الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي يوسف رحمه الله أنه على قدر عظم الجرم وصغره، وعنه أنه يقرب كل نوع من بابه فيقرب اللمس والقبلة من حد الزنا والقذف بغير الزنا من حد القذف.
قال: وإن رأى الإمام أن يضم إلى الضرب في التعزير الحبس فعل؛ لأنه صلح تعزيرا، وقد ورد الشرع به في الجملة، حتى جاز أن يكتفى به، فجاز أن يضم إليه
ــ
[البناية]
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله أنه) ش: أي روي عن أبي يوسف رحمه الله أن التعزير م: (على قدر عظم الجرم وصغره) ش: هذه رواية أبي سليمان بإملائه، ذكره الناطفي في كتاب " الأجناس ". قال أبو يوسف رحمه الله التعزير على قدر عظم الجرم وصغره، وعلى قدر ما يرى الحاكم في ذلك، وعلى قدر احتمال المضروب، لضعف بدنه يتحرى في ذلك.
وقال في " نوادر ابن رستم " عن محمد رحمه الله في الرجل شتم الناس إن كان له مروءة وعظ، وإن كان دون ذلك حبس، وإن كان ساما ضرب وحبس. قال: والمروءة عندي في الدين والصلاح. قال في " خلاصة الفتاوى ": سمعته من ثقة أن التعزير بأخذ المال إن رأى القاضي أو الوالي جاز، ومن جملة ذلك رجل لا يحضر الجماعة يجوز تعزيره بأخذ المال، إلى هنا لفظ " الخلاصة ".
م: (وعنه) ش: أي وعن أبي يوسف رحمه الله م: (أنه يقرب كل نوع من بابه) ش: أي يقرب كل نوع من باب الجرم في باب التعزير، ويوضح ذلك بقوله م:(فيقرب اللمس والقبلة من حد الزنا) ش: يعني يعزر في اللمس الحرام والقبلة الحرام أكثر جلدات التعزير م: (والقذف بغير الزنا) ش: أي يقرب القذف بغير الزنا، لقوله يا كافر، ويا خبيث م:(من حد القذف) ش: فيضرب أقل جلدات التعزير.
وفي " شرح الأقطع ": لو شهدوا عند الإمام على أحد أنه قبل أجنبية أو لها رومي، أي شجاع عن أبي يوسف رحمه الله أنه على قدر ما يراه الإمام في كل نوع فانقذف بغير الزنا يقرب من حد القذف أو شرب الخمر من شرب الخمر والوطء فيما دون الفرج يقرب من حد الزنا يعتبر كل شيء بموجده.
[التعزير يخضع لاجتهاد الإمام]
م: (وإذا رأى الإمام أن يضم إلى الضرب في التعزير الحبس فعل؛ لأنه) ش: أي الحبس م: (صلح تعزيرا، وقد ورد الشرع به في الجملة) ش: أي الحبس. وروى الترمذي رحمه الله حدثنا علي بن سعيد الكندي وقال حدثنا ابن المبارك عن معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده «أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة ثم خلى عنه» م: (حتى جاز أن يكتفى به) ش: أي الحبس م: (فجاز أن يضم إليه) ش: أي يضم الحبس إلى الضرب.
ولهذا لم يشرع في التعزير بالتهمة قبل ثبوته، كما شرع في الحد؛ لأنه من التعزير.
قال: وأشد الضرب التعزير؛ لأنه جرى التخفيف فيه من حيث العدد فلا يخفف من حيث الوصف، كيلا يؤدي إلى فوات المقصود، ولهذا لم يخفف من حيث التفريق على الأعضاء. قال: ثم حد الزنا لأنه ثابت بالكتاب
ــ
[البناية]
م: (ولهذا) ش: الإيضاح أن الحبس يصلح للتعزير فيما يجب فيه التعزير م: (لم يشرع) ش: أي الحبس م: (في التعزير بالتهمة) ش: أي بسبب التهمة م: (قبل ثبوته) ش: بأن شهد شاهدان مستوران على أنه قذف محصنا، فقال: يا فاسق أو يا كافر فلا يحسب التهم قبل تعزير الشهود م: (كما شرع) ش: أي الحبس م: (في الحد) ش: بسبب التهمة؛ لأن في باب الحد شيئا آخر فوق الحبس، وهو إقامة الحد عند وجود موجبه، فيجوز أن يحبس في تهمة لتناسب إقامة العقوبة الأدنى بمقابلة الذنب الأدنى. وفي باب الأموال والتعزير لا يحبس بالتهمة لأن الأقصى فيها عقوبة الحبس، فلو حبست بالتهمة فيهما لكان إقامة التوبة الأعلى مقابلة الذنب الأدنى، وهو مما يأباه الشرع م:(لأنه) ش: أي لأن الحبس م: (من التعزير) ش: والتعزير لم يشرع بالتهمة لما ذكرنا.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وأشد الضرب التعزير؛ لأنه جرى التخفيف فيه من حيث العدد، فلا يخفف من حيث الوصف كيلا يؤدي إلى فوات المقصود) ش: هو الزجر. واختلف المشايخ في شدته، قال في " شرح الطحاوي ": وقال بعضهم وهو المجمع في عضو لجمع الأسواط في عضو واحد، ولا يفرق على الأعضاء بخلاف سير الحد.
وقال بعضهم: لا بل شدته في الضرب لا في الجمع. وقال أحمد رحمه الله أشد الضرب ضرب الزاني، ثم حد القذف ثم التعزير. وقال مالك رحمه الله كلها سواء. وقال الحاكم رحمه الله: في " الكافي " وضرب التعزير أشد من ضرب الزنا، وضرب الزاني أشد من ضرب الشارب، وضرب الشارب أشد من ضرب القاذف، وضرب القاذف أحق من جميع ذلك، ويجوز في سائره، إلا أن في حد القذف فإنه يضرب وعليه ثيابه.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون التخفيف في التعزير من حيث العدد دون الوصف م: (لم يخفف من حيث التفريق على الأعضاء، قال) ش: لأنه جرى النقصان من حيث العدد، فلو جرى التخفيف من حيث التفريق لفات المقصود، وهو الزجر. وذكر في " المبسوط ": ولهذا يجرد ويعزر في إزار واحد. وعند الأئمة الثلاثة حكم ضرب التعزير حكم ضرب الزنا، وذكر في " المحيط " أن محمدا رحمه الله ذكر في حدود الأصل أن التعزير يفرق على الأعضاء، ولا يضرب العضو الذي لا يضرب في الزنا. وذكر في أشربة الأصل يضرب التعزير في موضع واحد.
م: (ثم حد الزنا) ش: أي أشد من ضرب الشارب م: (لأنه ثابت بالكتاب) ش: والسنة، وسببه وهو الزنا من أعظم الذنوب، ولهذا شرع فيه أعظم العقوبات، وهو الرجم.