الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا
شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه
فإنه يرجم، معناه أن ينكر الدخول بعد وجود سائر الشرائط؛ لأن الحكم بثبات النسب منه حكم بالدخول عليه، ولهذا لو طلقها يعقب الرجعة والإحصان يثبت بمثله. فإن لم تكن ولدت منه وشهد عليه بالإحصان رجل وامرأتان رجم، خلافا لزفر رحمه الله والشافعي رحمه الله. فالشافعي رحمه الله مر على أصله أن شهادتهن غير مقبولة في غير الأموال، وزفر رحمه الله يقول: إنه شرط في معنى العلة؛ لأن الجناية تتغلظ عنده، فيضاف الحكم إليه، فأشبه حقيقة العلة، فلا تقبل شهادة النساء فيه احتيالا للدرء، فصار كما إذا شهد ذميان على ذمي زنى عبده المسلم أنه أعتقه قبل الزنا، فلا تقبل لما ذكرنا.
ــ
[البناية]
[شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه]
م: (وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه فإنه يرجم. معناه أن ينكر الدخول بعد وجود سائر الشرائط) ش: أي شرائط الإحصان م: (لأن الحكم بثبات النسب منه حكم بالدخول عليه) ش: أي على الرجل م: (ولهذا) ش: أي ولأجل الحكم بالدخول عليه م: (لو طلقها يعقب الرجعة) ش: أي الطلاق تعقب الرجعة له أن يراجعها بعد الطلاق، والطلاق قبل الدخول لا يعقب الرجعة م:(والإحصان يثبت بمثله) ش: أي بمثل هذا الدليل الذي دل ظاهرا، وفيه شبهة.
م: (فإن لم يكن ولدت منه وشهد عليه بالإحصان رجل وامرأتان رجم، خلافا لزفر والشافعي) ش: ومالك وأحمد رحمهم الله تعالى م: (فالشافعي رحمه الله مر على أصله أن شهادتهن غير مقبولة في غير الأموال، وزفر يقول إنه) ش: أي الإحصان م: (شرط في معنى العلة) ش: فلا تقبل شهادة النساء فيه؛ لأن شهادة النساء لا مدخل لها في باب الحدود م: (لأن الجناية تتغلظ عنده) ش: بيانه أن علة حد الزنا هو الزنا، لكنه يتغلظ عند وجود الإحصان. ولهذا يجب الرجل الذمي هو أقطع العقوبات فكان الإحصان شرطا في معنى العلة، فلا تقبل شهادتهن على علة الحكم، فلا تقبل أيضا على شرطه وهو الإحصان؛ لأنه في معناها لتغلظ الجناية عنده، وهو معنى قوله لأن الجناية تتغلظ عنده، أي عند زفر أيضا م:(فيضاف الحكم إليه) ش: أي إلى الإحصان م: (فأشبه حقيقة العلة) ش: قال الأكمل: ترتب على ذلك أمران:
أحدهما: ما ذكره في الكتاب، وهو قوله: م: (فلا تقبل شهادة النساء فيه) ش: حفيا لا للدرء أي لدفع الحد.
والثاني: أن شهود الإحصان إذا رجعوا بعد الرجم يضمنون عنده؛ لأن شهود العلة يضمنون بالرجوع بالاتفاق.
م: (فصار كما إذا شهد ذميان على ذمي زنى عبده المسلم أنه أعتقه قبل الزنا فلا تقبل) ش: يعني أن الزاني لو كان مملوكا لذمي، وهو مسلم فشهد شاهدان ذميان أنه، أي أن مولاه الذي أعتقه قبل الزنا لم يرجم م:(لما ذكرنا) ش: أي لأن الإحصان شرط في معنى بعلة.
ولنا أن الإحصان عبارة عن الخصال الحميدة، وأنها مانعة من الزنا على ما ذكرنا، فلا يكون في معنى العلة، وصار كما إذا شهدوا به في غير هذه الحالة، بخلاف ما ذكر؛ لأن العتق يثبت بشهادتهما، وإنما لا يثبت بسبق التاريخ؛ لأنه ينكره المسلم أو يتضرر به المسلم، فإن رجع شهود الإحصان لا يضمنون عندنا، خلافا لزفر رحمه الله وهو فرع ما تقدم
ــ
[البناية]
م: (ولنا أن الإحصان عبارة عن الخصال الحميدة) ش: بعضها ليس في موضع كالحرية والعقل وبعضها فرض عليه كالإسلام، وبعضها مندوب إليه كالنكاح الصحيح والدخول بالمنكوحة م:(وإنها) ش: أي وإن الخصال الحميدة م: (مانعة من الزنا، فلا تكون في معنى العلة، وهذا كما إذا شهدوا به) ش: أي بالإحصان م: (في غير هذه الحالة) ش: أراد بهذه الحالة ما بعد الزنا. قال الأكمل رحمه الله: يعني لو شهد رجل وامرأتان أن فلانا تزوج هذه المرأة ودخل بها قبلت شهادتهم، فكذلك هاهنا.
م: (بخلاف ما ذكر) ش: أي بخلاف ما ذكر زفر رحمه الله بشهادة الذمية على ذمي أنه أعتق عبده قبل الزنا م: (لأن العتق يثبت بشهادتهما) ش: أي بشهادة الذميين م: (وإنما لا يثبت بسبق التاريخ) ش: يعني يثبت العتق، لكن لا يثبت سابقا على الزنا م:(لأنه ينكره المسلم) ش: أي لأن سبق التاريخ ينكر المسلم لا يثبت شهادة الكافر بل الذمية، ولأن المسلم يتصور سبق التاريخ من حيث تغليظ العقوبة عليه، فلا يجوز أن يتضرر المسلم بشهادة الكفار. كذا في " المبسوط " وهو معنى قوله م:(أو يتضرر به المسلم) ش: أما شهادة النساء في غير الحدود مقبولة وإن تضرر به المسلم.
م: (فإن رجع شهود الإحصان لا يضمنون عندنا، خلافا لزفر رحمه الله) ش: والشافعي رحمه الله في ضمان شهود الإحصان ثلاثة أوجه:
أحدها: لا ضمان عليهم، وهو قولنا.
والثاني: يحنث [....] وهو قول زفر رحمه الله.
والثالث: إذا رجعوا مع الشهود على الزنا إن شهدوا بالإحصان قبل ثبوت الزنا لم يضمنوا، وإن شهدوا بعد ثبوت الزنا ضمنوا. وفي قدر ما يضمنون من الدية وجهان. وجه: يضمنون بضمان الدية، الثاني: ثلث الدية، كذا في " الحلية ".
م: (وهو فرع ما تقدم) ش: أي عدم الضمان عليه شهود الإحصان عندنا إذا رجعوا ووجوب الضمان عند زفر رحمه الله بيان على ما قلنا إنه في معنى العلة عنده، وشرط محصن عندنا لا يتعلق به الوجود، بل هو علامة معرفة حكم الزنا الصادر بعد.
فروع: وفي الإحصان يكفي الشهود أن يقولوا أدخل بها زوجها. وقال محمد -رحمه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
الله لا بد أن يقولوا جامعها أو باضعها، كذا في التأمل.
وكذا لو أنكر الإحصان بعد ثبوت الزنا فشهد أنه تزوج بامرأة ودخل بها ثبت إحصانه حتى يرجم، كما لو قال وطئها أو جامعها عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله، وبه قالت الثلاثة. وقال محمد: لا يثبت إحصانه فلا يرجم، كما لو شهد أنه أقر بها أو أتاها.
ولو شهد أربعة أنه زنى بامرأة وأربعة أخرى مرة أخرى فرجم ورجع الفريقان ضمنوا ديته بالإجماع وحدوا للقذف عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وبه قال أحمد: وقال محمد رحمه الله: لا يحدون، وبه قال الشافعي رحمه الله.
ولو شهدوا على الزنا وأقره مرة به حد عند محمد رحمه الله وبه قالت الأئمة الثلاثة؛ لأن البينة وقعت معتبرة، فلا تبطل بالإقرار، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله لا يحد، وهو الأصح.
وإذا أقر أربع مرات لا يحد عندنا، خلافا للشافعي ومالك وأحمد - رحمهما الله، فإن عندهم يحد القاضي إذا أمر بالرجم أو بالجلد هل يسعى مع ممن لم يعاين الشهادة أو سبب وجوب الرجم أو الجلد، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله يسعى، وعند محمد لا يسعى لمن لم يشاءها، وأفتى فقهاؤنا وراءهم بقول محمد رحمه الله لعلة الفساد على القضاء، فلا يؤمنون على الخصوص في الحدود التي تندرئ بالشبهات، وقد فصل بعض المشايخ في ذلك، فقال القضاة أربعة:
عالم عادل، وهذا واجب الطاعة، فيجب الائتمار.
وعادل: وهذا يسأل عن كيفية ثبوت ما ثبت عنده، فإذا أخبر بما يوافق الشرع قبل قوله وعمل به.
وظالم عالم، وظالم جاهل. وهذان لا يقبل قولهما، ولا يلتفت إليهما.
وقيل يسأل الثالث عن ثبوت الحكم عنده، فإن وافق مقتضى عمله عمل به، وإن ظهر فيه أنه ظلمه ترك.