الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسكن هذه الدار فخرج بنفسه ومتاعه وأهله فيها ولم يرد الرجوع إليها حنث، لأنه يعد ساكنا ببقاء أهله ومتاعه فيها عرفا، فإن السوقي عامة نهاره في السوق ويقول أسكن سكة كذا، والبيت والمحلة بمنزلة الدار،
ولو كان اليمين على المصر لا يتوقف البر على نقل المتاع والأهل فيما روي عن أبي يوسف رحمه الله لأنه لا يعد ساكنا في الذي انتقل عنه عرفا بخلاف الأول، والقرية بمنزلة المصر في الصحيح من الجواب
ــ
[البناية]
م: (فخرج بنفسه ومتاعه وأهله فيها) ش: ومتاعه مرفوع بالابتداء وأهله عطف عليه وقوله فيها خبر المبتدأ، أي في الدار، والواو فيه للحال م:(ولم يرد الرجوع إليها حنث) ش: وبه قال أحمد ومالك، وعن مالك لو أقام يومًا وليلة حنث. وفي الأقل لم يحنث. وعند زفر يحنث عقيب اليمين. وقال الشيخ أبو نصر: قال الشافعي رحمه الله: يحنث.
وقال الكاكي: عند الشافعي لا يحنث إذا خرج بنية التحويل، وهذا الخلاف مبني على أصل بيننا وبين الشافعي رحمه الله، وهو أن عنده العبرة بحقيقة اللفظ أو العادة بخلافها لا تعتبر، وعندنا العبرة للعادة، لأنها صارت على الحقيقة، والحالف يريد ذلك، فيحمل كلامه عليه، ألا ترى أن المديون يقول لصاحب الدين لأجرتك يحمل ذلك على شدة المطل.
م: (لأنه) ش: أي لأن الحلف م: (يعد ساكنًا ببقاء أهله ومتاعه فيها عرفًا) ش: أي من حيث العرف والعادة، ثم أوضح ذلك بقوله م:(فإن السوقي عامة نهاره) ش: أي في أكثر نهاره م: (في السوق) ش: مشغولًا لما يعانيه من الحرفة أو البيع أو الشراء م: (ويقول أسكن سكة كذا) ش: بذكر سكة من سكن المدينة، فهذا يدل على أنه يعد ساكنًا من أهله ومتاعه فيها م:(والبيت والمحلة بمنزلة الدار) ش: أراد أن اليمين يقول لا أسكن هذا البيت، ولا أسكن هذه المحلة مثل اليمين بقوله لا أسكن هذه الدار. وفي " الخلاصة " السكة والمحلة بمنزلة الدار.
[حلف لا يسكن في هذا المصر فخرج وترك أهله ومتاعه]
م: (ولو كان اليمين على المصر) ش: بأن حلف لا يسكن في هذا المصر أو في هذا البلد م: (لا يتوقف البر على نقل المتاع والأهل) ش: بمعنى إذا انتقل إلى مصر آخر بنفسه ولم ينقل الأهل والمتاع لا يحنث في يمينه م: (فيما روي عن أبي يوسف رحمه الله) ش: كذا نقل أبو الليث في شرح " الجامع الصغير " في " الأمالي " عن أبي يوسف م: (لأنه لا يعد ساكنًا في الذي انتقل عنه عرفًا) ش: وإن لم ينقل الأهل والمتاع قال من يكون ببصرة لا يقال هو ساكن ببغداد وإن كان أهله ونقله ببغداد م: (بخلاف الأول) ش: وهو قوله لا أسكن هذه الدار ولا أسكن هذه السكة أو المحلة كما ذكر، وعند الشافعي المصر كالدار يعني لما ذكر أنه يعتبر حقيقة اللفظ لا العادة.
م: (والقرية بمنزلة المصر) ش: وفي بعض الشروح والقرية كالمصر، يعني إذا قال: لا أسكن هذه القرية فحكمه حكم من قال لا أسكن هذا المصر.
م: (في الصحيح من الجواب) ش: احترز به عن قول بعض مشايخنا أن القرية كالدار، وهو
ثم قال أبو حنيفة: رضي الله عنه ولا بد من نقل كل المتاع حتى لو بقي فيه، وقد يحنث لأن السكنى قد ثبت بالكل فيبقى ما بقي شيء منه وقال أبو يوسف رحمه الله يعتبر نقل الأكثر لأن نقل الكل قد يتعذر وقال محمد رحمه الله يعتبر نقل ما يقوم به كدخذائيته لأن ما رواء ذلك ليس من السكنى قالوا هذا أحسن وأرفق بالناس
وينبغي أن ينتقل إلى منزل آخر بلا تأخير حتى يبر
ــ
[البناية]
قول الشافعي رحمه الله أيضًا، والأصح أنها كالمصر، وهو اختيار الشيخ الإمام الأجل برهان الدين والصدر الشهيد وقد عرفت أن جملة هذه المسائل على ثلاثة أوجه، أما إن كانت المسألة في المصر أو القرية أو الدار، وقد عرفت حكم كل واحد منهم.
م: (ثم قال أبو حنيفة: رضي الله عنه لا بد من نقل كل المتاع حتى لو بقي فيه، وقد يحنث) ش: في يمينه م: (لأن السكنى قد ثبت بالكل فيبقى) ش: أي المسكن م: (ما بقي شيء منه) ش: أي من المتاع. ونقل صاحب " الأجناس " عن " نوادر " أبي يوسف رواية علي بن الجعد: وإن ترك فيها إبرة أو مسلة حنث، وبه قال أحمد.
وفي " المحيط " و " المبسوط " قال: مشايخنا إنما يشترط عند أبي حنيفة نقل الكل بما يقصد به السكنى كالوتد والمكنسة وقطعة حصير بر في يمينه. واعترض على قول أبي حنيفة بأن سكناه كان بجميع ما كان معه من الأهل والمتاع. فإذا خرج بعضه انتفى سكناه، لا بأن الكل ينتفي بانتقال البعض. وأجيب: بأن الكل ينتفي بانتفاء جزء حقيقي لا اعتباري وما ذكرتم ليس كذلك، وينبغي أن ينقل إلى ترك آخر حتى يبر.
م: (وقال أبو يوسف رحمه الله يعتبر نقل الأكثر) ش: أي أكثر المتاع م: (لأن نقل الكل قد يتعذر) ش: ويبقى الأقل لا يعد ساكنًا، وعليه الفتوى، كذا في " الكافي " وفي " المحيط " م:(وقال محمد رحمه الله يعتبر نقل ما يقوم به كدخذائيته) ش: هذه نسبة إلى كدخذا أي بفتح الكاف وسكون الدال وضم الخاء المعجمة وبالذال المعجمة، وفي آخره ياء آخر الحروف بعده ألف ساكنة وكدخذائي باللغة الفارسية اسم له من البيت الذي له عيال وخدم. وكذا يسمى كرمى حاره الذي له كلام في أهلها كداخذ م:(لأن ما رواء ذلك) ش: أي لأن ما رواء الكدخذائية م: (ليس من السكنى) ش: بعد لا يعد من السكنى.
م: (قالوا) ش: أي قال المشايخ في شرح " الجامع الصغير " م: (هذا أحسن وأرفق بالناس) ش: وفي شرح الجميع واستحسنه المشايخ، وعليه الفتوى وكذا استحسنه صاحب " المحيط ". وعن مالك بغير نقل عياله دون متاعه.
م: (وينبغي أن ينتقل إلى منزل آخر بلا تأخير حتى يبر) ش: أراد به إذا نقل على منزل آخر بلا تأخير لا يحنث. قال العتابي في شرح " الجامع الصغير ": فإن لم يكن انتقل من ساعته، فإن كان
فإن انتقل إلى السكة أو إلى المسجد قالوا لا يبر، دليله في الزيادات أن من خرج بعياله من مصره، فما لم يتخذ وطنا آخر يبقى وطنه الأول في حق الصلاة
ــ
[البناية]
ليلًا لم يحنث، لأنه قدم ما لا يمكنه الامتناع عنه شيء عن اليمين. وفي " خلاصة الفتاوى " لو تحقق العذر باللص وغيره، وهو معذور.
ونقل في " الأجناس " عن الهارونيات: أنه إذا أخذ في الأهبة فنقله عن المنقلة بطلب الدابة أو من يحمل متاعه لا يحنث.
وقال في " فتاوى الولوالجي ": ولو خرج في طلب منزل من ساعته وخلف متاعه لم يحنث، لأن الطلب من عمل النقل. ولو أخذ في النقلة شيئًا فيه، فإن كانت النقلات لم تغير لم يحنث، لأنه في النقل، فإن كان يمكنه أن يتأخر من ينقل متاعه في يوم، فليس ذلك، ولا يلزمه النقل بأسرع الوجوه، بل يعذر ما سمي ناقلًا في العرف.
وفي " الشامل ": إن لم يمكنه النقل من ساعته بعذر الليل أو بمنع ذي سلطان أو عدم موضع آخر ينقل إليه لم يحنث، لأن حالة الضرورة مستثناة، خلافًا لزفر. وكذا لو سد عليه الباب فلم يقدر على النقل أو كان شريفًا أو وضيعًا لا يقدر على النقل إلا منعته بنفسه ولم يجد أحدًا ينقلها لم يحنث حتى يجد من ينقلها، ويلحق الموجود بالمعدوم للعذر.
ونوقض بما ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل أن من قال: إن لم أخرج من هذا المنزل اليوم فامرأته طالق فقيد ومنع من الخروج يحنث، وكذا لو قال لامرأته وهي في منزل والدها إن لم تحضري الليلة منزلي فأنت طالق فمنعها الوالد عن الحضور يحنث. وأجيب بأن في مسألة الكتب شرط الحنث المسكني، وإنه فعل وجودي لا يحصل بدون الاختيار، ولا يحصل الاختيار مع وجود الموانع المذكورة. وأما في صورة النقض فشرط الحنث عدم الخروج، والعدم لا يحتاج إلى الاختيار.
م: (فإن انتقل إلى السكة أو إلى المسجد لا يبر) ش: وفي جامع " قاضي خان " اختلفوا فيه قال بعضهم: لا يحنث، لأنه لم يبق ساكنًا فيها. وقال بعضهم: يحنث، لأن سكناه لا ينقضي إلا بسكنى أخرى لا استدلالًا بمسألة الزيادات، أشار إليه المصنف بقوله.
م: (دليله في الزيادات) ش: أي دليل ما قالوا في كتب الزيادات، ولفظ دليل مرفوع بالابتداء وخبره قوله في الزيادات، وقوله م:(أن من خرج بعياله) ش: بدل منه، أي بأن خرج رجله م:(من مصره) ش: ومعه عياله م: (فما لم يتخذ وطنًا آخر يبقى وطنه الأول في حق الصلاة) ش: يعني لا يقصر.
قال تاج الشريعة: صورته رجل بخاري متوطن بها، خرج منها بعياله إلى سمرقند، فلما
كذا هذا، والله أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
وصل إلى الكوفة مثلًا رجع وأراد الذهاب إلى خراسان، فدخل بخارى فإنه يتم الصلاة، لأنه ما انتقض منها في حق الصلاة، فكذا في غيرها، انتهى.
قلت: هذا الذي ذكره صورة ما ذكر المصنف. وأما الصورة المذكورة في الزيادات في كوفي انتقل بأهله ومتاعه إلى مكة ليس وطنها فلما وصلها بدا له أن يعود إلى خراسان فعاد ومر بالكوفة قال: يصلي بها ركعتين، لأن وطنه بها انقطع، وإن بدا له قبل أن يدخلها فإنه إذا مر بالكوفة قال: يصلي بها ركعتين صلى بها أربعًا، لأنه لم يتخذ وطنًا بقي وطنه بالكوفة.
م: (كذا هذا) ش: يعني كذا حكم هذا الرجل الذي حلف لا يسكن هذه الدار أنه إذا انتقل إلى السكنة أو إلى المسجد لا يبر في يمينه، لأنه لما لم يتخذ وطنًا آخر وطنه الأول فافهم، فإنه موضع دقيق.