الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأبي حنيفة رحمه الله: أن المقر لو صدق كانت الخدمة كلها للمنكر ولو كذبه كان له نصف الخدمة فيثبت ما هو المتيقن به وهو النصف ولا خدمة للشريك الشاهد ولا استسعاء؛ لأنه يتبرأ عن جميع ذلك بدعوى الاستيلاء والضمان.
والإقرار بأمومية الولد يتضمن الإقرار بالنسب، وهو أمر لازم ولا يرتد بالرد فلا يمكن أن يجعل المقر كالمستولد، وإن
كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما
، وهو موسر فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: يضمن نصف قيمتها؛ لأن مالية أم الولد غير متقومة عنده ومتقومة عندهما، وعلى هذا الأصل تبتني عدة من المسائل أوردناها في كفاية المنتهى.
ــ
[البناية]
فنصف نفقتها على المنكر، لأن نصف الجارية للمنكر بيقين.
م: (ولأبي حنيفة أن المقر لو صدق) . ش: بتخفيف الدال. م: (كانت الخدمة كلها للمنكر) . ش: لأنها أم ولد له. م: (ولو كذبه) . ش: بتخفيف الذال، أي المقر، ولو كذبه. م:(كان له نصف الخدمة) . ش: لأنها قنة بينهما. م: (فيثبت ما هو المتيقن به وهو النصف) . ش: ويكون النصف الآخر مرقوقاً. م: (ولا خدمة للشريك الشاهد، ولا استسعاء لأنه يتبرأ عن جميع ذلك بدعوى الاستيلاد والضمان) . ش: أما تبرؤه عن الخدمة فبدعوى الاستيلاد، وأما عن الاستسعاء فبدعوى الضمان، وفي كلامه لف ونشر على ما ترى.
[كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما]
م: (والإقرار بأمومية الولد) . ش: هذا جواب عن قولهما انقلب إقرار المقر عليه، كأنه استولدها، تقديره أن الإقرار أحد الشريكين بأمومية الولد. م:(يتضمن الإقرار بالنسب وهو) . ش: أي الإقرار بالنسب. م: (أمر لازم لا يرتد بالرد) . ش: أن الرجل إذا أقر بنسب صغير لرجل وكذبه المقر به، ثم إن ذلك المقر نسب ذلك الصغير لنفسه لا يصح، لأن النسب لا يرتد بالرد. م:(فلا يمكن أن يجعل المقر كالمستولد، وإن كانت أم ولد بينهما) . ش: أي بين اثنين. م: (فأعتقها أحدهما وهو موسر) . ش: أي والحال أنه موسر. م: (فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة) .
م: (وقالا يضمن نصف قيمتها، لأن مالية أم الولد غير متقومة عنده) . ش: أي عند أبي حنيفة. م: (ومتقومة عندهما) . ش: وهذا هو الأصل في المسألة وقول سائر الفقهاء كقولهما. م: (وعلى هذا الأصل تبتنى عدة من المسائل التي أوردناها في " كفاية المنتهى ") . ش: و " كفاية المنتهى " اليوم مفقود، ولكن المسائل التي تبتنى على الأصل مشهورة مذكورة في الكتب، منها إذا مات أحدهما لا تسعى للآخر عنده، وعندهما تسعى، ومنها إذا ولدت بعد ذلك فادعاه أحدهما يثبت نسبه منه وعتق، ولا يضمن من قيمته شيئاً لشريكه عنده، وعندهما يضمن لشريكه نصف قيمته إن كان موسراً أو يسعى الولد في النصف إذا كان معسراً، ومنها لو غصبه غاصب فماتت في يده لا يضمنها عنده ويضمنها عندهما. وفي كوفي الرقبات يضمن عنده في الغصب كما يضمن بالصبي الحر، حتى لو قربها إلى سبع فافترسها يضمن، لأنه ضمان جناية لا ضمان غصب، ويضمن بالقتل
وجه قولهما: أنها منتفع بها وطئا وإجارة واستخداما، وهذا دلالة التقوم وبامتناع بيعها لا يسقط تقومها كما في المدبر، ألا ترى أن أم الولد النصراني إذا أسلمت عليها السعاية، وهذا آية التقوم غير أن قيمتها ثلث قيمتها قنة على ما قالوا لفوات منفعة البيع والسعاية بعد الموت، بخلاف المدبر لأن الفائت منفعة البيع، أما السعاية والاستخدام فباقيان، ولأبي حنيفة رحمه الله أن التقوم بالإحراز، وهي محرزة للنسب لا للتقوم والإحراز للتقوم تابع له، ولهذا لا تسعى للغريم ولا لوارث، بخلاف المدبر
ــ
[البناية]
بالاتفاق، لأنه ضمان جناية.
ومنها أنه لو باعها وسلمها فماتت في يد المشتري لم يضمن عنده، وعندهما يضمن، ومنها أن الأمة الحبلى إذا بيعت فولدت لأقل من ستة أشهر ثم ماتت الأم عند المشتري فادعى البائع الولد يصلح، وعليه أن يرد جميع الثمن عنده، وعندهما يحبس ما يخصه من الثمن.
م: (وجه قولهما أنها) . ش: أي أن أم الولد. م: (منتفع بها وطئاً) . ش: يعني من حيث الوطء. م: (وإجارة) . ش: يعني من حيث الإجارة. م: (واستخداماً، وهذا دلالة التقوم) . ش: يعني من حيث الاستخدام، لأن هذه الأفعال لا تكون إلا بملك اليمين فيها لعدم العقد وملك اليمين لا يكون إلا في مال متقوم. م:(وبامتناع بيعها) . ش: وهذا جواب عما يقال إن بيعها ممتنع، وذلك دليل على عدم التقوم. وأجاب - وبامتناع بيعها - أي بيع أم الولد. م:(لا يسقط تقومها، كذا في المدبر) . ش: فإنه يمنع بيعه، وهو متقوم، وكذا بيع الآبق.
ثم أوضح ذلك بقوله. م: (ألا ترى أن أم ولد النصراني إذا أسلمت عليها السعاية) . ش: بالاتفاق، والسعاية إنما تكون إذا بقي التقويم. م:(وهذا) . ش: أي وجوب السعاية. م: (آية التقويم) . ش: أي علامة التقويم. م: (غير أن قيمتها ثلث قيمتها قنة) . ش: يعني من حيث كونها قنة. م: (على ما قالوا) . ش: أي على ما قال مشايخنا. م: (لفوات منفعة البيع والسعاية بعد الموت) . ش: أي موت المولى، فإنها لا تسعى للغرماء ولا للورثة. م:(بخلاف المدبر، لأن الفائت فيه منفعة البيع، أما السعاية والاستخدام فباقيان) . ش: فإنه يسعى للغرماء ويخدم مولاه إلى أن يموت.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أن التقوم بالإحراز) . ش: بالاقتناء للمتمول، ألا ترى أن العبد قبل الإحراز لا يكون مالاً متقوماً، والآدمي في الأصل ليس بمال ويصير مالاً بإحرازه على قصد التمول ويثبت ملك المتعة تبعاً، فإذا حصنها واستولدها ظهر أن إحرازه لها لملك المتعة لا لقصد التمول، فصار في صفة المالية، لأن الإحراز لم يولد أصلاً فلا يكون متقوماً. م:(وهي محرزة للنسب لا للتقوم والإحراز للتقوم تابع له) . ش: أي للنسب، يعني أنها كانت تجوز للمالية والتقوم قبل الاستيلاد، فلما جوز هذا الاستيلاد للنسب كان الإحراز بالتقوم تابعاً لأنه ظهر أن إحرازه كان للنسب. م:(ولهذا) . ش: أي ولكونها تحرزاً للنسب. م: (لا تسعى للغريم، ولا لوارث بخلاف المدبر)
وهذا لأن السبب فيها متحقق في الحال، وهو الجزئية القائمة بواسطة الولد على ما عرف في حرمة المصاهرة إلا أنه لم يظهر عمله في حق الملك ضرورة الانتفاع، فعمل السبب في إسقاط التقوم، وفي المدبر ينعقد السبب بعد الموت، وامتناع البيع فيه لتحقيق مقصوده فافترقا، وفي أم ولد النصراني قضينا بمكاتبتها عليه دفعا للضرر من الجانبين بدل الكتابة لا يفتقر وجوبه إلى التقوم.
ــ
[البناية]
ش: ثم أوضح عدم وجوب السعي عليها والفرق بين أم الولد والمدبر بقوله. م: (وهذا) . ش: إشارة إلى الفرق بينهما. م: (لأن السبب فيها) . ش: أي لأن سبب الحرية في أم الولد. م: (متحقق في الحال وهو الجزئية القائمة) . ش: بين المولى وأم الولد. م: (بواسطة الولد على ما عرف في حرمة المصاهرة) . ش: لأنه لما حصل الولد من بابين بحيث لا يتمازج أحدهما من الآخر صار أصوله وفروعه كأصولها وفروعها وبالعكس وثبوت الحرية يقتضي عدم التقوم، لان الإرقاق حرام. م:(إلا أنه لم يظهر عمله) . ش: أي غير أن سبب الحرية لم يظهر عمله. م: (في حق الملك) . ش: ولم تعتق حقيقة لأجل. م: (ضرورة الانتفاع بها) . ش: بالإجماع إذا قصده أن يكون فراشه إلى وقت موته. م: (فعمل السبب في إسقاط التقوم، وفي المدبر ينعقد السبب بعد الموت) . ش: أي سبب الحرية بعد الموت.
قال الأترازي: وهذا تناقض من المصنف في كلامه، لأنه جعل التدبير هنا سببها بعد الموت وجعله في باب التدبير سبباً في الحال، ومذهب علمائنا أن التدبير في الحال بخلاف سائر التعليقات، فإنها ليست بأسباب في الحال عندنا. قلت هذا ذكره صاحب " الكافي " وليس منه.
م: (وامتناع البيع فيه) . ش: أي في المدبر، وهذا جواب عن قولهما، وبامتناع بيعها لا يسقط تقويمها، وبالقياس على هذا ينبغي أن لا يمتنع بيع المدبر، لأنه إذا كان السبب ينعقد بعد الموت، فلم قلتم بامتناع بيعه، فأجاب بقوله - وامتناع البيع فيه -. م:(لتحقيق مقصوده) . ش: أي مقصود المولى من التدبير وهو الحرية وإن كان السبب لم ينعقد في الحال لم يدل على سقوط التقوم، وإنما ظهر أثر انعقاده في حرمة البيع خاصة. م:(فافترقا) . ش: أي حكم أم الولد والمدبر من الوجه المذكور.
م: (وفي أم ولد النصراني) . ش: جواب عما قاسا عليه. م: (قضينا) . ش: أي حكمنا. م: (بمكاتبتها عليه) . ش: أي على النصراني. م: (دفعاً للضرر من الجانبين) . ش: في حق أم الولد، فلئلا تبقى تحت نصراني وهي مسلمة، وأما في حق النصراني فلئلا يبطل ملكه مجاناً، ولما كانت هي في معنى المكاتبة كان إذنه في معنى بدل الكتابة. م:(بدل الكتابة لا يفتقر وجوبه إلى التقوم) . ش: أي تقوم ما يقابله، لأنه في الأصل مقابل بفك الحجر، وفك الحجر متقوم، فلذا قلنا: إن مكاتبها لم يقتض مقوم أم ولد النصراني. والله أعلم.