الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«وصلى النبي عليه السلام على الغامدية بعدما رجمت»
وإن لم يكن محصنا وكان حرا فحده مائة جلدة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2](النور: الآية 2) ، إلا أنه انتسخ في حق المحصن، فبقي في حق غيره معمولا به. قال: يأمر الإمام بضربه بسوط لا ثمرة له ضربا متوسطا؛ لأن عليا رضي الله عنه لما أراد أن يقيم الحد كسر ثمرته.
ــ
[البناية]
وصح في السنن أيضا «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الغامدية ودفنت» وفي حديثها: «لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له» وصاحب المكس: هو العشار منها، والمكس ما يأخذه.
[وجب الحد وكان الزاني غير محصن]
م: (وإن لم يكن) ش: أي وإن لم يكن الزاني المقر م: (محصنا وكان حرا فحده مائة جلدة، لقوله عز وجل {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] ش: قوله الزانية مبتدأ، والزاني عطف عليه، والخبر محذوف تقديره فيما فرض عليكم، الزانية والزاني، أي حكمهما وهو الجلد ويجوز أن يكون الخبر قوله فاجلدوا، وهو مذهب المبرد، والأول مذهب الخليل وسيبويه. ودخول الباء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط، لأن الألف واللام فيه بمعنى الذي أي التي زنت والذي زنى فاجلدوهما، كقولك من زنى فاجلدوا، كذا قرره الأترازي وفيه تأمل.
م: (إلا أنه انتسخ في حق المحصن فبقي في حق غيره معمولا به) ش: في حق المحصن بآية أخرى غيره، بيانه أن قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2] (النور: الآية 2) ، والآية عامة في المحصن وغيره، وإلا أنه انتسخ في حق آية أخرى، فنسخت تلاوتها وبقي حكمها، والآية الأخرى هي قوله - الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله، والله عزيز حكيم - رواها عمر رضي الله عنه في خطبته بحضرة الصحابة رضي الله عنهم من غير نكير.
وقال: إن مما يتلى في كتاب الله: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله، والله عزيز حكيم، ولا يتمه في روايته إلا أن الله تعالى صرفها من قلوب العباد لحكمة لم يكتبها عمر في المصحف، وقال: لو كان يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها.
م: (يأمر الإمام بضربه) ش: أي بضرب الزاني غير المحصن م: (بسوط لا ثمرة له) ش: ثمرة السوط عقد أطرافه، ذكره في " الصحاح ". وقيل المراد بالثمرة ذنبه وطرفه، لأنه إذا كان ذلك يصير الضربة ضربتين.
وهذا أصح، لما روي أن عليا رضي الله عنه جلد الوليد بسوط له طرفان، وفي رواية له ذنبان أربعين جلدة، فكانت الضربة ضربتين، والأول هو المشهود م:(ضربا متوسطا) ش: أي بين القوي والضعيف، والآن يفسره المصنف، لما روي م: لأن عليا رضي الله عنه لما أراد أن يقيم الحد كسر ثمرته) ش: هذا غريب.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عيسى بن يونس عن حنظلة العدوي، قال: سمعت
والمتوسط بين المبرح وغير المؤلم لإفضاء الأول إلى الهلاك وخلو الثاني عن المقصود، وهو الانزجار، وينزع عنه ثيابه معناه دون الإزار؛ لأن عليا رضي الله عنه كان يأمر بالتجريد في الحدود، ولأن التجريد أبلغ في إيصال الألم إليه،
وهذا الحد مبناه على الشدة في الضرب.
ــ
[البناية]
أنس بن مالك رضي الله عنه يقول كان يؤمر بالسوط فيقطع ثمرته، ثم يدق بين حجرين، حتى يلين ثم يضرب به.
قلنا لأنس: في زمان من كان، قال: في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وروى عبد الرزاق في مسنده عن معمر «عن يحيى بن أبي كثير أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدا فأقمه علي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط، فأتي بسوط جديد عليه ثمرته فقال: لا، سوط دون هذا، فأتي بسوط مكسور العجز فقال: لا، سوط فوق هذا، فأتي بسوط بين السوطين فأمر به فجلد.»
م: (والمتوسط بين المبرح وغير المؤلم) ش: والمبرح غير [المؤلم] بكسر الراء من برح في هذا الأمر غلط على، واشتد ومن برحاء الحمى، وغيرها شدة الأذى، والمؤلم بكسر اللام أي الموجع من الإيلام م:(لإفضاء الأول إلى الهلاك) ش: المبرح م: (وخلو الثاني) ش: وهو المؤلم م: (عن المقصود وهو الانزجار) ش: وفي " فتاوى الولوالجي " إذا كان رجل وجب عليه الحد وهو ضعيف الجلد فخيف عليه الهلاك إذا ضرب، يجلد جلدا خفيفا مقدار ما يتحمله.
م: (وينزع عنه ثيابه) ش: هذا لفظ القدوري، وقال المصنف م:(معناه دون الإزار) ش: يعني معنى كلام القدوري ينزع ثياب الزاني غير المحصن دون الإزار م: (لأن عليا رضي الله عنه كان يأمر بالتجريد في الحدود) ش: وهذا غريب وقد روي عنه خلاف رواية عبد الرزاق في " مصنفه "، أخبرنا الثوري عن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن علي رضي الله عنه أنه أتي برجل في حد وعليه كساء قسطلاني فضربه قاعدا.
م: (ولأن التجريد أبلغ في إيصال الألم إليه) ش: أي إلى المضروب، وبخلافه [ما] رواه عبد الرزاق في " مصنفه " عن ابن عيينة عن مطرف عن الشعبي قال: سألت المغيرة بن شعبة عن القاذف، أتنزع عنه ثيابه؟ قال: لا تنزع عنه، إلا أن يكون فروا أو محشوا.
وقال أخبرنا الثوري عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود قال: لا يحل في هذه الأمة التجريد ولا أمد، ولا غل، ولا صفد.
م: (وهذا الحد) ش: أي حد الزنا م: (مبناه على الشدة في الضرب) ش: احترز به عن حد القذف، فإن القاذف يضرب وعليه ثيابه ولكن ينزع عنه الفرو، والحشو.
وفي نزع الإزار كشف العورة فليتوقاه، ويفرق الضرب على أعضائه لأن الجمع في عضو واحد، قد يفضي إلى التلف. والحد زاجر لا متلف، قال إلا رأسه ووجهه وفرجه، «لقوله عليه السلام للذي أمره بضرب الحد: اتق الوجه والمذاكير» .
ــ
[البناية]
وبه قال مالك رحمه الله، وقال الشافعي وأحمد: لا ينزع بل يترك عليه قميص أو قميصان م: (وفي نزع الإزار كشف العورة فليتوقاه) ش: يعني يحترز منه ولا ينتزع م: (ويفرق الضرب على أعضائه) ش: أعضاء المحدود على الكتفين والذراعين والعضدين والساقين والقدمين.
م: (لأن الجمع) ش: أي جمع الضرب م: (في عضو واحد قد يفضي إلى التلف) ش: وذلك غير مستحق عليه م: (والحد زاجر لا متلف) ش: يعني الحد شرع للزجر لا للإتلاف م: (قال) ش: أي القدوري م: (إلا رأسه ووجهه وفرجه) ش: هذا استثني من قوله ويعرف الضرب على أعضائه. وقال الحاكم الشهيد في " الكافي ": ويعطى كل عضو حظه من الضرب، ما خلا الوجه والرأس والفرج، وفي قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف رحمه الله يضرب الرأس أيضا. وكان قوله والأقوال مثل قول أبي حنيفة رحمه الله في " شرح الطحاوي " وروي عن أبي يوسف أنه قال: يضرب على الرأس ضربة واحدة.
وعند الشافعي رحمه الله يضرب كله على الظهر، وكذا ذكر عن الشافعي رحمه الله في " الكافي "، و " المنظومة "، وهذا خلاف ما ذكر في كتبه المشهورة، ولهذا قال في " شرح المجمع ": يتركب ذكر الخلاف، وعن مالك يخص الضرب على الظهر وما يليه.
وروى ابن سماعة عن محمد رحمه الله أنه يضرب الظهر في التعزير، وفي الحدود يضرب الأعضاء، وقال الحسن بن صالح: يضرب في التعزير أيضا الأعضاء كلها إلا الوجه والمذاكير.
ولا خلاف في اتقاء الوجه والفرج م: (لقوله صلى الله عليه وسلم للذي أمره بضرب الحد، «اتق الوجه والمذاكير» ش: هذا الحديث غريب مرفوعا [....] ، وروي موقوفا عن علي رضي الله عنه رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه "، حدثنا حفص بن عمر عن ابن أبي ليلى رحمه الله عن عدي بن ثابت عن عكرمة بن خالد عن علي رضي الله عنه " قال: أتى عليا رجل في حد فقال: اضرب وأعط كل عضو حقه، واتق الوجه والمذاكير " ورواه عبد الرزاق أيضا في " مصنفه "، والمذاكير: جمع الذكر، على خلاف القياس، كأنهم فرقوا بذلك الجمع بين المذكور الذي هو الفحل، وبين الذكر الذي هو العضو.
والنهي عن ضرب الوجه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول
ولأن الفرج مقتل والرأس مجمع الحواس، وكذا الوجه وهو مجمع المحاسن أيضا، فلا يؤمن فوات شيء منها بالضرب وذلك إهلاك معنى، فلا يشرع حدا، وقال أبو يوسف رحمه الله يضرب الرأس أيضا رجع إليه، وإنما يضرب سوطا لقول أبي بكر رضي الله عنه اضربوا الرأس فإن فيه شيطانا، قلنا تأويله، أنه قال ذلك فيمن أبيح قتله، ذلك ورد في مشرك من أهل الحرب.
ــ
[البناية]
الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه» وأخرج مسلم عن جابر رضي الله عنه قال «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجهين وعن الوشم في الوجه.»
م: (ولأن الفرج مقتل) ش: أي موضع قتل يؤدي إلى الهلاك م: (والرأس مجمع الحواس) ش: فيخاف منها على غاية عقله وعامة حواسه م: (وكذا الوجه وهو مجمع المحاسن أيضا) ش: هو جمع حسن على خلاف القياس م: (فلا يؤمن فوات شيء منها) ش: أي من الحواس والمحاسن م: (بالضرب وذلك إهلاك معنى) ش: لأنه يضرب مثله وهي منهية فإذا كان كذلك م: (فلا يشرع حدا) ش: أي فلا يشرع شيء من ذلك من حيث الحد.
م: (وقال أبو يوسف رحمه الله يضرب الرأس أيضا رجع إليه) ش: أي إلى ضرب الرأس كان يقول أولا لا يضرب الرأس ثم رجع وقال م: (وإنما يضرب سوطا) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله في أظهر الوجهين وفي " الإيضاح ": ولا يضرب الرأس عادة، لأن ضربه سوطا وسوطين يخشى منه؛ يجيء منه الفساد.
روى صاحب " الأجناس " من كتاب الحدود، أملاه رواية أبي سليمان، قال أبو يوسف: يتقي الوجه والفرج والبطن والصدر، ويضرب الرأس، وقال في " الكامل " ومن نص مشايخنا لا يضرب الصدر والبطن لأنه يقتل كالرأس.
م: (لقول أبي بكر رضي الله عنه اضربوا الرأس فإن فيه شيطانا) ش: هذا رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه ": حدثنا وكيع عن المسعودي عن القاسم أن أبا بكر رضي الله عنه أتي برجل انتفى من أبيه، فقال أبو بكر رضي الله عنه اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس، والمسعودي ضعيف.
م: (قلنا تأويله) ش: أي تأويل قول أبي بكر رضي الله عنه م: (أنه قال ذلك) ش: أي اضربوا الرأس م: (فيمن أبيح قتله) ش: قال الأترازي: وأمر أبي بكر ليس حجة لأبي يوسف م: (ذلك ورد في مشرك من أهل الحرب) ش: محلوق الرأس وضرب رأسه وجب، والهلاك مستحق، كذا أجاب عنه فخر الإسلام وغيره، في شرح " الجامع الصغير "، انتهى.
قلت: فيه نظر من وجوه:
كان من دعاة الكفرة، والإهلاك فيه مستحق، ويضرب في الحدود كلها قائما. غير ممدود؛ لقول علي رضي الله عنه: يضرب الرجال في الحدود قياما والنساء قعودا، ولأن مبنى إقامة الحد على التشهير، والقيام أبلغ فيه ثم قوله غير ممدود فقد قيل: المد أن يلقى على الأرض ويمد، كما يفعل في زماننا، وقيل أن يمد السوط فيرفعه الضارب فوق رأسه، وقيل أن يمده بعد الضرب.
ــ
[البناية]
الأول: أن أمر أبي بكر رضي الله عنه ورد في رجل ابتغى من أبيه ولم يذكر فيه، من مشرك من أهل الحرب.
الثاني: إن المشرك من أهل الحرب إذا دخل دار الإسلام بأمان لا يقتل، والظاهر أن أحدا منهم لا يدخل إلا بأمان فلا يقتل.
الثالث: لو سلمنا أن هذا المشرك إذا استحق القتل يقتل بلا ضرب على رأسه، لأن الشارع أمر بإحسان القتل، وهذا كله على تقدير أن يكون أمر أبي بكر رضي الله عنه صحيحا، وهو ضعيف.
كذا ذكرنا فلا يحتاج إلى تطويل الكلام فيه، ونقل أنه - أي أن أمر أبي بكر رضي الله عنه ورد في حربي م:(كان من دعاة الكفر عنه) ش: أي يدعو الناس إليهم، وقد مر الكلام فيه م:(والإهلاك فيه) ش: أي هذا الحربي الذي هو من دعاة الكفرة م: (مستحق) ش: والتعذيب بضرب الرأس قبل القتل غير مستحق لما ذكرنا م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (ويضرب في الحدود كلها قائما) ش: أي حال كونه قائما م: (غير ممدود لقول علي رضي الله عنه قال: يضرب الرجال في الحدود قياما والنساء قعودا) ش: هذا أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه ".
أخبرني الحسن بن أبي عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي رضي الله عنه قال: يضرب الرجل قائما والمرأة قاعدة في الحد، قوله قياما أي قائمين وقعودا أي قاعدات، كذا قيل.
قلت: القعود جمع قاعدين، وجمع النساء قواعد جمع قاعدة.
م: (ولأن مبنى إقامة الحد على التشهير، والقيام أبلغ فيه) ش: أي في الرجل م: (ثم قوله) ش: أي قول محمد م: (غير ممدود) ش: أي حال كونه غير ممدود، واختلفوا فيه م:(فقد قيل المد أن يلقى على الأرض ويمد كما يفعل في زماننا) ش: بعد أن ينعقد رجل على رأسه والآخر على رجله.
م: (وقيل أن يمد السوط فيرفعه الضارب فوق رأسه وقيل أن يمده بعد الضرب) ش: قال تاج الشريعة رحمه الله يعني بعدما أوقع السوط على البدن لا يمده لأنه زيادة مبالغة لم يرد به الأثر، ولا روي فيه الخبر، وقال بعضهم: لا يمد المحدود بين العقابين كما يفعل بين يدي الظلمة