الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما روي أن عمر رضي الله عنه أقام الحد على أعرابي سكر من النبيذ، وسنبين الكلام في حد السكر ومقدار حده المستحق عليه إن شاء الله تعالى،
ولا حد على
من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها
؛ لأن الرائحة محتملة
ــ
[البناية]
دون السكر.
وعند محمد والشافعي - رحمهما الله لا يحل وما يتخذ من التمر ثلاثة السكر والنضيخ والنبيذ، فالنبيذ هو ماء التمر إذا طبخ أدنى طبخة يحل شربه في قولهم ما دام حلوا وإذا غلا واشتد وقذف بالزبد، عن أبي حنيفة وأبي يوسف يحل شربه للتداوي والتقوي إلا المعدي السكر. وقال محمد والشافعي - رحمهما الله لا يحل. وإنما قال: ومن سكر من النبيذ قيد بالسكر فيه؛ لأنه شرط بخلاف الخمر.
فإنه يجب بشرب قطرة منها بدون السكر بالإجماع، والحد في غير الخمر لا يجب إلا بالسكر، وبه قال النخعي وأبو وائل.
وقال مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي والحسن وقتادة وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم يحل في قليله وكثيره كالخمر والسكر ليس بشرب إذا كان هو المسكر.
م: (لما روي أن عمر رضي الله عنه أقام الحد على أعرابي سكر من النبيذ) ش: هذا أخرجه الدارقطني في " سننه " عن سعيد بن ذي لعوة أن أعرابيا شرب من إداوة عمر رضي الله عنه نبيذا فسكر فضربه عمر الحد، قال الدارقطني: هذا لا يثبت، ورواه العقيلي في كتابه وزاد فيه: فقال الأعرابي: إنما شربته من إداوتك، فقال عمر: إنما جلدناك على السكر، وأعله بسعيد بن ذي لعوة وهو مجهول.
قال: وأسند تضعيفه عن البخاري، وقال في " التنقيح ": سعيد هذا مجهول.
فإن قلت: قوله حد غير معلوم ما هو من حيث الكمية.
قلت: وعد بيانه بقوله م: (وسنبين الكلام في حد السكر ومقدار حده المستحق عليه إن شاء الله تعالى) ش: ويأتي بيانه في هذا الباب عن قريب.
[من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها]
م: (ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها) ش: أي تقيأ الخمر م: (لأن الرائحة) ش: قال الأترازي: يرد عليه تعليله هذا إشكال؛ لأنه قال قبل هذا والتمييز بين الروائح ممكن للمستدلة قطع الإجماع أن الاحتمال هنا سكر. ثم قال: وتكلف بعضهم في توجيه ذلك، فقال الاحتمال في نفس الروائح قبل الاستدلال والاحتمال، كمن لم يعاينه والتمييز بعد الاستدلال على وجه الاستقصار.
وكذا الشرب قد يقع عن إكراه واضطرار. فلا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعا؛ لأن السكر من المباح لا يوجب الحد كالبنج ولبن الرماك
ــ
[البناية]
وقال أيضا: والتمييز ممكن لمن عاين الشرب والإكمال لمن لم يعاينه، وفيه نظر؛ لأن من عاين الشرب بنى الأمر على عيان وتعين لا على استدلال ويجيء.
وتخمين صاحب " الهداية " ثبت التمييز في صورة الاستدلال لا صورة العيان، فقد وقع. إذ كلام هذا الشارح عن [....] ، انتهى.
قلت: أراد بقوله وتكلف بعضهم فإنه كذا ذكره في شرحه والأكمل أيضا أخذ كلامه هذا، وذكره في شرحه وذكر الجوابين واستحسن الجواب الثاني. وقال في وجه حسنه لاشتماله على تغير تفسير المستدل.
فإنه يدل على أن المستدل هو من معه دليل، وهو معاينة الشرب، والجاهل هو من ليس معه ذلك، ثم قال: ويجوز أن يكون قوله لأن الرائحة م: (محتملة) ش: على مذهب محمد رحمه الله.
م: (وكذا الشرب قد يقع عن إكراه واضطرار) ش: على قولهما، فلا يلزم بشيء، وحديث عمر رضي الله عنه حجة أيضا، فإنه لم يحده بوجود الرائحة، ولا يثبت بمثله الحد كالبنج ولبن الرماك، وبه قالت الثلاثة.
وفي " النهاية " وهو مخالف لما ذكر الإمام المحبوبي في " جامعه "، وعن أبي حنيفة رحمه الله أن من زال عقله بالبنج إن علم أنه بنج فحينئذ لا يقع طلاقه وعتاقه، وإن لم يعلم يقع، ثم قال: والسكر من هذه الأشربة، وأشار إلى الأشربة المتخذة من الحبوب كالحنطة والشعير والذرة والشهد والعسل والفرصاد وغيرهما حرام بالإجماع؛ لأن السكر من البنج حرام لأنه مأكول غير مشروب، فمن المشروب أول بعض المشايخ، قالوا في زماننا الفتوى على ما إذا سكر من البنج يقع طلاقه ويحد [....] لغو هذا الفصل فيما بين الناس.
م: (فلا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعا؛ لأن السكر من المباح لا يوجب الحد كالبنج ولبن الرماك) ش: هذا مخالف لما ذكره المحبوب من قوله؛ لأن السكر من البنج حرام مع أنه مأكول غير مشروب، وقد ذكرناه الآن بما فيه الكفاية.
وقال الأكمل: هذا ليس بصحيح؛ لأن رواية المحبوبي تدل على أن السكر الحاصل من البنج حرام لا على أن البنج حرام. وكلام المصنف يدل على أن البنج مباح، ولا يأتي بينهما، انتهى.
قلت: فيما قاله تقوية لمن يولع بالبنج، وفيه من الفساد مالا يخفى. وقال في أشربته