الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قسم»
و
القسمة تنافي الشركة
، وله أنه احتبست مالية نصيبه عند العبد، فله أن يضمنه
كما إذا هبت الريح بثبوت إنسان وألقته في صبغ غيره، حتى انصبغ به فعلى صاحب الثوب قيمة صبغ الآخر موسرا كان أو معسرا لما قلنا. فكذا هاهنا، إلا أن العبد فقير فيستسعيه. ثم المعتبر يسار التيسير وهو أن يملك من المال قدر قيمة نصيب الآخر لا يسار الغناء.
ــ
[البناية]
بشير بن نهيك عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أعتق شقصاً له في عبد فخلاصه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال يستسعي العبد غير مشقوق عليه» .
وجه الاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم. م: (قسم الأمرين) . ش: أعني خلاص العبد وسعايته بين الحالين أعني يسار المعتق وإعساره. م:
[القسمة تنافي الشركة]
(والقسمة تنافي الشركة) . ش: فلا يكون للشريك الساكت سعاية العبد مع يسار المعتق. م: (وله) . ش: أي ولأبي حنيفة. م: (أنه احتسبت مالية نصيبه) . ش: بفتح التاء والباء على بناء الفاعل. قال السفناقي: هكذا كان مقيداً بخط شيخي، وقوله مالية نصيبه بالرفع فاعل احتسب. م:(عند العبد فله أن يضمنه) . ش: أي يضمن العبد حاصل المعنى أن مالية نصيب الشريك الساكت احتسب عند العبد، فكان للساكت أن يضمن العبد لاحتباس نصيبه عنده، إلا أن العبد فقير لم يمكن القول بتضمنه، فوجب الاستسعاء.
م: (كما إذا هبت الريح بثوب إنسان وألقته في صبغ غيره حتى انصبغ به، فعلى صاحب الثوب قيمة صبغ الآخر موسراً كان أو معسراً لما قلنا) . ش: يريد به قوله وله أنه احتسب مالية نصيبه. م: (فكذا هاهنا) . ش: أي فكما انتفع رب الثوب بالصبغ، فكذا هنا ينتفع العبد بالعتق. م:(إلا أن العبد فقير فيستسعيه فيه) . ش: أي فيستسعيه الشريك فيما يخصه، قيل عليه إذا سعى فالقياس أن يرجع على المعتق، لأنه هو الذي ورطه فصار كالعبد المرهون، فإنه يرجع على الراهن بما سعى.
وأجيب: بأن عسرة المعتق تمنع وجوب الضمان عليه للساكت فلذلك يمنعه العبد والعبد إنما سعى في بدل رقبته وماليته، وقد سلم له ذلك فلا يراجع به على أحد بخلاف المرهون فإن سعايته ليست في بدل رقبته بل في الدين الثابت في ذمة الراهن، ومن كان مجبراً على قضاء دين في ذمة الغير من غير التزام من جهته ثبت له الرجوع عليه كما في مقر الرهن.
فإن قيل: ما ذكر من وجه أبي حنيفة في مقابلة النص وهو باطل. أجيب: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم على وجه الشرط لأنه عليه السلام علق الاستسعاء بفقر المعتق، وهو لا ينافي الاستسعاء عند عدمه، لأن المعلق بالشرط يقتضي الوجود عند الوجود، ولا يقتضي العدم عند العدم جاز أن يثبت السعاية عند وجود الدليل، وإن كان موسراً وقد وجد ذلك على ما ذكر من وجه أبي حنيفة.
م: (ثم المعتبر يسار التيسير) . ش: الاعتبار في يسار المعتق الذي يجب به عليه الضمان هو يسار التيسير. م: (وهو أن يملك من المال قدر قيمة نصيب الآخر) . ش: فاصلاً عن ملبوسه، ونفقة نفسه ونفقة عياله. م:(لا يسار الغناء) . ش: أي لا يعتبر يسار الغني، هذا ظاهر الرواية، وبه قال الشافعي
لأن به يعتدل النظر من الجانبين بتحقيق ما قصده المعتق من القربة وإيصال بدل حق الساكت إليه، ثم التخريج على قولهما ظاهر فعدم رجوع المعتق بما ضمن على العبد لعدم السعاية عليه في حالة اليسار والولاء للمعتق، لأن العتق كله من جهته لعدم التجزؤ، وأما التخريج على قوله، فخيار الإعتاق لقيام ملكه
ــ
[البناية]
ومالك وأحمد. ومن المشايخ من اعتبر نصاب حرمة الصدقة. وفي " العيون " و " المختار " ظاهر الرواية. م: (لأن به) . ش: أي بيسار التيسير. م: (يعتدل النظر من الجانبين) . ش: أي من جانب العتق وجانب الشريك الساكت، لأن مقصود المعتق تحقيق القربة، ومقصود الشريك حصول بدل حقه إليه، فبيسار التيسير يحصل الأمران، فلا حاجة إلى يسار الغني، وهو معنى قوله. م:(بتحقق ما قصده المعتق من القربة) . ش: أي التقرب إلى الله تعالى بالعتق. م: (وإيصال) . ش: أي وبإيصال. م: (بدل حق الساكت إليه) . ش: أي عوض نصيبه من العبد.
وفي " التحفة ": إنما تعتبر القيمة في الضمان والسعاية يوم الإعتاق، لأنه سبب الضمان، وكذا يعتبر حال المعتق في يساره وإعساره يوم الإعتاق حتى لا يسقط الضمان إذا أعسر بعد اليسار ولا يثبت الضمان إذا أيسر بعد الإعسار.
وفي " التمرتاشي " لو قال المعتق: أعتقت وأنا معسر، وقال الساكت بخلافه نظر إليه يوم ظهور العتق كما في الإجازة إذا اختلفا في انقطاع الماء وجريانه، وإن مات العبد قبل أن يختار الساكت شيئاً لم يكن له تضمن الموسر في رواية عن أبي حنيفة، لأن التضمين بشرط نقل الملك إلى العتق وقد فات النقل بالموت في ظاهر الرواية عنه له ذلك أو يأخذ من شريكه، لأن الضمان واجب. ولو باع الساكت نصيبه من المعتق أو وهب على عوض في القياس أن يجوز.
وفي " الاستحسان ": لا يجوز، لأن هذا تمليك للحال وهو غير محل له. وفي " جامع قاضي خان " لو أعتق أحد الشريكين في مرض موته وهو موسر ثم مات لا يؤخذ ضمان العتق من تركته، وهو قول أبي حنيفة، بل يسقط، وعندهما يؤخذ من تركته لأنه ضمان إتلاف.
م: (ثم التخريج على قولهما ظاهر) . ش: أي التخريج على قولهما ظاهر، أي تخريج المسألة على قول أبي يوسف ومحمد ظاهر، يعني إذا علم أن هذه المسألة مبنية على حرفين، أي أصلين فالكلام في التخريج، وهو على قولهما ظاهر، لأن الإعتاق إذا لم يكن منجزاً كان العتق واقعاً في النصيبين جميعاً، وبيساره مانع من السعاية، فوجب عليه الضمان، وانتفى السعاية.. م:(فعدم رجوع المعتق بما ضمن على العبد) . ش: أي لشريكه. م: (لعدم السعاية) . ش: أي لأجل عدم السعاية. م: (عليه) . ش: أي على العبد.
م: (في حالة اليسار والولاء للمعتق، لأن العتق كله من جهته لعدم التجزؤ. وأما التخريج على قوله) . ش: أي على قول أبي حنيفة. م: (فخيار الإعتاق) . ش: أي لشريكه. م: (لقيام ملكه) . ش: أي
في الباقي إذ الإعتاق يتجزأ عنده، والتضمين لأن المعتق جان عليه بإفساد نصيبه، حيث امتنع عليه البيع والهبة ونحو ذلك مما سوى الإعتاق وتوابعه والاستسعاء لما بينا.
ويرجع المعتق بما ضمن على العبد، لأنه قام مقام الساكت بأداء الضمان، وقد كان له ذلك باستسعاء العبد، وكذا كان للمعتق أيضا، ولأنه ملك العبد الضمان لشريكه ضمنا، فيصير كأن الكل له وقد عتق بعضه فله أن يعتق الباقي أو يستسعي إن شاء، والولاء للمعتق في هذا الوجه، لأن العتق كله من جهته حيث تملك بالضمان، وفي حال إعسار المعتق إن شاء أعتق لبقاء ملكه، وإن شاء استسعى لما بيناه
ــ
[البناية]
ملك الشريك. م: (في الباقي. إذ الإعتاق يتجزأ عنده) . ش: أي عند أبي حنيفة، فإذا كان الإعتاق يتجزأ كان ملك الشريك في الباقي تاماً. م:(والتضمين) . ش: بالرفع عطف على قوله فخيار العتق أي فخيار التضمين. م: (لأن المعتق جان عليه بإفساد نصيبه، حيث امتنع عليه البيع والهبة ونحو ذلك) . ش: التصدق والوصية. م: (مما سوى الإعتاق وتوابعه) . ش: أي توابع الإعتاق كالتدبير والكتابة والاستيلاد. م: (والاستسعاء) . ش: بالجر عطف على المضاف إليه في قوله فخيار الإعتاق، لكن قاله الأترازي. وقال الأكمل: معطوف على قوله والتضمين، وكذا قاله الكاكي: وهذا أوجه والتقدير وخيار الاستسعاء لأن التقدير في التضمين وخيار التضمين كما ذكرنا. م: (لما بينا) . ش: أشار به إلى قوله - احتسبها - النية عنده.
م: (ويرجع المعتق بما ضمن على العبد، لأنه قام مقام الساكت بأداء الضمان، وقد كان له ذلك) . ش: أي وقد كان للشريك الساكت الرجوع. م: (باستسعاء العبد، وكذا كان للمعتق أيضاً) . ش: لأنه قام مقام الساكت كالمدبر إذا قتل في يد الغاصب وضمن القيمة كان له الرجوع على القاتل بما ضمن.. م: (ولأنه) . ش: أي ولأن المعتق. م: (ملك العبد بالضمان لشريكه ضمناً) . ش: جواب عما يقال معتق البعض كالمكاتب عنده فينبغي أن لا يتملكه بالضمان كالمكاتب لا يقبل النقل من ملك إلى ملك، فأجاب عنه بقوله ملكه ضمناً لأداء الضمان، وكم من شيء يثبت ضمناً ولا يثبت قصداً، والضمنيات لا تعتبر. م:(فيصير المعتق كأن الكل له) . ش: أي كل العبد له. م: (وقد عتق بعضه) . ش: أي بعض العبد. م: (فله أن يعتق الباقي أو يستسعي العبد إن شاء، والولاء للمعتق في هذا الوجه) . ش: أي في وجه التضمين. م: (لأن العتق كله حصل من جهته حيث تملك بالضمان) . ش: أي من حيث إنه تملك العبد بالضمان لحصة شريكه الساكت.
م: (وفي حال إعسار المعتق إن شاء أعتق) . ش: أي إن شاء الشريك الساكت أعتق. م: (لبقاء ملكه، وإن شاء استسعى العبد لما بيناه) . ش: أي لبقاء ملكه. م: (والولاء له) . ش: أي للشريك الساكت. م: (في الوجهين) . ش: أي في الإعتاق والاستسعاء في نصيبه. م: (لأن العتق من جهته) . ش: أي من جهة الساكت. م: (ولا يرجع المستسعى) . ش: بفتح العين، اسم مفعول، وهو العبد. م:(على المعتق بما أدى بإجماع بيننا) . ش: قيد به عن قول ابن أبي ليلى وزفر، فإن عندهما يرجع العبد بما سعى على المعتق كالعبد المرهون إذا أعتقه الراهن المعسر.
والولاء له في الوجهين، لأن العتق من جهته، ولا يرجع المستسعى على المعتق بما أدى بإجماع بيننا، لأنه يسعى لفكاك رقبته ولا يقضي دينا على المعتق، إذ لا شيء عليه لعسرته، بخلاف المرهون إذا أعتقه الراهن المعسر لأنه يسعى في رقبة قد فكت أو يقضي دينا على الراهن، فلهذا يرجع عليه. وقول الشافعي رحمه الله في الموسر كقولهما. قال في المعسر يبقى نصيب الساكت على ملكه يباع ويوهب، لأنه لا وجه إلى تضمين الشريك لإعساره ولا إلى السعاية لأن العبد ليس بجان ولا راض به، ولا إلى إعتاق الكل للإضرار بالساكت فتعين ما عيناه. قلنا: إلى الاستسعاء سبيل، لأنه لا يفتقر إلى الجناية بل تبتنى على احتباس المالية فلا يصار إلى الجمع بين القوة الموجبة للمالكية والضعف السالب لها في شخص واحد.
ــ
[البناية]
وبين الفرق لنا بقوله. م: (لأنه) . ش: أي لأن العبد. م: (يسعى لفكاك رقبته) . ش: أي لأن العبد هنا يسعى في تخليص رقبته عن الرق، وهو منفعة حالة له، فهذا لا يرجع، أي. م:(ولا يقضي العبد ديناً على المعتق إذ لا شيء عليه لقيد به) . ش: أي لإعساره. م: (بخلاف المرهون إذا أعتقه الراهن المعسر، لأنه يسعى في رقبة قد فكت) . ش: أي لأنه يسعى في رقبة تخلصت. م: (أو يقضي ديناً على الراهن، فلهذا يرجع عليه) . ش: أي فلكونه مضطراً، يرجع على الراهن، فقوله - لفكاك رقبته - على مذهبه. وقوله - أو يقضي ديناً على الراهن - المعتق على مذهبهما.
م: (وقول الشافعي في الموسر كقولهما) . ش: أي كقول أبي يوسف ومحمد. م: (قال) . ش: أي الشافعي:. م: (في المعسر يبقى نصيب الساكت على ملكه يباع ويوهب، لأنه لا وجه لتضمين الشريك لإعساره) . ش: أي لإعسار الشريك. م: (ولا إلى السعاية) . ش: أي ولا وجه أيضاً إلى الاستسعاء. م: (لأن العبد ليس بجان ولا راض به) . ش: أي بإعتاق المعسر، لأن الرضى لا يتحقق إلا بالعلم، والمولى منفرد بإعتاقه بدون علمه. م:(ولا إلى إعتاق الكل) . ش: أي ولا وجه أيضاً إلى إعتاق الكل. م: (للإضرار بالساكت) . ش: أي للزوم الضرر بالشريك. م: (فتعين ما عيناه) . ش: وهو عتق ما عتق، ورق ما رق.
م: (قلنا: إلى الاستسعاء سبيل، لأنه لا يفتقر في وجوده إلى الجناية) . ش: كما في إعتاق العبد المرهون إذا كان الراهن معسراً. م: (بل يبتنى على احتباس المالية) . ش: أي مالية نفسه احتبست عنده فيستسعيه، وإذا كان إلى الاستسعاء سبيل. م:(فلا يصار إلى الجمع بين القوة الموجبة للمالكية) . ش: الحاصلة من إعتاق البعض. م: (والضعف السالب لها) . ش: أي للمالكية، أي للقوة بصحبة البيع وأمثاله. م:(في شخص واحد) . ش: قال الكاكي: قوله - فلا يصار إلى الجمع.. إلى آخره - يعني كونه حراً في نصفه رقيقاً في نصفه، إذ لا يشهد له أصول الشرع، كما لا يشهد بأن يكون نصف المرأة مطلقة ونصفها غير مطلقة أو قتل نصف رجل ويبقى نصفه غير مستحق للقتل، ولأن الغرض من المالكية ملك الأشياء بأسبابها وملك الأشياء بأسبابها إنما يتصور في الأشخاص لا من