الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ومن
ملك ذا رحم محرم منه
عتق عليه وهذا اللفظ مروي عن النبي عليه السلام، وقال عليه السلام:«من ملك ذا رحم منه فهو حر»
ــ
[البناية]
[فصل في الإعتاق الغير اختياري]
م: (فصل في الإعتاق الغير اختياري) ش: أي هذا فصل، لما فرغ من بيان الإعتاق الاختياري شرع في بيان الإعتاق الذي يحصل من غير اختيار كما في شراء القريب وخروج عبد الحر إلينا مسلماً، وولد أم الولد من مولاها.
[ملك ذا رحم محرم منه]
م: (ومن ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه) . ش: وبه قال أحمد، وسواء كان المالك صغيراً أو كبيراً صحيح العقل أو مجنوناً. ويروى ذلك عن عمر وابن مسعود وجابر بن عبد الله وعطاء والشعبي والزهري وحماد والحكم والثوري وابن شبرمة وأبي سلمة والحسن بن حيي والليث وعبد الله بن وهب وإسحاق، وهو قول الظاهرية. قال مالك: يعتق في قرابة الولاد والأخوات لا غير، كذا قال الكاكي.
وقال الأترازي: وقال مالك وأصحاب الظاهر لم يعتقوا إلا بإعتاق المالك. قلت: فيه نظر من وجهين، أحدهما: ذكر أصحاب الظاهر مع مالك، وقد ذكرنا أنهم مع الجماعة المذكورين.
والثاني: أن هذا النقل عن مالك خلاف ما وقع في " المدونة " لمالك حيث قال فيها قال مالك ولا يعتق على الرجل من أقاربه إذا ملكه إلا الولد، ذكرهم وأنثاهم، وولد الولد وإن سفلوا وأبواه وأجداده وجداته من قبل الأب والأم وإن بعدوا، وإخوته لأبوين أو لأب أو لأم وهم أهل الفرائض في كتاب الله تعالى ولا يعتق غير هؤلاء من ذوي أرحام انتهى. وقال الأوزاعي: يعتق كل ذي رحم محرم منه كان أو غير محرم، وأعتق ابن العم وابن الخال ويستسعيهما.
م: (وهذا اللفظ) . ش: يعني قوله من ملك ذا رحم محرم عتق عليه. م: (مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال عليه السلام: «من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر» ش: هذا الحديث باللفظ الأول أخرجه النسائي في " سننه " عن حمزة بن ربيعة عن سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ملك ذا رحم محرم عتق عليه» باللفظ الثاني. أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر» . وأخرجه الحاكم في " المستدرك " من طريق أحمد بن حنبل عن حماد بن سلمة عن عاصم الأحول عن قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعاً وسكت عنه. ثم أخرجه عن سمرة بن ربيعة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعًا: «من ملك ذا رحم محرم فهو حر» وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، والمحفوظ عن سمرة بن جندب، انتهى.
واللفظ بعمومه ينتظم كل قرابة مؤبدة بالمحرمية ولادا كان أو غيره، والشافعي رحمه الله يخالفنا في غيره. له أن ثبوت العتق من غير مرضاة المالك ينفيه القياس أو لا يقتضيه، والأخوة وما يضاهيها نازلة عن قرابة الولاد فامتنع الإلحاق والاستدلال، ولهذا امتنع التكاتب على المكاتب في غير الولاد ولم يمتنع فيه ولنا ما روينا، ولأنه ملك قريبه قرابة مؤثرة في المحرمية فيعتق عليه.
ــ
[البناية]
والكلام في هذين الحديثين كثير طوينا ذكره خوفاً من السآمة.
م: (واللفظ) . ش: أي لفظ الحديث. م: (بعمومه ينتظم كل قرابة مؤبدة بالمحرمية) . ش: أي مؤكدة وهو بالباء آخر الحروف من التأبيد. م: (ولاداً كان أو غيره) . ش: أي غير الولاد بكسر الواو. وقد قال الأترازي وغيره: منصوب على البدل من قوله كل قرابة.
قلت: بل هو منصوب بكان المقدرة، تقديره أو كانت غير الولاد وولاد منصوب بكان الظاهرة، غير أنه تقدم عليه، وتفسيره كل من لا يجوز نكاحه على التأبيد والإجلاء النسب، سواء كانت القرابة قريبة كقرابة الولاد، أو متوسطة كالأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة بخلاف ما إذا كانت لعبيده كبني الأعمام، فإن الحديث لا يتناولهما لعدم المحرمية.
م: (والشافعي يخالفنا في غيره) . ش: أي في غير الولاد، وقرابة الولاد هي القرابة بين الولد والوالدين. ومذهب الشافعي أنه لا يعتق في غير قرابة الولاد. وقال أبو محمد: لا نعلم قول الشافعي عن أحد قبله، وليس له فيها أنيس. م:(له) . ش: أي للشافعي. م: (أن ثبوت الملك من غير مرضاة المالك) . ش: أي بغير رضاه، وهو مصدر ميمي. م:(ينفيه القياس أو لا يقتضيه) . ش: قال تاج الشريعة: وفي قوله بنفيه القياس تعرض لنفي القياس إياه. وفي الثاني لا يعترض لا بالنفي ولا بالإثبات. م: (والأخوة وما يضاهيها) . ش: أي وما يشابهها من قرابة العمومة والخؤولة. م: (نازلة عن قرابة الولاد) . ش: أي أدنى درجة من قرابة الولاد. م: (فامتنع الإلحاق) . ش: أي إلحاق قرابة الأخوة بقرابة الولاد لعدم المساواة أو الاستدلال. م: (أو امتنع) . ش: الاستدلال، أي بدلالة النص، إلا إذا كان الملحق به من وجه، وهاهنا ليس كذلك.
م: (ولهذا امتنع التكاتب على المكاتب في غير الولاد، ولم يمتنع فيه) . ش: أي في الولاد، يعني إذا ملك المكاتب أباه أو ابنه فهو مكاتب، بخلاف الأخ، فإنه لا يتكاتب.
م: (ولنا ما روينا) . ش: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «من ملك ذا رحم محرم عتق عليه» م: (ولأنه ملك قريبه قرابة مؤثرة في المحرمية فيعتق عليه) . ش: لأن الشارع اعتبر محرمية هي صفة للرحم، والرحم عبارة عن القرابة، والمحرم عبارة عن حرمة التناكح، فالمحرم والرحم نحو إن ملك زوجة ابنه أو بنت عمه وهي أخته رضاعاً لا يعتق، لأن المحرمية ما ثبتت بالقرابة بل بالمصاهرة أو بالرضاع، ولا بد أن تكون المحرمية مؤثرة، لأن الشارع اعتبر محرمية هي صفة للرحم كما ذكرناه، وكذا الرحم بلا محرم لا يعتق كبني الأعمام والأخوال، لأن القرابة بعدت، فلا تؤثر في حرمة التناكح، فلم
وهذا هو المؤثر في الأصل، والولاد ملغى لأنها هي التي يفترض وصلها ويحرم قطعها حتى وجبت النفقة وحرم النكاح، ولا فرق بينهما إذا كان المالك مسلما أو كافرا في دار الإسلام لعموم العلة، والمكاتب إذا اشترى أخاه ومن يجري مجراه لا يتكاتب عليه، لأنه ليس له ملك تام يقدره على الإعتاق والاقتراض عند القدرة
ــ
[البناية]
تعتق بالملك.. م: (وهذا هو المؤثر في الأصل) . ش: أي ملك القريب هو المؤثر في إيجاب العتق في الأصل، يعني في قرابة الولاد. م:(والولاد ملغي لأنها) . ش: تعليل بوصف غير مقعر فكان اشتغالاً بما لا يفيد، لأنه تعليل بعلة قاصرة، لأنها أي لأن القرابة المؤبدة في المحرمية. م:(هي التي يفترض وصلها ويحرم قطعها حتى وجبت النفقة) . ش: لا يقال هذا مذهبكم لأنه لا نفقة في غير الولد على مذهب الشافعي، فكيف استدل بوجوب النفقة، لأنا نقول وجوب النفقة ثبت بقوله عز وجل:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] فصار كأنه ثبت إجماعاً، فلا يلتفت إلى إنكار الخصم. م:(وحرم النكاح) . ش: وحرمة النكاح بالإجماع.
وقال الأكمل: ولنا بحث هاهنا، لكنه وهو قولهم هذه قرابة صبت على أدنى الذلين، وهو ذل النكاح فلأن يصان عن كلاهما أولى، فإن ادعي أن ذل النكاح أعلى فلك مكابرة تستدعي تفضيل الإماء على الحرائر وهو باطل قطعاً وإجماعاً على أن الرضاع يرفع ذل النكاح دون الرق بما يحسم مادة هذه المكابرة، فإن رافع الأعلى دفع الأدنى لا محالة.. م:(ولا فرق بينهما إذا كان المالك مسلماً أو كافراً في دار الإسلام لعموم العلة) . ش: وهي صلة الرحم، وكذا الفرق إذا كان المملوك مسلماً أو كافراً، وقيد بقوله في دار الإسلام لأن الحربي إذا ملك قريبه لا يعتق عليه، وبه صرح في فتاوى الولوالجي نص الحاكم في " الكافي " أن عتق الحربي في دار الحرب باطل، وكذا تدبيره لم يذكر الخلاف، فإن في المختلف الحربي إذا أعتق عبده الحربي في دار الحرب وخلاه، عتق عند أبي يوسف وولاؤه له. وقالا: لا ولاء له، لأنه عتق بالتخلية لا بالإعتاق كالراغم، ثم قال: المسلم إذا دخل دار الحرب فاشترى عبداً حربياً فأعتقه ثمة القياس أن لا يعتق بدون التخلية، لأنه في دار الحرب ولا يجري عليه أحكام الإسلام. وفي الاستحسان يعتق تخلية، لأنه لم ينقطع عنه أحكام المسلمين ولا ولاء له عندهما، وهو القياس. وقال أبو يوسف: له الولاء، وهو الاستحسان. وذكر قول محمد مع أبي يوسف في " كتاب السير ".. م:(والمكاتب إذا اشترى أخاه) . ش: هذا هو جواب عن قوله، ولهذا امتنع التكاتب على المكاتب في غير الولاد، وتقديره لا نسلم أنه لا يكاتب عليه، بل قد روي عن أبي حنيفة أنه مكاتب على الأخ أيضاً، فالجواب بطريق التسليم ما قاله المصنف بقوله، لأنه ليس له ملك قام بقدره على ما يجيء الآن. م:(أو من يجري مجراه) ش: أي أو اشتري من يجري مجرى الأخ كالعم والخال م: (لا يتكاتب عليه لأنه ليس له ملك تام يقدره) . ش: من الإقرار. م: (على الإعتاق) . ش: لأنه عبد ما بقي عليه درهم. م: (والاقتراض عند القدرة) . ش: وهي عبارة عن صفة يتمكن بها الحر من فعل وقول بخلاف الولاد، هذا جواب عما
بخلاف الولاد، لأن العتق فيه من مقاصد الكتابة فامتنع بيع المعتق تحقيقا لمقصود العقد. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يكاتب على الأخ أيضا وهو قولهما، قلنا أن نمنع وهذا بخلاف ما إذا ملك ابنة عمه وهي أخته من الرضاع، لأن المحرمية ما ثبتت بالقرابة والصبي جعل أهلا لهذا العتق، وكذا المجنون حتى عتق القريب عليهما عند الملك، لأنه تعلق به حق العبد، فشابه النفقة. ومن أعتق عبدا لوجه الله تعالى أو للشيطان أو للصنم عتق لوجود ركن الإعتاق من أهله في محله، ووصف القربة في اللفظ الأول زيادة، فلا يختل العتق بعدمه في اللفظين الأخيرين.
ــ
[البناية]
يقال لو كان كذلك لما عتق عليه قرابة الولاد.
أجاب بقوله. م: (بخلاف الولاد، لأن العتق فيه من مقاصد الكتابة) . ش: لأن عتق نفسه لما كان مقصوداً بالكتابة لكونه يتغير بالرق، فكذلك رق الوالد الولد، فإذا كان العتق من عقد مقاصد الكتابة. م:(فامتنع بيع المعتق تحقيقاً لمقصود العقد) . ش: لأن المقصود العقد، أما حرمة الأخ فليست من الكتابة لعدم لحوق العار برقة لحوقه برق أبيه أو ابنه.
م: (وعن أبي حنيفة أنه يكاتب على الأخ أيضاً، وهو قولهما) . ش: أي قول أبي يوسف ومحمد، وسيجيء بيان هذا مستوفى في كتاب المكاتب إن شاء الله تعالى. م:(قلنا: إنه يمنع، وهذا الخلاف ما إذا ملك ابنة عمه وهي أخته من الرضاع) . ش: هذا جواب نقض إجمالي، أي لا يعتق عليه تقديره هو قوله. م:(لأن المحرمية ما ثبتت بالقرابة) . ش: يعني أراد بالمحرمية محرمية أثرت فيها القرابة، وهذه ليست كذلك، لأن الرضاع هو المؤثر والمحرمية من الرضاع ليست بمرادة من الحديث بالإجماع، لأنه لا قابل بعتقها أصلاً.. م:(والصبي جعل أهلاً لهذا العتق) . ش: أي عتق ذوي الرحم المحرم. م: (وكذا المجنون) . ش: أي كذا المجنون أهل لهذا العتق. م: (حتى عتق القريب عليهما عند الملك) . ش: أي عند ملكهما إياه، بأن دخل قريبتها في ملكهما بغير صنع منهما كالإرث والهبة عتق عليهما. م:(لأنه تعلق به) . ش: أي بهذا العتق. م: (حق العبد) . ش: وهو العلة، وقد وجدت. م:(فشابه النفقة) . ش: وهي تجب عليهما بالقرب، فكذا يعتق قريبهما المحرم بالملك. وقال في " المبسوط " العلة تمت في حقه، وهو الملك مع القرابة، فإن الصغير يملك حقيقة، ولهذا يحرم عليه أخذ الصدقة.. م:(ومن أعتق عبداً لوجه الله تعالى أو للشيطان أو للصنم عتق) . ش: وعند الظاهرية لا يعتق في الأخرين. م: (لوجود ركن الإعتاق) . ش: وهو لفظ الإعتاق. م: (ومن الأهل) . ش: وهو العاقل البالغ المالك. م: (في محله) . ش: وهو العبد المملوك المعتق، وأراد بوجه الله رضا الله تعالى مجازاً وهو يجيء في اللغة على معان وجه الإنسان وغيره معروف، ووجه النهار أوله، ووجه الكلام السبيل الذي يقصده به. ووجوه الناس سادتهم، وصرفت الشيء من وجه، أي عن سببه ووصفه. م:(ووصف القربة في اللفظ الأول) . ش: وهو قوله لوجه الله. م: (زيادة) . ش: للتأكيد وذكر الله ليس بشرط. م: (فلا يختل العتق بعدمه) . ش: أي بعدم ذكر الله تعالى. م: (في اللفظين