الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن الناس تعارفوا إيجاب الحج والعمرة بهذا اللفظ، فصار كما إذا قال علي زيارة البيت ماشيا فيلزمه ماشيا، وإن شاء ركب وأهراق دما وقد ذكرناه في المناسك.
ولو
قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله
تعالى فلا شيء عليه، لأن الحج والعمرة بهذا اللفظ غير متعارف، ولو قال علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا والمروة فلا شيء عليه، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - في قوله علي المشي إلى الحرم حجة أو عمرة. ولو قال إلى المسجد الحرام فهو على هذا الاختلاف
ــ
[البناية]
قلت: هذا رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده ": حدثنا زهير حدثنا أحمد بن عبد الوارث حدثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن أخت عقبة ابن عامر نذرت أن تحج ماشية، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الله عز وجل غني عن نذر أختك لتركب ولتهدي بدنة» ، انتهى. وهذا كما رأيت ما ذكر الحديث كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نسبه إلى أحد من الصحابة، وما ذاك إلا تقصير جدًا وتقليد محض.
م: (ولأن الناس تعارفوا إيجاب الحج والعمرة بهذا اللفظ) ش: أي بقوله علي المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة م: (فصار) ش: أي فصار حكم هذا على الوجوب م: (كما إذا قال على زيارة البيت ماشيًا فيلزمه ماشيًا، وإن شاء ركب وأراق دمًا، وقد ذكرناه في المناسك) ش: أي قبل كتاب النكاح.
فإن قيل: لما كان هذا اللفظ كناية عن الإحرام بالحج أو العمرة كان لفظ الشيء غير منظور إليه ينبغي أن لا يلزم عليه المشي، كما لو نذر أن يضرب بثوبه حطيم الكعبة، حيث لا يلزمه ضرب الثوب، بل يلزمه إهداء الثوب إلى مكة.
قلنا: نعم كذلك، إلا أن الحج ماشيًا أفضل، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من حج ماشيًا فله بكل خطوة حسنة من حسنات الحرم، قيل وما حسنات الحرم، قال: واحد بسبعمائة» فأعير لفظه لإحراز تلك الفضيلة أو الظاهر إلزام القربة بصفة الكمال.
[قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله]
م: (ولو قال: علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله، فلا شيء عليه لأن إلزام الحج والعمرة بهذا اللفظ غير متعارف) ش: ولم يرد النص فوجب العمل بالقياس لما مر أن في القياس لا يلزمه شيء وفيه خلاف الشافعي ومالك - رحمهما الله - وقد ذكرناه عن قريب.
م: (ولو قال: علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا والمروة فلا شيء عليه، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: في قوله علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا، والمروة حجة أو عمرة) ش: وقد مر ذكر هذا أيضًا بما فيه من خلاف الأئمة م: (ولو قال إلى المسجد الحرام، فهو على هذا الاختلاف) ش: أي الاختلاف المذكور بين أبي حنيفة رحمه الله وصاحبيه - رحمهما الله.
لهما أن الحرم شامل على البيت بالاتصال، وكذا المسجد الحرام شامل على البيت فصار ذكره كذكره، بخلاف الصفا والمروة لأنهما منفصلان عنه. وله أن التزام الإحرام بهذه العبارة غير متعارف، ولا يمكن إيجابه باعتبار حقيقة اللفظ، فامتنع أصلا.
ومن قال: عبدي حر إن لم أحج العام، فقال حججت وشهد شاهدان على أنه ضحى العام بالكوفة لم يعتق عبده. وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله. وقال محمد رحمه الله يعتق، لأن هذه شهادة قامت على أمر معلوم، وهو التضحية، ومن ضرورته انتفاء الحج، فيتحقق الشرط. ولهما أنها قامت على النفي، لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية، لأنه لا مطالب لها
ــ
[البناية]
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (أن الحرم شامل على البيت) ش: بالاتصال، وكذا المسجد الحرام شامل على البيت م:(فصار ذكره كذكره) ش: أي صار ذكر كل واحد من الحرم أو المسجد الحرام البيت م: (بخلاف الصفا والمروة، لأنهما منفصلان عنه) ش: أي عن البيت، يعني أنهما ليسا شاملين على البيت، بل هما منفصلان، عنه، فلم يكن ذكرهما كذكره.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أن التزام الإحرام بهذه العبارة غير متعارف) ش: فيعمل بالقياس وعدم الوجوب م: (ولا يمكن إيجابه) ش: أي لا يمكن إلزام إيجاب الإحرام م: (باعتبار حقيقة اللفظ) ش: أي لفظ المشي، لأن اللفظ لم يوضع عليه، والعرف أيضًا منتف، ولما انتفت الدلالة على الإيجاب حقيقة وعرفًا م:(فامتنع) ش: الإيجاب م: (أصلًا) ش: فلا يلزم شيء.
م: (ومن قال: عبدي حر إن لم أحج العام، فقال: حججت وشهد شاهدان أنه ضحى العام بالكوفة لم يعتق عبده، وهذا) ش: أي عدم العتق م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله) ش: ولم يذكر صاحب " المختلف ". قول أبي يوسف رحمه الله مع أبي حنيفة رحمه الله ولا الفقيه أبو الليث رحمه الله في شرح " الجامع الصغير ".
م: (وقال محمد: رحمه الله يعتق لأن هذه) ش: أي لأن شهادة هذين الشاهدين م: (شهادة قامت على أمر معلوم، وهو التضحية، ومن ضرورته) ش: أي ومن ضرورة هذا الأمر المعلوم م: (انتفاء الحج، فيتحقق الشرط) ش: وهو حجة هذا العام.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - م: (أنها) ش: أي أن هذه الشهادة م: (قامت على النفي) ش: فلا تقبل م: (لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية، لأنه لا مطالب لها) ش: من جهة العباد، فلا تدخل تحت القضاء، لأنها إن كانت طوعًا فظاهر، وإن كانت واجبة فالقاضي لا يجبر عليها، فيثبت عدم المطالبة، فلما انتفت الشهادة على المطالبة