الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو كان لها ابن من غيره له أن يطالب بالحد لتحقق السبب وانعدام المانع.
ومن قذف غيره فمات المقذوف بطل الحد. وقال الشافعي رحمه الله لا يبطل، ولو مات بعد ما أقيم بعض الحد بطل الباقي عندنا، خلافا له بناء على أنه يورث عنده، وعندنا لا يورث، ولا خلاف أن فيه حق الشرع وحق العبد، فإنه شرع لدفع العار عن المقذوف، وهو الذي ينتفع به على الخصوص، فمن هذا الوجه حق العبد، ثم إنه شرع زاجرا، ومنه سمي حدا
ــ
[البناية]
م: (ولو كان لها ابن من غيره) ش: أي من غير القاذف، صورة ما قال الحاكم في " الكافي " رجل قال لابنه يا ابن الزانية وأمه ميتة، ولها ابن من غيره فجاء يطلب الحد م:(له أن يطالب بالحد لتحقق السبب) ش: أي سبب وجوب الحد وهو القذف م: (وانعدام المانع) ش: أي ولأجل انعدام المانع؛ لأن المانع عن إقامة الحد في حق الابن ولم يوجد في حق أخيه، وهو الأبوة يجب الحد إذا طالبه.
[قذف غيره فمات المقذوف هل يحد القاذف أم لا]
م: (ومن قذف غيره فمات المقذوف بطل الحد. وقال الشافعي رحمه الله: لا يبطل) ش: الحد بموت المقذوف م: (ولو مات) ش: أي المقذوف م: (بعد ما أقيم بعض الحد بطل الباقي عندنا خلافا له) ش: أي للشافعي رحمه الله م: (بناء على أنه يورث عنده) ش: أي بني هذا الخلاف بناء على أن حد القذف يورث عند الشافعي م: (وعندنا لا يورث، ولا خلاف أن فيه) ش: أي في حد القذف م: (حق الشرع وحق العبد) ش: وهذا لا خلاف فيه.
أما كونه حق الشرع فمن حيث إن نفعه يقع عاما بإخلاء العالم عن الفساد؛ لأنه ليس ثمة آدمي مختص به. وأما كونه حق العبد فلأن فيه صيانة العرض ودفع العار عن المقذوف ثم حق الله تعالى لا يجري فيه الإرث ولا يجري فيه التداخل ولا يسقط بإسقاط العبد.
وحق العبد يجري فيه الإرث، ولا يجري فيه التداخل، وأسقط بإسقاطه، وقد أشار المصنف إلى هذا بقوله م:(فإنه) ش: أي فإن حد القذف م: (شرع لدفع العار عن المقذوف، وهو الذي ينتفع به على الخصوص، فمن هذا الوجه) ش: قال تاج الشريعة رحمه الله أي من هذين الوجهين وهو قوله: فإنه شرع لدفع العار عن المقذوف، وقوله: الذي ينتفع به على الخصوص مقدم الوجهين وجها، وذكر في " الجامع الصغير " الوجهين في م:(حق العبد) ش: لأن هذا يرجع إليه لا إلى الشرع.
م: (ثم إنه) ش: أي أن حد القذف م: (شرع) ش: حال كونه م: (زاجرا) ش: لأنه يزجر المقذوف م: (ومنه) ش: أي ومن كونه شرع زاجرا م: (سمي حدا) ش: وقد مضى الكلام في معنى الحد في أول كتاب الحدود.
وقال تاج الشريعة: حدا يدل على أنه حق الله؛ لأن ما يجب لله تعالى يسمى حدا كما في حد السرقة، وحد الزنا وحد الشرب وما يجب للعبد لا يسمى حدا، بل سمي قصاصا وتعزيرا.
والمقصود من شرع الزاجر: إخلاء العالم عن الفساد، وهذه آية حق الشرع، وبكل ذلك تشهد الأحكام. وإذا تعارضت الجهتان فالشافعي مال إلى تغليب حق العبد تقديما لحق العبد باعتبار حاجته وغناء الشرع، ونحن صرنا إلى تغليب حق الشرع؛ لأن ما للعبد من الحق يتولاه مولاه، فيصير حق العبد مرعيا به، ولا كذلك عكسه؛ لأن لا ولاية للعبد في استيفاء حقوق الشرع إلا نيابة عنه، وهذا هو الأصل المشهور الذي يتخرج عليه الفروع المختلف فيها، منها
ــ
[البناية]
م: (والمقصود) ش: أي القصد م: (من شرع الزاجر إخلاء العالم عن الفساد) ش: إذ لولا الزواجر لفسدت أحوال الناس م: (وهذه آية حق الشرع) ش: أي وهذا المذكور علامة حق الشرع م: (وبكل ذلك) ش: أي وبكل ما ذكر من حق الشرع وحق العبد م: (تشهد الأحكام) ش: أما الأحكام التي تشهد على أن حد القذف حق العبد، فاشتراط الدعوى في عدم بطلانه بالتقادم.
وإنه يجب على المستأمن ولا يعمل فيه الرجوع عن الإقرار ويقيمها القاضي بعلم نفسه، ولا يخلف القاذف، وأما الأحكام التي تشهد على أنه حق الله تعالى أن الإقامة للإمام والتنصيف بالرق وأنه لا ينقلب ما لا عنده سقوط. م:(وإذا تعارضت الجهتان) ش: أي جهة حق الشرع، وجهة حق العبد م:(فالشافعي مال إلى تغليب حق العبد) ش: قال ابن دريد: يقال غالب الرجل على فلان إذا حكم له بالغلب م: (تقديما لحق العبد) ش: أي لأجل تقديم حق العبد م: (باعتبار حاجته) ش: حرم: (وغناء الشرع) ش: مرعيا به حق العبد أولى بدفع حاجته وبه قال مالك وأحمد م: (ونحن صرنا إلى تغليب حق الشرع لله تعالى؛ لأن ما للعبد من الحق يتولاه مولاه) ش: يعني لو صرنا إلى تغليب حق الشرع يكون بعضهم حق لله تعالى مع كون حق العبد مرعيا؛ لأن مولى العبد له أن يستوفي ما للعبد على الناس دون العكس. وإنما يرجح حق العبد في مواضع يلزم من اعتبار حق الله تعالى إهدار حق العبد لانتهاء وفاء لحق الله تعالى؛ لأن الله غني والعبد محتاج، وهاهنا إن ترك الرعاية في حق الوارث من وجه لكن فيه رعاية حق القاذف من حيث السقوط بموت المقذوف، فإذا ثبت هذا الأصل، فنقول إنه لا يورث؛ لأن الإرث لا يجري فيما هو من حقوق الله تعالى؛ لأنه من خلافه الوارث المورث بعد موته، والله تعالى يتعالى عن ذلك.
فإن قلت: حق الله تعالى أيضا لا يسقط بموت المقذوف. قلت: نحن لا نقول بالسقوط، ولكن تعذر استيفائه لانعدام شرطه، فالشرط خصومة المقذوف، ولا يتحقق فيه الخصومة بعد الموت.
م: (فيصير حق العبد مرعيا به) ش: أي بحق الشرع كما قررناه الآن م: (ولا كذلك عكسه) ش: وهو أن يكون ما للمولى من الحق يتولاه عبده م: (لأنه لا ولاية للعبد في استيفاء حقوق الشرع إلا نيابة) ش: ولا نيابة هاهنا.
م: (وهذا) ش: أي كون حق العبد غالبا عند الشافعي رحمه الله حق الله تعالى عندنا م: (هو الأصل المشهور الذي يتخرج عليه الفروع المختلف فيها منها) ش: أي من الفروع المختلف
الإرث إذ الإرث يجري في حقوق العباد لا في حقوق الشرع، ومنها العفو، فإنه لا يصح عفو المقذوف عندنا ويصح عنده، ومنها أنه لا يجوز الاعتياض عنه، ويجري في التدخل وعنده لا يجري. وعن أبي يوسف رحمه الله في العفو مثل قول الشافعي رحمه الله ومن أصحابنا من قال: إن الغالب حق العبد وخرج الأحكام، والأول أظهر.
ــ
[البناية]
فيها م: (الإرث) ش: أي في حق القذف فعند الشافعي يجري فيه الإرث، وعندنا لا يورث م:(إذ الإرث يجري في حقوق العباد لا في حقوق الشرع، ومنها العفو، فإنه لا يصح عفو المقذوف عندنا ويصح عنده) ش:.
م: (ومنها أنه لا يجوز الاعتياض عنه) ش: أي أخذ المعوض عن حد القذف، وبه قال مالك م:(ويجري في التداخل عندنا وعنده) ش: أي وعند الشافعي رحمه الله م: (لا يجري) ش: التداخل بقذف الجماعة بكلمة واحدة أو يقذف واحدا مرارا.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله في العفو مثل قول الشافعي رحمه الله) ش: أي روي عن أبي يوسف رحمه الله عن عفو المقذوف مثل قول الشافعي رحمه الله في أنه يصح، وبه قال مالك وأحمد رحمهما الله.
م: (ومن أصحابنا من قال أن الغالب حق العبد) ش: أراد من أصحابنا صدر الإسلام البزدوي فإنه ذكر في ((مبسوطه)) : أن الغالب حق العبد كما قال الشافعي رحمه الله م: (وخرج الأحكام) ش: عطفا على قول من قال، أي أجاب عن الأحكام التي تدل على أنه حق الله تعالى جواب يوافق المذهب، يقال في تفويض الإمام إن كل واحد لا يهتدي إلى إقامة الحد، وقال في عدم الإرث أي عدمه لا يستوجب كونه حق الله تعالى كالشفعة وخيار الشرط؛ لأن الإرث لا يجزئ في الأعيان.
وأجاب عن كون القصاص يورث بأنه في معنى مالك الغير؛ لأنه يملك إتلاف العين وملك الإتلاف ملك العين عند الناس، فإن الإنسان لا يملك شراء الطعام إلا الإتلاف، وهو الأصل، فصار كمن عليه القصاص كالمملوك لمن له القصاص، وهو باق، فيملك الوارث في حق استيفاء القصاص م:(والأول أظهر) ش: أي كون حق الله مغلبا أظهر، من كون حق العبد مغلبا، وعلى الأول عامة المشايخ.
وقال أبو بكر الرازي في شرحه ((لمختصر الطحاوي)) : أطلق محمد في بعض المواضع، أي حد القذف من حقوق الناس، وأطلق في بعضها أنه من حقوق الله تعالى، والعبارتان صحيحتان أما قوله إنه من حقوق الناس قائما أراد أن المطالبة من حقه لما خالفه عقد من الشيئين بقذفه، وتناوله في عرضه، ولو لم يطالب لم يحد. وقوله أنه من حقوق الله تعالى أراد به نفس الحد لا المطالبة لأنه ليس يمتنع أن يكون الحق لواحد، والمطالبة لواحد كالوكيل بالبيع يطالب، وملك