الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب اليمين في القتل والضرب وغيره
ومن قال لآخر: إن ضربتك فعبدي حر، فهو على الحياة؛ لأن الضرب اسم لفعل مؤلم يتصل بالبدن والإيلام لا يتحقق في الميت، ومن يعذب في القبر يوضع فيه الحياة في قول العامة،
ــ
[البناية]
[باب اليمين في القتل والضرب وغيره]
[قال إن ضربتك فعبدي حر فمات فضربه]
م: (باب اليمين في القتل والضرب وغيره) ش: أي هذا باب في بيان حكم اليمين في الضرب والخنق والعض وحكم اليمين في القتل قوله - وغيره - أي وغير المذكور من الضرب والقتل مثل القتل والخنق والعض.
م: ومن قال إن ضربتك فعبدي حر) ش: فمات فضربه م: (فهو على الحياة) ش: أي حلف على كل كونه المخاطب حيًا م: (لأن الضرب اسم لفعل مؤلم) ش: أي موجع م: (يتصل بالبدن والإيلام لا يتحقق في الميت) ش: ونوقض بقوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44](ص: الآية 44) ، وصف النبي أيوب عليه السلام في يمينه بالضرب بهذا الذي ذكر ولم يوجد الإيلام لما أن الضغث عبارة عن الحزمة الصغيرة من ريحان أو حشيش، فلم يكن لمجموعه إيلام، فكيف الجزاء.
وأجيب: بأنه جاز أن يكون هذا حكمًا ثابتًا بالنص في حق أيوب عليه السلام خاصة، إكرامًا له في حق امرأته تخفيفًا عليها، لعدم جنايتها على خلاف القياس، ولا يلحق به غيره.
وقيل ذلك ثبت رخصة في حقه خاصة، حيث حلل الله يمينه بأهون شيء أراه عن امرأته وحسن خدمتها إياه، وكلامها في الغريمة فلا يقاس على ما ثبت رخصة، بخلاف القياس وغيره.
وفي " شرح الطحاوي " ومن حلف ليضربن فلانًا مائة سوط فضرب بها مرة واحدة إن وصل إليه كل سوط بحاله، بر في يمينه، والإيلام شرط فيه، لأن المقصود من الضرب الإيلام، وبه قال المزني رحمه الله.
وقال الشافعي: يبر بمجرد الضرب بدون الإيلام. وقال مالك وأحمد - رحمهما الله: يحنث. وفي وصول الألم شرط عندهما.
م: (ومن يعذب في القبر يوضع فيه الحياة) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، بأن يقال: إن قولكم الإيلام لا يتحقق في الميت، لكن يعذب الميت في القبر، فأجاب بقوله ومن يوضع.... إلى آخره م:(في قول العامة) ش: احترز به عن قول الكرامية والصالحية، وهم قوم ينسبون إلى أبي الحسين الصالحي، فإنهم لا يشترطون الحياة شرطًا لتعذيب المسبب، وعذاب القبر ثابت عند أهل السنة وإن اختلفوا في كيفيته.
فقال بعضهم: يؤمن بأهل العذاب ويسكت عن الكيفية، لأن الواجب علينا تصديق ما جاء في السنة المشهورة، وهو التعذيب بعد الموت. وعند العامة يوضع فيه الحياة، لأن الإيلام
وكذلك الكسوة، لأنه يراد به التمليك عند الإطلاق، ومنه الكسوة في الكفارة، وهو من الميت لا يتحقق إلا أن ينوي به الستر. وقيل بالفارسية ينصرف إلى اللبس، وكذا الكلام والدخول، لأن المقصود من الكلام الإفهام، والموت ينافيه.
ــ
[البناية]
لا يكون بلا حياة ولا علم. ثم اختلفوا فقيل يوضع فيه الحياة بقدر ما يتألم لا الحياة المطلقة. وقيل يوضع فيه الحياة من كل وجه.
م: (وكذلك الكسوة) ش: يعني إن قال إن كسوتك فعبدي حر، فكساه بعد الموت لا يحنث م:(لأنه يراد به) ش: أي بالكسوة على تأويل الاكتساء م: (التمليك) ش: أي تمليك الثوب م: (ومنه الكسوة في الكفارة) ش: أي في كفارة اليمين، قال الله عز وجل:{أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89] فلو أنه أكسى عشرة أموات عن كفارة يمينه لم يجزه، لعدم التمليك، يؤيده أن الرجل لو قال كسوتك هذا الثوب يصير هبة.
قال الأترازي رحمه الله: وفيه نظر لا يخفى م: (وهو) ش: أي التمليك م: (من الميت لا يتحقق) ش: ولهذا لو تبرع عليه أحد بالكفن ثم أكله السبع يعود الكفن إلى المتبرع لا إلى وارث الميت، ذكره التمرتاشي رحمه الله م:(إلا أن ينوي به) ش: أي بالكسوة على تأويل الاكتساء م: (الستر) ش: فحينئذ يحنث، لأن فيه تشديدًا عليه، والميت يستر كالحي.
فإن قيل: الميت مما يكسى الكفن.
قلنا: لا، ولكن يلبس الكفن، والإلباس غير الاكتساء، فإنه لا يبنى على التمليك، والاكتساء يبنى على التمليك، يقال كسا الأمير فلانًا، أي ملكه كسوة، والإلباس عبارة عن الستر والتغطية، والميت محل لذلك، ألا ترى أنه لو حلف لا يلبس فلانًا ثوبًا فهو على الحياة والوفاة جميعًا كذا كره قاضي خان والمحبوبي - رحمهما الله.
م: (وقيل بالفارسية) ش: قائله أبو الليث رحمه الله أن اليمين المذكور إذا كانت باللغة الفارسية م: (ينصرف إلى اللبس) ش: يعني يراد به اللبس، ولا يراد به التمليك م:(وكذا الكلام) ش: وإن حلف لا يكلم فلانًا فكلمه بعد موته لا يحنث م: (والدخول) ش: بأن حلف لا يدخل على فلان فدخل عليه بعد ما مات لا يحنث في يمينه م: (لأن المقصود من الكلام الإفهام) ش: أي إفهامه فلانًا م: (والموت ينافيه) ش: أي ينافي الكلام، لأن المراد من الكلام الإسماع، والميت ليس بأهل الإسماع. ألا ترى إلى قَوْله تَعَالَى:{فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [الروم: 52](الروم: الآية 52)، وإلى قَوْله تَعَالَى:{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22](فاطر: الآية 22) .
فإن قيل: قد روي «أنه صلى الله عليه وسلم كلم أصحاب القليب يوم بدر حيث سماهم بأسمائهم " فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا، فقد وجدت ما وعدني ربي حقًا» » .