المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[صفة السكران الذي يحد] - البناية شرح الهداية - جـ ٦

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتاق

- ‌[تعريف العتاق]

- ‌[حكم الإعتاق]

- ‌ قال المعتق: أعتقت وأنا مجنون

- ‌[قال لعبده يا حر يا عتيق]

- ‌[قال رأسك حر أو وجهك أو رقبتك أو بدنك]

- ‌ قوله: خرجت من ملكي، ولا رق لي عليك

- ‌[وصف مملوكه بصفة من يعتق عليه إذا ملكه]

- ‌[قال لعبده هذا مولاي أو يا مولاتي]

- ‌[قال لأمته هذه مولاتي]

- ‌ قال لأمته: أنت طالق أو بائن أو تخمري

- ‌[قال لعبده ما أنت إلا حر]

- ‌[وصف عبده بالحرية ووصف ما يعبر به عن جميع البدن بالحرية]

- ‌ ملك ذا رحم محرم منه

- ‌[فصل في الإعتاق الغير اختياري]

- ‌عتق المكره والسكران

- ‌[عتق الحامل وولدها]

- ‌ أعتق الحمل على مال

- ‌ولد الأمة من مولاها

- ‌باب العبد الذي يعتق بعضه

- ‌ أعتق المولى بعض عبده

- ‌[السعاية لاحتباس مالية البعض عند العبد المعتق بعضه]

- ‌ العبد بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه

- ‌القسمة تنافي الشركة

- ‌ شهد كل واحد من الشريكين على صاحبه بالعتق

- ‌[حلفا على عتق عبدين كل واحد منهما لأحدهما بعينه]

- ‌[اشترى نصف ابنه وهو موسر هل يضمن]

- ‌[جارية بين اثنين فجاءت بولد فادعاه أحدهما]

- ‌ كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما

- ‌باب عتق أحد العبدين

- ‌[عتق أحد العبدين في مرض الموت]

- ‌ قال لعبديه: أحدكما حر فباع أحدهما أو مات

- ‌ شهد رجلان على رجل أنه أعتق أحد عبديه

- ‌ شهدا أنه أعتق إحدى أمتيه

- ‌[شهدا أنه أعتق أحد عبديه في مرض موته أو شهدا على تدبيره]

- ‌ شهدا بعد موته أنه قال في صحته أحدكما حر

- ‌(باب الحلف بالعتق)

- ‌[قال كل مملوك لي ذكر فهو حروله جارية حامل فولدت ذكرا]

- ‌[قال كل مملوك لي فهو حر بعد غد وله عبد وأمهات أولاد ومدبرون ومكاتبون]

- ‌باب العتق على جعل

- ‌ أعتق عبده على مال فقبل العبد

- ‌[علق الرجل عتق عبده بأداء المال]

- ‌ قال لعبده أنت حر بعد موتي على ألف درهم

- ‌[قال لعبده أنت حر على أن تخدمني أربع سنين فمات المولى أو العبد]

- ‌ قال لآخر أعتق أمتك على ألف درهم علي على أن تزوجنيها ففعل فأبت أن تتزوجه

- ‌[قال أعتق أمتك عني على ألف درهم على أن يتزوجها ففعل فأبت أن تزوجه]

- ‌[باب في حكم التدبير] [

- ‌تعريف التدبير]

- ‌[قال المولى لمملوكه أنت مدبر]

- ‌ علق التدبير بموته على صفة

- ‌[ولد العبد المدبر]

- ‌باب الاستيلاد

- ‌[تعريف الاستيلاد]

- ‌[بيع أم الولد]

- ‌ أسلمت أم ولد النصراني

- ‌ استولد أمة غيره بنكاح ثم ملكها

- ‌ وطئ جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه

- ‌ الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما

- ‌ وطئ المولى جارية مكاتبه فجاءت بولد فادعاه

- ‌كتاب الأيمان

- ‌[تعريف الأيمان وحكمها]

- ‌[أنواع الأيمان]

- ‌[اليمين الغموس]

- ‌[اليمين المنعقدة]

- ‌يمين اللغو

- ‌القاصد في اليمين والمكره والناسي سواء

- ‌باب ما يكون يمينا وما لا يكون يمينا

- ‌[اليمين بالله أو باسم آخر من أسماء الله عز وجل]

- ‌[الحلف بصفات الذات كالقدرة والعظمة]

- ‌[قال وعلم الله أو قدرة الله تعالى ونوى به اليمين أو أطلق]

- ‌ قال وغضب الله وسخطه

- ‌[حلف بالنبي وبالكعبة]

- ‌الحلف بحروف القسم

- ‌[إضمار حروف القسم في اليمين]

- ‌[قال وحق الله هل يكون يمينا]

- ‌[قال أقسم أو أقسم بالله هل يكون يمينا]

- ‌[هل الشهادة يمين]

- ‌[القسم بغير العربية]

- ‌[الحلف باللفظين عمر الله وأيم الله]

- ‌ قال: إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر

- ‌ قال: إن فعلت كذا فعلي غضب الله أو سخط الله

- ‌فصل في الكفارة

- ‌ كفارة اليمين

- ‌[التكفير قبل الحنث]

- ‌ حلف على معصية

- ‌[تحريم بعض ما يملك]

- ‌[تحريم الحلال]

- ‌[قال لله علي صوم سنة بدون التعليق بشيء]

- ‌[تعليق النذر بشرط]

- ‌[تعليق الحلف بالمشيئة]

- ‌باب اليمين في الدخول والسكنى

- ‌ حلف لا يدخل بيتا فدخل الكعبة

- ‌ حلف لا يدخل دارا فدخل دارا خربة

- ‌[حلف لا يدخل هذه الدار فخربت ثم بنيت دارا أخرى فدخلها]

- ‌[حلف لا يدخل بيت فلان ولا نية له ثم دخل في صحن داره]

- ‌ حلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها

- ‌[حلف لا يسكن هذه الدارفخرج بنفسه ومتاعه وأهله فيها]

- ‌[حلف لا يسكن في هذا المصر فخرج وترك أهله ومتاعه]

- ‌باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك

- ‌ حلف لا يخرج من المسجد فأمر إنسانا فحمله فأخرجه

- ‌[حلف لا يخرج من داره إلا إلى جنازة فخرج إليها ثم أتى إلى حاجة أخرى]

- ‌[حلف رجل ليأتين زيدا في غد إن استطاع على ذلك]

- ‌[الحلف على شيء يتكرر بتكرر المحلوف عليه أم لا]

- ‌ حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبد مأذون له مديون أو غير مديون

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب

- ‌[حلف لا يأكل شيئا فابتلع ما فيه]

- ‌ حلف لا يأكل من هذا البسر فصار رطبا فأكله

- ‌ حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا

- ‌ حلف لا يشتري رطبا، فاشترى كباسة

- ‌[حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا]

- ‌[حلف ألا يأكل لحما فأكل لحما حراما]

- ‌[حلف ألا يأكل لحما فأكل كبدا أو كرشا]

- ‌ حلف لا يأكل أو لا يشتري شحما

- ‌[حلف لا يشتري أو لا يأكل لحما أو شحما فاشترى إلية وأكلها]

- ‌ حلف لا يأكل خبزا

- ‌ حلف لا يأكل الشواء

- ‌ حلف لا يأكل الرءوس

- ‌[حلف ألا يأكل فاكهة فأكل عنبا أو غيره]

- ‌[حلف لا يتأدم]

- ‌ قال: إن لبست أو أكلت أو شربت فعبدي حر، وقال: عنيت شيئا دون شيء

- ‌ قال: إن لبست ثوبا، أو أكلت طعاما، أو شربت شرابا

- ‌ حلف لا يشرب من دجلة فشرب منها بإناء

- ‌ قال: إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته طالق، وليس في الكوز ماء

- ‌ حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا

- ‌باب اليمين في الكلام

- ‌ حلف لا يكلم فلانا فكلمه وهو بحيث يسمع، إلا أنه نائم

- ‌[حلف لا يكلمه إلا بإذنه فإذن له ولم يعلم بإذنه حتى كلمه]

- ‌ قال يوم أكلم فلانا فامرأته طالق

- ‌[حلف لا يكلم عبد فلان ولم ينو عبدا بعينه فباع فلان عبده فكلمه]

- ‌ حلف لا يدخل دار فلان هذه فباعها ثم دخلها

- ‌[حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه]

- ‌[فصل اليمين المتعلق بالزمان] [

- ‌حلف لا يكلم حينا أو زمنا]

- ‌[قال لا أكلمه دهرا أو الدهر]

- ‌ حلف لا يكلمه أياما

- ‌ قال لعبده: إن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر

- ‌باب اليمين في العتق والطلاق

- ‌ قال: لامرأته إذا ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ميتا

- ‌ قال أول عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبدا

- ‌[قال آخر عبد اشتريته فهو حر فاشترى عبدا ثم مات]

- ‌ قال: إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه ينوي به كفارة يمينه

- ‌[اشترى أباه نوى عن كفارة يمينه]

- ‌[يقول لأمة قد استولدها بالنكاح إن اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني فاشتراها]

- ‌ اشترى جارية فتسرى بها

- ‌ قال: كل مملوك لي حر

- ‌[باب اليمين في البيع والشراء والتزوج وغيره] [

- ‌حلف لا يبيع ولا يشتري أو لا يؤاجر فوكل من فعل ذلك]

- ‌ حلف لا يتزوج أو لا يطلق أو لا يعتق فوكل بذلك

- ‌ حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل

- ‌[قال إن بعت ثوبا لك فباعه بأمره أو بغير أمره]

- ‌[حلف أن يضرب عبده فأمر غيره بضربه]

- ‌ قال المشتري إن اشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار

- ‌[تعليق الطلاق على البيع]

- ‌باب اليمين في الحج والصلاة والصوم

- ‌[قال علي المشي إلى بيت الله]

- ‌[حلف على نفسه الحج ماشيا]

- ‌ قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله

- ‌[حلف لا يصوم فنوى الصوم فصام ساعة ثم أفطر من يومه]

- ‌ حلف لا يصلي فقام وقرأ أو ركع

- ‌باب اليمين في لبس الثياب والحلي وغير ذلك

- ‌ قال: لامرأته إن لبست من غير ذلك فهو هدي فاشترى قطنا فغزلته ونسجته فلبسه

- ‌ حلف لا يلبس حليا فلبس خاتم فضة

- ‌ حلف لا ينام على فراش فنام عليه وفوقه قرام

- ‌باب اليمين في القتل والضرب وغيره

- ‌[قال إن ضربتك فعبدي حر فمات فضربه]

- ‌[قال لامرأته إن وطئتك أو قبلتك فعبده حر]

- ‌[حلف لا يضرب امرأته فشد شعرها أو عضها أو خنقها]

- ‌باب اليمين في تقاضي الدراهم

- ‌ حلف ليقضين دينه إلى قريب

- ‌[أدى المكاتب بدل الكتابة وحكم بعتقه ثم وجد البدل ستوقة]

- ‌ حلف لا يقبض دينه درهما دون درهم فقبض بعضه

- ‌ حلف لا يفعل كذا

- ‌[مسائل متفرقة في الأيمان] [

- ‌[حلف أن يهب عبده لفلان فوهبه ولم يقبل الموهوب له]

- ‌ حلف لا يشم ريحانا فشم وردا أو ياسمينا

- ‌ حلف لا يشتري بنفسجا ولا نية له

- ‌كتاب الحدود

- ‌ الزنا يثبت بالبينة والإقرار

- ‌[تعريف الحدود]

- ‌فصل في كيفية الحد وإقامته

- ‌ وجب الحد وكان الزاني محصنا

- ‌[وجب الحد وكان الزاني غير محصن]

- ‌[حد العبد]

- ‌[شروط الإحصان]

- ‌[الجمع بين الجلد والرجم]

- ‌[الجمع بين الجلد والنفي]

- ‌ زنى المريض وحده الرجم

- ‌[زنت الحامل وحدها الرجم أو الجلد]

- ‌باب‌‌ الوطء الذي يوجب الحدوالذي لا يوجبه

- ‌ الوطء الذي يوجب الحد

- ‌[ثبوت النسب بالوطء]

- ‌ وطئ جارية ولده وولد ولده

- ‌[زفت إليه غير امرأته وقال النساء أنها زوجتك فوطئها]

- ‌ تزوج امرأة لا يحل له نكاحها

- ‌[الوطء فيما دون الفرج]

- ‌[وطء البهيمة]

- ‌من زنى في دار الحرب

- ‌ زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة تجامع مثلها

- ‌ أكرهه السلطان حتى زنا

- ‌ زنى بجارية فقتلها

- ‌[أقر أربع مرات في أربعة مجالس مختلفة أنه زنى بفلانة وقالت هي تزوجني أو أقرت]

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌[شهد الشهود بحد متقادم]

- ‌[حد التقادم في الشهادة بالزنا]

- ‌ شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة وفلانة غائبة

- ‌[شهد اثنان أنه زنى بامرأة بالكوفة وآخران بالبصرة]

- ‌[شهد أربعة أنه زنى بامرأة واختلفوا في المكان والزمان]

- ‌[أهلية الشهادة]

- ‌ نقص عدد الشهود عن أربعة

- ‌[الشهادة على الشهادة]

- ‌[شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم ثم رجعوا عن الشهادة]

- ‌[رجع شاهد واحد من الشهود الأربعة قبل القضاء والإمضاء]

- ‌[تبين عدم أهلية الشهادة بعد إقامة الحد]

- ‌ شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه

- ‌باب حد الشرب

- ‌[حكم حد الشرب]

- ‌[أقر بعد ذهاب رائحة الخمرهل يحد]

- ‌من سكر من النبيذ

- ‌ من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها

- ‌[الإكراه يدرأ الحد]

- ‌[حد العبد]

- ‌[شهادة النساء في حد الشرب]

- ‌[صفة السكران الذي يحد]

- ‌باب حد القذف

- ‌ قذف الرجل رجلا محصنا أو امرأة

- ‌[حد العبد القاذف]

- ‌ نفى نسب غيره وقال: لست لأبيك

- ‌[شروط الإحصان]

- ‌ قذف محصنة بعد موتها

- ‌ليس للعبد أن يطالب مولاه بقذف أمه الحرة

- ‌[قذف غيره فمات المقذوف هل يحد القاذف أم لا]

- ‌ أقر بالقذف ثم رجع

- ‌[ألفاظ لا تعد قذفا]

- ‌[قال لغيره زنأت في الجبل هل يحد أم لا]

- ‌[مواضع يحد فيها القاذف والمقذوف]

- ‌[قالت المرأة زنيت بك في جواب قول الرجل يا زانية]

- ‌[رجل له امرأة جاء بولده فقال ليس هو مني]

- ‌ قذف رجلا أتى أمته وهي مجوسية

- ‌ قذف مجوسيا تزوج بأمه ثم أسلم

- ‌[الحد على من شرب أو زنى أو قذف غير مرة]

- ‌فصل في التعزير

- ‌[التعزيرتعريفه ومشروعيته]

- ‌[حيث فقد الحد وجب التغزير]

- ‌[أقل التعزير وأكثره]

- ‌[التعزير يخضع لاجتهاد الإمام]

- ‌[من مات بسبب التعزير]

الفصل: ‌[صفة السكران الذي يحد]

والسكران الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا لا قليلا ولا كثيرا، ولا يعقل الرجل من المرأة، وقال العبد الضعيف: وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: هو الذي يهذي ويختلط كلامه؛ لأنه هو السكران في العرف، وإليه مال أكثر المشايخ رحمهم الله.

ــ

[البناية]

فإذا كان كذلك صارت البدلية والنسيان شبهة، فلم يسمع شهادتين في باب الحدود؛ لأنها تندرئ بالشبهات كالشهادة لا تسمع في باب الحدود، يؤيده ما روي عن الزهري أنه قال: مضت السنة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في باب الحدود والقصاص.

[صفة السكران الذي يحد]

م: (والسكران الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا) ش: قال الجوهري: المنطق الكلام، وقد نطق منطقا وأنطقه غيره م:(لا قليلا ولا كثيرا) ش: أي: لا منطقا قليلا ولا منطقا كثيرا م: (ولا يعقل الرجل من المرأة) ش: وفي الفوائد الظهيرية: ولا يعرف الأرض من السماء.

م: (وقال العبد الضعيف) ش: أي المصنف رحمه الله م: (وهذا) ش: أي المذكور في حد السكران م: (عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: إنما بين الخلاف بقوله لأن المذكور أولا من مسائل " الجامع الصغير " ولم يذكر فيه الخلاف.

م: (وقالا) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (هو) ش: أي السكران م: (الذي يهذي) ش: بفتح الياء وسكون الهاء وكسر الذال المعجمة. قال الجوهري: هذا في منطقه يهذي ويهذو هذوا وهذيا. قلت: الهذيان كلام محيط مختلط من غير أن يفيد شيئا م: (ويخلط كلامه) ش: يصلح أن يكون تفسيرا مميزا لقوله: يهذي م: (لأنه) ش: أي لأن الهذي يهذي ويخلط كلامه م: (هو السكران في العرف) ش: أي في عرف الناس وعادتهم، وبه قال الشافعي وأحمد ومالك وأبو ثور رحمهم الله. وإن كان نصف كلامه هذيانا، ونصفه مستقيما فليس بسكران م:(وإليه) ش: أي إلى قولهما م: (مال أكثر المشايخ رحمهم الله) ش: كذا في " المبسوط " واختاره للفتوى.

وعن بشر بن الوليد رضي الله عنه: سألت أبا يوسف: من السكران الذي عليه الحد؟ قال: يستقرأ أن يقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ولا يقدر عليه.

فقلت له: غير هذه السورة، وربما أخطأ فيه الصاحي، قال: لأن الله تعالى بين الذي عجز عن قراءة هذه السورة سكران؛ لأن واحد من الصحابة صلى بالناس قبل تحريم الخمر وكان سكران، وقرأ هذه السورة، بخلاف ما أنزلت، فنزل قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43](النساء: الآية 43) ، فثبت أنه إذا عجز عن قراءة هذه السورة عرف أنه سكران.

كذا ذكره الفقيه أبو الليث رحمه الله، يدل عليه ما حدثه الترمذي رحمه الله في " جامعه " بإسناده إلى [أبي سلمة بن] عبد الرحمن السلمي «عن علي بن أبي طالب رضي الله

ص: 359

وله أنه يؤخذ في أسباب الحدود بأقصاها درءا للحد، ونهاية السكر أن يغلب السرور على العقل فيسلبه التمييز بين شيء وشيء وما دون ذلك لا يعرى عن شبهة الصحو، والمعتبر في القدح المسكر في حق الحرمة ما قالاه بالإجماع أخذا بالاحتياط.

ــ

[البناية]

عنه - قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه طعاما، فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]{لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 2] ونحن نعبد ما تعبدون. قال فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] » (النساء: الآية43) .

وقال الكاكي: وحكي أن أئمة بلخ اتفقوا على استقراء هذه السورة، ثم إن بعض الشرطة أتى بسكران إلى أمير بلخ، فأمر الأمير أن يقرأ هذه السورة، فقال السكران له: اقرأ أنت سورة الفاتحة، فلما قال الأمير: الحمد لله، قال السكران: قف أخطأت من وجهين.

أحدهما: أنك تركت التعوذ عند افتتاح القراءة.

والثاني: تركت التسمية وهي آية من أول الفاتحة عند بعض الأئمة والقراء، فخجل الأمير وجعل يضرب الشرطي ويقول له: أمرتك أن تأتيني بسكران فأتيتني بمقرئ بلخ.

م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أنه يؤخذ في أسباب الحدود بأقصاها درءا للحد) ش: أي دفعا له، ألا ترى أن في الزنا يعتبر المخالطة كالميل في المكحلة، وفي السرقة يعتبر الأخذ من الحرز التام فكذا هنا اعتبر أقصى غايات السكر، وهو أن يبلغ مبلغا لا يعرف الأرض من السماء والرجل من المرأة.

وإذا لم يبلغ هذا المبلغ في غير الخمر من سائر الأشربة المحرمة لا يحد؛ لأن السكر تناقص في النقصان شبهة العدم، بخلاف الخمر حيث لم يشترط فيها السكر أصلا؛ لأن حرمتها غليظة قطعية؛ لأنها اجتهادية.

م: (ونهاية السكر أن يغلب السرور على العقل، فيسلبه التمييز بين شيء وشيء وما دون ذلك لا يعرى عن شبهة الصحو) ش: يعني إذا كان يميز بين الأشياء، عرفنا أنه مستعمل لعقله مع غاية من السرور، فلا يكون ذلك نهاية في السرور وفي النقصان شبهة العدم، والحدود تندرئ بالشبهات بالزمان.

م: (والمعتبر في القدح المسكر) ش: يعني في الأشربة المحرمة غير الخمر المعتبر في القدح الذي يحصل به السكر م: (في حق الحرمة ما قالاه) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - هو الذي يهذي ويخلط كلامه.

حاصل الكلام المبلغ في السكر هو الذي قالاه، وأشار بقوله م:(بالإجماع أخذا) ش: أي أن

ص: 360

والشافعي رحمه الله يعتبر ظهور أثره في مشيته وحركاته وأطرافه وهذا مما يتفاوت، فلا معنى لاعتباره، ولا يحد السكران بإقراره على نفسه لزيادة احتمال الكذب في إقراره، فيحتال لدرئه؛ لأنه خالص حق الله تعالى، بخلاف حد القذف؛ لأن فيه حق العبد، والسكران فيه كالصاحي عقوبة عليه، كما في سائر تصرفاته، ولو ارتد السكران لا تبين منه امرأته؛ لأن الكفر من باب الاعتقاد فلا يتحقق مع السكر، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله وفي ظاهر الرواية تكون ردة، والله أعلم بالصواب.

ــ

[البناية]

أبا حنيفة درأ الحد م: (بالاحتياط) ش: فاعتبر في إيجاب الحد النهاية، إذ الاحتياط في الدرء واعتبر في حق الشرب ما قالاه؛ لأن الاحتياط فيه م:(والشافعي رحمه الله يعتبر) ش: يعني السكر م: (ظهور أثره) ش: أي أثر المسكر م: (في مشيته) ش: بكسر الميم م: (وحركته وأطرافه) ش: أي في يديه ورجليه. وقال الأترازي وصاحب " الهداية " في هذا الكلام فخر الإسلام البزدوي قال في شرح " الجامع الصغير " إذا ظهر أثره في مشيته وأطرافه وحركاته فهو السكران. ولنا فيه نظر؛ لأن الشافعي رحمه الله يوجب الحد في شرب النبيذ المسكر به جنسه، وإن قيل: وهو المذكور في كتبهم، ولا يعتبر السكر أصلا.

م: (وهذا) ش: أي الذي قال الشافعي رحمه الله م: (مما يتفاوت) ش: لأن كم من صاح يتمايل ويلزق في مشيته، وكم من سكران ثابت في مشيته ولا يتمايل م:(فلا معنى لاعتباره) ش: أي لاعتبار ما قاله؛ لأنه لا يكون دليلا م: (ولا يحد السكران بإقراره على نفسه) ش: يعني بالحدود الخالصة حقا له تعالى، نحو حد الزنا والشرب والسرقة م:(لزيادة احتمال الكذب في إقراره) ش: لأن الإقرار خبر محتمل الكذب. فإذا صدر من سكران فهذا زيادة احتمال كذبه، فإذا كان كذلك م:(فيحتال لدرئه) ش: لأن الحدود يحتال لدرئها لا لإثباتها م: (لأنه خالص حق الله تعالى) ش: إلا أنه يضمن المروق؛ لأنه حق العبد.

م: (بخلاف حد القذف؛ لأن فيه حق العبد) ش: إلا أنه يحد حد القذف إذا صح م: (والسكران فيه) ش: أي في حق العبد م: (كالصاحي عقوبة عليه، كما في سائر تصرفاته) ش: كالقصاص أقر على نفسه أو بطلاق أو بعتاق صح إقراره.

م: (ولو ارتد السكران لا تبين منه امرأته) ش: في الاستحسان وفي القياس تبين كذا في " المبسوط " م: (لأن الكفر من باب الاعتقاد فلا يتحقق) ش: الاعتقاد م: (مع السكر، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله، وفي ظاهر الرواية: تكون ردة) ش: لأن كلامه هذا هذيان لا إقرار له والله أعلم بالصواب.

ص: 361