الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحنث، لأنه يبات فيه عادة، وإن دخل صفة حنث لأنه يبنى للبيتوتة فيها في بعض الأوقات، فصار كالشتوي والصيفي. وقيل: هذا إذا كانت الصفة ذات حوائط أربعة وهكذا كانت صفافهم وقيل: الجواب يجري على إطلاقه وهو الصحيح.
ومن
حلف لا يدخل دارا فدخل دارا خربة
لم يحنث، ولو حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها بعد ما انهدمت وصارت صحراء حنث، لأن الدار اسم للعرصة
ــ
[البناية]
بقوله لأنه في الداخل.
م: (وإن دخل صفة حنث) ش: أي في يمينه لا يدخل بيتًا م: (لأنه يبنى للبيتوتة فيه في بعض الأوقات، فصار كالشتوي والصيفي) ش: الشتوي هو الذي يبنى لأن يبات فيه في الشتاء، والصيفي الذي يبنى، لأن يبات فيه في الصيف، فاستوى له جدران أربعة في واحد منها باب، والصيفي له ثلاث جدران ليس إلا هو وهو الصفة.
وفيه قول بعض المشايخ بخلاف هذا أشار إليه بقوله م: (وقيل هذا) ش: أي حنث بدخول الصفة في المبتدأ لا يدخل بيتا م: (إذا كانت الصفة ذات حوائط أربعة، وهكذا كانت صفافهم) ش: أي صفاف أهل الكوفة، فحينئذ لا يكون فرق بين البيت والصفة، فيحنث. لأنه بيان فيها. وفي " المبسوط ": وفي عرفنا الصفة ذات حوائط ثلاثة قد تكون على هيئة البيت، فلا يكون بيتًا فلا يحنث، وبه قال الشافعي.
وقال الفقيه أبو الليث في شرح الجامع الصغير: ذكر عن أبي حاتم [....] أمشي بغداد، قال: هذه ليلة كانت مشتملة حتى انتهيت إلى الكوفة فرأيت صفافهم مبسوطة، فعلمت أن الأيمان وضعها على تعارفهم.
قال أبو بكر الرازي في شرح " مختصر الطحاوي ": قال أصحابنا: ذلك على حسب عاداتهم كانت بالكوفة يسمون بيتًا في جوف بيت آخر صفة، فأما اسم الصفة في بغداد لا يتناول البيت ولا اسم يتناول الصفة.
م: (وقيل الجواب يجري على إطلاقه) ش: يعني يحنث أي صفة دخلها بصحة البيتوتة، وإليه ذهب المصنف ونبه عليه بقولهم م:(وهو الصحيح) ش: وقال الكاكي: وهو الصحيح احتراز تقيد الصفة بعرفهم، يعني الصحيح الإطلاق لوجود البيتوتة في الصفة.
[حلف لا يدخل دارا فدخل دارا خربة]
م: (ومن حلف لا يدخل دارًا فدخل دارا خربة لم يحنث ولو حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها بعد ما انهدمت وصارت صحراء حنث) ش: وقال الشافعي: لا يحنث في الوجهين، وأشار المصنف إلى العرف بين الوجهين بقوله م:(لأن الدار اسم للعرصة) ش: قال ابن الأثير: العرصة كل موضع واسع لا ينافيه. وقال الجوهري: العرصة كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها شيء من بناء،
عند العرب والعجم، يقال دار عامرة ودار غامرة، وقد شهدت أشعار العرب بذلك
ــ
[البناية]
والجمع العرصات والعراص.
قلت: ومنه عرصات يوم القيامة، وهي شديدة، وهي في لغة العجم كذلك، فلذلك قال المصنف: م: (عند العرب والعجم) ش: وهي بسكون الراء، تفتح في الجمع م:(يقال دار عامرة ودار غامرة) ش: أي دار عامرة بالعين المهملة، ودار غامرة بالغين المعجمة.
قال الجوهري: الغامرة يعني بالغين المعجمة من الأرض خلاف العامرة، يعني بالمهملة. وفي حديث عمر رضي الله عنه جعل على كل جريب عامر أو غامر أو رهمًا ومصرًا. قال ابن الأثير: الغامر يعني بالغين المعجمة ما لم يزرع مما يحتمل الزراعة من الأرض والجواب من الأرض ستون ذراعًا في ستين.
م: (وقد شهدت أشعار العرب بذلك) ش: أي بأن الدار اسم للعرصة، وجاء ذلك في أشعار كثيرة، منها ما قال شعير العامري:
عقب الديار محلها فمقامها
…
بمنى تأبد غواها فرجا بها
قوله عقب ديار الأحباب العرب ما كان منها للحلول دون الإقامة وما كان منها للإقامة وعفى يعفو لازم ويتعدى وهنا لازم، يعني اندرست. قوله بمنى بالتنوين وهو موضع يجمع ضربه هي الحرم. قوله تأبد أقفر وخلا من الوحوش. قوله غواها بفتح الغين المعجمة والرجاء بكسر الراء وبالجيم، وهما جبلان معروفان. وقيل موضعان.
ومنها ما قال السنابقة:
يا دار مية بالعلياء والسند أقوت
…
وطال عليها سالف الأبد
فيها أصيلا لا أسائلها
…
أعقر جوابًا وما بالربع من أحد
يخاطب السنابقة دار مية اسم امرأة. والعلياء موضع مرتفع، وكذلك السند بفتحتين موضع مرتفع من ارتفاع الوادي أو الجيد، ثم أخبر عنها بقوله أقدت أي أقفرت وخلت عن أهلها وذهبوا وطال عليهم ما مضى من مرور الزمان، ثم يقول وقفت عليها عشية أسائلها عن أهلها أين مضوا فلم تقدر على الجواب، ولم يكن فيها أحد يكنى، والأصيلان لا أصله أصلان مصغر أصلان جمع أصيلًا، فأبدلوا من النون لامًا. والأصيل الوقت بعد المغرب، ومنها ما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
تلك دار الألوف أصحت حلا
…
بعد ما يحلها في نشاط
والنشاط شره من الصبي. هذه الأبيات كما ترى دالة على أن الدار سمي دارًا بعد ارتحال
فالبناء وصف فيها غير أن الوصف في الحاضر لغو، وفي الغائب معتبر.
ــ
[البناية]
أهلها عنها وآثارها ودرس رسومها وأطلالها. وقال الأترازي: وقد أورد الفقيه أبو الليث في شرح " الجامع الصغير " والإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي " ها هنا يصلح بضبط الفقهاء، وهي الدار وإن زالت حوائطها. والبيت ليس ببيت بعد أن ينهدم، ثم قال ولكن لا يصلح للاحتجاج به، فإن قائله ليس بمعلوم وإن شاء مثله لكل أحد غير عسير، انتهى. وذكر الكاكي هذا البيت في معرض الاحتجاج فلا بأس به؛ لأنه وإن لم يعرف قائله يصلح للاحتجاج ألا ترى أن النحاة كثيرًا احتجوا بإثبات، لأنه لا يعرف قائلها، غير أنهم إذا عرفوا أن قائلها من السفر المحدثين لم يحتجوا فيها إلا للاستشهاد.
م: (فالبناء وصف فيها) ش: أي في الدار م: (غير أن الوصف في الحاضر لغو، وفي الغائب معتبر) ش: أي هذا إذا كانت الصفة لم تكن داعية إلى اليمين نفعه كون الدار معينة. وفي الغائب إلى المنكر معتبرة، لأن الغائب يعرف بالوصف، فتعلقت اليمين والدار موصوفة بصفة فلا يحنث بعد زوال تلك الصفة وفي المعين لغو لأنه إشارة إلى تعريف فأغنت عن الوصف الذي وضع للتوضيح، فاستوى وجودها وعدمها. وهنا اعتراضان:
الأول: نقض إجمالي، وهو أن يقال هذا. بل بما قال محمد: في كتاب الوكالة لو وكله بشراء دار فاشترى دارًا خربة يلزم الموكل، وينبغي أن لا يقع للموكل، لأن الصفة في الغائب معتبرة. والجواب أن الصفة في النكرة من كل وجه معتبرة، والدار في اليمين منكرة من كل وجه. وفي الوكالة تفرقت من وجه، لأن التوكيل بشرائها إنما يصح عند بيان الثمن أو محله وليست في اليمين كذلك، فلا يلزم من صحته اتفاقًا، والوكالة صحة انعقاد اليمين بلا تحفة الاعتراض.
الثاني: بطريق المعارضة وهو أن يقال إن البناء لا يخلو إما أن يكون داخلًا في المسمى أو لم يكن، فإن كان داخلًا وجب أن لا يختلف الحال بالغيبة والحضور في الدخول كالعرصة، وإن لم يكن داخلًا وجب أن لا يختلف الحال أيضًا في عدم الدخول، كما إذا حلف لا يكلم رجلًا ينعقد يمينه برجل قاعد عالم، أي غير ذلك من الصفات الخارجة عنه. والجواب أن البناء صفة متعينة للدار.
فجاز أن يكون مرادا بحكم العرف المتعين. وفي الرجل التراجم في الصفات ثابت من العلم والفعل والقدرة والصناعة والحسن والجمال، وهذه الصفات بأثرها يمنع إرادتها عادة، وليس البعض أولى من البعض في الإرادة، فتمتنع الإرادة أصلًا كذا ذكره في " النهاية " محالًا عن " الفوائد الظهيرية ".
وقال الأكمل: ورد بأن البناء ضده الخراب ومحل الدار محل نوادرها، فكيف صار البناء صفة متعينة فهو في حيز النزاع. وأقول في جواب المعارضة المذكور من التقسيم غير حاضر أو أن