المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فالغموس: هو الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه، فهذه - البناية شرح الهداية - جـ ٦

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتاق

- ‌[تعريف العتاق]

- ‌[حكم الإعتاق]

- ‌ قال المعتق: أعتقت وأنا مجنون

- ‌[قال لعبده يا حر يا عتيق]

- ‌[قال رأسك حر أو وجهك أو رقبتك أو بدنك]

- ‌ قوله: خرجت من ملكي، ولا رق لي عليك

- ‌[وصف مملوكه بصفة من يعتق عليه إذا ملكه]

- ‌[قال لعبده هذا مولاي أو يا مولاتي]

- ‌[قال لأمته هذه مولاتي]

- ‌ قال لأمته: أنت طالق أو بائن أو تخمري

- ‌[قال لعبده ما أنت إلا حر]

- ‌[وصف عبده بالحرية ووصف ما يعبر به عن جميع البدن بالحرية]

- ‌ ملك ذا رحم محرم منه

- ‌[فصل في الإعتاق الغير اختياري]

- ‌عتق المكره والسكران

- ‌[عتق الحامل وولدها]

- ‌ أعتق الحمل على مال

- ‌ولد الأمة من مولاها

- ‌باب العبد الذي يعتق بعضه

- ‌ أعتق المولى بعض عبده

- ‌[السعاية لاحتباس مالية البعض عند العبد المعتق بعضه]

- ‌ العبد بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه

- ‌القسمة تنافي الشركة

- ‌ شهد كل واحد من الشريكين على صاحبه بالعتق

- ‌[حلفا على عتق عبدين كل واحد منهما لأحدهما بعينه]

- ‌[اشترى نصف ابنه وهو موسر هل يضمن]

- ‌[جارية بين اثنين فجاءت بولد فادعاه أحدهما]

- ‌ كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما

- ‌باب عتق أحد العبدين

- ‌[عتق أحد العبدين في مرض الموت]

- ‌ قال لعبديه: أحدكما حر فباع أحدهما أو مات

- ‌ شهد رجلان على رجل أنه أعتق أحد عبديه

- ‌ شهدا أنه أعتق إحدى أمتيه

- ‌[شهدا أنه أعتق أحد عبديه في مرض موته أو شهدا على تدبيره]

- ‌ شهدا بعد موته أنه قال في صحته أحدكما حر

- ‌(باب الحلف بالعتق)

- ‌[قال كل مملوك لي ذكر فهو حروله جارية حامل فولدت ذكرا]

- ‌[قال كل مملوك لي فهو حر بعد غد وله عبد وأمهات أولاد ومدبرون ومكاتبون]

- ‌باب العتق على جعل

- ‌ أعتق عبده على مال فقبل العبد

- ‌[علق الرجل عتق عبده بأداء المال]

- ‌ قال لعبده أنت حر بعد موتي على ألف درهم

- ‌[قال لعبده أنت حر على أن تخدمني أربع سنين فمات المولى أو العبد]

- ‌ قال لآخر أعتق أمتك على ألف درهم علي على أن تزوجنيها ففعل فأبت أن تتزوجه

- ‌[قال أعتق أمتك عني على ألف درهم على أن يتزوجها ففعل فأبت أن تزوجه]

- ‌[باب في حكم التدبير] [

- ‌تعريف التدبير]

- ‌[قال المولى لمملوكه أنت مدبر]

- ‌ علق التدبير بموته على صفة

- ‌[ولد العبد المدبر]

- ‌باب الاستيلاد

- ‌[تعريف الاستيلاد]

- ‌[بيع أم الولد]

- ‌ أسلمت أم ولد النصراني

- ‌ استولد أمة غيره بنكاح ثم ملكها

- ‌ وطئ جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه

- ‌ الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما

- ‌ وطئ المولى جارية مكاتبه فجاءت بولد فادعاه

- ‌كتاب الأيمان

- ‌[تعريف الأيمان وحكمها]

- ‌[أنواع الأيمان]

- ‌[اليمين الغموس]

- ‌[اليمين المنعقدة]

- ‌يمين اللغو

- ‌القاصد في اليمين والمكره والناسي سواء

- ‌باب ما يكون يمينا وما لا يكون يمينا

- ‌[اليمين بالله أو باسم آخر من أسماء الله عز وجل]

- ‌[الحلف بصفات الذات كالقدرة والعظمة]

- ‌[قال وعلم الله أو قدرة الله تعالى ونوى به اليمين أو أطلق]

- ‌ قال وغضب الله وسخطه

- ‌[حلف بالنبي وبالكعبة]

- ‌الحلف بحروف القسم

- ‌[إضمار حروف القسم في اليمين]

- ‌[قال وحق الله هل يكون يمينا]

- ‌[قال أقسم أو أقسم بالله هل يكون يمينا]

- ‌[هل الشهادة يمين]

- ‌[القسم بغير العربية]

- ‌[الحلف باللفظين عمر الله وأيم الله]

- ‌ قال: إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر

- ‌ قال: إن فعلت كذا فعلي غضب الله أو سخط الله

- ‌فصل في الكفارة

- ‌ كفارة اليمين

- ‌[التكفير قبل الحنث]

- ‌ حلف على معصية

- ‌[تحريم بعض ما يملك]

- ‌[تحريم الحلال]

- ‌[قال لله علي صوم سنة بدون التعليق بشيء]

- ‌[تعليق النذر بشرط]

- ‌[تعليق الحلف بالمشيئة]

- ‌باب اليمين في الدخول والسكنى

- ‌ حلف لا يدخل بيتا فدخل الكعبة

- ‌ حلف لا يدخل دارا فدخل دارا خربة

- ‌[حلف لا يدخل هذه الدار فخربت ثم بنيت دارا أخرى فدخلها]

- ‌[حلف لا يدخل بيت فلان ولا نية له ثم دخل في صحن داره]

- ‌ حلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها

- ‌[حلف لا يسكن هذه الدارفخرج بنفسه ومتاعه وأهله فيها]

- ‌[حلف لا يسكن في هذا المصر فخرج وترك أهله ومتاعه]

- ‌باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك

- ‌ حلف لا يخرج من المسجد فأمر إنسانا فحمله فأخرجه

- ‌[حلف لا يخرج من داره إلا إلى جنازة فخرج إليها ثم أتى إلى حاجة أخرى]

- ‌[حلف رجل ليأتين زيدا في غد إن استطاع على ذلك]

- ‌[الحلف على شيء يتكرر بتكرر المحلوف عليه أم لا]

- ‌ حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبد مأذون له مديون أو غير مديون

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب

- ‌[حلف لا يأكل شيئا فابتلع ما فيه]

- ‌ حلف لا يأكل من هذا البسر فصار رطبا فأكله

- ‌ حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا

- ‌ حلف لا يشتري رطبا، فاشترى كباسة

- ‌[حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا]

- ‌[حلف ألا يأكل لحما فأكل لحما حراما]

- ‌[حلف ألا يأكل لحما فأكل كبدا أو كرشا]

- ‌ حلف لا يأكل أو لا يشتري شحما

- ‌[حلف لا يشتري أو لا يأكل لحما أو شحما فاشترى إلية وأكلها]

- ‌ حلف لا يأكل خبزا

- ‌ حلف لا يأكل الشواء

- ‌ حلف لا يأكل الرءوس

- ‌[حلف ألا يأكل فاكهة فأكل عنبا أو غيره]

- ‌[حلف لا يتأدم]

- ‌ قال: إن لبست أو أكلت أو شربت فعبدي حر، وقال: عنيت شيئا دون شيء

- ‌ قال: إن لبست ثوبا، أو أكلت طعاما، أو شربت شرابا

- ‌ حلف لا يشرب من دجلة فشرب منها بإناء

- ‌ قال: إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته طالق، وليس في الكوز ماء

- ‌ حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا

- ‌باب اليمين في الكلام

- ‌ حلف لا يكلم فلانا فكلمه وهو بحيث يسمع، إلا أنه نائم

- ‌[حلف لا يكلمه إلا بإذنه فإذن له ولم يعلم بإذنه حتى كلمه]

- ‌ قال يوم أكلم فلانا فامرأته طالق

- ‌[حلف لا يكلم عبد فلان ولم ينو عبدا بعينه فباع فلان عبده فكلمه]

- ‌ حلف لا يدخل دار فلان هذه فباعها ثم دخلها

- ‌[حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه]

- ‌[فصل اليمين المتعلق بالزمان] [

- ‌حلف لا يكلم حينا أو زمنا]

- ‌[قال لا أكلمه دهرا أو الدهر]

- ‌ حلف لا يكلمه أياما

- ‌ قال لعبده: إن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر

- ‌باب اليمين في العتق والطلاق

- ‌ قال: لامرأته إذا ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ميتا

- ‌ قال أول عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبدا

- ‌[قال آخر عبد اشتريته فهو حر فاشترى عبدا ثم مات]

- ‌ قال: إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه ينوي به كفارة يمينه

- ‌[اشترى أباه نوى عن كفارة يمينه]

- ‌[يقول لأمة قد استولدها بالنكاح إن اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني فاشتراها]

- ‌ اشترى جارية فتسرى بها

- ‌ قال: كل مملوك لي حر

- ‌[باب اليمين في البيع والشراء والتزوج وغيره] [

- ‌حلف لا يبيع ولا يشتري أو لا يؤاجر فوكل من فعل ذلك]

- ‌ حلف لا يتزوج أو لا يطلق أو لا يعتق فوكل بذلك

- ‌ حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل

- ‌[قال إن بعت ثوبا لك فباعه بأمره أو بغير أمره]

- ‌[حلف أن يضرب عبده فأمر غيره بضربه]

- ‌ قال المشتري إن اشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار

- ‌[تعليق الطلاق على البيع]

- ‌باب اليمين في الحج والصلاة والصوم

- ‌[قال علي المشي إلى بيت الله]

- ‌[حلف على نفسه الحج ماشيا]

- ‌ قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله

- ‌[حلف لا يصوم فنوى الصوم فصام ساعة ثم أفطر من يومه]

- ‌ حلف لا يصلي فقام وقرأ أو ركع

- ‌باب اليمين في لبس الثياب والحلي وغير ذلك

- ‌ قال: لامرأته إن لبست من غير ذلك فهو هدي فاشترى قطنا فغزلته ونسجته فلبسه

- ‌ حلف لا يلبس حليا فلبس خاتم فضة

- ‌ حلف لا ينام على فراش فنام عليه وفوقه قرام

- ‌باب اليمين في القتل والضرب وغيره

- ‌[قال إن ضربتك فعبدي حر فمات فضربه]

- ‌[قال لامرأته إن وطئتك أو قبلتك فعبده حر]

- ‌[حلف لا يضرب امرأته فشد شعرها أو عضها أو خنقها]

- ‌باب اليمين في تقاضي الدراهم

- ‌ حلف ليقضين دينه إلى قريب

- ‌[أدى المكاتب بدل الكتابة وحكم بعتقه ثم وجد البدل ستوقة]

- ‌ حلف لا يقبض دينه درهما دون درهم فقبض بعضه

- ‌ حلف لا يفعل كذا

- ‌[مسائل متفرقة في الأيمان] [

- ‌[حلف أن يهب عبده لفلان فوهبه ولم يقبل الموهوب له]

- ‌ حلف لا يشم ريحانا فشم وردا أو ياسمينا

- ‌ حلف لا يشتري بنفسجا ولا نية له

- ‌كتاب الحدود

- ‌ الزنا يثبت بالبينة والإقرار

- ‌[تعريف الحدود]

- ‌فصل في كيفية الحد وإقامته

- ‌ وجب الحد وكان الزاني محصنا

- ‌[وجب الحد وكان الزاني غير محصن]

- ‌[حد العبد]

- ‌[شروط الإحصان]

- ‌[الجمع بين الجلد والرجم]

- ‌[الجمع بين الجلد والنفي]

- ‌ زنى المريض وحده الرجم

- ‌[زنت الحامل وحدها الرجم أو الجلد]

- ‌باب‌‌ الوطء الذي يوجب الحدوالذي لا يوجبه

- ‌ الوطء الذي يوجب الحد

- ‌[ثبوت النسب بالوطء]

- ‌ وطئ جارية ولده وولد ولده

- ‌[زفت إليه غير امرأته وقال النساء أنها زوجتك فوطئها]

- ‌ تزوج امرأة لا يحل له نكاحها

- ‌[الوطء فيما دون الفرج]

- ‌[وطء البهيمة]

- ‌من زنى في دار الحرب

- ‌ زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة تجامع مثلها

- ‌ أكرهه السلطان حتى زنا

- ‌ زنى بجارية فقتلها

- ‌[أقر أربع مرات في أربعة مجالس مختلفة أنه زنى بفلانة وقالت هي تزوجني أو أقرت]

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌[شهد الشهود بحد متقادم]

- ‌[حد التقادم في الشهادة بالزنا]

- ‌ شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة وفلانة غائبة

- ‌[شهد اثنان أنه زنى بامرأة بالكوفة وآخران بالبصرة]

- ‌[شهد أربعة أنه زنى بامرأة واختلفوا في المكان والزمان]

- ‌[أهلية الشهادة]

- ‌ نقص عدد الشهود عن أربعة

- ‌[الشهادة على الشهادة]

- ‌[شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم ثم رجعوا عن الشهادة]

- ‌[رجع شاهد واحد من الشهود الأربعة قبل القضاء والإمضاء]

- ‌[تبين عدم أهلية الشهادة بعد إقامة الحد]

- ‌ شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه

- ‌باب حد الشرب

- ‌[حكم حد الشرب]

- ‌[أقر بعد ذهاب رائحة الخمرهل يحد]

- ‌من سكر من النبيذ

- ‌ من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها

- ‌[الإكراه يدرأ الحد]

- ‌[حد العبد]

- ‌[شهادة النساء في حد الشرب]

- ‌[صفة السكران الذي يحد]

- ‌باب حد القذف

- ‌ قذف الرجل رجلا محصنا أو امرأة

- ‌[حد العبد القاذف]

- ‌ نفى نسب غيره وقال: لست لأبيك

- ‌[شروط الإحصان]

- ‌ قذف محصنة بعد موتها

- ‌ليس للعبد أن يطالب مولاه بقذف أمه الحرة

- ‌[قذف غيره فمات المقذوف هل يحد القاذف أم لا]

- ‌ أقر بالقذف ثم رجع

- ‌[ألفاظ لا تعد قذفا]

- ‌[قال لغيره زنأت في الجبل هل يحد أم لا]

- ‌[مواضع يحد فيها القاذف والمقذوف]

- ‌[قالت المرأة زنيت بك في جواب قول الرجل يا زانية]

- ‌[رجل له امرأة جاء بولده فقال ليس هو مني]

- ‌ قذف رجلا أتى أمته وهي مجوسية

- ‌ قذف مجوسيا تزوج بأمه ثم أسلم

- ‌[الحد على من شرب أو زنى أو قذف غير مرة]

- ‌فصل في التعزير

- ‌[التعزيرتعريفه ومشروعيته]

- ‌[حيث فقد الحد وجب التغزير]

- ‌[أقل التعزير وأكثره]

- ‌[التعزير يخضع لاجتهاد الإمام]

- ‌[من مات بسبب التعزير]

الفصل: فالغموس: هو الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه، فهذه

فالغموس: هو الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه، فهذه اليمين يأثم فيها صاحبها؛ لقوله عليه السلام:«من حلف كاذبا أدخله الله النار» .

ــ

[البناية]

الحديث وأدنى الأمر الندب، وما ينوي فيه البر والحنث في الإباحة فنحى بينهما، وحفظهما أولى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89] المائدة الآية 89، وحفظ اليمين بعد وجوبها بالبر، ومتى حنث في اليمين المنعقدة فعليه الكفارة بالنص وإجماع الأمة.

" والغموس " على وزن فعول للمبالغة، سميت به لأنها تغمس صاحبها في النار، وقيل لأنها تغمس صاحبها في الإثم لأنه تعمد فيها الكذب.

[اليمين الغموس]

م: (فالغموس: هو الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه) . ش: على إثبات شيء أو نفيه، وسواء كان ماضياً أو حالاً، نظير الماضي قول الرجل والله ما فعلت ذلك الأمر، هو عالم بأنه قوله.

ونظير الحال قوله والله إنه زيد مع علمه إنه عمرو، وما أشبهه. وقول المصنف - على أمر ماض - وهو عبارة القدوري، فلذلك اقتصر المصنف عليه، ويشير قوله - على أمر ماض - قيدوا لها الماضي والحال، سواء لأن الغموس لا يتحقق في الحال أيضاً، ولكنه اقتصر على الماضي بناء على الغالب، لأن الماضي شرط، ولهذا صرح صاحب " التحفة " وغيره: أن الغموس يتحقق في الحال أيضا. وفي " شرح الكافي ": اليمين الغموس ليست يمين في الحقيقة، لأن اليمين عقد مشروع، وهذه كبيرة محضة، وهي ضد المشروع، ولكن سمي يميناً مجازاً لارتكاب هذه الكبيرة باستعمال صورة اليمين، وفي البخاري عن عبد الله بن عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس» .

م: (فهذه اليمين يأثم فيها صاحبها لقوله عليه السلام) . ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم. م: «من حلف كاذباً أدخله الله النار» . ش: هذا الحديث غريب بهذا اللفظ، ولكن ورد في صحيح ابن حبان من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقطع بها مال امرء مسلم، حرم الله عليه الجنة، وأدخله النار» وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه «لقي الله وهو عليه غضبان» ، وفي سنن أبي داود من حديث عمران بن حصين قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين مصبورة كاذباً فليتبوأ مقعده من النار» ، وقال الأترازي: ألزم بها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وقيل لها مصبورة وإن كان صاحبها هو المصبور لأنه إنما صبر من أجلها أي حبس ووصف بالصبر وأضيف إليه مجازاً.

ص: 112

ولا كفارة فيها إلا التوبة والاستغفار، وقال الشافعي رحمه الله: وفيها الكفارة لأنها شرعت لرفع ذنب هتك حرمة اسم الله تعالى، وقد تحقق بالاستشهاد بالله كاذبا فأشبه المعقودة. ولنا أنها كبيرة محضة، والكفارة عبادة حتى تتأدى بالصوم، ويشترط فيها النية، فلا تناط بها، بخلاف المعقودة؛ لأنها مباحة

ــ

[البناية]

م: (ولا كفارة فيها إلا التوبة والاستغفار) . ش: وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - وكذا أهل العلم منهم عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وسعيد بن المسيب والحسن البصري والأوزاعي والثوري والليث وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الحديث وداود الظاهري.

م: (وقال الشافعي: فيها الكفارة) . ش: وهو قول الزهري ومحمد بن مسلم وعطاء بن أبي رباح. م: (لأنها) . ش: أي لأن الكفارة. م: (شرعت لرفع ذنب هتك حرمة اسم الله تعالى) . ش: فيه تتابع الإضافات. م: (وقد تحقق) . ش: أي الهتك. م: (بالاستشهاد بالله) . ش: أي الحلف بالله حال كونه. م: (كاذباً فأشبه المعقودة) . ش: أي اليمين المعقودة.

م: (ولنا أنها) . ش: أي اليمين الغموس. م: (كبيرة محضة) . ش: لما روى البخاري من حديث عبد الله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من الكبائر الإشراك بالله» وقد مضى الآن، ولو كان بها كفارة لذكرها. وقال الكاكي: والجمهور قوله عليه السلام: «خمس من الكبائر لا كفارة فيهن، وعد منها اليمين الفاجرة» ، رواه أبو الفرج.

وقال ابن المنذر: لا نعلم خبراً يدل على ما قال الشافعي من وجوب الكفارة. م: (والكفارة عبادة حتى تتأدى بالصوم، ويشترط فيها النية) . ش: والمشروعات ثلاثة أنواع: عبادة محضة، وسببها مباح، وعقوبة محضة وسببها حرام محض، وكفارات مترددة بين العبادة والعقوبة، ويشترط لها النية كسائر العبادات والنية لا تشترط في العقوبات. م:(فلا تناط بها) . ش: أي فلا تناط الكفارة بالكبيرة يعني أن اليمين الغموس بما كانت كبيرة محضة لم تكن مناطاً لكفارة التي هي عبادة، بدليل أدائها بالصوم.

م: (بخلاف المعقودة) . ش: أي بخلاف اليمين المنعقدة، فإنها ليست بكبيرة. م:(لأنها مباحة) . ش: فجاز أن يناط بها لعبادة. وقال الأكمل: وفيه بحث من وجوه:

الأول: لو كان ما ذكرتم صحيحاً لما وجبت الكفارة على المظاهر لكون الظاهر منكراً من القول وزوراً، وهذا نقص إجمال.

الثاني: ما وجبت بالأدنى وجبت بالأعلى بطريق الأولى.

الثالث: الكبيرة سيئة، والعبادة حسنة وأشباهها إياها مباح بها، لقوله عليه السلام: «أتبع

ص: 113