإذن منه، فجعل مجازًا عن حق المناسبة بينهما، وهو أن حكم ما قبل الغاية يخالف ما بعدها كما إن حكم ما قبل الاستثناء يخالف حكم ما بعده م:(فينتهي اليمين به) ش: أي بإذنه م: (كما إذا قال: حتى آذن لك) ش: حيث ترتفع اليمين بالإذن، لأنه يصير غاية فترتفع به اليمين.
م: (ولو أرادت المرأة الخروج) ش: أي لو أرادت المرأة الخروج م: (فقال إن خرجت فأنت طالق فجلست ساعة ثم خرجت لم يحنث، وكذلك إذا أراد رجل ضرب عبده، فقال له آخر إن ضربته فعبدي حر، فتركه ثم ضربه) ش: لم يعتق، وكذلك الرجل يقول لآخر اجلس فقعد فيقول إن تغديت فعبدي حر، ثم أتى أهله في ذلك فتغدى عندهم لم يحنث، إنما اليمين في ذلك على الفور.
م: (وهذه تسمى يمين الفور) ش: أي يمين الحال، وهي كل يمين خرجت جوابًا بالكلام أو بناء على أمر يتقيد بذلك، بدلالة الحال، ولا يحنث في يمينه استحسانًا، خلافًا لزفر، والفور مصدر فارت القدر إذا غليت فاستعير للسرعة، ثم سميت الحالة التي ليس فيها به فصل، جاء فلان
وتفرد أبو حنيفة رحمه الله بإظهاره. ووجهه أن مراد المتكلم الرد عن تلك الضربة والخرجة عرفا، ومبنى الأيمان عليه..
ولو قال له رجل اجلس فتغد عندي، فقال: إن تغديت فعبدي حر فخرج فرجع إلى منزله وتغدى لم يحنث، لأن كلامه خرج مخرج الجواب، فينطبق على السؤال، فينصرف إلى الغداء المدعو إليه. بخلاف ما إذا قال: إن تغديت اليوم، لأنه زاد على حرف
ــ
[البناية]
فخرج من فوره، أي من ساعته، وفي " الفوائد الظهيرية ": سميت بهذا الاسم باعتبار ثوران الغضب.
م: (وتفرد أبو حنيفة رحمه الله بإظهاره) ش: أي لم يبينه أحد فيه، وكانوا يقولون اليمين على نوعين مطلقة ومقيدة بوقت فاستنبط أبو حنيفة فيها قسمًا ثالثًا وهي مطلقة لفظًا ومؤقتة معنى وإنما أخذها من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وابن جبير دعيا إلى نصرة إنسان فحلفا أن لا ينصراه ثم نصراه بعد ذلك لم يحنثا وأقر في ذلك العرف ومبنى الأيمان على العرف.
م: (ووجهه) ش: أي ووجه هذا الكلام م: (أن مراد المتكلم الرد عن تلك الضربة) ش: في قوله إذا أراد رجل ضرب عبده م: (والخرجة) ش: في قوله إن خرجت فأنت طالق م: (عرفًا) ش: يعني من حيث العرف م: (ومبنى الأيمان عليه) ش: أي على العرف وحاصل الكلام أن قصد الزوج في مسألة الخروج منعها من الخروج الذي شبهت قوله فصار كأنه قال: إن خرجت هذه الخرجة فقصدت اليمين بتلك الخرجة، وكذلك قصده أن يمنع مولى العبد عن الضرب الذي تهيأ له، فكأنه قال: إن ضربت هذه الضربة التي تهيأت لها فتعينت اليمين بتلك الضربة بدلالة الحالة عرفًا.
م: (ولو قال له رجل اجلس فتغد عندي، فقال إن تغديت فعبدي حر فخرج فرجع إلى منزله) ش: وفي بعض النسخ فخرج إلى منزله م: (وتغدى لم يحنث) ش: أي في الاستحسان، والقياس أن يحنث، وهو قول زفر والشافعي -رحمهما الله لأنه عقد يمينه على مطلق الغد يتناول كل غد، كما لو قال ابتداء والله لا أتغدى.
ووجه الاستحسان وهو قوله م: (لأن كلامه خرج مخرج الجواب) ش: بكلامه م: (فينطبق على السؤال، فينصرف إلى الغداء المدعو إليه) ش: فصار كأنه قال إن تغديت الغداء الذي دعوتني إليه فانصرف يمينه إلى ذلك الغد دلالة الحال.
م: (بخلاف ما إذا قال إن تغديت اليوم، لأنه زاد على حرف الجواب) ش: لأنه ينصرف كلامه إلى الغداء المدعو إليه فلا يتقيد يمينه بذلك، فلا يجعل في كلامه بانيًا على سؤال الرجل م:(فيجعل مبتدئًا) ش: في الكلام محترزًا عن إلغاء الزيادة التي تكلم فيها.
فإن قيل: ليس كذلك بأن الله تعالى قال: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى} [طه: 17]{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى} [طه: 18] .... (طه: الآية 18) ، فقد زاد على قدر الجواب، ومع ذلك جعل مجيبًا لا سيدًا. قلنا كلمة ما مستعمل للسؤال على الذات والسؤال عن الصفات، ولما استعمل