الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو قال: عنيت أن لا أتكلم به لم يدين في القضاء خاصة، وسنشير إلى المعنى في الفرق إن شاء الله تعالى. ولو
حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل
يحنث في يمينه؛ لأن المالك له ولاية ضرب عبده وذبح شاته فيملك تولية غيره، ثم منفعته راجعة إلى الآمر، فيجعل هو مباشرا إذ لا حقوق له يرجع إلى المأمور، ولو قال: عنيت أن لا أتولى ذلك بنفسي دين في القضاء، بخلاف ما تقدم من الطلاق وغيره. ووجه الفرق أن الطلاق ليس إلا تكلم بكلام يفضي إلى وقوع الطلاق عليها، والآمر بذلك مثل التكلم به، واللفظ ينتظمهما فإذا نوى التكلم به فقد نوى الخصوص في العام فيدين ديانة لا قضاء.
ــ
[البناية]
المهر في التزوج ووقوع الطلاق ووقوع العتاق.
[حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل]
م: (ولو قال: عنيت أن لا أتكلم به) ش: أي بلفظ التزوج والتطليق والإعتاق م: (لم يدن) ش: أي لم يصدق م: (في القضاء) ش: لأنه خلاف الظاهر، وقيد بقوله م:(خاصة) ش: لأنه يصدق ديانة، لأنه نوى شيئًا يحتمله لفظه، فصحت النية والله يعلم الباطن. م:(وسنشير إلى المعنى في الفرق إن شاء الله تعالى) ش: أراد به قوله في المتن، ووجه الفرق كأن الطلاق ليس تكلم إلا بكلام يفضي إلى وقوع الطلاق عليها إلى آخر ما قال.
م: (ولو حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل يحنث في يمينه) ش: وبه قال مالك وأحمد وعند الشافعي لا يحنث م: (لأن المالك له ولاية ضرب عبده وذبح شاته فيملك تولية غيره، ثم منفعته راجعة إلى الآمر فيجعل هو مباشرًا، إذ لا حقوق له يرجع إلى المأمور) ش: توضيحه أن الفعل ينبت إلى الآمر ليس فيه حقوق لا تتعلق بالمأمور ومنفعته تعود إلى الآمر، لأن العبد يكون مؤتمرًا سفيرًا بأمر الموالي، فكان فعل المأمور كفعل الآمر.
م: (ولو قال) ش: أي الحالف المذكور م: (عنيت أن لا أتولى ذلك بنفسي) ش: أي قصدت أن لا أتولى ضرب العبد أو ذبح الشاة بنفسي م: (دين في القضاء) ش: قال الأترازي رحمه الله: صدق قضاء وديانة م: (بخلاف ما تقدم من الطلاق وغيره) ش: مثل النكاح والعتاق.
ثم أشار إلى الفرق بين الصورتين بقوله م: (ووجه الفرق) ش: وهذا هو الفرق الذي ذكر قبل هذا، وبيان وجهه م:(أن الطلاق ليس إلا تكلم بكلام يفضي إلى وقوع الطلاق عليها، والآمر بذلك) ش: أي بالطلاق والعتاق والنكاح م: (مثل التكلم به، واللفظ ينتظمهما) ش: أي ينتظم التكلم بذلك والآمر بذلك، لأن المأمور كالرسول، ولسان الرسول كلسان المرسل بالإجماع، فيكون التطليق بلسانه كالتطليق بنفسه.
فيكون ما سماه خلاف الظاهر، وهو متهم فيه، فلا يصدق قضاء، وهو معنى قوله م:(فإذا نوى التكلم به فقد نوى الخصوص في العام فيدين ديانة) ش: أي يصدق فيما بينه وبين الله تعالى م: (لا قضاء) ش: أي لا يصدق في القضاء، لأنه خلاف الظاهر كما ذكره.
أما الذبح والضرب ففعل حسي يعرف بأثره، وبالنسبة إلى الآمر بالتسبيب مجازا فإذا نوى الفعل بنفسه فقد نوى الحقيقة فيصدق ديانة وقضاء، ومن حلف لا يضرب ولده فأمر إنسانا فضربه لم يحنث في يمينه؛ لأن منفعة ضرب الولد عائدة إليه وهو التأدب والتثقف فلم ينسب فعله إلى الآمر بخلاف الأمر بضرب العبد، لأن منفعة الائتمار بأمره عائدة إلى الآمر، فيضاف الفعل إليه.
ومن قال لغيره: إن بعت لك هذا الثوب فامرأته طالق فلبس المحلوف عليه ثوبه في ثياب الحالف فباعه ولم يعلم لم يحنث، لأن حرف اللام دخل على البيع فيقتضي اختصاصه به، وذلك بأن يفعله بأمره إذ البيع يجري فيه النيابة ولم يوجد
ــ
[البناية]
م: (وأما الضرب) ش: أي ضرب العبد م: (والذبح) ش: أي ذبح الشاة م: (ففعل حسي يعرف بأثره) ش: ولا يحتاج فيه إلى الآمر، حتى يكون ضربًا أو ذبحًا م:(والنسبة إلى الآمر) ش: أي نسبة الفعل إلى الآمر م: (بالتسبيب) ش: أي سبيل التسبيب م: (مجازًا، فإذا نوى الفعل بنفسه فقد نوى الحقيقة، فيصدق، ديانة وقضاء) ش: وإن كان في ذلك تخفيف له. وقيل ذكر القضاء في مسألة الضرب رواية في الطلاق، لأنه في الموضعين إذا نوى المباشرة فقد نوى حقيقة كلامه فيصدق قضاء في الفصلين. و [به] قال الشافعي رحمه الله.
م: (ومن حلف لا يضرب ولده فأمر إنسانًا فضربه، لم يحنث في يمينه، لأن منفعة ضرب الولد عائدة إليه) ش: أي إلى الولد م: (وهي) ش: أي المنفعة المذكورة م: (التأدب والتثقف) ش: يقال ثقفت الرمح فتثقف، أي سويته فاستوى.
حاصله أن يتأدب ويسلك الطرائق الحميدة، ويختار السير الصالحة ويتجنب الأفعال المستقبحة ويترك البزى والشهوة، فذلك منفعة خالصة للولد، وإن كان فيه منفعة للوالد أيضًا هاهنا فلم يجعل ضرب المأمور كضرب الآمر م:(فلم ينسب فعله إلى الآمر. بخلاف الآمر بضرب العبد لأن منفعة الائتمار) ش: أي الانقياد بأوامره والإطاعة للمولى عائدة إلى الآمر م: (بأمره فيضاف الفعل إليه) ش: أي إلى الآمر، أي لأن ضرب المأمور كضرب المولى فيحنث بضرب المأمور.
م: (ومن قال لغيره: إن بعت لك هذا الثوب فامرأته طالق، فلبس المحلوف عليه ثوبه) ش: أي أخفاه م: (في ثياب الحالف فباعه) ش: أي الحالف والحالف أنه لم يدر م: (ولم يعلم لم يحنث، لأن حرف اللام دخل على البيع فيقتضي اختصاصه به) ش: أي يقتضي اختصاص الفعل بالمحلوف عليه م: (وذلك بأن يفعله بأمره) ش: سواء كان العين مالكية أو لا م: (إذ البيع يجري فيه النيابة ولم يوجد) ش: أي الآمر، فلا يحنث، لأن تقدير الكلام إن بعت ثوبًا يومًا بوكالتك أو بأمرك ولم يوجد.
والأصل في معرفة ذلك أن يعرف أن اللام قد تكون للتمليك نحو المال لزيد، وقد تكون للتعليل نحو فعلت هذا لمرضاتك، أي لأجل ابتغاء مرضاتك، فلا يصرف لأحدهما إلا بوجود المرجح أو لتعذر صرفه إلى الآخر.