الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الحدود
قال: الحد لغة هو المنع، ومنه الحداد للبواب، وفي الشريعة: هو العقوبة المقدرة حقا لله تعالى حتى لا يسمى القصاص حدا لأنه حق العبد ولا التعزير حدا لعدم التقدير، والمقصد الأصلي من شرعه الانزجار عما يتضرر به العباد. والطهارة ليست أصلية فيه، بدليل شرعيته في حق الكافر.
قال:
الزنا يثبت بالبينة والإقرار
، والمراد ثبوته عند الإمام
ــ
[البناية]
[كتاب الحدود]
[تعريف الحدود]
م: (كتاب الحدود) ش: أي هذا الكتاب في بيان أحكام الحدود. وجه المناسبة بين البابين من حيث إن في الأيمان الكفارة التي هي دائرة بين العبادة والعقوبة، والحدود من العقوبات المحضة والحدود جمع حد.
م: (قال) ش: أي المصنف: م: (الحد لغة) ش: أي معنى الحد في اللغة م: (هو المنع) ش: يقال: حد عن كذا وكذا، أي منع عنه وبه سمي السجان حدًا ولمنعه المحبوسين عن الخروج م:(ومنه الحداد للبواب) ش: أي ومن هذا المعنى.
قيل للبواب حدًا ولمنعه الناس عن الدخول في الدار التي هو باب فيها وسمي المعرف للشيء حد، لأنه يمنع الخارج عن الحدود عن الدخول.
م: (وفي الشريع هو) ش: أي الحد م: (العقوبة المقدرة حقًا لله تعالى) ش: ينوي بها حق الله تعالى م: (حتى لا يسمى القصاص حدًا لأنه حق العبد) ش: بدلالة جواز العفو والاعتياض م: (ولا التعزير حدًا) ش: أي ولا يسمى التعزير حدًا أيضًا م: (لعدم التقدير فيه) ش: أي ليس يقدر هذا على ما عليه عامة أصحابنا رحمهم الله.
وقال صدر الإسلام البزدوي رحمه الله في " مبسوطه ": والقصاص سمي حدًا أيضًا، وحدود الشرع موانع قبل الوقوع وزواجر بعده، أعني عن القصد المنهي عنه م:(والمقصد الأصلي من شرعه) ش: أي القصد الكلي من مشروعية الحد م: (الانزجار عما يتضرر به العباد) ش: في النفس والعرض والمال، ففي حد الزنا صيانة النفس، وفي حد القذف صيانة العرض، وفي حد الربا صيانة المال.
م: (والطهارة ليست بأصلية فيه) ش: أي في الحد م: (بدليل شرعيته) ش: أي مشروعيته م: (في حق الكافر) ش: وهذا يوجب الحد على الذي زنا، ويطهر عن الذنب بإجراء الحد عليه، فعلم أن المقصود من الحد الانزجار لا الطهر.
[الزنا يثبت بالبينة والإقرار]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (الزنا يثبت بالبينة والإقرار) ش: هذا لفظ القدوري رحمه الله في " مختصره ".
قال صاحب " الهداية " رحمه الله م: (والمراد ثبوته عند الإمام) ش: أي الحاكم، إنما
لأن البينة دليل ظاهر، وكذا الإقرار لأن الصدق فيه مرجح، لا سيما فيما يتعلق بثبوته مضرة ومعرة، والوصول إلى العلم القطعي متعذر، فيكتفى بالظاهر
قال: فالبينة أن يشهد أربعة من الشهود على رجل وامرأة بالزنا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15](النساء: الآية 15) وقال الله تعالى:
ــ
[البناية]
قال ذلك لأن ثبوت الزنا في نفس الأمر لا يقف على وجود البينة أو الإقرار، لأنه أمر حسي يوجد، وإن لم يوجد أو قد يوجدان ولا يوجد الزنا لاحتمال الكذب فيهما، فحصل الانفكاك بين الزنا وبينهما وجودا وعدما. فالقاضي مأمور بالحكم [بما] ثبت عنده من الظاهر، فلأجل هذا يشترط ثبوته عند الإمام بالبينة والإقرار. م:(لأن البينة دليل ظاهر) ش: لأن الله تعالى قال: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15](النساء: الآية 15) .
م: (وكذا الإقرار) ش: دليل ظاهر. م: (لأن الصدق فيه مرجح) ش: على الكذب. م: (لا سيما) ش: أي خصوصا. م: (فيما يتعلق) ش: أي في الشيء الذي يتعلق. م: (بثبوته مضرة) ش: أي ضرر ظاهر متصل ببدن المقر من [
…
] الحد عليه. م: (ومعرة) ش: أي عار تلحقه بانتسابه إلى الزنا والعار أشد من النار. وفي " ديوان الأدب " المعرة المساءة والأذى مفعلة من العر وهو الحرب، وفي " الصحاح " المعرة الاسم واعلم أن الزنا بمد وقصر، فالقصر لأهل الحجاز، والمد لأهل نجد. قال [
.] وهو من يهجو بشعره أبا حاضر:
من يزن يعرف زناه ومن
…
يشرب الخرطوم يصبح سكرانا
بفتح الكاف من التسكير، وهو المخمور، والخرطوم اسم من أسماء الخمر، والنسبة إلى المقصور زنوي وإلى الممدود زناوي. وربما يظهر أن معنى الزنا في اللغة: البغي، وفي الشرع: الزنا قضاء المكلف شهوته في قبل امرأة خالية عن الملكين، وشبهتهما وشبهة الاشتباه، ويمكن المرأة من ذلك، واختير لفظ القضاء إشارة إلى أن مجرد الإيلاج زنا ولهذا يجب فيه الغسل هديا للمكلف ليخرج الصبي والمجنون. والمراد بالملكين ملك النكاح وملك اليمين، وشبهة النكاح وهي ما إذا وطئ امرأة تزوجها بغير شهود أو بغير إذن مولاها وما أشبه، أو شبهة ملك اليمين ما إذا وطئ جارية ابنه أو مكاتبه أو عبده المأذون، وشبهة الاشتباه، فإذا وطئ الابن جارية أبيه على ظن أنها تحل له.
م: (والوصول إلى العلم القطعي) ش: بغير الوصول إلى ثبوته إلى العلم القطعي. م: (متعذر) ش: لأنه أمر مبناه على الإخفاء والستر: (فيكتفى بالظاهر) ش: البينة والإقرار.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله. م: (فالبينة أن يشهد أربعة من الشهود على رجل وامرأة بالزنا. لقوله {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] (النساء: الآية 15) . وقال الله تعالى
{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4](النور: الآية 4)، وقال عليه السلام للذي قذف امرأته: ائت بأربعة يشهدون على صدق مقالتك، ولأن في اشتراط الأربعة يتحقق معنى الستر وهو مندوب إليه والإشاعة ضده
ــ
[البناية]
{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4](النور: الآية 4)، وقال عليه السلام:) ش: أي قال النبي صلى الله عليه وسلم:. م: (للذي قذف امرأته «ائت بأربعة شهداء يشهدون على صدق مقالتك» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ غريب.
وبمعناه ما رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " من حديث ابن سيرين عن أنس بن مالك قال: «أول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة شهداء يشهدون وإلا فحد في ظهرك، قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يعلم أني لصادق ولينزلن الله عليك ما يبرئ ظهري من الحد، فأنزل الله تعالى آية اللعان ولاعن النبي صلى الله عليه وسلم، وفرق بينهما» . وأخرجه البخاري في " اللعان " عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " البينة وإلا فحد في ظهرك ".»
م: (ولأن في اشتراط الأربعة) ش: هذا احتراز عن قوله البعض، فإنهم يقولون إنما اشترط الأربع للزنا لا يتم إلا بآيتهن، وفعل كل واحد لا يثبت إلا بشهادة شاهدين. قال المصنف: ليس كذلك بل هي في اشتراط الأربع. م: (تحقيق معنى الستر وهو) ش: أي الستر. م: (مندوب إليه) ش: لما روى الترمذي رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة» .
والشرط في الأربع من الرجال: أن يكونوا أحرارا، عدولا، بالغين، فلا تقبل شهادة الرجال مع النساء، ولا يقبل فيه كتاب القاضي ولا الشهادة على الشهادة. م:(والإشاعة) ش: أي إظهار الزنا. م: (ضده) ش: أي ضد الستر. فلما كان الستر مندوبا، كانت الإشاعة مكروهة، كيف وأنه تعالى قال:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} [النور: 19](النور: الآية 19) ، لا يذم المستعير، ولهذا لو أخذ شيء من شرائط الشهادة بأن أشهد الأصيل من أربعة شهدوا بالزنا متفرقين في مجالس مختلفة واحدا بعد واحد، فإنهم يحدون حد القذف عندنا خلافا للشافعي رحمه الله.
وفي " المبسوط " أشار عمر رضي الله عنه أن اشتراط الأربع لأجل الستر حتى شهد أبو بكرة رضي الله عنه وسهل بن معبد ونافع بن الأزرق على المغيرة بن شعبة بالزنا، فقال: الزياد وهو الرابع، ثم يتشهد قال: رأيت أقداما بادية، وأنفاسا عالية وأمرا منكرا.
وإذا شهدوا يسألهم الإمام عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى ومتى زنى وبمن زنى؛ لأن النبي عليه السلام استفسر ماعزا رضي الله عنه عن الكيفية، وعن المزنية
ــ
[البناية]
وفي رواية قال: رأيتهما تحت لحاف واحد، يخفضان ويرفعان ويضطربان اضطراب الخبزان، وفي رواية: رأيت رجلا أفعى وامرأة صرعى ورجلين محضونتين واسته تجيء وتذهب ولم أر ما سوى ذلك. فقال عمر رضي الله عنه: الله أكبر، الحمد لله الذي لم يفضح واحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
م: (فإذا شهدوا) ش: أي شهد بالزنا الشهود. م: (يسألهم الإمام عن الزنا ما هو) ش: أي حقيقة الزنا وماهيته [....] ، لأن من الناس من يعتقد كل وطء حرام أنه زنا، كوطء الحائض، والنفساء، والأمة المجوسية، والأمة المشتركة، والأمة التي هي أخته من الرضاع. فإن كل ذلك حرام وليس بزنا، ولأن الشرع سمى فعل الحرام فيما دون الفرج زنا مجازا، بقوله: العينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي، والفرج يصدق ذلك أو يكذب.
والحد لا يجب إلا بالجماع في الفرج، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم استفسر ماعزا رضي الله عنه إلى أن ذكر الكاف والنون أراد به قوله أنكتها، لأن ذلك صريح في الوطء، والباقي كناية عنه، وأيضا يمكن أن يسمي الشهود مقدمات الزنا زنا ويجب الاحتراز عن مثل ذلك.
م: (وكيف هو) ش: أي يسألهم أيضا عن كيفية الزنا للاحتراز عن مثل ذلك عاس الفرجين من غير إيلاج. ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم استفسر ماعزا رضي الله عنه عن كيفية الزنا، فقال كالميل في المكحلة، والرشاد في البئر، وقيل للاحتراز عن صورة الإكراه، لأن وطء المكره لا يوجب الحد. م:(وأين زنى) ش: أي يسألهم عن المكان بقوله: أين زنا فإنه احتراز عن الزنا في دار الحرب، لأن المسلم إذا زنا في دار الحرب ثم خرج إلينا لا يحد لأنه لم يمكن الإمام على بدنه عند وجوب الحد.. م:(ومتى زنى) ش: أي يسألهم عن الزمان فقوله متى زنى كأنه احترز عن زنا متقادم والشهود إذا شهدوا بذلك لا يقبل، واحترز أيضا عن وطء الصبي والمجنون لأن فعلهما لا يوصف بالحرمة. م:(وبمن زنى) ش: أي يسألهم بمن زنى، يعني المزنية من هي.
فإنه احتراز عن الوطء الواقع في محل يكون الوطء فيه بشبهة لا يعرفها الواطئ، ولا الشهود: كجارية الابن، ويجوز أن تكون الموطوءة امرأة الواطئ، أو جاريته ولا يعلمها المشهود.
م: (لأن النبي صلى الله عليه وسلم استفسر ماعزا رضي الله عنه عن الكيفية وعن المزنية) ش: هذا أخرج أبو داود رضي الله عنه عن يزيد بن نعيم عن أبيه نعيم بن هزال، قال: «كان ماعز بن مالك رضي الله عنه يتيما في حجر أبي، فأصاب جارية من الحي فقال له أبي: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك قال: فأتاه فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني زنيت، فأقم علي كتاب الله فأعرض
ولأن الاحتياط في ذلك واجب، لأنه عساه غير الفعل في الفرج عناه، أو زنى في دار الحرب، أو في المتقادم من الزمان، أو كانت له شبهة لا يعرفها هو ولا الشهود، كوطء جارية الابن. فيستقصى في ذلك احتيالا للدرء، فإذا بينوا ذلك، وقالوا: رأيناه وطئها في فرجها كالميل في المكحلة. وسأل القاضي عنهم. فعدلوا في السر والعلانية.
ــ
[البناية]
عنه، فعاد حتى قالها أربع مرات، فقال صلى الله عليه وسلم: إنك قد قلتها أربع مرات فبمن؟ قال: بفلانة، قال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: هل باشرتها؟ قال: نعم، قال: هل جامعتها؟ قال: نعم، فأمر به أن يرجم» الحديث.
م: (ولأن الاحتياط في ذلك واجب) ش: أي في الاستفسار: (لأنه) ش: أي لأن المشهود عليه بالزنا. م: (عساه غير الفعل في الفرج عناه) ش: أي قصده، ولا يكون ماهية الزنا، ولا كيفية موجودة في دار الحرب.
م: (أو زنى في دار الحرب) ش: أي أو يكون المشهود عليه زنا في دار الحرب. م: (أو في المتقادم من الزمان) ش: أي أو يكون زنا في الزمن المتقادم. م: (أو كانت له شبهة لا يعرفها هو) ش: أي المشهود عليه.
م: (ولا الشهود) ش: أي ولا يعرفها الشهود. م: (كوطء جارية الابن فيستقصي) ش: أي الإمام وضبطه الكاكي رحمه الله على صيغة المجهول. م: (في ذلك) ش: أي فيما ذكر من الأشياء وقد ذكرناها جميعا.
م: (احتيالا للدرء) ش: أي لأجل الحيلة لدرء الحد، لما روى الترمذي رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادرءوا الحدود ما استطعتم» م: (فإذا بينوا ذلك) ش: أي فإذا بين الشهود الزنا بما ذكروا من الأمور.
م: (وقالوا رأيناه وطئها في فرجها كالميل في المكحلة) ش: بضمتين وعاء الكحل. م: (وسأل القاضي عنهم) ش: أي عن الشهود. م: (فعدلوا) ش: عن صيغة المجهول. م: (في السر والعلانية) ش: صورة التعديل في السر أن يبعث القاضي بأسماء أول الشهود إلى العدل، بكتاب فيه أسماؤهم وأنسابهم [
…
] ومحالهم وسوقهم، حتى يعرف العدل ذلك، فيكتب تحت اسم من كان عدلا: عدل جائز الشهادة، ومن لم يكن عدلا فلا يكتب تحت اسمه شيئا، أو يكتب الله يعلم، وصورة التعديل في العلانية، أن يجمع بين العدل والشاهد، فيقول العدل هذا هو الذي عدلته، وسيجيء في كتاب الشهادات بعض منه إن شاء الله تعالى.
حكم بشهادتهم ولم يكتف بظاهر العدالة في الحدود، احتيالا للدرء، قال عليه السلام «ادرءوا الحدود ما استطعتم» . بخلاف سائر الحقوق عند أبي حنيفة رحمه الله وتعديل السر والعلانية نبينه في الشهادات إن شاء الله تعالى، قال في الأصل: يحبسه حتى يسأل عن الشهود، للاتهام بالجناية وقد «حبس رسول الله عليه السلام رجلا بالتهمة» .
ــ
[البناية]
م: (حكم بشهادتهم) ش: جواب قوله فإذا بينوا بالرجم إن كان الرجم موجب الزنا وبالجلد إن كان موجبه الجلد هنا، أو لم يعرف القاضي عدالة الشهود، أما إذا عرفها فحكم بلا تعديل. م:(ولم يكتف) ش: على صيغة المعلوم أي لم يكتف القاضي، وقال الكاكي: أبو حنيفة لم يكتف بسوق الكلام إليه. م: (بظاهر العدالة في الحدود احتيالا للدرء) ش: أي الدفع. م: (قال صلى الله عليه وسلم: «ادرءوا الحدود ما استطعتم» ش: وقد ذكرنا الحديث عن قريب. م: (بخلاف سائر الحقوق عند أبي حنيفة) ش: حيث يكتفي فيها بظاهر العدالة، لقوله صلى الله عليه وسلم «المسلمون عدول بعضهم على بعض» ، إلا إذا طعن الخصم فحينئذ يسأل القاضي عن الشهود عنده أيضا.. م:(وتعديل السر والعلانية نبينه في الشهادات إن شاء الله تعالى) ش: أي بيان صورتها بذكره في باب الشهادات وقد ذكرناه آنفا.
م: (قال: في الأصل) ش: أي قال محمد في " المبسوط " م: (يحبسه) ش: أي يحبس القاضي الشهود عليه بالزنا، بعد وصف الشهود الأشياء المذكورة. م:(حتى يسأل عن الشهود للاتهام بالجناية) ش: أي لأجل كون الشهود عليه متهما بالجناية فلذلك يحبسه خوفا من خروجه، فلا يظهر بعد ذلك، ولا يأخذ الكفيل منه، لأن في أخذه نوع احتياط، فلا يكون مشروعا، بما يدرأ بالشبهات.
فإن قيل: الاحتياط في المجلس أظهر.
قلنا: حبسه للتعزير لأنه صار متهما بارتكاب الفاحشة وأشار إليه المصنف رضي الله عنه بقوله للاتهام.. م: (وقد حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا بالتهمة) ش: هذا روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه أخرج حديثه أبو داود رحمه الله والترمذي رحمه الله والنسائي رحمه الله «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة» ، وزاد الترمذي والنسائي:" ثم خل عنه ". وقال الترمذي رحمه الله: حديث حسن. ورواه الحاكم في " المستدرك " وصححه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أخرج حديثه الحاكم في مستدركه "، والبزار وأبو نعيم - رحمهما الله - في " مسنديهما ": «أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة يوما وليلة استظهارا واحتياطا» ، وفي سنده إبراهيم بن خثيم.
بخلاف الديون حيث لا يحبس فيها قبل ظهور العدالة، وسيأتيك الفرق إن شاء الله
قال: والإقرار أن يقر البالغ العاقل على نفسه بالزنا أربع مرات في أربعة مجالس مختلفة من مجالس المقر، كلما أقر رده القاضي، فاشتراط البلوغ والعقل؛ لأن قول الصبي والمجنون غير معتبر، أو هو غير موجب للحد، واشتراط الأربع مذهبنا، وعند الشافعي رحمه الله يكتفي بالإقرار مرة واحدة اعتبارا بسائر الحقوق وهذا لأنه مظهر، وتكرار الإقرار لا يفيد زيادة الظهور بخلاف زيادة العدد في الشهادة، ولنا حديث ماعز رضي الله عنه.
ــ
[البناية]
وعن أنس رضي الله عنه أخرج حديثه ابن عدي والعقيلي - رحمهما الله - في كتابيهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة» ، وفي سنده إبراهيم بن زكريا الواسطي قال العقيلي: مجهول وحديثه خطأ. وقال ابن عدي: وهذا باطل، وعن نبيشة رضي الله عنه أخرج حديثه الطبراني في الأوسط " أن «النبي صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة» .
م: (بخلاف الديون حيث لا يحبس فيها قبل ظهور العدالة) ش: لأن أخذ الكفيل فيها مشروع، فلا يتلف الحق فلا حاجة إلى الحبس قبل عدالة الشهود. م:(وسيأتيك الفرق إن شاء الله تعالى) ش: أي الفرق بينه وبين المديون، وقال الأترازي رحمه الله: هذه حوالة غير رائجة ونحن بيناه.
قلت: أراد به ما ذكره الآن لأن أخذ الكفيل فيها مشروع إلى آخره.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله. م: (والإقرار أن يقر العاقل على نفسه بالزنا أربع مرات في أربعة مجالس مختلفة من مجالس المقر، كلما أقر رده القاضي) ش: هذا كله كلام القدوري رحمه الله نقله المصنف رحمه الله ثم شرحه. م: (واشتراط البلوغ والعقل لأن قول الصبي والمجنون غير معتبر أو هو غير موجب للحد واشتراط الأربع) ش: يعني في الإقرار. م: (مذهبنا) ش: وبه قال أبو حنيفة رحمه الله وأحمد رحمه الله. م: (وعند الشافعي رحمه الله يكتفى بالإقرار مرة واحدة) ش: وبه قال الإمام مالك رحمه الله. م: (اعتبارا بسائر الحقوق) ش: يعني في سائر الحقوق القرب يعتبر في الشهادة دون الإقرار فكذلك هنا.. م: (وهذا) ش: أي الاعتبار بسائر الحقوق. م: (لأنه) ش: أي لأن الإقرار م: (يظهر) ش: حقيقة الأمر حجة بنفسه، فلا يشترط التكرار، كما في سائر الحقوق.. م:(وتكرار الإقرار لا يفيد زيادة الظهور بخلاف زيادة العدد في الشهادة) ش: لأن الشاهد الثاني، يفيد طمأنينة القلب زيادة على ما أفاده الأول.
م: (ولنا حديث ماعز رضي الله عنه) ش: حديث ماعز بن مالك مشهور رواه البخاري ومسلم - رحمهما الله - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «إن رجلا من المسلمين جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه، فقال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه، حتى ثنى ذلك أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات،
فإنه عليه السلام أخر الإقامة إلى أن تم الإقرار منه أربع مرات في أربعة مجالس فلو ظهر دونها لما أخرها لثبوت الوجوب. ولأن الشهادة فيه اختصت بزيادة العدد. فكذا الإقرار إعظاما لأمر الزنا وتحقيقا لمعنى الستر.
ــ
[البناية]
دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبك جنون؟، قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فارجموه، فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب، فأدركناه بالحرة فرجمناه» .
وروى حديث ماعز رضي الله عنه أيضا مسلم عن جابر بن سمرة ورواه أيضا عن ابن عباس رضي الله عنه وعن بريدة رضي الله عنه أيضا في الكل الإقرار بأربع مرات.
م: (فإنه عليه السلام أخر الإقامة) ش: أي إقامة الحد: (إلى أن تم الإقرار منه) ش: أي من ماعز رضي الله عنه. م: (أربع مرات في أربعة مجالس فلو ظهر دونها) ش: أي فلو ظهر إقراره موجبا للحد دون الأربع، أي أربع مرات. م:(لما أخرها) ش: أي لما أخر إقامة الحد. م: (لثبوت الوجوب) ش: حاصل المعنى: لو كان الإقرار مرة واحدة كان لم يؤخر، لأن إقامة الحد عند [تلك] الصورة واجب، وتأخير الواجب لا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: إذا لم يثبت الحد بإقراره مرة واحدة، فقد اعترف بالوطء لا يوجب الحد، ويوجب المهر وإذا وجب المهر، لا يجب الحد مما بعد، لأن المهر والحد لا يجتمعان في وطء واحد.
أجيب: بأن الإقرار أربع مرات، ولما اعتبر حجة لإثبات الزنا لم يتعلق بوجوب المهر بالإقرار مرة واحدة فقد اعترف بوطء لا يوجب، وإنما الحكم موقوف بأن تمت الحجة، ووجب الحد، وإن لم يتم، وجب المهر.
فإن قيل: إنما أعرض النبي صلى الله عليه وسلم لأنه اتهمه أي في عقله، فقد جاء أشعث أغبر مغير اللون، إلا أنه لما أصر على الإقرار [....] قبله، بعد ذلك، ثم لزوال الشبهة بالسؤال.
فقال: أبك جنون؟، أما تغير الحال بدليل التوبة والخوف من الله عز وجل، لا دليل الجنون وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبك جنون؟، تلقينا لما يدرأ بالحد، كما يقال، لعلك وطئتها لترجع عن الزنا إلى الوطء بشبهة فيسقط الحد عنه، وكما قال للسارق أسرقت، ما أخاله سرق، ولأن الشهادة فيه دليل معقول، فظن جواب عن اعتبار الشافعي رحمه الله بسائر الحقوق وتقريره.
م: (ولأن الشهادة فيه) ش: أي في الزنا. م: (اختصت بزيادة العدد) ش: لأجل التغليظ ولم يختص سائر الحقوق بذلك. م: (فكذا الإقرار) ش: اشترط أربع مرات، لأن إحدى الحجتين لما اختصت بزيادة ليست في سائر الحقوق، فكذلك في الحجة الأخرى. م:(إعظاما لأمر الزنا وتحقيقا لمعنى الستر) ش: أي لأجل تعظيم أمر الزنا وتحقيق معنى الستر، لأن الستر مندوب منه كما ذكرنا.
ولا بد من اختلاف المجالس لما روينا. ولأن لاتحاد المجلس أثرا في جمع المتفرقات فعنده يتحقق شبهة الاتحاد في الإقرار والإقرار قائم بالمقر فيعتبر اختلاف مجلسه دون مجلس القاضي. فالاختلاف بأن يرده القاضي كلما أقر فيذهب حيث لا يراه ثم يجيء فيقر، هو المروي عن أبي حنيفة رحمه الله لأنه عليه السلام طرد ماعزا رضي الله عنه في كل مرة حتى توارى بحيطان المدينة. قال: فإذا تم إقراره أربع مرات سأله عن الزنا، ما هو وكيف هو وأين زنى وبمن زنى، فإذا بين ذلك لزمه الحد، لتمام الحجة، ومعنى السؤال عن هذه الأشياء بيناه في الشهادة.
ــ
[البناية]
م: (ولا بد من اختلاف المجالس) ش: أي في الإقرار خلافا لأحمد وابن أبي ليلى - رحمهما الله -. م: (لما روينا) ش: أشار إلى قوله لأنه صلى الله عليه وسلم، أخر الإقامة إلى أن تم الإقرار منه أربع مرات في أربعة مجالس. م:(ولأن لاتحاد المجلس أثرا في جمع المتفرقات) ش: كما في [....] . م: (فعند ذلك) ش: أي عند اتحاد المجلس. م: (تحقيق شبهة الاتحاد في الإقرار) ش: ألا ترى إلى ما قال في حديث ماعز رضي الله عنه، من إقراره خمس مرات فكان منها مرتبا في جهة واحدة.
فلم يعتبر ذلك، ولم يذهب إليه أحد من المجتهدين رحمهم الله. م:(والإقرار قائم بالمقر فيعتبر اختلاف مجلسه) ش: أي مجلس المقر في وجوب الحد. م: (دون مجلس القاضي) ش: وفي بعض النسخ فيصير اتحاد مجلسه أي يعتبر اتحاد المجلس المقر في عدم وجوب الحد، لا مجلس القاضي.
م: (والاختلاف) ش: أي اختلاف مجلس بأن يرده القاضي في كل مرة بأن يقول إنك مجنون ولعلك قبلتها أو لمستها فقال بعضهم، يعتبر اختلاف مجلس القاضي، والصحيح الأول.
كذا في " شرح الطحاوي "، وفي المصنف رحمه الله الاختلاف بقوله:
م: (بأن يرده القاضي كلما أقر فيذهب حيث لا يراه ثم يجيء فيقر، هو المروي عن أبي حنيفة رحمه الله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم طرد ماعزا في كل مرة حتى توارى) ش: أي استتر. م: (بحيطان المدينة) ش: هذا الحديث، بهذا اللفظ غريب ومعناه، ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:«جاء ماعز بن مالك رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تعذرني فقال له: تلك، ما يدريك من الزنا، فأمر به فطرد وأخرج، ثم أتاه الثانية فقال مثل ذلك فأمر به فطرد ثم أتاه الثالثة فقال له ذلك، فأمر به فطرد وأخرج ثم أتاه الرابعة فقال له: مثل ذلك، [قال] أدخلت وأخرجت قال نعم فأمر به أن يرجم.....» الحديث.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله في " مختصره " م: (فإذا تم إقراره أربع مرات سأله عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى وبمن زنى، فإذا بين ذلك لزمه الحد) ش: هذا كله لفظ القدوري وقال المصنف عقبه. م: (لتمام الحجة) ش: أي لتمام الدليل الموجب لإقامة الحد. م: (ومعنى السؤال عن هذه الأشياء) ش: أي عن الزنا، وكيفيته ومكانه من المزني بها. م:(بيناه في الشهادة) ش: على
ولم يذكر السؤال فيه عن الزمان وذكره في الشهادة، لأن تقادم العهد، يمنع الشهادة دون الإقرار، وقيل: لو سأله جاز لجواز أنه زنى في صباه، فإن رجع المقر عن إقراره قبل إقامة الحد أو في وسطه، قبل رجوعه وخلى سبيله، وقال الشافعي رحمه الله: وهو قول ابن أبي ليلى رحمه الله، يقيم عليه الحد.
ــ
[البناية]
الزنا، وهو تحقيق ما يوجب بها الحد. م:(ولم يذكر السؤال) ش: أي القدوري. م: (فيه) ش: أي في الإقرار. م: (عن الزمان) ش: أي عن سؤال الزمان. م: (وذكره) ش: أي والحال أنه ذكره، أي ذكر السؤال عن الزمان.
م: (في الشهادة) ش: على الزنا أن يقول متى زنيت. م: (لأن تقادم العهد) ش: أي الزمان. م: (تمنع قبول الشهادة) ش: لتهمة ألحقه، والمرء لا يتهم على نفسه، فيقل إقراره وإن تقادم العهد، وهو معنى قوله. م:(دون الإقرار وقيل لو سأله جاز) ش: أي لو سأله الزمان جاز، قالوا في الفتاوى: ويجوز أن يسأل الزمان في الإقرار أيضا.
م: (لجواز أنه زنى في صباه) ش: أي في حالة الصغر. م: (فإن رجع المقر) ش: أي المقر بالزنا إذا رجع. م: (عن إقراره قبل إقامة الحد أو في وسطه قبل رجوعه وخلى سبيله، وقال الشافعي رحمه الله: وهو قول ابن أبي ليلى رحمه الله يقيم الحد عليه) ش: يعني لا يقبل رجوعه بعد الإقرار، ويلزمه الحد.
واسم ابن أبي ليلى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله قاضي الكوفة، واسم أبي ليلى رحمه الله يسار خلاف اليمين وقال الكاكي رحمه الله: كذا وقع في نسخ أصحابنا يعني ذكر خلاف الشافعي رحمه الله هنا، ولكن خرج في كتب أصحاب الشافعي رحمه الله أنه لو أقر على نفسه بالزنا، ثم رجع، يسقط عنه الحد.
وكذا لو رجع بعدما أقيم الحد، يترك الباقي، قبل قولنا.
وعن أحمد رحمه الله مثل قولنا، وعن الإمام مالك في قول الرجوع روايتان، وقال الكاكي أيضا: ثم اختلاف المجلس في الشهادة يمنع قبول الشهادة في الزنا وبه قال مالك وأحمد والأوزاعي والحسن بن صالح، إذا شهدوا بالزنا متفرقين يحدون حد القذف.
قال الشافعي: وعثمان رضي الله عنه[
…
] لا يحدون حد القذف، إذا كان الزنا واحدا، فلا يشترط اتحاد المجلس، وحد اتحاده، ما دام الحاكم جالسا لأن النص شرط الأربع مطلقا، فلا يفيد باتحاد المجلس كسائر الشهادات ولنا قول عمر رضي الله عنه لو جاءوا مثل ربيعة ومضر كل فرادى لجلدتهم.
ولو كان الزوج أحدهم يقبل عندنا، خلافا للشافعي رحمه الله هو يقول فيه تهمة
لأنه وجب الحد بإقراره. فلا يبطل برجوعه وإنكاره. كما إذا وجب بالشهادة وصار كالقصاص وحد القذف. ولنا أن الرجوع خبر محتمل للصدق كالإقرار. وليس أحد يكذبه فيه، فيتحقق الشبهة في الإقرار. بخلاف ما فيه حق العبد وهو القصاص. وحد القذف لوجود من يكذبه. ولا كذلك ما هو خالص حق الشرع.
ويستحب للإمام أن يلقن المقر الرجوع فيقول له: لعلك لمست أو قبلت. «لقوله عليه السلام لماعز رضي الله عنه لعلك لمستها أو قبلتها» وقال في الأصل: وينبغي أن يقول له الإمام لعلك تزوجتها أو وطئتها بشبهة.
ــ
[البناية]
ونحن نقول إنه يعير بزنا امرأته فكان أبعد عن التهمة كشهادة الوالد على الولد.
م: (لأنه وجب الحد بإقراره فلا يبطل برجوعه وإنكاره، كما إذا وجب) ش: أي الحد. م: (بالشهادة وصار كالقصاص وحد القذف) ش: أي صار حكم هذا كحكم من يرجع في القصاص عن حد القذف إذا ثبت أن الإقرار حيث لا تقبل الرجوع. م: (ولنا أن الرجوع خبر يحتمل الصدق كالإقرار وليس أحد يكذبه فيه) ش: أي في الرجوع. م: (فيتحقق الشبهة في الإقرار) ش: فتعارض الرجوع مع الإقرار يسقط الحد، لأن الحدود تندرئ بالشبهات.
م: (بخلاف ما فيه حق العبد وهو القصاص وحد القذف لوجود من يكذبه) ش: هو الخصم. م: (ولا كذلك ما هو خالص حق الشرع) ش: فإن أحدا يكذبه فصح الرجوع فيه، لكن إذا اغتر بالسرقة ثم رجع صح رجوعه، في حق القطع، ولا يصح في حق المال، كذا في " شرح الطحاوي ".
م: (ويستحب للإمام أن يلقن المقر الرجوع ويقول له لعلك لمست أو قبلت لقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم. م: (لماعز رضي الله عنه «لعلك قبلتها أو فمسستها» ش: هذا كلام القدوري في " مختصره " يروي هذا الحديث بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك عن حفص بن عمر العدني، حدثنا الحاكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن ماعزا رضي الله عنه أتى إلى رجل من المسلمين فقال: إني أصبت فاحشة فما تأمرني فقال له: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له: لعلك قبلتها، قال: لا، قال: لمستها، قال: لا، قال: ففعلت بها كذا أو لم يكن، قال: نعم، قال: اذهبوا به فارجموه» وسكت الحاكم عنه. وتعقبه الذهبي رحمه الله في " مختصره " فقال: وحفص بن عمر العدني ضعفوه، والحديث عند البخاري بلفظ «لعلك قبلت أو لمست أو نظرت، قال: لا، قال: أفنكتها؟ قال: نعم، فعند ذلك أمر برجمه» وعند أحمد رحمه الله في " مسنده «لعلك قبلت أو لمست أو نظرت» . م: (وقال في الأصل) ش: أي في " المبسوط " م: (وينبغي أن يقول له الإمام لعلك تزوجتها أو وطئتها بشبهة) ش: قال في " المبسوط ": يرد الإمام المعترف بالزنا في المرة الأولى والثانية والثالثة،
وهذا قريب من الأول في المعنى.
ــ
[البناية]
فإن عاد الرابعة فأقر عنده لما سأله عن الزنا ما هو وكيف هو، فإذا صنعه وأثبته قال له لعلك تزوجتها أو وطئتها بشبهة.
م: (وهذا) ش: أي المذكور في الأصل. م: (قريب من الأول في المعنى) ش: أي قريب بما قاله القدوري رحمه الله، لأن في كل منهما تلقين الرجوع للمقر، حتى لو قال المقر نعم سقط الحد.