الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن الجلد يعرى عن المقصود مع الرجم لأن زجر غيره يحصل بالرجم، إذ هو في العقوبة أقصاها وزجره لا يحصل بعد هلاكه.
قال: ولا يجمع في البكر بين الجلد والنفي، والشافعي رحمه الله يجمع بينهما حدا لقوله عليه السلام «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» ولأن فيه حسم باب الزنا، لقلة المعارف.
ــ
[البناية]
إسلامهم، وحديث عبادة كان في أول الأمر، وبين الزمانين مدة.
م: (ولأن الجلد يعرى عن المقصود مع الرجم) ش: يعني إذا حصل الرجم يحصل المقصود، وهو العقوبة المتناهية، وهو الرجم، فلا حاجة إلى ما دونه وهو الجلد م:(لأن زجر غيره) ش: أي غير الزاني م: (يحصل بالرجم، إذ هو) ش: أي المرجوم م: (في العقوبة أقصاها) ش: لأنه لا عقوبة فوقها م: (وزجره) ش: أي وزجر الزاني م: (لا يحصل بعد هلاكه) ش: يعني إذا كان الزجر للزاني يزجره بعد هلاكه بالرجم لا يكون ولا يجمع بينهما.
[الجمع بين الجلد والنفي]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (ولا يجمع في البكر بين الجلد والنفي) ش: وقال المصنف م: (والشافعي يجمع بينهما) ش: أي بين الجلد والنفي م: (حدا) ش: أي من حيث الحد يشير به إلى أن النفي أبر به عندنا يجوز بطريق التعزير [
…
] م: (لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» ش: هو حديث رواه مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وقد ذكر عن قريب. وروى البخاري عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه أمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة وتغريب عام.»
والبكر بكسر الباء خلاف الثيب، ويقعان على الرجل والمرأة، ومعنى البكر بالبكر [
…
] أو زنى البكر بالبكر حده، كذا يقول الشافعي.
قال أحمد: وهو قول الثوري والأوزاعي والحسن بن صالح وعبد الله بن المبارك وإسحاق رحمهم الله قالوا: يجلد وينفى سنة إن كان البكر حرا، وفي العبد ثلاثة أقوال عن الشافعي في قول: يغرب ستة أشهر، وفي قول: سنة، وفي قول: لا يغرب أصلا بل يجلد خمسين.
وقال مالك: يجمع بينهما الرجل دون المرأة والعبد.
وعن الشافعي في قول تغريب المرأة محرم، وأجرته عليها في قول وعلى بيت المال في قول [......] ، قيل يجبره السلطان على الخروج معها، وقيل لا.
وإذا كانت الطريق آمنة ففي تغريبها بغير محرم يحرم وجهان، ولا ينتقض في مسافة الغربة عن رحلتين، وله الخيار في جهة السفر، فإن رجع الغريب إلى بلده لم يتغير عزله، وإذا عاد الغريب يخرج ثانيا، ولا يجب المدة الماضية، ومن نفي يجيء في الموضع الذي ينفى إليه.
م: (ولأن فيه) ش: أي في النفي م: (حسم باب الزنا) ش: أي قطعه م: (لقلة المعارف) ش:
ولنا قَوْله تَعَالَى {فَاجْلِدُوا} [النور: 2] جعل الجلد كل الموجب رجوعا إلى حرف الفاء أو إلى كونه كل المذكور. ولأن في التغريب فتح باب الزنا لانعدام الاستحياء من العشيرة، ثم فيه قطع مواد البقاء فربما تتخذ زناها مكسبة وهو من أقبح وجوه الزنا، وهذه الجهة مرجحة لقول علي رضي الله عنه
ــ
[البناية]
لأن الزنا إنما يكون بالمصاحبة والمحادثة مع الأحباب عند فراغ القلب، والغربة تفوت هذه الأشياء وتمنع عنها.
م: (ولنا قَوْله تَعَالَى {فَاجْلِدُوا} [النور: 2] جعل الجلد كل الموجب رجوعا إلى حرف الفاء) ش: بيانه أن الله تعالى جعل جزاء كل واحدة من الزانية والزاني الجلد لا غير، وهذا لأن الفاء للخبر، والجزاء عبارة عن الكافي المنافي، فينبغي وجوب غيره، كما إذا قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة.
فإذا وجد الشرط يقع طلقة واحدة لا غير، لأنها هي الجزاء، فلا يجب النفي إذا م:(أو إلى كونه كل المذكور) ش: أي أو رجوعا إلى كونه الجلد كل المذكور في الآية، لأن المذكور فيها هو الجلد لا غير، فإذا كان كل المذكور يكون كل الواجب، لأنه لو كان يجب شيء آخر لبينه، لأن الموضع موضع يحتاج إليه في البيان، وترك البيان في مثل هذا الموضع لا يجوز للزوم الإخلال.
م: (ولأن في التغريب فتح باب الزنا لانعدام الاستحياء من العشيرة) ش: هذا جواب عن قول الخصم، ولأن فيه باب الزنا، إلى آخره بيانه أن الإنسان يمنع من الزنا في بلدته استحياء من أقاربه وعشائره بها وبعض معارفه، ففي الغربة يرتفع الحياء، فيقع في الفاحشة ويفتح له باب الزنا لعدم من يستحي منه، وإن كان النفي إلى المرأة يحتاج إلى النفقة لا محالة، وهي عاجزة عن الكسب فتتخذ الزنا مكسبا، فتقعد فخير قبحة، وذلك من أقبح وجوه الزنا وأفحشها. وأشار إلى قولنا وإن كان النفي للمرأة
…
إلى آخره بقوله م: (ثم فيه) ش: أي في النفي م: (قطع مواد البقاء) ش: وهو الكسب لما يحتاج إليه من المأكول والمشروب.
م: (فربما تتخذ) ش: أي المرأة تتخذ م: (زناها مكسبة) ش: لأنها لما تباعدت عن الأقارب والأوطان ونزلت في الرباط أو الجنان أخرجها انقطاع مواد المعاش على اتخاذ الزنا مكسبة لانقطاع [
…
] والمواقع من المعاش م: (وهو من أقبح وجوه الزنا) ش: يعني هذا أقوى مما قاله الخصم. م: (وهذه الجهة مرجحة لقول علي رضي الله عنه) يجوز بكسر الجيم وفتحها، قال الكاكي: معنى رجحها قوله عليه الصلاة والسلام للتعليل.
وقال الأكمل: مرجحة نقل بفتح الجيم وضمها، فوجد الفتح أن هذه الجملة من العلة أقوى من علة الخصم بشهادة قول علي رضي الله عنه، واللام للتعليل. وقال الأكمل: مرجحة نقل بفتح الجيم وكسرها، فوجه الفتح أن هذه الجملة من العلة أقوى من علة الخصم لشهادة قول
كفى بالنفي فتنة، والحديث منسوخ كشطره وهو قوله عليه السلام:«الثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة» وقد عرف طريقه في موضعه.
ــ
[البناية]
علي رضي الله عنه بصحة ما قلنا ووجه الكسر أن الخصم ينكر صحة نقل قول علي رضي الله عنه.
وقال المصنف: هذه الجملة من جهات العلل، يريد صحة قول علي، فكانت اللام للصلة داخلة على المفعول، كما في قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4](المؤمنون: الآية 4) وفي الوجه الأول كانت للتعليل.
ثم قال ملخصا من كلام السغناقي كان قال في الأصل: أن ما يصلح مرجحا، وهذه الجهة علة، فكيف صحت علة.
أجيب: بأن هذه الجهة ليست مباينة للحد، بل هي باقية، مع أن النفي ليس بحكم، وأجيب: في الحد فيصلح للتزويج، ففي مثل هذا الموضع يذكر التعليل موضحا بعضها بعضا، وما أرى إخبار المصنف رحمه الله لفظ الجهة على لفظ العلة لهذا.
م: (وكفى بالنفي فتنة) ش: هذا رواه عبد الرزاق ومحمد بن الحسن رحمه الله في كتابه " الآثار " قال أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال: قال عبد الله بن مسعود: في البكر يزني بالبكر، قال: يجلدان مائة وينفيان سنة. قال: وقال علي رضي الله عنه حبسهما من فعل الفتنة أن ينفيان، وروى محمد بن الحسن الشيباني أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال: كفى بالنفي فتنة.
م: (والحديث منسوخ كشطره) ش: أراد بالحديث قوله: «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» وهو منسوخ بشطره، أي شطر الحديث م:(وهو قوله عليه السلام «الثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة» ش: والعجب من الخصم أنه يحكم في الحديث الواحد بأن نصفه منسوخ ونصفه محكم م: (وقد عرف طريقه) ش: أي طريق نسخ قوله عليه الصلاة والسلام: «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» م: (في موضعه) ش: يعني في طريق الخلاف، قال الأترازي. وقال الكاكي رحمه الله: في موضعه من التفاسير وكتاب " الناسخ والمنسوخ " فإن قيل، هذا إثبات النسخ بالقياس.
أجيب: بأنه بيان لكون الحديث منسوخا بناسخ، ولم يبين أن الناسخ ما هو، والناسخ حديث ماعز، أو قَوْله تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2] (النور: الآية 4)، لا قوله عليه الصلاة والسلام:«خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا» [
…
] ولو كانت هذه الآية نزلت من قبل استثناء من قوله ولا يجمع في البكر بين اثنين، والجلد يعني إذا رأى الإمام مصلحة يقال خذوا
إلا أن يرى الإمام في ذلك مصلحة، فيغربه على قدر ما يرى، وذلك تعزير وسياسة، لأنه قد يفيد في بعض الأحوال، فيكون الرأي فيه إلى الإمام، وعليه يحمل النفي المروي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.
ــ
[البناية]
عني القرآن، فدل على أن الآية متأخرة ناسخة لحديث التغريب.
م: (إلا أن يرى الإمام في ذلك مصلحة) ش: استثناء من قوله ولا يجمع في البكر بين اثنين والجلد، يعني إذا رأى الإمام مصلحة للنفي م:(فيغربه على قدر ما يرى، وذلك تعزير وسياسة) ش: لا على أنه حد م: (لأنه قد يفيد في بعض الأحوال، فيكون الرأي فيه للإمام) ش: وهذا لا يختص بالزنا، بل يجوز بذلك في كل جناية، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام نفى " هبة " المخنث من المدينة، ونفى عمر رضي الله عنه " نضر بن الحجاج " من المدينة حين سمع قائلة تقول:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها
…
أم من سبيل إلى نضر بن حجاج
إلى فتى ماجد الأعراق تقبيل
…
تضيء صورته في الحالك الداج
وذلك لا يوجب النفي، ولكن فعل ذلك لمصلحة، فقال: ما ذنبي يا أمير المؤمنين، فقال: لا ذنب لك، وإنما الذنب حيث لا أظهر دار الهجرة عنك.
قلت: قائلة هذا الشعر هي الفريعة بنت همام أم الحجاج بن يوسف، كانت تحت المغيرة، ونضر بن الحجاج كان من بني سليم، وكان جميلا راعيا، ولما سمع عمر ذلك سير نضرا إلى البصرة، وكان عمر رضي الله عنه سمع قائلا أيضا بالمدينة يقول:
أعوذ برب الناس من شر معقل
…
إذا معقل راح البقيع مرجلا
يعني معقل بن سنان الأشجعي، وكان جميلا، قدم المدينة فقال عمر رضي الله عنه الحق بباديتك، فقال رجل شعره. جعدة بالجيم إذا رجله بالجيم إذا جعلا.
م: (وعليه) ش: أي على ما ذكر من التعزير والسياسة م: (يحمل النفي المروي عن بعض الصحابة) ش: رضي الله عنهم.
وروى الترمذي حدثنا أبو كريب ويحيى بن أكثم قالا أنبأنا. وروى القدوري حديث أبي كريب ويحيى بن أكثم قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب، دار أبي بكر رضي الله عنه ضرب وغرب، دار عمر رضي الله عنه ضرب وغرب» وقال: حديث غريب.