الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمنعت المصير إلى المجاز وإن كان متعارفا وإن حلف لا يشرب من ماء دجلة فشرب منها بإناء حنث، لأنه بعد الاغتراف بقي منسوبا إليه وهو الشرط، فصار كما إذا شرب من ماء نهر يأخذ من دجلة
ومن
قال: إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته طالق، وليس في الكوز ماء
لم يحنث، فإن كان فيه ماء فأهريق قبل الليل لم يحنث، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد
ــ
[البناية]
الجامع ": قال بعضهم: لا يحنث بالكرع عندهما لئلا يكون جمعًا بين الحقيقة والمجاز. وقال بعضهم: يحنث وهو الصحيح لعموم المجاز، وليس هو يجمع بين الحقيقة والمجاز فمنعوا، أي الحقيقة المستعملة م:(فمنعت المصير إلى المجاز وإن كان متعارفًا) ش: هذا إذا لم يكن له نية، فإن نوى الكرع فعندنا لا يحنث بالمجاز ديانة وقضاء، لأنه نوى حقيقة كلامه، وإن نوى العرف فعنده صدق ديانة، لأنه يحتمل ولا يصدق قضاء، لأنه خلاف الحقيقة.
ولو حلف لا يشرب من هذا الجب فإن ملآنًا انصرف إلى الكرع عنده لتصير الحقيقة إن لم يكن ملآنًا انصرف إلى المجاز، لامتناع الحقيقة، كذا نقل الشيخ أبو المعين النسفي في " شرح الجامع " عن الشيخ أبي القاسم الصفار، ولو عنى بقوله: لا يشرب ماء دجلة هل يصح أم لا؟ حتى لا يشرب من نهر يأخذ من دجلة هل يحنث أم لا؟ قال الشيخ أبو المعين: من مشايخنا من قال تصح نيته، لأنه نوى إضمار الماء، وإليه ذهب الشيخ أبو بكر الأعمش. ومنهم من قال: لا تصح نيته، لأن الماء نيته مقتضاة، فلا يظهر في حق قبول النية.
م: (وإن حلف لا يشرب من ماء دجلة فشرب منها بإناء حنث) ش: هذا لفظ القدوري م: (لأنه) ش: أي لأن الماء م: (بعد الاغتراف بقي منسوبًا إليه) ش: أي إلى دجلة م: (وهو الشرط) ش: أي شرط الحنث في الشرب كون الماء منسوبًا، والماء في الإناء منسوب إليها، فكان الشرط قائمًا م:(فصار كما إذا شرب من نهر يأخذ من دجلة) ش: لأن الشرط كون الماء من دجلة.
وفي " الكافي " لو قال لا أشرب من الفرات فشرب من نهر آخر منه لم يحنث إجماعًا، أما عنده فلأن يمينه على الكرع، وأما عندهما فلأن النية إلى الفرات انقطعت فخرج عن عموم المجاز أما لو قال: لا أشرب فشرب من نهر آخر من الفرات حنث، لأن يمينه على ماء منسوب إلى الفرات، والنسبة لا تنقطع بالأنهار الصغار. ولو قال: لا أشرب ماء فراتًا يحنث لكل ما أعذب في أي موضع كان، وبه قال الشافعي؛ لأنه جعله وصفًا للماء، قال الله تعالى:{وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} [المرسلات: 27](المرسلات: الآية 27) ، أي عذبًا.
[قال إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته طالق وليس في الكوز ماء]
م: (ومن قال: إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته طالق، وليس في الكوز ماء لم يحنث) ش: سواء علم بأن فيه ماء أو لم يعلم م: (فإن كان فيه ماء فأهريق) ش: أي فأريق، والهاء فيه زائدة م:(قبل الليل لم يحنث، وهذا) ش: أي عدم الحنث م: (عند أبي حنيفة ومحمد
رحمهما الله - وقال أبو يوسف: حنث في ذلك كله، يعني إذا مضى اليوم، وعلى هذا الخلاف إذا كان اليمين بالله تعالى وأصله أن من شرط انعقاد اليمين وبقائه التصور عندهما خلافًا لأبي يوسف لأن اليمين إنما ينعقد للبر، فلا بد من تصور البر ليمكن إيجابه وله أنه أمكن القول بانعقاده موجبًا للبر على وجه يظهر
ــ
[البناية]
رحمهما الله -) ش: وبه قال الشافعي: في وجه ومالك رحمه الله.
م: (وقال أبو يوسف: حنث في ذلك كله) ش: أي فيما كان فيه الماء وفيما لم يكن م: (يعني إذا مضى اليوم) ش: أشار به إلى أن اليمين إذا كانت مؤقتة باليوم م: (وعلى هذا الخلاف) ش: المذكور بين الثلاثة م: (إذا كان اليمين بالله) ش: بأن قال: والله لأشربن الماء الذي في هذا الكوز اليوم، وليس في الكوز ماء، أو كان فيه ماء فأهريق قبل الليل لم يحنث عندهما، خلافًا لأبي يوسف.
م: (وأصله) ش: أي أصل هذا الخلاف م: (أن من شرط انعقاد اليمين وبقائه التصور عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (خلافًا لأبي يوسف) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله في وجه، وتحقيق هذا أن تصور شرط لإبقاء اليمين المطلقة عن الوقت، وبقاء اليمين العدة بالوقت عندهما، وعند أبي يوسف لا يشترط تصور البر في انقياد اليمين المطلقة، ولا لبقائه في اليمين المقيدة، ويتفرع على هذا الخلاف ما لو حلف لا يشربن ماء الكوز اليوم فصب قبل مضي اليوم. فعندهما لا يبقى يميننه ولا يحنث أبدًا. وعند أبي يوسف يحنث في آخر جزء من أجزاء الوقت، حتى تجب عليه الكفارة إذا مضى اليوم، وعلى هذا: لو قال: إن لم أشرب هذا الماء الذي في هذا الكوز وعنده تبقى ويحنث، مضى اليوم فأمن أنه كذا، فأهريق قبل الليل لم تبق اليمين عندهما، وعنده تبقى ويحنث. وعلى هذا لو قال: لأقتلن فلانًا اليوم فمات فلان قبل مضي الليل لا يبقى اليمين عندههما. وكذا لو قال: لتقتلنه وهو جاهل بموته، وإنما شرط جهله لموته، لأنه لو علم بموته ينعقد اليمين بالإجماع ويحنث في الحال. وكذا لو حلف إن أكل هذا الرغيف فأكل قبل الليل أو قال: لأقضين دينه وفلان قد مات ولا أعلم به لم ينعقد يمينه عندهما، وعنده ينعقد ويحنث في الحال، وكذا لو قال لأقضين فلانًا دينه فأبرأه فلان.
وكذا لو قال لزيد: إن رأيت عمرًا فلم أعلمك فامرأتي طالق ثم رآه مع زيد فسكت ولم يقل شيئًا، أو قال هو عمرو لا يطلق عندهما لفوات الإعلام، فلم يبق اليمين، وعنده يطلق لبقاء اليمين وفوات المعقود عليه.
م: (لأن اليمين إنما ينعقد للبر، فلا بد من تصور البر ليمكن إيجابه) ش: أي إيجاب اليمين م: (وله) ش: أي ولأبي يوسف م: (أنه أمكن القول بانعقاده) ش: حال كونه م: (موجبًا للبر على وجه
في حق الخلف وهو الكفارة. قلنا: لا بد من تصور الأصل لينعقد في حق الخلف، ولهذا لم تنعقد الغموس موجبة الكفارة
ولو كانت اليمين مطلقة ففي الوجه الأول لا يحنث عندهما، وعند أبي يوسف رحمه الله يحنث في الحال، وفي الوجه الثاني يحنث في قولهم جميعًا، فأبو يوسف فرق بين المطلق والمؤقت. ووجه الفرق في التأقيت للتوسعة، فلا يجب الفعل إلا في آخر الوقت، فلا يحنث قبله. وفي المطلق يجب البر كما فرغ، وقد عجز فيحنث في الحال، وهما فرقا بينهما. ووجه الفرق أن في المطلق يجب البر كما فرغ، فإذا
ــ
[البناية]
يظهر في حق الخلف وهو الكفارة) ش: لأن عقد يمينه على فعل في المستقبل، فينعقد. وإن عجز عن تحقيق ما أخبر يظهر في الخلف، لقوله: والله لأمسن السماء م: (قلنا: لا بد من تصور الأصل) ش: أي أصل اليمين م: (لينعقد في حق الخلف) ش: فإذا لم يتصور الأصل لا ينعقد في حق الخلف م: (ولهذا) ش: أي ولأجل تصور الأصل لانعقاده في حق الحلف، وهو الكفارة م:(لم تنعقد الغموس) ش: حال كونها م: (موجبة الكفارة) ش: لأنه لما لم يتصور الأصل لا يظهر في حق الحلف وهو الكفارة.
فإن قلت: البر يتصور في صورة الإراقة، لأن من الجائز أن يعبد الله عز وجل تلك القطرات المهراقة في ذلك الكوز.
قلت: إن البر إنما يجب في هذه الصورة في آخر جزء من أجزاء اليوم يجب أن لا يسع فيه غيره، فلا يمكن القول فيه بإعادة الماء في الكوز، وشربه في ذلك الزمان.
م: ولو كانت اليمين مطلقة) ش: أي عن ذكر الوقت م: (ففي الوجه الأول) ش: يعني إذا لم يكن في الكوز ماء م: (لا يحنث عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (وعند أبي يوسف يحنث في الحال، وفي الوجه الثاني) ش: وهو أن يكون فيه ماء أهريق م: (يحنث في قولهم جميعًا) ش: أي قول الثلاثة م: (فأبو يوسف فرق بين المطلق والمؤقت) ش: أي بين اليمين المطلق عن ذكر المؤقت، وبين اليمين المؤقت بالوقت.
م: (ووجه الفرق) ش: أي وجه فرق أبي يوسف م: (أن التأقيت للتوسعة) ش: على نفسه، حتى يختار الفعل في أي وقت شاء م:(فلا يجب الفعل إلا في آخر الوقت) ش: المقدر فما لم يخص ذلك الوقت لا يتحقق ترك الفعل، لأن الفعل لا يتعين عليه في آخر أجزاء الوقت م:(فلا يحنث قبله) ش: فإذا فات الجزء الآخر فلم يفعل يحنث حينئذ م: (وفي المطلق) ش: عن الوقت م: (يجب البر كما فرغ وقد عجز فيحنث في الحال، وهما) ش: أي أبو حنيفة ومحمد م: (فرقا بينهما) ش: أي بين المطلق والمؤقت.
م: (ووجه الفرق في المطلق يجب البر كما فرغ) ش: لأنه لم يرد التوسعة على نفسه م: (فإذا