الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على هذا الاعتبار يجب اللعان دون الحد على المرأة لوجود القذف منه وعدمه منها، فجاء ما قلنا.
ومن أقر بولد ثم نفاه، فإنه يلاعن؛ لأن النسب لزمه بإقراره، وبالنفي بعده صار قاذفا فيلاعن، وإن نفاه ثم أقر به حد؛ لأنه لما أكذب نفسه بطل اللعان؛ لأنه حد ضروري صير إليه ضرورة التكاذب، والأصل فيه حد القذف، فإذا بطل التكاذب يصار إلى الأصل، وفيه خلاف ذكرناه في اللعان، والولد ولده في الوجهين لإقراره به سابقا أو لاحقا، واللعان يصح بدون قطع النسب
ــ
[البناية]
بطريق المشاكلة، كما في قَوْله تَعَالَى:{فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194](البقرة: الآية194){وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} [الشورى: 40](الشورى: الآية40) .
م: (وعلى هذا الاعتبار) ش: أي على الاعتبار الاحتمالين المذكورين م: (يجب اللعان دون الحد على المرأة لوجود القذف منه) ش: أي من الزوج م: (وعدمه منها) ش: أي وعدم القذف من المرأة تقدير هذا على هذا الاعتبار لا يكون المرأة مصدقة لزوجها، فيجب اللعان على الزوج، ولا يجب الحد على المرأة، ففي حال لا يوجب الحد عليها، ويجب اللعان على الزوج، وفي حال يجب الحد عليها، ولا يجب اللعان فوقع الشك فيما قلنا إنه لا حد ولا لعان م:(فجاء ما قلنا) .
[رجل له امرأة جاء بولده فقال ليس هو مني]
م: (ومن أقر بولد ثم نفاه فإنه) ش: عن صورة رجل له امرأة جاء بولده فقال ليس هو مني م: (يلاعن؛ لأن النسب لزمه بإقراره) ش: يعني صار الولد ولده م: (وبالنفي بعده) ش: أي بقوله بعد الإقرار ليس هو مني م: (صار قاذفا فيلاعن) ش: لأن معناه أن أمه زمن فولدته عن الزنا، وكل قذف يوجب الحد إلا حد يوجب اللعان في قذف الزوج.
م: (وإن نفاه ثم أقر به حد) ش: أي وإن نفى ولده بأن قال ليس هو مني ثم أقر به بأن قال هو ابني بطل اللعان فوجب عليه حد القذف؛ لأن الأصل في قذف المحصنات هو الحد م: (لأنه لما أكذب نفسه بطل اللعان؛ لأنه حد ضروري صير إليه ضرورة التكاذب) ش: أي تكاذب الزوجين؛ لأن كل واحد منهما كاذب في زعم صاحبه؛ لأن زعم الزوج أنها كاذبة في التكاذب الزنا، وإن زعمت الزوجة أنه كاذب في القذف بالزنا، ولهذا لو أقرت المرأة بالزنا لا يجب اللعان لعدم التكاذب، وكذا إذا كذب الزوج نفسه بعدم التكاذب.
م: (والأصل فيه) ش: أي في القذف بالزنا م: (حد القذف، فإذا بطل التكاذب يصار إلى الأصل) ش: وهو الحد، وفيه خلاف ما ذكرناه في اللعان هذا ليس موجود في أكثر النسخ أي وفي نفي الحمل خلاف ذكره في باب اللعان، وهو أن الزوج إذا قال لامرأته ليس حملك مني لا لعان عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما م:(والولد ولده في الوجهين) ش: أي فيما إذا أقر أولا ثم نفاه أو نفاه أولا ثم أقر م: (لإقراره به) ش: أي لإقرار الزوج بالولد م: (سابقا) ش: على النفي فيما إذا أقر بالولد ثم نفاه م: (أو لاحقا) ش: بالنفي فيما إذا نفاه ثم أقر به م: (واللعان يصح بدون قطع النسب كما يصح بدون الولد) ش: هذا جواب عما يقال إن سبب اللعان كان نفي الولد،
كما يصح بدون الولد. وإن قال: ليس بابني ولا بابنك فلا حد، ولا لعان لأنه أنكر الولادة، وبه لا يصير قاذفا.
ومن قذف امرأة ومعها أولاد لا يعرف لهم أب أو قذف الملاعنة بولد والولد حي أو قذفها بعد موت الولد، فلا حد عليه لقيام أمارة الزنا منها، وهي ولادة ولد لا أب له، ففاتت العفة نظرا إليها، وهي شرط الإحصان. ولو قذف امرأة لاعنت بغير ولد فعليه الحد لانعدام أمارة الزنا.
ــ
[البناية]
فلما لم ينتف الولد وجب أن لا يجري بينهما اللعان، فأجاب بقوله واللعان يصح
…
إلى آخره. تقريره أنه ليس من ضرورة اللعان قطع النسب إليه؛ لأنه ينفك عنه وجودا وعدما، فاللعان شرع بلا ولد، ألا ترى أنه إذا تطاولت المدة من حين الولادة ثم نفى يلاعن بينهما ولا ينقطع النسب ولو نفى نسب ولد امرأته الأمة ينتفي النسب، ولا يجري اللعان إليه إشارة البزدوي.
م: (وإن قال: ليس بابني ولا بابنك فلا حد ولا لعان؛ لأنه أنكر الولادة، وبه لا يصير قاذفا) ش: أي بإنكار الولادة لا يصير قاذفا أمه؛ لأنه أنكر الولادة أصل، وذلك بعدم الزنا؛ لأنه إذا لم يكن فيها كيف يتصور أن يتولد بزناها، فإذا انتفى القذف فلا يجب الحد ولا اللعان بعد القذف.
م: (ومن قذف امرأة ومعها أولاد لا يعرف لهم أب أو قذف الملاعنة بولد) ش: بفتح العين، أي التي لوعنت بولد، هكذا قال في " النهاية "، ويجوز كسر العين، معناه التي لاعنت بولدها وقد صرح بهذا في " الكافي ".
م: (والولد حي) ش: يتصل بالملاعنة م: (أو قذفها بعد موت الولد، فلا حد عليه لقيام أمارة الزنا منها) ش: أي لقيام علامة الزنا منها، أي من المرأة وهي.
أي قيام إمارة الزنا منها م: (وهي ولادة ولد لا أب له ففاتت العفة نظرا إليها) ش: أي إلى الإمارة م: (وهي) ش: أي العفة م: (شرط الإحصان) ش: أي شرط وجوب حد القذف، وهي ثابتة فلا يجب الحد.
م: (ولو قذف امرأة لاعنت بغير ولد) ش: ذكره التمرتاشي وكذا الملاعنة بولد ثم أكذب الزوج نفسه ولزم الولد ثم قذفها قاذف م: (فعليه الحد لانعدام أمارة الزنا) ش: وأمارة الزنا قيام ولد لا أب له ولا ولد هاهنا، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد، وجمهور العلماء رحمهم الله، ولا نعلم فيه خلافا.
فإن قيل: اللعان قائم مقام حد الزنا في حقها، فيكون أمارة الزنا ظاهرة، فينبغي أن لا يحد قاذفها، أجيب: بأن اللعان في جانبها قائم مقام حد الزنا بالنسبة إلى الزوج لا بالنسبة إلى غيره، فكانت محصنة في حق الغير. ألا ترى أن اللعان قائم مقام حد القذف في حقه بالنسبة إليها لا بالنسبة إلى غيرها حتى قبلت شهادته. وقال الأترازي: قال بعضهم في شرحه في جواب السؤال المذكور اللعان قائم مقام حد القذف في حقه، فبالنظر إلى هذا الوجه تكون المرأة محصنة،
قال: ومن وطئ وطئا حراما في غير ملكه لم يحد قاذفه لفوات العفة وهي شرط الإحصان، ولأن القاذف صادق، والأصل فيه أن من وطئ وطئا حراما لعينه لا يجب الحد بقذفه؛ لأن الزنا هو الوطء المحرم لعينه. وإن كان محرما لغيره يحد؛ لأنه ليس بزنا، فالوطء في غير الملك من كل وجه أو من وجه حرام لعينه، وكذا الوطء في الملك والحرمة مؤبدة
ــ
[البناية]
فتعارض الوجهان فتساقطا.
فبقي القذف سالما عن المعارض، فوجب الحد على القاذف، انتهى.
قلت: أراد به صاحب " النهاية " ثم رد عليه بما لا يجري، ثم قال: وقال بعضهم أيضا وهو صاحب " النهاية " أيضا بخط شيخي، يعني الحافظ الكبير البخاري في جواب هذه الشبهة أن اللعان في جانبها قائم مقام حد الزنا، لكن بالنسبة إلى الزوج لا إلى غيره إلى آخر ما ذكرنا في جواب السؤال المذكور، ثم رد عليه بما لا يجري.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ومن وطئ وطئا حراما في غير ملكه لم يحد قاذفه) ش: لعدم شرط الموجب للحد، وهو إحصان المقذوف، أشار إليه بقوله م:(لفوات العفة وهي شرط الإحصان) ش: والإحصان معدوم لانعدام العفة عن الزنا م: (ولأن القاذف صادق) ش: في قذفه؛ لأن المقذوف وطئ ما لا يحل له فلا يحل القذف على الصدق، وإنما يحد على الكذب.
م: (والأصل فيه) ش: أي في حد القذف وعدم الحد م: (أن من وطئ وطئا حراما لعينه) ش: كالوطء في غير الملك من كل وجه، وهو ظاهر، ومن وجه كالوطء في الجارية المشتركة بينه وبين غيره. وهذا الوطء حرام بعينه لوقوعه زنا؛ لأن الوطء حصل في غير ملكه، إلا أنه لا يجب حد الزنا على وطء الجارية المشتركة للشبهة م:(لا يجب الحد بقذفه) ش: أي بقذف هذا الوطء الحرام لعينه من كل وجه أو من كل وجه كما بينا م: (لأن الزنا هو الوطء المحرم لعينه) ش: سواء كان من كل وجه أو من وجه.
م: (وإن كان) ش: أي إن كان الوطء م: (محرما لغيره) ش: أي لغيره كوطء امرأته الحائض أو النفساء أو جاريته المجوسية أو أمته المزوجة أو المكاتبة أو الحرة التي ظاهر منها، أو وطئ امرأته الصائمة ففي هذه الصورة م:(يحد) ش: قاذفه م: (لأنه ليس بزنا) ش: لعدم صدق حد الزنا عليه م: (فالوطء في غير الملك من كل وجه أو من وجه حرام لعينه) ش: وقد بينا الوجهين الآن.
م: (وكذا) ش: أي وكذا حرام بعينه م: (الوطء في الملك والحرمة مؤبدة) ش: أي والحال أن الحرمة على التأبيد، كما إذا وطئ جاريته التي وطئها أبوه بعد ملك اليمين أو الشراء، وهذا وطء محرم على التأبيد، فصار كالزنا فلم يحد القاذف.
فإنه كالحرمة المؤقتة مثل وطء محرم على التأبيد مثل وطء الحائض أو أمثالها التي ذكرناها
فإن كانت الحرمة مؤقتة فالحرمة لغيره. وأبو حنيفة رحمه الله يشترط أن تكون الحرمة المؤبدة ثابتة بالإجماع أو بالحديث المشهور لتكون ثابتة من غير تردد، بيانه أن من قذف رجلا وطئ جارية مشتركة بينه وبين آخر فلا حد عليه لانعدام الملك من وجه، وكذا إذا قذف امرأة زنت في نصرانيتها لتحقق الزنا منها شرعا لانعدام الملك، ولهذا وجب عليها الحد
ــ
[البناية]
الآن م: (فإن كانت الحرمة مؤقتة فالحرمة لغيره) ش: لا بعينه.
م: (وأبو حنيفة رحمه الله يشترط أن تكون الحرمة المؤبدة ثابتة بالإجماع) ش: كموطوءة أبيه بالنكاح أو بملك اليمين، ثم اشتراها الابن فوطئها فلا يحد قاذفه لسقوط إحصان الواطئ بالوطء على التأبيد بالإجماع.
وكذلك إذا تزوج أختين أو تزوج امرأة وعمتها أو خالتها أو تزوج أمة على حرة أو جمعهما في العقدة فوطئها فلا حد على قاذفه لما قلنا م: (أو بالحديث المشهور) ش: أو تكون الحرمة المؤبدة ثابتة بالحديث المشهور، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«لا نكاح إلا بشهود» ، وكل الشراح ذكروا أن الحديث المشهور الذي ذكره المصنف رحمه الله هو قوله عليه الصلاة والسلام:«لا نكاح إلا بشهود» ، وقد ذكرنا في أول النكاح أن الحديث غريب بهذا اللفظ.
واستيفاء الكلام فيه هناك م: (لتكون ثابتة من غير تردد) ش: أي ليكون ثابتا من غير تردد ويكون الحد ثابتا من غير تردد.
م: (بيانه) ش: أي بيان الأصل المذكور في المسائل يذكرها بعد م: (أن من قذف رجلا وطئ جارية مشتركة بينه وبين آخر فلا حد عليه) ش: أي على قاذفه م: (لانعدام الملك من وجه) ش: لأنه في نصيب الشريك زان، فيصير القاذف صادقا في كلامه من وجه. والقذف سقط بالشبهة والإحصان كما يزول بالزنا من وجه، وعند مالك رحمه الله يحد.
(وكذلك إذا قذف امرأة) ش: أي وكذلك لا حد على القاذف إذا قذف امرأة م: (زنت في نصرانيتها) ش: ثم أسلمت وقذفها إنسان م: (لتحقق الزنا منها) ش: لأن الزنا حرام في الأديان كلها، والكفار مخاطبون بالعقوبات م:(شرعا) ش: أي من حيث الشرع م: (لانعدام الملك) ش: وهو ظاهر. وفي " المبسوط " وقذف مسلما زنى في حال كفره في دار الحرب أو في دارنا لم يحد قاذفه؛ لأن الزنا يتحقق من الكافر وإن لم يقم عليه الحد فيكون القاذف صادقا، فكان التقيد بالنصرانية اتفاقيا.
وعند مالك وأحمد والشافعي رحمهم الله في وجه يحد؛ لأنه قذفه في حال كونه مسلما محصنا لعموم الآية. قلنا قاذفه صادق لما قلنا، وإنما ترتفع بالإسلام الاسم دون حقيقة الزنا م:(ولهذا) ش: أي ولأجل تحقق الزنا من الكفار م: (وجب عليها الحد) ش: أي حد الزنا.