الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في كيفية الحد وإقامته
وإذا
وجب الحد وكان الزاني محصنا
رجمه بالحجارة حتى يموت؛ «لأنه عليه السلام رجم ماعزا» وقد أحصن. وقال في الحديث المعروف وزنا بعد إحصان.
ــ
[البناية]
[فصل في كيفية الحد وإقامته][وجب الحد وكان الزاني محصنا]
م: (فصل في كيفية الحد وإقامته) ش: أي هذا فصل في بيان كيفية الحد. والكيفية ما يقال به للشيء كيف هذا، وكيف كلمة موضوعة للسؤال عن الحال. قوله وإقامته، أي وفي بيان كيفية إقامة الحد، وذكر هذا الفصل بعد وجوب الحد، لما أن إقامته وكيفيته مرتبة على نفس الحد في الوجود.
م: (وإذا وجب الحد وكان الزاني) ش: أي والحال أنه قد كان الزاني. م: (محصنا رجمه بالحجارة حتى يموت) ش: أي الإمام أو القاضي والمحصن من أحصن الرجل فهو محصن بفتح الصاد.
وهذا أحد ما جاء على أفعل، فهو مفعل، وامرأة محصنة أي متزوجة، وليس في كلامهم أفعل، فهو مفعل إلا ثلاثة أحرف، أحدها هذا، ويقال أسهب من لذع الحية، أي ذهب عقله وهو سهب. قال المراجم: ويقال ألقح الرجل فهو يلقح إذا وقف حاله.
م: (لأنه صلى الله عليه وسلم) ش: أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم. م: (رجم ماعزا رضي الله عنه وقد أحصن) ش: على صيغة المجهول، أي والحال أنه كان محصنا وقد مضى الحديث من رواية البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه «أنه عليه السلام قال له: أحصنت قال: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: اذهبوا به فارجموه.»
م: (قال: وفي الحديث المعروف وزنا بعد إحصان) ش: هذا مروي من حديث عثمان رضي الله عنه وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن أسعد بن سهل عن أبي أمامة الأنصاري «عن عثمان رضي الله عنه " أنه أشرف عليهم يوم الدار، فقال: أنشدكم الله، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث زنا بعد إحصان، وارتداد بعد إسلام، وقتل نفس بغير حق، قالوا: اللهم نعم، قال: فعلام تقتلوني» الحديث.
قال الترمذي: حديث حسن، وروي من حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود في " سننه " عنها قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم ورجل خرج محاربا لله ولرسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض، ورجل قتل نفسا فإنه يقتل بها» .
وعلى هذا إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
قال: ويخرجه إلى أرض فضاء ويبتدئ الشهود برجمه ثم الإمام ثم الناس، كذا روي عن علي رضي الله عنه ولأن الشاهد قد يتجاسر على الأداء ثم يستعظم المباشرة فيرجع فكان في بدايته احتيال للدرء له. وقال الشافعي رحمه الله لا تشترط بدايته اعتبارا بالجلد.
ــ
[البناية]
م: (وعلى هذا إجماع الصحابة) ش: أي على وجوب رجم المحصن إجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين.
وروى الترمذي بإسناده عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر، ورجمت ولولا أني ذكرته أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف، فإني قد خشيت أن يجيء أقوام فلا يجدونه في كتاب الله، فيكفرون به» وحديث عمر رضي الله عنه مذكور في الموطأ أيضا.
قلت: قد كان رجم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بحضرة الصحابة، ولم ينكرها أحد فحل محل الإجماع. وفي " شرح الأقطع ": ولا خلاف في ذلك بين الأمة، إلا ما روي عن الخوارج أن الحد كله الجلد، ولا رجم، وإنما قالوا ذلك لأنهم لا يقبلون أخبار الآحاد، وقولهم لا يلتفت إليه، لأنه خرق الإجماع، والأحاديث فيه كادت أن تكون متواترة.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ويخرجه إلى أرض فضاء، ويبتدئ الشهود برجمه، ثم الإمام، ثم الناس، كذا روي عن علي رضي الله عنه) ش: قوله كذا روي عن علي في المصنف. روى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الله بن إدريس عن زيد عن عبد الله ابن أبي ليلى أن عليا رضي الله عنه كان إذا شهد عنده الشهود على الزنا أمر الشهود أن يرجموا ثم رجم الناس وإذا كان بإقرار بدأ هو فرجم ثم رجم الناس.
م: (ولأن الشاهد قد يتجاسر على الأداء) ش: أي يجترئ على أداء الشهادة كاذبا. م: (ثم يستعظم المباشرة فيرجع فكان في بدايته احتيال للدرء له) ش: أي فكان في ابتداء الشهود بالرجم حيلة لدفع الحد، لأنا أمرنا به.
م: (وقال الشافعي: لا يشترط بدايته) ش: أي بداية الشاهد، وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف رحمهم الله، في رواية م:(اعتبارا بالجلد) ش: حيث لا يشترط فيه بدايتهم، وقالت الشافعية رحمهم الله ولكن يستحب حضورهم وبدايتهم بالرمي.
وكذا لو ثبت الزنا بإقرار لا يشترط حضور الإمام ولا نائبه عندهم، ولكن يستحب حضورهم وبدايتهم بالرمي، وكذا لو ثبت الزنا بالإقرار لا يشترط حضور الإمام.
قلنا: كل أحد لا يحسن الجلد، فربما يقع مهلكا والإهلاك غير مستحق، ولا كذلك الرجم لأنه إتلاف. قال: فإن امتنع الشهود من الابتداء سقط الحد؛ لأنه دلالة الرجوع، وكذا إذا ماتوا أو غابوا، في ظاهر الرواية. لفوات الشرط.
ــ
[البناية]
م: (قلنا: كل أحد لا يحسن الجلد فربما يقع مهلكا والإهلاك غير مستحق) ش: أي في الجلد. م: (ولا كذلك الرجم لأنه إتلاف) ش: لأن فيه مستحق للنقل بخلاف الجلد لأنه للتأديب وللزجر.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (فإن امتنع الشهود من الابتداء سقط الحد لأنه) ش: أي لأن امتناعهم عن الابتداء م: (دلالة الرجوع) ش: وكذا إذا امتنع بعضهم م: (وكذلك) ش: أي سقط الرجم م: (إذا ماتوا) ش: أي الشهود م: (أو غابوا) ش: لأن الشرط بدل لهم وقد تقدم ذلك بالموت والغيبة.
وكذا زعموا أو خرسوا أو جبنوا أو فسقوا أو ارتدوا وقذفوا فحدوا سواء اعترض ذلك قبل القضاء، أو بعد القضاء، قبل الإمضاء؛ لأن الإمضاء من القضاء في باب الحدود، فإذا لم يحصل الإمضاء فكأنه لم يحصل القضاء وقيل بقوله.
م: (في ظاهر الرواية لفوات الشرط) ش: احترازا عما روي عن أبي يوسف رحمه الله في " شرح الطحاوي " أنه قال: لا يبطل الرجم بموت الشهود، ولا يفهم هذا، إذا كان الشهود عليه محصنا. أما إذا كان غير محصن فقد قال الحاكم الشهيد رحمه الله في " الكافي " أقيم عليه الحد في الموت والغيبة، ويبطل فيما سواها، وكذلك ما سوى الحدود من حقوق الناس.
وفي " الذخيرة ": ولو كان الشهود أو بعضهم مقطوع اليدين، أو مرضى لا يستطيعون الرمي وحضروا رمي القاضي، ولو قطعت بعد الشهادة، امتنعت الإقامة، ولو غاب واحد منهم، أو يرجع حتى يحضر كلهم.
وفي " المبسوط ": إذا امتنع الشهود، سقط الرجم. ولكن لا يقام الحد على الشهود، لأنهم ثابتون على الشهادة، لأن الإنسان يمتنع عن القتل بحق ويستحب للإمام أن يأمر طائفة، أي جماعة من المسلمين أن يحضروا لإقامة الحد.
وقد اختلف في عدد الطائفة عن ابن عباس رضي الله عنه وبه قال أحمد رحمه الله وقال عطاء وإسحاق رحمهم الله اثنتان، وقال الزهري: ثلاثة، وقال الحسن البصري رحمه الله عشرة، وقال مالك والشافعي - رحمهما الله - أربعة وفي " الإيضاح " لا بأس بكل من رمى أن يعيد قتله، لأنه المقصود من الرجم، إلا إذا كان الرجم محرما من المرجوم فإنه لا يستحب أن يتعمد قتله.
وقد روي «عن حنظلة بن عامر رضي الله عنه أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل أبيه وكان
وإن كان مقرا ابتدأ الإمام ثم الناس، كذا روي عن علي رضي الله عنه «ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغامدية بحصاة مثل الحمصة وكانت قد اعترفت بالزنا»
ويغسل ويكفن ويصلى عليه؛ «لقوله عليه السلام في ماعز رضي الله عنه اصنعوا به كما تصنعون بموتاكم» ولأنه قتل بحق، فلا يسقط الغسل كالمقتول قصاصا.
ــ
[البناية]
كافرا فمنعه من ذلك، وقال: دعه يكفيك عراؤه» .
م: (وإن كان) ش: أي وإن كان الزاني المحصن م: (مقرا) ش: بالزنا م: (ابتدأ الإمام ثم الناس، كذا روي عن علي رضي الله عنه) ش: وقد ذكرناه عن قريب م: (ورمى النبي صلى الله عليه وسلم الغامدية بحصاة مثل الحمصة وكانت قد اعترفت بالزنا) ش: وهذا رواه أبو داود رحمه الله في سننه، من حديث أبي بكرة عن أبيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة» .
قال أبو داود رحمه الله: حديث عن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا زكريا بن سليم أبو عمران بإسناده نحوه. وزاد: «ثم رماها بحصاة مثل الحمصة، قال: ارموا واتقوا الوجه فلما طفئت أخرجها، فصلى عليها» انتهى.
وهذه المرأة هي الغامدية [....
......] .
م: (ويغسل) ش: أي المرجوم م: (ويكفن ويصلى عليه لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: (لماعز رضي الله عنه «اصنعوا به كما تصنعون بموتاكم» ش: هذا رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، حدثنا أبو معاوية عن أبي حنيفة عن علقمة [بن] مرثد عن ابن بريدة عن أبيه بريدة قال:«لما رجم ماعز قالوا يا رسول الله ما نصنع به؟ قال: اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم من الغسل والكفن والحنوط والصلاة عليه» .
وروي «اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم من أهل الحجاز [
…
] ، وقد رأيته ينغمس في أنهار الجنة» . وعن مالك: لا يصلى على المرجوم، كذا ذكره، ولكن ذكر في " الجواهر " من كتب المالكية غسل وصلي عليه.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن المرجوم م: (قتل بحق، فلا يسقط الغسل كالمقتول قصاصا) ش: فإنه يغسل ويصلى عليه م: (وصلى النبي صلى الله عليه وسلم على الغامدية بعدما رجمت) ش: وقد روى الجماعة إلا البخاري عن ابن حصين " أن «امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، فقالت يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي» .... الحديث، وفيه «ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها»
الحديث.