الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا كونه لبنا فيتقيد به، ولأن اللبن مأكول فلا ينصرف اليمين إلى ما يتخذ منه، بخلاف ما إذا حلف لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب فكلمه بعدما شاخ، لأن هجران المسلم بمنع الكلام منهي عنه، فلا يعتبر الداعي داعيا في الشرع. ولو حلف لا يأكل لحم هذا الحمل فأكل بعدما صار كبشا حنث، لأن صفة الصغر في هذا ليست بداعية إلى اليمين، فإن الممتنع عينه أكثر امتناعا عن لحم الكبش.
قال: ومن
حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا
لم يحنث، لأنه ليس ببسر. ومن حلف لا يأكل رطبا أو بسرا أو حلف لا يأكل رطبا أو بسرا فأكل مذنبا
ــ
[البناية]
فلذلك لا يحنث في الصورة المذكورة.
م: (وكذا كونه لبنًا) ش: داع إلى اليمين م: (فيتقيد به) ش: أي باللبن حتى لا يحنث بأكل شرازه وقال الشافعي رحمه الله: يحنث وتوقف فيه بعض أصحابه م: (ولأن اللبن مأكول فلا ينصرف اليمين إلى ما يتخذ منه) ش: أي من اللبن مثل زبده وشرازه؛ لأن ما عقد عليه اليمين عنه توكل فلم ينصرف إلى ما يتخذ منه، أي من اللبن م:(بخلاف ما إذا حلف) .
ش: جواب عما يقال فعلى ما ذكرتم إذا حلف م: لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب، فكلمه بعدما شاخ) ش: ينبغي أن لا يحنث، لأن الصبا مظنة الشفقة والشباب شعبة من الجنون، فكانا وصفين داعيين إلى اليمين، وقد زالا عند الشيخوخة، فكان الواجب أن لا يحنث. فأجاب بقوله بخلاف ما إذا حلف أي الحالف لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب فكلمه أي فكلم الصبي أو الشاب بعدما صار شيخًا حنث.
م: (لأن هجران المسلم بمنع الكلام منهي عنه) ش: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منا» وترك الرحمة بالصغير وترك التوقير للكبير من أعظم الهجران م: (فلا يعتبر الداعي) ش: يعني إلى هذا اليمين م: (داعيًا في الشرع) ش: لأن المهجور شرعًا كالمهجور عادة فانعقدت اليمين على الذات وهي موجودة حالة الشيخوخة، فيحنث في يمينه. واعترض على دليل الكتب بأن سلمنا أن هجران المسلم حرام، لكن الحرام يقع محلوفًا عليه كما لو قال: والله ليشربن الخمر خمرًا. وأجيب: بأن الكلام في الحقيقة يجوز أن يترك هجران الشرع فيما إذا كان الكلام محتملًا للمجاز حلالًا من المسلم على الصلاح. وأما أن ينعقد اليمين على الحرام المحض فلا كلام فيه. م: (ولو حلف لا يأكل لحم هذا الحمل) ش: بفتح الحاء المهملة والميم، وهو ولد الضأنية في السنة الأولى، والجمع حملان م:(فأكل بعدما صار كبشًا حنث، لأن صفة الصغر في هذا ليست بداعية إلى اليمين، فإن الممتنع عينه) ش: أي عين الحمل م: (أكثر امتناعًا عن لحم الكبش) ش: فلم يقيد اليمين بلحم الحمل.
[حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ومن حلف لا يأكل بسرًا فأكل رطبًا لم يحنث، لأنه ليس ببسر ومن حلف لا يأكل رطبًا أو بسرًا أو حلف لا يأكل رطبًا أو بسرًا فأكل مذنبًا) ش: بكسر النون، وهو ما
حنث عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا يحنث في الرطب يعني بالبسر المذنب ولا في البسر بالرطب المذنب، لأن الرطب المذنب يسمى رطبا، والبسر المذنب يسمى بسرا، فصار كما إذا كان اليمين على الشراء، وله أن الرطب المذنب ما يكون في ذنبه قليل بسر، والبسر المذنب على عكسه، فيكون أكله أكل البسر والرطب، وكل واحد مقصود في الأكل بخلاف الشراء، لأنه يصادف الجملة فيتبع القليل فيه الكثير.
ــ
[البناية]
يبدأ الإرطاب من قبل ذنبه، وتفسيره البسر المذنب هو الذي عامته بسر وفيه شيء من الرطب من قبل ذنبه م:(حنث عند أبي حنيفة رضي الله عنه) ش: ذكر المصنف أبا حنيفة وحده. وذكر في " الإيضاح " و " المبسوط " و " الأسرار " و " شروح الجامعين " قول محمد مع أبي حنيفة في أنه يحنث. وفي " النهاية " والله أعلم بصحته. وفي " الكافي ": هكذا ذكر في " الهداية " والنسخ المعتبرة تشهد بأنه مع أبي حنيفة، وبه قال الشافعي رحمه الله وأحمد.
م: (وقالا) ش: أبو يوسف ومحمد: وبه قال الإصطخري وأبو علي من أصحاب الشافعي رحمه الله م: (لا يحنث في الرطب، يعني بالبسر المذنب، ولا في البسر بالرطب المذنب) ش: أي ولا يحنث في قوله لا يأكل بسرًا فأكل رطبًا مذنبًا م: (لأن الرطب المذنب يسمى رطبًا، والبسر المذنب يسمى بسرًا، فصار كما إذا كان اليمين على الشراء) ش: يعني لو حلف لا يشتري رطبًا فاشترى بسرًا مذنبًا لا يحنث.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن الرطب المذنب ما يكون في ذنبه قليل بسر، والبسر المذنب على عكسه) ش: وهو ما يكون في ذنبه قليل رطب م: (فيكون أكله) ش: أي أكل كل واحد من الرطب المذنب والبسر المذنب م: (أكل البسر والرطب) ش: فيحنث في الصورتين، وإن كان أحدهما غالبًا والآخر مغلوب. ألا ترى أنه لو ميزه فأكله حنث بالاتفاق، وعلل المصنف بقوله م:(وكل واحد مقصود في الأكل) ش: لأن الأكل فعل حسن، وهو المضغ والابتلاع، وكل جزء مقصود بالأكل، لأنه إنما يأكل شيئًا فشيئًا فتحقق أكل البسر والرطب من الحالف فيحنث م:(بخلاف الشراء) ش: لأن كل جزء غير مقصود بالشراء م: (لأنه) ش: أي لأن اليمين م: (يصادف الجملة) ش: يعني يضاف إلى الجملة م: (فيتبع القليل فيه الكثير) ش: لأن المغلوب يكون تبعًا للغالب.
فإن قلت: يشكل إذا حلف لا يشرب هذا اللبن فصب فيه ماء غلب اللبن لا يحنث ولا شرب المحلوف عليه وزيادة.
قلت: إن اللبن بانصباب الماء فيه يتسع في جميع أجزاء الماء فيصير مشتبهًا ولهذا لا ترى مكانه بخلاف ما نحن فيه لأنه يرى مكانه وكان قائمًا زمان التناول.
فإن قلت: بلى، ولكن الحنث لا يحنث إلا بالمضغ والابتلاع، وعند ذلك يصير مستهلكًا،