الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يثبت نسبه من الأب لظهور ولايته عند فقد الأب؛ وكفر الأب ورقه بمنزلة موته لأنه قاطع الولاية
وإذا كانت
الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما
ثبت نسبه منه لأنه ثبت النسب في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ، لما أن سببه لا يتجزأ وهو العلوق، إذ الولد الواحد لا يتعلق من مائين وصارت أم ولد له؛ لأن الاستيلاد لا يتجزأ عندهما، وعند أبي حنيفة رحمه الله يصير نصيبه أم ولد له ثم يتملك نصيب صاحبه إذ هو قابل للملك ويضمن نصف قيمتها؛ لأنه تملك نصيب صاحبه لما استكمل الاستيلاد ويضمن نصف عقرها، لأنه وطئ جارية مشتركة، إذ الملك يثبت حكما للاستيلاد فيتعقبه الملك في نصيب صاحبه
ــ
[البناية]
الأب حياً ولاية مثل أن يكون عبداً أو كافراً أو مجنوناً فالولاية للجد فيصح دعوته، فإذا عادت ولاية الأب بأن أسلم أو أعتق أو فاق قبل الدعوة لم تقبل دعوة الجد على ذلك.
ولو كان الأب مرتداً لم تصح دعوة الجد عندهما، لأن تصرفات المرتد نافذة عندهما وعند أبي حنيفة رحمه الله موقوفة قال:[إن أسلم الأب لم تصح دعوة....] وإن مات على الردة أو لحق بدار الحرب وحكم بلحاقه تصح. م: (وكفر الأب ورقه بمنزلة موته، لأنه قاطع الولاية) . ش: أي لأن كل واحد من الكفر والرق قاطع للولاية.
[الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما]
م: (وإذا كانت الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما) . ش: سواء ادعى في صحته أو مرضه. م: (ثبت نسبه منه لأنه لما ثبت النسب في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه) . ش: أي أن النسب. م: (لا يتجزأ لما أن سببه لا يتجزأ وهو العلوق، إذ الولد الواحد لا يتعلق من مائين، وصارت أم ولد له لأن الاستيلاد لا يتجزأ عندهما. وعند أبي حنيفة رحمه الله يصير نصيبه أم ولد له، ثم تملك نصيب صاحبه، إذا هو قابل للملك) . ش: لاستحالة أن يخلق الولد من ماء الرجلين وثبوت ما لا يتجزأ كثبوت كله، ويضمن نصف قيمتها، لأنه يملك نصيب صاحبه لما استكمل الاستيلاد، أي في الجارية المذكورة لعدم التجزؤ، فيضمن نصف القيمة ويعتبر قيمة يوم وطئها، فعلقت، وبه صرح الحاكم.
م: (ويضمن نصف عقرها، لأنه وطئ جارية مشتركة، إذ الملك يثبت حكماً) . ش: أي من حيث الحكم. م: (للاستيلاد فيتعقبه الملك في نصيب صاحبه) . ش: إذ هو قابل للملك. قال الأترازي: الضمير المنسوب راجع إلى الوطء لا إلى الاستيلاد، أي سبب الملك عقيب الوطء، وهذا لأن الملك لا يثبت عقيب الاستيلاد بل يثبت معه من وقت العلوق، والعلوق بعد الوطء، فيكون الملك بعد الوطء، فيكون الوطء مضافاً لنصيب شريكه أيضاً. ثم قال الأترازي: وظن بعض الشارحين أن الضمير يرجع إلى الاستيلاد، فقال وهذا على اختيار بعض المشايخ، وأما الأصح من المذهب فالحكم مع علته يفترقان.
قلت: أراد ببعض الشارحين صاحب " النهاية ". وقال الأترازي: وذلك ليس بشيء، لأن
بخلاف الأب إذا استولد جارية ابنه لأن الملك هنالك يثبت شرطا للاستيلاد فيتقدمه فصارا واطئا ملك نفسه، ولا يغرم قيمة ولدها، لأن النسب يثبت مستندا إلى وقت العلوق فلم يتعلق شيء منه على ملك الشريك. فإن ادعياه معا ثبت نسبه منهما، معناه إذا حملت على ملكهما. وقال الشافعي رحمه الله: يرجع إلى قول القافة
ــ
[البناية]
صاحب " النهاية " لم يجز ذلك المذهب بدليل أنه يثبت الملك من زمان الاستيلاد عقيب الاستيلاد ألا ترى أنه قال: ولا يغرم قيمة ولدها، لأن النسب يثبت مستنداً إلى وقت العلوق فلم يبق منه شيء على ملك الشريك، فعلم أن ملك الشريك انتقل إلى صاحب الدعوة من زمان العلوق، وهو زمان الاستيلاد لا بعده. وقال الأكمل: يجوز أن يكون مراده بالتعقيب الذاتي لا الزماني، وحينئذ يكون قادراً على الأصح من المذهب.
م: (بخلاف الأب إذا استولد جارية ابنه) . ش: حيث لا يلزمه العقر. م: (لأن الملك هنالك يثبت شرطاً للاستيلاد) . ش: أي لثبوته. م: (فيتقدمه) . ش: أي فيتقدم ملك الاستيلاد، أي فإن قيل: الملك أثبت صورة الاستيلاد، فيثبت سابقاً على العلوق في حق الاستيلاد لا في حق غيره، لأن ما ثبت بالضرورة يتقدر بقدرها. قلنا: الاستيلاد عبارة. م: (فصار واطئاً ملك نفسه) . ش: وهذه التفرقة بين الشريك والد من حيث إن ملك الشريك في النصف قائم، وفيه العلوق وذلك يكفي للاستيلاد، فيجعل تملك نصيب صاحبه حكماً للاستيلاد، فيكون الوطء واقعاً في غير ملكه، وذلك يوجب الحد، لكنه سقط لشبهة الشركة، فيجب العقر. وأما الأب فلم يكن له ملك في الجارية، وقد استولدها فيجعل ملكها شرطاً للاستيلاد في ملكه حملاً لأمره على الصحاح، فيكون الوطء في ملكه، والوطء في ملكه لا يوجب العقر. م:(ولا يغرم) . ش: أي الشريك للمدعي. م: (قيمة ولدها) . ش: أي ولد الجارية المشتركة. م: (لأن النسب يثبت مستنداً إلى وقت العلوق، فلم يتعلق شيء منه على ملك الشريك) . ش: لأنه لما علق العلق حر الأصل، لأن نصفه المعلق على ملكه، وإنه يمنع ثبوت الرق فيه.. م:(فإن ادعياه معاً) . ش: أي فإن ادعى الشريكان الولد مجتمعين. م: (ثبت نسبه منهما) . ش: أي من الشريكين، هذا لفظ القدوري. وقال المصنف:. م: (معناه) . ش: أي معنى قول القدوري. م: (ثبت نسبه منهما إذا حملت على ملكهما) . ش: فإن ولدت لستة أشهر منذ اشتراها فولدت ولداً، كذا فسره العتابي في شرح " الجامع الصغير "، تفسير الحمل على ملكهما، لأنه إذا لم يكن العلوق في ملكهما، بأن ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء كان دعوى تحرير لا دعوى استيلاد، فيعتق الولد ولا يثبت الاستيلاد، ولأن دعوى الاستيلاد إذا لم يكن العلوق في ملك المدعي وتشهد الحرية فيها إلى وقت العلوق، ودعوى التحرير أن لا يكون العلوق في الملك المدعى تفتقر الحرية فيها إلى وقت الدعوى.
م: (وقال الشافعي: يرجع إلى قول القافة) . ش: بلفظ المبني للمفعول، والقافة بالقاف، والفاء المخففة، جمع القائف، كالحاكة في جمع الحائك، والقائف: هو الذي يعرف الآثار ويتبعها،
لأن إثبات النسب من شخصين معا مع علمنا أن الولد لا يتخلق من مائين متعذر، فعملنا بالشبه، وقد سر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول القائف في أسامة رضي الله عنه، ولنا كتاب عمر رضي الله عنه إلى شريح في هذه الحادثة: لبسا فلبس عليهما ولو بينا لبين لهما، وهو ابنهما يرثهما ويرثانه، وهو للباقي منهما، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم
ــ
[البناية]
ويعرف شبه الرجل في ولده وأخيه، من قاف أثره يقوفه. مقلوب، يقال: يقفوه، أي تبعه، ثم " القافية " مشهورة في بني مدلج بن مرة بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة. وقيل:" القافية " في أسد. وبقول الشافعي قال أحمد، وقال مالك: يعمل به في الإماء دون الحرائر. وبقولنا قال الثوري وإسحاق بن راهويه.
م: (لأن إثبات النسب من شخصين معاً مع علمنا أن الولد لا يتخلق من مائين متعذر، فعملنا بالشبه، وقد سر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول القائف في أسامة بن زيد) . ش: هذا أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن سفيان بن عتبة عن الزهري عن عروة «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مسروراً، فقال: يا عائشة أتدري أن محرزاً المدلجي دخل علي وعندي أسامة بن زيد وزيداً عليهما قطيفة، وقد غطى إياه رؤوسهما فبدت أقدامهما، فقال: هذه أقدام بعضها من بعض» قال أبو داود: وكان أسامة أسود، وكان زيد أبيض، وسمي محرز محرزاً، لأنه كان إذا أمر أحد حلق لحيته وقيل حرز ناصيته، وقال الشافعي: لو كان العمل بالشبه باطلاً لما سر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه عليه السلام لا يسر إلا للحق.
م: (ولنا كتاب عمر رضي الله عنه إلى شريح) . ش: وهو شريح بن الحارث الكوفي، قاضي الكوفة من كبار التابعين، عاش مائة وعشرين سنة، واستقر بها زمان عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - على الكوفة، ولم يزل بعد ذلك قاضياً خمساً وسبعين سنة ولم يتعطل عنها إلا ثلاث سنين؛ امتنع فيها من القضاء في فتنة ابن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، ومات سنة تسع وسبعين، ويقال: سنة ثمانين. م: (في هذه الحادثة) . ش: وهي التي كانت فيها دعوى الشريكين مع الولد الذي ولدته الجارية المشتركة بينهما. م: (لبسا) . ش: أي الشريكان، من لبس الأمر على فلان تلبساً إذا غماه عليه. م:(فلبس عليهما) . ش: أي النسب بينهما م: (ولو بينا لبين لهما، وهو ابنهما يرثهما ويرثانه، وهو للباقي منهما) ش: أي الولد للباقي من الشريكين، يعني إذا مات الولد بعد موت أحدهما يكون الميراث للأب الحي، ولا شيء لورثة الشريك.
م: (وكان ذلك بمحضر من الصحابة " رضي الله عنهم ") . ش: أراد به إرادة في سرير المجمع عليه. وقال الأترازي: تحل محل الإجماع، والحديث رواه البيهقي، أخرجه عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عمرو وجابر وطئا جارية في شهر واحد فجاءت بغلام فارتفعا إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فدعى بثلاثة من القافة فاجتمعوا على أن الشبهة بينهما جمعاً، وكان عمر
وعن علي رضي الله عنه مثل ذلك، ولأنهما استويا في سبب الاستحقاق فيستويان فيه، والنسب وإن كان لا يتجزأ ولكن تتعلق به أحكام متجزئة، فيما يقبل التجزئة يثبت في حقهما على التجزئة، وما لا يقبلها يثبت في حق كل واحد منهما كملا كأن ليس معه غيره، إلا إذا كان أحد الشريكين أبا للآخر، أو كان أحدهما مسلما والآخر ذميا لوجود المرجح في حق المسلم وهو الإسلام، وفي حق الأب وهو ماله من الحق في نصيب الابن
ــ
[البناية]
قائفاً يقول، وقال: قد كانت الكلبة تنزو عليها الأسود والأصفر والأغبر، فيؤدي إلى كل كلب شبهه، ولم أكن أرى هذا في الناس حتى رأيت هذا، فجعله عمر لهما يرثهما ويرثانه، وهو الباقي منهما. وقال البيهقي: هذا منقطع ومبارك بن فضالة ليس بحجة.
م: (وعن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مثل ذلك) . ش: أي مثل لما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وأخرجه الطحاوي في " شرح الآثار " عن سماك عن مولى لابن مخزوم قال: وقع رجلان على جارية في طهر واحد، فعلقت الجارية، فلم يدر من إليهما هو فقافيا علياً - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فقال: هو لكما يرثكما وترثانه، وهو الباقي منكما. م:(ولأنهما) . ش: أي الشريكان. م: (استويا في سبب الاستحقاق) . ش: أراد السبب، لأن الاستحقاق يثبت لا بالملك كان ثابتاً من قبل فلو لم تكن الدعوى ما كان يستحق بمجرد الملك انتهى.
قلت: رواه الكاكي، فإنه قال سبب استحقاق الملك. وقال الأكمل: استحقاق الملك وقيل الدعوى. م: (فيستويان فيه) . ش: أي في الاستحقاق.
م: (والنسب وإن كان لا يتجزأ) . ش: جواب عن قول الشافعي رحمه الله لأن إثبات النسب إلى آخره، وتقريره أن النسب وإن كان لا يتجزأ. م:(ولكن تتعلق به أحكام متجزئة) . ش: كالنفقة وميراث الولد وولاية التصرف في ماله. م: (فيما يقبل التجزئة يثبت في حقهما على التجزئة ما لا يقبلها) . ش: أي التجزئة. م: (يثبت) . ش: وولاية الإنكاح. م: (في حق كل واحد منهما كملاً كأن ليس معه غيره) . ش: لعدم قبول التجزئة.
م: (إلا إذا كان أحد الشريكين أباً للآخر) . ش: هذا استثناء من قوله - وما لا يقبلها - أي ما لا يقبل التجزئة كالنسب في حق كل واحد منهما إلا إذا كان أحد الشريكين أباً للآخر فادعيا معاً ولد جارية بينهما يكون الأب أولى لوجود الترجيح، وعلى الأب نصف قيمة الجارية، وعلى كل واحد نصف العقر، فيتقاصان.
م: (أو كان أحدهما مسلماً والآخر ذمياً) . ش: فادعياه معاً، فالمسلم أولى. م:(لوجود المرجح في حق المسلم، وهو الإسلام، وفي حق الأب) . ش: أي وجود المرجح في حق الأب. م: (وهو ما له من الحق في نصيب الابن) . ش: لأن للأب حقيقة الملك في نصيبه وشبهة الملك في نصيب ابنه، وإذا أسلم المدعي ثم ولدت الأمة فادعياه معاً ثبت نسبه منهما لاستواء حالهما، وإذا كانت الدعوى