الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في حقها بالتمكين من قبيح الزنا، وهو فعل من هو مخاطب بالكف عنه، ومؤثم على مباشرته. وفعل الصبي ليس بهذه الصفة، فلا يناط به الحد.
قال: ومن
أكرهه السلطان حتى زنا
فلا حد عليه، وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول أولا يحد، وهو قول زفر رحمه الله لأن الزنا من الرجل لا يكون إلا بعد انتشار الآلة، وذلك دليل الطواعية، ثم رجع عنه فقال: لا حد عليه لأن سببه الملجئ، قائم ظاهرا، والانتشار دليل متردد، لأنه قد يكون من غير قصد، لأن الانتشار قد يكون طبعا لا طوعا.
ــ
[البناية]
(في حقها) ش: في حق المرأة م: (بالتمكين) ش: أي سبب التمكين م: (من قبيح الزنا) ش: خبر المبتدأ، والإضافة فيه مثل الإضافة في حرف تصنيفه م:(وهو) ش: أي الزنا م: (فعل من هو مخاطب بالكف عنه) ش: أي عن الزنا م: (ومؤثم) ش: بكسر الثاء المثلثة من التأثيم أي الزنا م: (على مباشرته) ش: أي بفعله م: (وفعل الصبي ليس بهذه الصفة) ش: لأن الصبي ليس مخاطبا بالكف عن الزنا، وليس بمؤثم أيضا إذا باشر وطء الأجنبية، لأن القلم مرفوع عنه، وكذا فعل المخمور، فإذا كان كذلك م:(فلا يناط به) ش: فلا يتعلق به م: (الحد) ش:.
إن قيل: لما لم يجب الحد على الصبي والمجنون بالزنا بمطاوعته ينبغي أن يجب عليهما العقر، لأن الوطء في غير الملك لا يخلو عن أحد الأمرين، إما العقر، وإما الحد، والعقر هو مهر المثل. ولهذا لو زنا الصبي بصبية أو مكرهة يجب عليه المهر، وهاهنا لم يجب ذكره في " الذخيرة "، فما الفرق؟.
قلنا: لا فائدة في إيجاب المهر عليه، لأن لو أجبنا عليه كان لولي الصبي الرجوع عليها في الحال بمثل ذلك، لأنها لما طاوعت صارت امرأة لها بالزنا معها، وقد لحقه بذلك عزم، وصح الأمر من المرأة، لأن لها ولاية على نفسها، فلا يفيد الإيجاب، بخلاف ما إذا كانت مكرهة أو صبية، فإن المكرهة ليست بامرأة، والصبية لا يصح أمرها لعدم ولايتها على نفسها، فكانت بمنزلة المكرهة.
[أكرهه السلطان حتى زنا]
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن أكرهه السلطان حتى زنا فلا حد عليه، وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول أولا يحد، وهو قول زفر) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله في قول وأحمد م: (لأن الزنا من الرجل لا يكون إلا بعد انتشار الآلة، وذلك دليل الطواعية) ش: أي علانيتها، وعلانية الاختيار أيضا فافترق بالإكراه ما ينافيه، فانتفى الإكراه يقال طاع يطوع طوعا وطواعية مثل أطاع يطيع إطاعة، إلا أنهم يقولون طاع له. ولا يقولون طاعته كما يقولون إطاعة، وفلان طوع يدك أي منقاد لك م:(ثم رجع عنه، وقال لا حد عليه، لأن سببه الملجئ قائم ظاهرا، والانتشار دليل متردد، لأنه قد يكون من غير قصد) ش: أي انتشار الآلة م: (لأن الانتشار قد يكون طبعا) ش: أي من حيث طبع الرجل م: (لا طوعا) ش: أي من حيث الطوع م:
كما في النائم فأورث شبهة. وإن أكرهه غير السلطان حد عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا يحد، لأن الإكراه عندهما قد يتحقق من غير السلطان، لأن المؤثر خوف الهلاك، وأنه يتحقق من غيره. وله أن الإكراه من غيره لا يدوم إلا نادرا لتمكنه من الاستعانة بالسلطان أو بجماعة المسلمين وتمكنه دفعه بنفسه بالسلاح والنادر لا حكم له، فلا يسقط به الحد، بخلاف السلطان، لأنه يمكنه الاستعانة بغيره، ولا الخروج بالسلاح عليه فافترقا.
ــ
[البناية]
(كما في النائم) ش: فإن النائم قد تنتشر آلته لفرط فحولته وإن لم يكن قصده واختاره م: (فأورث شبهة) ش: فاندرأ لحد وبه قال زفر والشافعي - رحمهما الله - في قول، ولكنه يعزر وهو قولهما.
م: (وإن أكرهه غير السلطان حد عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وبه قال زفر والشافعي - رحمهما الله - في قول وأحمد م: (وقالا) ش: أي وقال أبو يوسف ومحمد رحمه الله: م: (لا يحد) ش: وغير السلطان مثل السلطان عندهما. يعني لا يحد سواء أكرهه السلطان أو غيره م: (لأن الإكراه عندهما قد يتحقق من غير السلطان، لأن المؤثر) ش: أي في الحكم م: (خوف الهلاك، فيتحقق من غيره) ش: أي من غير السلطان، وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله.
م: (وله أن الإكراه من غيره) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله أن الإكراه من غير السلطان م: (لا يدوم إلا نادرا لتمكنه) ش: أي لتمكن المكره م: (من الاستعانة بالسلطان أو بجماعة المسلمين وتمكنه دفعه) ش: وتمكنه بالجر عطفا على قوله لتمكنه بقوله، وقوله دفعه بالنصب مفعول المصدر أي دفع غير السلطان. وحاصله أن المكره يتمكن من دفع الإكراه إذا وقع من غير السلطان بالسلطان أو لجماعة المسلمين أو بنفسه باستعمال السلاح.
قلت: فيه نظر فإنه لا يتمكن بشيء من ذلك في هذا الزمان. أما السلطان فإنه لا يصل إليه كل واحد، لا سيما إذا كان المكره بالمكره بكسر من ظلمة السلطان، وأما جماعة المسلمين فإنهم ليس لهم غيرة الإسلام في هذا الزمان كما ينبغي. وأما دفع المكره الإكراه م:(بنفسه بالسلاح) ش: أو بغيره، فيعد حدا، ولا سيما إذا كان الإكراه من ولاة الشرطة أو من العمال الكمال الظلمة الخونة. ولأجل هذا ذكر في " الكافي ": أن هذا اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان، فالسلطان كان في زمنه قوة وغلبة بحيث لا يتجاسر أحد على إكراه غيره، وفي زماننا ظهرت القوة لكل متغلب، فيتحقق الإكراه من غير السلطان فما أفتى كل منهما بما عاين، وفي زماننا ظهرت القوة لكل متغلب لا يفتى بقولهما.
م: (والنادر لا حكم له فلا يسقط به الحد، بخلاف السلطان، لأنه لا يمكنه الاستعانة بغيره) ش: أي بغير السلطان م: (ولا الخروج) ش: أي ولا يمكنه الخروج م: (بالسلاح عليه فافترقا)