المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من زنى في دار الحرب - البناية شرح الهداية - جـ ٦

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتاق

- ‌[تعريف العتاق]

- ‌[حكم الإعتاق]

- ‌ قال المعتق: أعتقت وأنا مجنون

- ‌[قال لعبده يا حر يا عتيق]

- ‌[قال رأسك حر أو وجهك أو رقبتك أو بدنك]

- ‌ قوله: خرجت من ملكي، ولا رق لي عليك

- ‌[وصف مملوكه بصفة من يعتق عليه إذا ملكه]

- ‌[قال لعبده هذا مولاي أو يا مولاتي]

- ‌[قال لأمته هذه مولاتي]

- ‌ قال لأمته: أنت طالق أو بائن أو تخمري

- ‌[قال لعبده ما أنت إلا حر]

- ‌[وصف عبده بالحرية ووصف ما يعبر به عن جميع البدن بالحرية]

- ‌ ملك ذا رحم محرم منه

- ‌[فصل في الإعتاق الغير اختياري]

- ‌عتق المكره والسكران

- ‌[عتق الحامل وولدها]

- ‌ أعتق الحمل على مال

- ‌ولد الأمة من مولاها

- ‌باب العبد الذي يعتق بعضه

- ‌ أعتق المولى بعض عبده

- ‌[السعاية لاحتباس مالية البعض عند العبد المعتق بعضه]

- ‌ العبد بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه

- ‌القسمة تنافي الشركة

- ‌ شهد كل واحد من الشريكين على صاحبه بالعتق

- ‌[حلفا على عتق عبدين كل واحد منهما لأحدهما بعينه]

- ‌[اشترى نصف ابنه وهو موسر هل يضمن]

- ‌[جارية بين اثنين فجاءت بولد فادعاه أحدهما]

- ‌ كانت أم ولد بينهما فأعتقها أحدهما

- ‌باب عتق أحد العبدين

- ‌[عتق أحد العبدين في مرض الموت]

- ‌ قال لعبديه: أحدكما حر فباع أحدهما أو مات

- ‌ شهد رجلان على رجل أنه أعتق أحد عبديه

- ‌ شهدا أنه أعتق إحدى أمتيه

- ‌[شهدا أنه أعتق أحد عبديه في مرض موته أو شهدا على تدبيره]

- ‌ شهدا بعد موته أنه قال في صحته أحدكما حر

- ‌(باب الحلف بالعتق)

- ‌[قال كل مملوك لي ذكر فهو حروله جارية حامل فولدت ذكرا]

- ‌[قال كل مملوك لي فهو حر بعد غد وله عبد وأمهات أولاد ومدبرون ومكاتبون]

- ‌باب العتق على جعل

- ‌ أعتق عبده على مال فقبل العبد

- ‌[علق الرجل عتق عبده بأداء المال]

- ‌ قال لعبده أنت حر بعد موتي على ألف درهم

- ‌[قال لعبده أنت حر على أن تخدمني أربع سنين فمات المولى أو العبد]

- ‌ قال لآخر أعتق أمتك على ألف درهم علي على أن تزوجنيها ففعل فأبت أن تتزوجه

- ‌[قال أعتق أمتك عني على ألف درهم على أن يتزوجها ففعل فأبت أن تزوجه]

- ‌[باب في حكم التدبير] [

- ‌تعريف التدبير]

- ‌[قال المولى لمملوكه أنت مدبر]

- ‌ علق التدبير بموته على صفة

- ‌[ولد العبد المدبر]

- ‌باب الاستيلاد

- ‌[تعريف الاستيلاد]

- ‌[بيع أم الولد]

- ‌ أسلمت أم ولد النصراني

- ‌ استولد أمة غيره بنكاح ثم ملكها

- ‌ وطئ جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه

- ‌ الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما

- ‌ وطئ المولى جارية مكاتبه فجاءت بولد فادعاه

- ‌كتاب الأيمان

- ‌[تعريف الأيمان وحكمها]

- ‌[أنواع الأيمان]

- ‌[اليمين الغموس]

- ‌[اليمين المنعقدة]

- ‌يمين اللغو

- ‌القاصد في اليمين والمكره والناسي سواء

- ‌باب ما يكون يمينا وما لا يكون يمينا

- ‌[اليمين بالله أو باسم آخر من أسماء الله عز وجل]

- ‌[الحلف بصفات الذات كالقدرة والعظمة]

- ‌[قال وعلم الله أو قدرة الله تعالى ونوى به اليمين أو أطلق]

- ‌ قال وغضب الله وسخطه

- ‌[حلف بالنبي وبالكعبة]

- ‌الحلف بحروف القسم

- ‌[إضمار حروف القسم في اليمين]

- ‌[قال وحق الله هل يكون يمينا]

- ‌[قال أقسم أو أقسم بالله هل يكون يمينا]

- ‌[هل الشهادة يمين]

- ‌[القسم بغير العربية]

- ‌[الحلف باللفظين عمر الله وأيم الله]

- ‌ قال: إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر

- ‌ قال: إن فعلت كذا فعلي غضب الله أو سخط الله

- ‌فصل في الكفارة

- ‌ كفارة اليمين

- ‌[التكفير قبل الحنث]

- ‌ حلف على معصية

- ‌[تحريم بعض ما يملك]

- ‌[تحريم الحلال]

- ‌[قال لله علي صوم سنة بدون التعليق بشيء]

- ‌[تعليق النذر بشرط]

- ‌[تعليق الحلف بالمشيئة]

- ‌باب اليمين في الدخول والسكنى

- ‌ حلف لا يدخل بيتا فدخل الكعبة

- ‌ حلف لا يدخل دارا فدخل دارا خربة

- ‌[حلف لا يدخل هذه الدار فخربت ثم بنيت دارا أخرى فدخلها]

- ‌[حلف لا يدخل بيت فلان ولا نية له ثم دخل في صحن داره]

- ‌ حلف لا يدخل هذه الدار وهو فيها

- ‌[حلف لا يسكن هذه الدارفخرج بنفسه ومتاعه وأهله فيها]

- ‌[حلف لا يسكن في هذا المصر فخرج وترك أهله ومتاعه]

- ‌باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك

- ‌ حلف لا يخرج من المسجد فأمر إنسانا فحمله فأخرجه

- ‌[حلف لا يخرج من داره إلا إلى جنازة فخرج إليها ثم أتى إلى حاجة أخرى]

- ‌[حلف رجل ليأتين زيدا في غد إن استطاع على ذلك]

- ‌[الحلف على شيء يتكرر بتكرر المحلوف عليه أم لا]

- ‌ حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبد مأذون له مديون أو غير مديون

- ‌باب اليمين في الأكل والشرب

- ‌[حلف لا يأكل شيئا فابتلع ما فيه]

- ‌ حلف لا يأكل من هذا البسر فصار رطبا فأكله

- ‌ حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا

- ‌ حلف لا يشتري رطبا، فاشترى كباسة

- ‌[حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا]

- ‌[حلف ألا يأكل لحما فأكل لحما حراما]

- ‌[حلف ألا يأكل لحما فأكل كبدا أو كرشا]

- ‌ حلف لا يأكل أو لا يشتري شحما

- ‌[حلف لا يشتري أو لا يأكل لحما أو شحما فاشترى إلية وأكلها]

- ‌ حلف لا يأكل خبزا

- ‌ حلف لا يأكل الشواء

- ‌ حلف لا يأكل الرءوس

- ‌[حلف ألا يأكل فاكهة فأكل عنبا أو غيره]

- ‌[حلف لا يتأدم]

- ‌ قال: إن لبست أو أكلت أو شربت فعبدي حر، وقال: عنيت شيئا دون شيء

- ‌ قال: إن لبست ثوبا، أو أكلت طعاما، أو شربت شرابا

- ‌ حلف لا يشرب من دجلة فشرب منها بإناء

- ‌ قال: إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأته طالق، وليس في الكوز ماء

- ‌ حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا

- ‌باب اليمين في الكلام

- ‌ حلف لا يكلم فلانا فكلمه وهو بحيث يسمع، إلا أنه نائم

- ‌[حلف لا يكلمه إلا بإذنه فإذن له ولم يعلم بإذنه حتى كلمه]

- ‌ قال يوم أكلم فلانا فامرأته طالق

- ‌[حلف لا يكلم عبد فلان ولم ينو عبدا بعينه فباع فلان عبده فكلمه]

- ‌ حلف لا يدخل دار فلان هذه فباعها ثم دخلها

- ‌[حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه]

- ‌[فصل اليمين المتعلق بالزمان] [

- ‌حلف لا يكلم حينا أو زمنا]

- ‌[قال لا أكلمه دهرا أو الدهر]

- ‌ حلف لا يكلمه أياما

- ‌ قال لعبده: إن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر

- ‌باب اليمين في العتق والطلاق

- ‌ قال: لامرأته إذا ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ميتا

- ‌ قال أول عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبدا

- ‌[قال آخر عبد اشتريته فهو حر فاشترى عبدا ثم مات]

- ‌ قال: إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه ينوي به كفارة يمينه

- ‌[اشترى أباه نوى عن كفارة يمينه]

- ‌[يقول لأمة قد استولدها بالنكاح إن اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني فاشتراها]

- ‌ اشترى جارية فتسرى بها

- ‌ قال: كل مملوك لي حر

- ‌[باب اليمين في البيع والشراء والتزوج وغيره] [

- ‌حلف لا يبيع ولا يشتري أو لا يؤاجر فوكل من فعل ذلك]

- ‌ حلف لا يتزوج أو لا يطلق أو لا يعتق فوكل بذلك

- ‌ حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل

- ‌[قال إن بعت ثوبا لك فباعه بأمره أو بغير أمره]

- ‌[حلف أن يضرب عبده فأمر غيره بضربه]

- ‌ قال المشتري إن اشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار

- ‌[تعليق الطلاق على البيع]

- ‌باب اليمين في الحج والصلاة والصوم

- ‌[قال علي المشي إلى بيت الله]

- ‌[حلف على نفسه الحج ماشيا]

- ‌ قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله

- ‌[حلف لا يصوم فنوى الصوم فصام ساعة ثم أفطر من يومه]

- ‌ حلف لا يصلي فقام وقرأ أو ركع

- ‌باب اليمين في لبس الثياب والحلي وغير ذلك

- ‌ قال: لامرأته إن لبست من غير ذلك فهو هدي فاشترى قطنا فغزلته ونسجته فلبسه

- ‌ حلف لا يلبس حليا فلبس خاتم فضة

- ‌ حلف لا ينام على فراش فنام عليه وفوقه قرام

- ‌باب اليمين في القتل والضرب وغيره

- ‌[قال إن ضربتك فعبدي حر فمات فضربه]

- ‌[قال لامرأته إن وطئتك أو قبلتك فعبده حر]

- ‌[حلف لا يضرب امرأته فشد شعرها أو عضها أو خنقها]

- ‌باب اليمين في تقاضي الدراهم

- ‌ حلف ليقضين دينه إلى قريب

- ‌[أدى المكاتب بدل الكتابة وحكم بعتقه ثم وجد البدل ستوقة]

- ‌ حلف لا يقبض دينه درهما دون درهم فقبض بعضه

- ‌ حلف لا يفعل كذا

- ‌[مسائل متفرقة في الأيمان] [

- ‌[حلف أن يهب عبده لفلان فوهبه ولم يقبل الموهوب له]

- ‌ حلف لا يشم ريحانا فشم وردا أو ياسمينا

- ‌ حلف لا يشتري بنفسجا ولا نية له

- ‌كتاب الحدود

- ‌ الزنا يثبت بالبينة والإقرار

- ‌[تعريف الحدود]

- ‌فصل في كيفية الحد وإقامته

- ‌ وجب الحد وكان الزاني محصنا

- ‌[وجب الحد وكان الزاني غير محصن]

- ‌[حد العبد]

- ‌[شروط الإحصان]

- ‌[الجمع بين الجلد والرجم]

- ‌[الجمع بين الجلد والنفي]

- ‌ زنى المريض وحده الرجم

- ‌[زنت الحامل وحدها الرجم أو الجلد]

- ‌باب‌‌ الوطء الذي يوجب الحدوالذي لا يوجبه

- ‌ الوطء الذي يوجب الحد

- ‌[ثبوت النسب بالوطء]

- ‌ وطئ جارية ولده وولد ولده

- ‌[زفت إليه غير امرأته وقال النساء أنها زوجتك فوطئها]

- ‌ تزوج امرأة لا يحل له نكاحها

- ‌[الوطء فيما دون الفرج]

- ‌[وطء البهيمة]

- ‌من زنى في دار الحرب

- ‌ زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة تجامع مثلها

- ‌ أكرهه السلطان حتى زنا

- ‌ زنى بجارية فقتلها

- ‌[أقر أربع مرات في أربعة مجالس مختلفة أنه زنى بفلانة وقالت هي تزوجني أو أقرت]

- ‌باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها

- ‌[شهد الشهود بحد متقادم]

- ‌[حد التقادم في الشهادة بالزنا]

- ‌ شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة وفلانة غائبة

- ‌[شهد اثنان أنه زنى بامرأة بالكوفة وآخران بالبصرة]

- ‌[شهد أربعة أنه زنى بامرأة واختلفوا في المكان والزمان]

- ‌[أهلية الشهادة]

- ‌ نقص عدد الشهود عن أربعة

- ‌[الشهادة على الشهادة]

- ‌[شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم ثم رجعوا عن الشهادة]

- ‌[رجع شاهد واحد من الشهود الأربعة قبل القضاء والإمضاء]

- ‌[تبين عدم أهلية الشهادة بعد إقامة الحد]

- ‌ شهد أربعة على رجل بالزنا فأنكر الإحصان وله امرأة قد ولدت منه

- ‌باب حد الشرب

- ‌[حكم حد الشرب]

- ‌[أقر بعد ذهاب رائحة الخمرهل يحد]

- ‌من سكر من النبيذ

- ‌ من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها

- ‌[الإكراه يدرأ الحد]

- ‌[حد العبد]

- ‌[شهادة النساء في حد الشرب]

- ‌[صفة السكران الذي يحد]

- ‌باب حد القذف

- ‌ قذف الرجل رجلا محصنا أو امرأة

- ‌[حد العبد القاذف]

- ‌ نفى نسب غيره وقال: لست لأبيك

- ‌[شروط الإحصان]

- ‌ قذف محصنة بعد موتها

- ‌ليس للعبد أن يطالب مولاه بقذف أمه الحرة

- ‌[قذف غيره فمات المقذوف هل يحد القاذف أم لا]

- ‌ أقر بالقذف ثم رجع

- ‌[ألفاظ لا تعد قذفا]

- ‌[قال لغيره زنأت في الجبل هل يحد أم لا]

- ‌[مواضع يحد فيها القاذف والمقذوف]

- ‌[قالت المرأة زنيت بك في جواب قول الرجل يا زانية]

- ‌[رجل له امرأة جاء بولده فقال ليس هو مني]

- ‌ قذف رجلا أتى أمته وهي مجوسية

- ‌ قذف مجوسيا تزوج بأمه ثم أسلم

- ‌[الحد على من شرب أو زنى أو قذف غير مرة]

- ‌فصل في التعزير

- ‌[التعزيرتعريفه ومشروعيته]

- ‌[حيث فقد الحد وجب التغزير]

- ‌[أقل التعزير وأكثره]

- ‌[التعزير يخضع لاجتهاد الإمام]

- ‌[من مات بسبب التعزير]

الفصل: ‌من زنى في دار الحرب

و‌

‌من زنى في دار الحرب

أو في دار البغي ثم خرج إلينا فلا يقام عليه الحد، وعند الشافعي رحمه الله يحد لأنه التزم بإسلامه أحكامه أينما كان مقامه. ولنا قوله عليه السلام: لا تقام الحدود في دار الحرب، ولأن المقصود هو الانزجار، وولاية الإمام منقطعة فيهما، فيعرى الوجوب عن الفائدة، ولا تقام بعدما خرج، لأنها لم تنعقد موجبة، فلا تنقلب موجبة، ولو غزا من له ولاية الإقامة بنفسه.

ــ

[البناية]

يذبح، وإن كانت مما يؤكل يذبح. وفي أكلها وجهان، أحدهما لا يجز ويضمن لغيره.

[من زنى في دار الحرب]

م: (ومن زنى في دار الحرب أو في دار البغي، ثم خرج إلينا، فلا يقام عليه الحد) ش: يعني إذا خرج وأقر عند القاضي م: (وعند الشافعي رحمه الله يحد) ش: وبه قال مالك رحمه الله وأحمد رحمه الله م: (لأنه التزم بإسلامه أحكامه) ش: أي أحكام الإسلام م: (أينما كان مقامه) ش: بضم الميمين، أي ثبت موضع إقامته الضمير يرجع إلى من " في " ومن زنى.

م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم م: «لا تقام الحدود في دار الحرب» ش: هذا الحديث غريب، وأخرج البيهقي عن الشافعي رحمه الله قال: قال أبو يوسف: حدثنا بعض أشياخنا عن مكحول عن «زيد بن ثابت قال: لا يقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو» والمراسيل عندنا حجة كالمسند.

وقال الكاكي: في شرح الصاعدي روى محمد رحمه الله في السير الكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من زنى أو سرق في دار الحرب وأصاب بها حدا ثم هرب وخرج إلينا فإنه لا يقام عليه الحد» ثم قال: وجه التمسك بحديث الكتاب أنه صلى الله عليه وسلم حقق عدم الإقامة لانقطاع ولاية الإمام عنها، فكان المراد من عدم الإقامة عدم وجوب الحد.

فإن قيل: الحديث يعارض بقوله تعالى: {فَاجْلِدُوا} [النور: 2] .

قلنا: خص منه مواضع الشبهة بالإجماع، فيجوز تخصيصه بخبر الواحد.

م: (ولأن المقصود) ش: أي من إقامة الحد م: (هو الانزجار) ش: وذا لا يحصل بنفس الوجوب، بل الاستيفاء.

ولا يمكن استيفاؤه ثمة لعدم ولاية الإمام، فامتنع الوجوب لعدم فائدته، وهو الاستيفاء، أشار إليه المصنف بقوله: م: (وولاية الإمام منقطعة فيهما) ش: أي في دار الحرب، ودار البغي كذلك م:(فيعرى الوجوب عن الفائدة) ش: وهو الاستيفاء م: (ولا تقام بعدما خرج لأنها لم تنعقد موجبة) ش: أي لأن هذه الفعلة أو الزانية لم تنعقد حال كونها موجبة للحد م: (فلا تنقلب موجبة) ش: بعد الخروج إلينا، فلا يحد.

م: (ولو غزا من له ولاية الإقامة) ش: أي إقامة الحدود م: (بنفسه) ش: أي باختصاصه بذلك م:

ص: 313

كالخليفة وأمير المصر يقيم الحد على من زنى في معسكره، لأنه تحت يده، بخلاف أمير العسكر والسرية لأنه لم يفوض إليهما الإقامة.

وإذا دخل الحربي في دارنا بأمان فزنى بذمية أو زنى ذمي بحربية يحد الذمي والذمية عند أبي حنيفة رحمه الله ولا يحد الحربي والحربية، وهو قول محمد رحمه الله في الذمي يعني إذا زنى بحربية، فأما إذا زنى الحربي بذمية لا يحدان عند محمد، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وهو قول أبي يوسف أولا. وقال أبو يوسف رحمه الله يحدون كلهم، وهو قوله الآخر. لأبي يوسف رحمه الله أن المستأمن التزم أحكامنا مدة عمره في دارنا في المعاملات كما أن الذمي التزمها مدة إقامته، ولهذا يحد حد القذف ويقتل قصاصا، بخلاف حد الشرب، لأنه يعتقد إباحته.

ــ

[البناية]

(كالخليفة وأمير المصر يقيم الحد على من زنى في معسكره، لأنه تحت يده) ش: أي لأن من زنى في معسكر من له الولاية يختاره م: (بخلاف أمير العسكر) ش: لأنه لم يفرض له ولاية إقامة الحدود م: (والسرية) ش: أي بخلاف أمير السرية وهم الذين يسرون بالليل ويخفون بالنهار، ومنه " خبر السرايا أربعمائة " م:(لأنه لم يفوض إليهما الإقامة) ش: أي لم يفرض إلى أمير العسكر وأمير السرية إقامة الحدود.

م: (وإذا دخل الحربي في دارنا بأمان فزنى بذمية أو ذمي بحربية يحد الذمي والذمية عند أبي حنيفة رضي الله عنه ولا يحد الحربي والحربية) ش: وبقول أبي حنيفة قال الشافعي وأحمد.

وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - يحد الحربي والذمية. وقال مالك رحمه الله: لا يحدان ولا يحد الحربي والحربية.

وقال الشافعي رحمه الله: يحدان م: (وهو قول محمد رحمه الله في الذمي يعني إذا زنى بحربية، فأما إذا زنى الحربي بذمية لا يحدان عند محمد رحمه الله وهو قول أبي يوسف رحمه الله أولا. وقال أبو يوسف) ش: آخرا م: (يحدون كلهم) ش: وبه قال الشافعي وزفر م: (وهو قوله الآخر. لأبي يوسف أن المستأمن التزم أحكامنا مدة إقامته في دارنا في المعاملات، كما أن الذمي التزمها مدة عمره، ولهذا) ش: أي ولأجل التزامه أحكامنا مدة إقامته م: (يحد حد القذف) ش: إذا قذف مسلما.

م: (ويقتل قصاصا) ش: إذا قتل ويمنع من الزبور وشراء العهد للسلم والمصحف، ويجبر على بيعهم بعد الشراء كما يجبر الذمي، بخلاف حد الشرب جواب عما يقال لو كان كذلك لا يقيم عليه حد الشرب، لأنه من أحكامنا، أجاب بقوله.

م: (بخلاف حد الشرب) ش: يعني حد الشرب ليس كذلك م: (لأنه يعتقد إباحته) ش:

فإن قلت: فهو يعتقد إباحة قتل المسلم وقذفه، فينبغي أن لا يقتص منه، ولا يحد لقذفه.

ص: 314

ولهما أنه ما دخل دارنا للقرار بل لحاجة كالتجارة ونحوها، فلم يصر من أهل دارنا، ولهذا يمكن من الرجوع إلى دار الحرب، ولا يقتل المسلم ولا الذمي به. فإنما التزم من الحكم ما يرجع إلى تحصيل مقصوده، وهو حقوق العباد، لأنه لما طمع في الإنصاف يلتزم الإنصاف والقصاص، وحد القذف من حقوقهم. أما حد الزنا محض حق الشرع، ولمحمد رحمه الله وهو الفرق أن الأصل في باب الزنا فعل الرجل، والمرأة تابعة له على ما نذكره إن شاء الله تعالى، فامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع، أما الامتناع في حق التبع لا يوجب الامتناع في حق

ــ

[البناية]

قلت: المعنى باعتقاد الإباحة وهو أن يكون قتل النفس والقذف حرام عندهم في دينهم، فأما حقهم ذلك ليس بدين، وإنما هو هوى وتعصب.

م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (أنه) ش: أي المستأمن م: (ما دخل دارنا للقرار بل لحاجة كالتجارة ونحوها) ش: مثل زيارة أقربائه أو لأجل الطيب أو لأجل [

] هو منه، فإذا كان كذلك م:(فلم يصر من أهل دارنا، ولهذا) ش: أي ولأجل عدم كونه من أهل دارنا م: (تمكن) ش: أي الحربي المستأمن م: (من الرجوع إلى دار الحرب) ش: إذا عزم على الخروج من دار الإسلام على الدخول في دار الحرب.

م: (ولا يقتل المسلم ولا الذمي به) ش: أي بسببه إذا قتل مسلم أو ذمي، والذمي إذا قتله مسلم يقتص به عندنا، فعلم أن الحربي لم يكن كالذمي.

م: (فإنما التزم من الحكم ما يرجع إلى تحصيل مقصوده، وهو حقوق العباد، لأنه) ش: أي لأن الحربي المستأمن م: (لما طمع في الإنصاف) ش: المسلمين، أي طمع في العدل لأجله على غيره م:(يلتزم الإنصاف) ش: أي قبل العدل لغيره عليه، يقال انتصف الرجل إنصافا إذا أعطي الحق، وتناصف القوم إذا تعاطوا الحق بينهم م:(والقصاص، وحد القذف من حقوقهم) ش: أي من حقوق العباد. م: (أما حد الزنا محض حق الشرع) ش: فلم يلتزمه فلا يلزمه، ولما فرغ عن الجواب عن قول أبي يوسف من جهة أبي حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله شرع في بيان إثبات ما لكل منهما فيم ذهب إليه فقال م:(ولمحمد) ش: يعني في الفرق بين المسلم أو الذمي إذا زنى بحربية مستأمنة حيث يجب الحد عنده على الفاعل، وبين المسلمة أو الذمية إذا زنت بحربي حيث لا يجب عنده عليهما.

بيانه ما قال بقوله: م: (وهو الفرق أن الأصل في باب الزنا فعل الرجل، والمرأة تابعة له) ش: لكونها محلا م: (على ما نذكره إن شاء الله تعالى) ش: أي في مسألة زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة م: (فامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع) ش: لأن الحد إنما يجب عليهما بالتمكين من فعل موجب للحد فيما مكنت من فعل موجب للحد، فلا تحد.

م: (أما الامتناع في حق التبع لا يوجب الامتناع في حق الأصل) ش: وإلا ما كان مستتبعا فكان

ص: 315

الأصل، ونظيره إذا زنى البالغ بصبية أو مجنونة وتمكين البالغة من الصبي والمجنون. ولأبي حنيفة رحمه الله فيه أن فعل الحربي المستأمن زنا، لأنه مخاطب بالحرمات على ما هو الصحيح وإن لم يكن مخاطبا بالشرائع على أصلنا، والتمكين من فعل هو زنا موجب للحد عليها، بخلاف الصبي والمجنون، لأنهما لا يخاطبان، ونظير هذا الاختلاف إذا زنى المكره بالمطاوعة تحد المطاوعة عنده، وعند محمد رحمه الله لا تحد. قالوا: إذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة طاوعته، فلا حد عليه ولا عليها. وقال زفر رحمه الله والشافعي رحمه الله: يجب الحد عليها، وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله.

ــ

[البناية]

أصلا، والغرض أنه تبع، وذلك خلاف باطل م:(نظيره) ش: أي نظير هذا م: (إذا زنى البالغ بصبية أو مجنونة) ش: فإنه يحد البالغ دونها، لأن الامتناع في حق التبع لا يستلزمه في حق الأصل م:(وتمكين البالغة) ش: أي ونظيره أيضا تمكين البالغة نفسها م: (من الصبي والمجنون) ش: فإنه لا يجب الحد عليها، لأن الامتناع في حق الأصل يستلزمه في حق التبع.

م: (ولأبي حنيفة رحمه الله فيه أن فعل الحربي المستأمن زنا، لأنه مخاطب بالحرمات) ش: كحرمة الكفر والزنا وإن لم يكن مخاطبا، فإذا ما يحتمل السقوط من العبادات م:(على ما هو الصحيح) ش: احترز به عن قول بعض مشايخنا العراقيين، فإنهم قالوا بوجوب الأداء م:(وإن لم يكن مخاطبا بالشرائع على أصلنا) ش: إشارة إلى قول مشايخ ديارنا، أي ديار المصنف. م:(والتمكين) ش: أي تمكين المرأة نفسها منه م: (من فعل هو زنا موجب للحد عليها) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2](النور: الآية 2) ، فيجب الحد عليها لوجوب المقتضى وانتفاء المانع.

م: (بخلاف الصبي والمجنون، لأنهما لا يخاطبان) ش: هذا جواب عن شبهة محمد رحمه الله على أن سقوط الحد من الأصل يوجب السقوط من التبع. ووجه ذلك أن هذا ليس بنظير ما نحن فيه، لأن الصبي والمجنون لا يخاطبان، فلا يكون فعلهما، والتمكين من غير الزنا ليس بزنا فلا يوجب الحد والحربي مخاطب بفعل الزنا، والتمكين من الزنا زنا يوجب الحد.

م: (ونظير هذا) ش: أي نظير هذا م: (الاختلاف) ش: الواقع بين أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله - م: (إذا زنى المكره بالمطاوعة تحد المطاوعة عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد م:(وعند محمد رحمه الله لا تحد) ش:.

م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير " م: (وإذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة طاوعته) ش: أي طاوعت الصبي أو المجنون م: (فلا حد عليه ولا عليها. قال زفر رحمه الله والشافعي: يجب الحد عليها) ش: أي على المرأة المطاوعة م: (وهو) ش: أي قول زفر والشافعي - رحمهما الله - م: (رواية عن أبي يوسف رحمه الله) ش: وبه قال مالك وأحمد رحمه الله لأنها زانية حقيقة.

ص: 316