الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الغرامة فلأنه بقي من يبقى بشهادته ثلاثة أرباع الحق، والمعتبر بقاء من بقي لا رجوع من رجع على ما عرف.
وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فزكوا فرجم فإذا الشهود مجوس أو عبيد فالدية على المزكين عند أبي حنيفة رحمه الله معناه: إذا رجعوا عن التزكية، وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله هو على بيت المال. وقيل هذا إذا قالوا:
ــ
[البناية]
م: (وأما الغرامة فلأنه بقي من يبقى بشهادته ثلاثة أرباع الحق، والمعتبر بقاء من بقي، لا رجوع من رجع على ما عرف) ش: أي في كتاب الشهادات.
[تبين عدم أهلية الشهادة بعد إقامة الحد]
م: (وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فزكوا) ش: على صيغة المجهول من التزكية من زكى نفسه إذا مدحه وتزكية الشهود الوصف بكونهم أزكياء م: (فرجم) ش: أي الرجل م: (فإذا الشهود عبيد أو مجوس، فالدية على المزكين عند أبي حنيفة) ش: وقال المصنف رحمه الله م: (معناه إذا رجعوا) ش: أي المزكون م: (عن التزكية) ش:.
وقال الأترازي رحمه الله: قال صاحب " الهداية " رحمه الله: معناه إذا رجعوا عن التزكية، أي معنى قوله فالدية على المزكين، قال ويدل على صحة تأويله ما نص عليه الحاكم في " الكافي " إذا شهد الشهود على رجل بالزنا والإحصان، فزكاهم يعني زعموا أنهم أحرار ورجم ثم وجدوهم عبيدا قال: لا حد على الشهود، فإن رجع المزكون عن شهادتهم ضمنوا.
قلت: فإن لم يقولوا إنهم أحرار، وقالوا هم عدول ثم وجدوا عبيدا قال: لا ضمان على المدعين، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله.
وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله فإن لم يقولوا إنهم أحرار وقالوا هم عدول ثم وجدوا عبيدا، قالا: لا ضمان على المزكين، وإلى هاهنا لفظ الحاكم رحمه الله.
وقال الكاكي رحمه الله: معناه إذا رجعوا عن التزكية بأن قالوا قلنا هم أحرار مسلمون مع علمنا بحالهم أنهم عبيد، وكذا في نسخ الشروح، فعلى هذا ينبغي أن لا يذكر في الكتب قوله. وقيل هذا إذا قالوا تعمدنا من غير أن يقال، وقيل لأن قوله وقيل يقضي أن يكون معنى الرجوع عن التزكية التي توجب الضمان عنده في قول آخر سوى التعمد وليس كذلك.
فإن المزكي إذا قال أخطأت في التزكية لا يضمن بالإجماع، وإنما الخلاف فيما إذا [قال] : تعمدت ذلك مع علمي بحالهم، وذكره في " جامع قاضي خان "، وإليه أشار في " المبسوط ". وقال تاج الشريعة: معناه إذا رجعوا عن التزكية بأن قالوا تعمدنا التزكية مع علمنا أنهم مجوس، حتى لو قالوا أخطأنا لا يضمنون.
م: (وقالا) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله م: (هو على بيت المال) ش: أي الضمان على بيت المال م: (وقيل هذا) ش: عند أبي حنيفة، أي وجوب الضمان م:(إذا قالوا) ش:
تعمدنا التزكية مع علمنا بحالهم. لهما أنهم أثنوا على الشهود خيرا، فصار كما إذا أثنوا على المشهود عليه خيرا بأن شهدوا بإحصانه، وله أن الشهادة إنما تصير حجة عاملة بالتزكية، فكانت التزكية في معنى علة العلة، فيضاف الحكم إليها، بخلاف شهود الإحصان لأنه محض الشرط، ولا فرق بينهما إذا شهدوا بلفظة الشهادة أو أخبروا، وهذا إذا أخبروا بالحرية والإسلام، أما إذا قالوا: هم عدول وظهروا عبيدا لا يضمنون، لأن العبد قد يكون عدلا
ــ
[البناية]
أي المزكون م: (تعمدنا التزكية مع علمنا بحالهم) ش: أما إذا قالوا أخطأنا فلا يجب عليهم الضمان. قال الإمام السغناقي رحمه الله: في شرحه " للجامع الصغير " إذا قالوا علمنا أنهم مجوس ومع هذا زكيناهم. أما إذا قالوا أخطأنا، فلا يجب عليهم الضمان، لأنهم يأتون على القاضي والقاضي [....] لا ضمان عليه، فكذا هاهنا، وإنما وجب الضمان عليهم إذا تعمدوا لأنهم أظهروا علة التلف.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف [ومحمد]- رحمهما الله م: (أنهم) ش: أي أن المزكين م: (أثنوا على الشهود خيرا) ش: قيل حيث أثبتوا بذلك شرط الحجة، وهي العدالة م:(فصار كما لو أثنوا على المشهود عليه خيرا بأن شهدوا بإحصانه) ش: فلا يضمنون شيئا، وبه قال الثلاثة، فإذا لم يضمنوا شيئا وجب الضمان على بيت المال، وله أي ولأبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - م:(وله أن الشهادة إنما تصير حجة وعاملة بالتزكية) ش: إذ الشهادة في الحدود لا توجب شيئا بلا تزكية م: (فكانت التزكية في معنى علة العلة) ش: لأن التزكية بعمله للعلة، والعمل للعلة علة العلة، والحكم يضاف إلى علة العلة، كما يضاف إلى العلة.
ألا ترى أن حفر البئر لما كان هو الذي لعلة يجعل فقد علة المار للوقوع في البئر، فيضاف الحكم إليه عند تعذر إضافته إلى الفعل م:(فيضاف الحكم إليها) ش: أي إلى علة العلة، فصار المزكون كالشهود إذا رجعوا م:(بخلاف شهود الإحصان، لأنه محض الشرط) ش: حاصله أن الشهادة على الإحصان شرط محض، وعلامة معرفة الحكم الزنا الصادر بعده وجود الإحصان.
ولا حاجة لثبوت الزنا إلى شهود الإحصان، لأن الزنا ثبت بشهود الزنا قبل الإحصان، ولكن لا يثبت الزنا بشهود الإحصان ما لم يزكوا، فظهر الفرق بين التزكية وشهادة الإحصان.
م: (ولا فرق بينهما إذا شهدوا بلفظة) ش: أي المزكون بلفظ م: (الشهادة أو أخبروا) ش: بأن قالوا نشهد بأنهم أحرار أو قالوا هم أحرار م: (وهذا) ش: أي وجوب الضمان على المزكين على قول أبي حنيفة رحمه الله م: (إذا أخبروا بالحرية والإسلام) ش: أي فيما إذا أخبروا بحرية الشهود وإسلامهم، ثم ظهر الشهود مجوسا أو عبيدا.
م: (أما إذا قالوا هم عدول وظهروا عبيدا لا يضمنون، لأن العبد قد يكون عدلا) ش: أيضا بتركه محظور دينه. واعلم أن زكاة المزكي شرط عند أبي حنيفة، خلافا لهما، ذكره في " المختلف "،
ولا ضمان على الشهود؛ لأنه لم يقع كلامهم شهادة، ولا يحدون حد القذف؛ لأنهم قذفوا حيا وقد مات فلا يورث عنه، وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فأمر القاضي برجمه، فضرب رجل عنقه ثم وجد الشهود عبيدا فعلى القاتل الدية. وفي القياس يجب القصاص؛ لأنه قتل نفسا معصومة بغير حق. وجه الاستحسان أن القضاء صحيح ظاهرا وقت القتل، فأورث شبهة، بخلاف ما إذا قتله قبل القضاء؛ لأن الشهادة لم تصر حجة بعد، ولأنه ظنه مباح الدم معتمدا على دليل مبيح، فصار كما إذا ظنه حربيا، وعليه علامتهم.
ــ
[البناية]
ولا يشترط العدد في المزكي عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله، خلافا لمحمد رحمه الله ويشترط الإتيان في سائر الحقوق والأربعة في الزنا، ويجوز شهادة رجل وامرأتين على الإحصان.
كذا قال الحاكم م: (ولا ضمان على الشهود) ش: لأنه يقع كلامهم بشهادة فيه، نظرا لما تقدم أن كلام كل منهم يصير شهادة باتصال القضاء، وقد اتصل به القضاء، فما وجه قوله م:(لأنه لم يقع كلامهم شهادة) ش: والجواب إذ القضاء لما أظهر خطأه بيقين، صار كأن لم يكن، فلا يتصل القضاء بكلامهم، فلا يصير شهادة. م:(ولا يحدون) ش: أي الشهود م: (حد القذف؛ لأنهم قذفوا حيا، وقد مات فلا يورث عنه) ش: أي لا يورث حد القذف عن الميت، لا يقال لم يجعل قذفا للميت للرجال بطريق الانقلاب كما في صورة الرجوع عن الشهادة؛ لأنا نقول عليه الانقلاب للرجوع عن الشهادة. فالجواب فلم يوجد.
فإن قيل: لم لا يكون ظهورهم عبيدا أو مجوسا للانقلاب كالرجوع إن انقلاب صيرورة الشهادة قذفا وكلامهم لم يقع شهادة.
م: (وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فأمر القاضي برجمه فضرب رجل عنقه ثم وجد الشهود عبيدا فعلى القاتل الدية) ش: في ماله م: (وفي القياس يجب القصاص؛ لأنه قتل نفسا معصومة بغير حق. وجه الاستحسان أن القضاء صحيح ظاهرا وقت القتل، فأورث شبهة) ش: كنكاح الفاسد يكون شبهة أسواط الحد.
م: (بخلاف ما إذا قتله قبل القضاء) ش: حيث يجب القضاء لعدم الشبهة لأن القضاء هو المورث للشبهة لم يوجد، أشار إليه بقوله م:(لأن الشهادة لم تصر حجة بعد، ولأنه ظنه) ش: عطف على قوله أن القضاء صحيح ظاهر وقت القتل، أي ظن الذي قتله م:(مباح الدم معتمدا على دليل مبيح، فصار كما إذا ظنه حربيا وعليه علامتهم) ش: أي كما إذا ظن المسلم والغازي أو الشخص حربيا، وعليه علامتهم، أي علامة أهل الحرب. فقتله عمدا، ثم ظهر أن المقتول ليس بحربي لا يجب القصاص بشبهة ظنه مباح الدم.
ويجب الدية في ماله لأنه عمد، والعواقل لا تعقل العمد، ويجب ذلك في ثلاث سنين؛ لأنه وجب بنفس القتل، وإن رجم ثم وجدوا عبيدا فالدية على بيت المال؛ لأنه امتثل أمر الإمام فنقل فعله إليه، ولو باشره بنفسه يجب الدية في بيت المال لما ذكرنا، وكذا هذا بخلاف ما إذا ضرب عنقه؛ لأنه لم يأتمر بأمره. وإذا شهدوا على رجل بالزنا، وقالوا: تعمدنا النظر قبلت شهادتهم؛ لأنه يباح النظر لهم ضرورة تحمل الشهادة فأشبه الطبيب والقابلة.
ــ
[البناية]
م: (ويجب الدية في ماله لأنه عمد والعواقل) ش: الجمع جمع عاقلة م: (لا تعقل العمد، ويجب ذلك في ثلاث سنين؛ لأنه وجب بنفس القتل) ش: لا بالإقرار، وكل شيء يجب بنفس القتل تكون الدية في ثلاث سنين.
م: (وإن رجم) ش: على بناء الفاعل معطوف على قوله فضرب عنقه، أي وإن رجم ذلك الرجل المذكور المشهود عليه بالزنا بعد قضاء القاضي بالرجم وفي لفظ " المبسوط " الرجم بالحجارة. ولفظ صاحب " الوجيز ": وإن كان هذا الرجل قتله رجما م: (ثم وجدوا) ش: أي الشهود م: (عبيدا فالدية على بيت المال؛ لأنه امتثل أمر الإمام فينقل فعله إليه) ش: أي نقل فعل هذا الذي رجعه إلى الإمام م: (ولو باشره) ش: الإمام الرجم م: (بنفسه يجب الدية في بيت المال لما ذكرنا) ش: عند قوله فيما مضى قبل، وزفه بقوله لأنه انتقل فعل الجلاد القاضي وهو عامل للمسلمين، فيجب الغرامة في مالهم.
م: (وكذا هذا) ش: أي كذا حكم هذا، وأشار به إلى فعل الرجم م:(بخلاف ما إذا ضرب عنقه؛ لأنه لم يأتمر بأمره) ش: أي أمر الإمام؛ لأنه أمر بالرجم دون القتل، فلم ينتقل فعله إليه. م:(وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا وقالوا تعمدنا النظر) ش: أي إلى فرج الزاني والزانية م: (قبلت شهادتهم) ش: وبه قال الشافعي في المنصوص ومالك وأحمد - رحمهما الله، ولو قالوا تعمدنا النظر للتلذذ لا يقبل إجماعا.
وفي " جامع السرخسي " قال بعض العلماء: لا تقبل شهادتهم، وبه قال الإصطخري من أصحاب الشافعي رحمه الله لإقرارهم [....] على أنفسهم، إذ النظر إلى عورة الغير فسق م:(لأنه يباح النظر لهم ضرورة تحمل الشهادة) ش: لأنهم كلفوا على إقامة الشهادة على أنهم رأوه كالميل في المكحلة، والرشاء في البئر، والقلم في المحبرة.
م: (فأشبه الطبيب والقابلة) ش: أي أشبه نظر شهود الزنا إلى فرج الزانية لضرورة في ذلك، كما ينظر الطبيب والقابلة إلى الفرج، وهذا لأن الطبيب يجوز أن ينظر موضع العورة لضرورة المداواة، وقال في " خلاصة الفتاوى ": لا يجوز النظر إلى العورة إلا عند الضرورة. وهي الاحتقان والحيان والمداواة والولادة والبكارة في البالغة والرد بالعيب، والمرأة في حق المرأة أولى، وإن لم يوجد ستر ما وراء موضع الضرورة.