الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الكفارة
قال:
كفارة اليمين
عتق رقبة يجزئ فيها ما يجزئ في الظهار، وإن شاء كسا عشرة مساكين كل واحدة ثوبا فما زاد وأدناه ما يجوز فيه الصلاة
ــ
[البناية]
[فصل في الكفارة][كفارة اليمين]
م: (فصل في الكفارة) ش: أي هذا فصل في بيان الكفارة، ولما فرغ من بيان الموجب بكسر الجيم وهو الحنث شرع في بيان الموجب بالفتح، وهو الكفارة، لأنها موجبة عند الحنث، فإن اليمين سبب الكفارة بطريق الانقلاب.
وقال بعض أصحاب الشافعي: اليمين سبب عند الحنث كملك النصاب عند تمام الحول. وقال عامة أصحابه السبب اليمين، والحنث جميعًا لأنه لو كان مجرد اليمين سبب لوجبت الكفارة. وإن لم يوجد الحنث، لكن يلزم عليهم أن لا يجوز الكفارة، قبل الحنث لعدم السبب قبله، ولهذا اختار صاحب " الوجيز " الأول.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وكفارة اليمين عتق رقبة يجزئ فيها ما يجزئ في الظهار) ش: بعين الرقبة المسلمة والكافرة، والذكر والأنثى والصغير والكبير، إن الله عز وجل أطلق الرقبة في الموضعين ولم يقيد فجاز هنا ما جاز ثمة ولا تجزئ العمياء ولا المقطوعة اليدين أو الرجلين والمقطوع يده ورجله من جانب الواحد، بخلاف العوراء، ومقطوعة إحدى اليدين وأحد الرجلين، وفي الأصم اختلاف المشايخ والأصح الجواز إذا صح [......] .
م: (وإن شاء كسا عشرة مساكين كل واحد ثوبًا) ش: علم أن الواجب على الغني أحد الأشياء الثلاثة وهي عتق رقبة وكسوة عشرة مساكين وطعام عشرة منهم، ويتعين ذلك باختيار العبد، لأن كلمة أو في الآية للتخيير وهو مذهب عامة الفقهاء والمتكلمين.
وقال بعضهم: أحدها واجب عينا عند الله تعالى، وإن كان مجهولا عند العباد والله تعالى يعلم أن العبد يختار ما هو الواجب عنده عز وجل.
وقالت المعتزلة: الواجب الكل على البدل على معنى أنه لا يجب تحصيل الكل، ولا يجوز ترك الكل، وإذا أتى بواحد كفى، ثم إن الكسوة إذا اختار الكسوة غير عشرة مساكين لكل مسكين ثوبًا وإزارًا ورداء وقميصا أو كيسًا أو جبة أو ملحفة، لأن لابس هذه الأشياء يسمى مكتسبًا فيجزئ كل واحد.
م: (فما زاد) ش: أي فما زاد على الثوب م: (وأدناه) ش: أي أدنى الثوب م: (ما يجوز فيه الصلاة) ش: لأن لبس ما لا يجوز فيه الصلاة لا يسمى لابسًا.
وإن شاء أطعم عشرة مساكين كالإطعام في كفارة الظهار، والأصل فيه قَوْله تَعَالَى:{فكفّارته إطعام عشرة مساكين} [المائدة: 89](المائدة: الآية 89) ، وكلمة أو للتخيير فكان الواجب أحد الأشياء الثلاثة.
فإن لم يقدر على أحد هذه الأشياء الثلاثة صام ثلاثة أيام متتابعات، وقال: الشافعي: رحمه الله يخير لإطلاق النص. ولنا قراءة ابن مسعود رضي الله عنه فصيام ثلاثة أيام متتابعات - وهي كالخبر المشهور.
ــ
[البناية]
م: (وإن شاء أطعم عشرة مساكين كالإطعام في كفارة الظهار) ش: يعني لكل واحد من عشرة مساكين صاعًا من تمر أو شعير أو نصف صاع من حنطة أو دقيق أو سويق.
فإن دعا عشرة مساكين فغداهم وعشاهم أجزأه، ولذلك إن أطعم خبزًا ليس معه إدام، وإن غداهم وعشاهم وفيهم صبي فيظلم أو فوق ذلك شيئًا لم يجزئه وعليه إطعام مسكين واحد، كذا ذكر الحاكم وغيره.
م: (والأصل فيه) ش: أي في وجوب الكفارة م: (قَوْله تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] ..... الآية المائدة: الآية 89) ش: أي أقر الآية، أو الآية فيهما، فعلى الأول النصب على المفعول به، وعلى الثاني الرفع على الابتداء بحذف الخبر م:(وكلمة أو للتخيير فكان الواجب فيه) ش: أي في التكفير م: (أحد الأشياء الثلاثة) ش: لأن هذا يقتضي التخيير.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (فإن لم يقدر على أحد هذه الأشياء الثلاثة) ش: لأن المعسر لا يقدر على شيء من ذلك م: (صام ثلاثة أيام متتابعات) ش: فإن صامها متفرقة لم يجزئه م: (وقال الشافعي: يخير) ش: يعني إن شاء فرق، وإن شاء تابع م:(لإطلاق النص) ش: أي القرآن، وبه قال مالك وأحمد في رواية. وظاهر مذهب أحمد كقولنا، وهو قول الشافعي.
فإن قيل: الشافعي يحمل المطلق على المقيد في حادثة أو حادثتين فكيف لم يحمل فيهما مع ورود القرابة مطلقًا ومقيدًا.
قلنا: إنه يقول لعارض هنا أصلان متعارضان أحدهما مقيد بالتفريق، وهو صوم المتعة في الحج. والثاني مقيد بالتابع، وهو صوم كفارة الظهار والقتل، فلا يمكن إلحاقه بأحدهما إذ إلحاقه بأحدهما يوجب ترك العمل لنص الآخرون.
م: (ولنا قراءة ابن مسعود رضي الله عنه فصام ثلاثة أيام متتابعات وهي) ش: أي قراءة ابن مسعود هنا م: (كالخبر المشهور) ش: قال الأترازي: وقراءته كانت مشهورة في زمن أبي حنيفة، ويجوز الزيادة على النص بالمشهور.
وقال تاج الشريعة: لأنها نقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتهرت في السلف [.....] والزيادة بالخبر المشهور صحيحة.
ثم المذكور في الكتاب في بيان أدنى الكسوة مروي عن محمد
ــ
[البناية]
وقال الكاكي: كالخبر المشهور، لأنه يقرأ سماعًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يثبت قراءته لعدم التواتر، فصار كالرواية المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فصح التقييد بها، وعندنا لا يحمل المطلق على المقيد كما في صدقة الفطر لإمكان العلم بهما، وها هنا غير ممكن، لأنهما في حكم واحد في حادثة واحدة، وهو الصوم، لأنه لا يقبل وصفين قضاء دين في وجوده.
فإذا ثبت تقييده بالتتابع في تلك القراءة لم يبق مطلقًا ضرورة، بخلاف صدقة الفطر، فإنهما وردا في السبب، ولا منافاة بين الشيئين، وأما صوم المتعة لم يجز قبل أيام النحر، لأنه لم يشرع قبلها لا لأن التفريق واجب.
م: (ثم المذكور في الكتاب) ش: قال الكاكي: أي في المشهور، وقال الأترازي: أي في " مختصر القدوري "، وأراد بالمذكور في قوله في أول الفصل، وأدناه ما يجوز فيه الصلاة م:(في بيان أدنى الكسوة مروي عن محمد رحمه الله) ش: مروي خبر المبتدأ، أعني قوله المذكور، والمذكور هو أدنى ما يجوز فيه الصلاة وهو السراويل، وبه قال أحمد وفي السراويل: اختلاف الرواية.
وقال في " نوادر هشام ": لا يجوز، في " نوادر " ابن سماعة يجوز، كذا في " الأجناس ". وقال الكرخي في " مختصره ": لا يجزئ في ذلك العمامة ولا القلنسوة ولا السراويل، روى ذلك ابن سماعة وبشر وعلي بن الجعل عن أبي يوسف، ورواه أبو عمر، ومحمد الكتابي في إملاء محمد عنه كذلك. لأن لابسه يسمى عريانًا، فلا يتناوله اسم الكسوة.
وفي " الخلاصة ": عن محمد: إن أعطى المرأة لا يجوز، وإن أعطى الرجل يجوز لجواز صلاته فيه كالقميص، وذكر ابن شجاع في كتاب " الكفارات " من وصفه قال أبو حنيفة: إن كانت العمامة قدرها قدر الإزار الشائع أو ما يقطع قميصًا يجزئ وإلا لم يجزه.
وهذا كله إذا كسى رجلًا، فأما إذا كسى امرأة، قال الطحاوي: يزيد فيه الخمار؛ لأن رأسها عورة لا يجوز الصلاة إذا كانت مكشوفة، وقال الحاكم الشهيد رحمه الله في " الكافي ": فإن أعطى كل مسكين نصف ثوب لم يجزه من الكسوة، ولكنه يجزئ من الطعام إذا كان نصف ثوب يساوي نصف صاع من حنطة.
ولو أعطى عشرة مساكين ثوبًا بينهم، وهو ثوب كثير القيمة يصيب كل إنسان منه أكثر من درع وخمار.
وقال الشافعي: يعتبر ما يطلق على اسم الكسوة حتى يجوز قميص أو سراويل أو عمامة أو جبة أو قميصًا أو مقنعة أو إزارًا أو رداء أو طرًا، لأن الاسم يقع على جميع ذلك، وله في الفدرة والخف وجهان، وعندنا ومالك وأحمد: لا يجوز القلنسوة والخف.