الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
من زنى في دار الحرب
أو في دار البغي ثم خرج إلينا فلا يقام عليه الحد، وعند الشافعي رحمه الله يحد لأنه التزم بإسلامه أحكامه أينما كان مقامه. ولنا قوله عليه السلام: لا تقام الحدود في دار الحرب، ولأن المقصود هو الانزجار، وولاية الإمام منقطعة فيهما، فيعرى الوجوب عن الفائدة، ولا تقام بعدما خرج، لأنها لم تنعقد موجبة، فلا تنقلب موجبة، ولو غزا من له ولاية الإقامة بنفسه.
ــ
[البناية]
يذبح، وإن كانت مما يؤكل يذبح. وفي أكلها وجهان، أحدهما لا يجز ويضمن لغيره.
[من زنى في دار الحرب]
م: (ومن زنى في دار الحرب أو في دار البغي، ثم خرج إلينا، فلا يقام عليه الحد) ش: يعني إذا خرج وأقر عند القاضي م: (وعند الشافعي رحمه الله يحد) ش: وبه قال مالك رحمه الله وأحمد رحمه الله م: (لأنه التزم بإسلامه أحكامه) ش: أي أحكام الإسلام م: (أينما كان مقامه) ش: بضم الميمين، أي ثبت موضع إقامته الضمير يرجع إلى من " في " ومن زنى.
م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم م: «لا تقام الحدود في دار الحرب» ش: هذا الحديث غريب، وأخرج البيهقي عن الشافعي رحمه الله قال: قال أبو يوسف: حدثنا بعض أشياخنا عن مكحول عن «زيد بن ثابت قال: لا يقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو» والمراسيل عندنا حجة كالمسند.
وقال الكاكي: في شرح الصاعدي روى محمد رحمه الله في السير الكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من زنى أو سرق في دار الحرب وأصاب بها حدا ثم هرب وخرج إلينا فإنه لا يقام عليه الحد» ثم قال: وجه التمسك بحديث الكتاب أنه صلى الله عليه وسلم حقق عدم الإقامة لانقطاع ولاية الإمام عنها، فكان المراد من عدم الإقامة عدم وجوب الحد.
فإن قيل: الحديث يعارض بقوله تعالى: {فَاجْلِدُوا} [النور: 2] .
قلنا: خص منه مواضع الشبهة بالإجماع، فيجوز تخصيصه بخبر الواحد.
م: (ولأن المقصود) ش: أي من إقامة الحد م: (هو الانزجار) ش: وذا لا يحصل بنفس الوجوب، بل الاستيفاء.
ولا يمكن استيفاؤه ثمة لعدم ولاية الإمام، فامتنع الوجوب لعدم فائدته، وهو الاستيفاء، أشار إليه المصنف بقوله: م: (وولاية الإمام منقطعة فيهما) ش: أي في دار الحرب، ودار البغي كذلك م:(فيعرى الوجوب عن الفائدة) ش: وهو الاستيفاء م: (ولا تقام بعدما خرج لأنها لم تنعقد موجبة) ش: أي لأن هذه الفعلة أو الزانية لم تنعقد حال كونها موجبة للحد م: (فلا تنقلب موجبة) ش: بعد الخروج إلينا، فلا يحد.
م: (ولو غزا من له ولاية الإقامة) ش: أي إقامة الحدود م: (بنفسه) ش: أي باختصاصه بذلك م:
كالخليفة وأمير المصر يقيم الحد على من زنى في معسكره، لأنه تحت يده، بخلاف أمير العسكر والسرية لأنه لم يفوض إليهما الإقامة.
وإذا دخل الحربي في دارنا بأمان فزنى بذمية أو زنى ذمي بحربية يحد الذمي والذمية عند أبي حنيفة رحمه الله ولا يحد الحربي والحربية، وهو قول محمد رحمه الله في الذمي يعني إذا زنى بحربية، فأما إذا زنى الحربي بذمية لا يحدان عند محمد، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وهو قول أبي يوسف أولا. وقال أبو يوسف رحمه الله يحدون كلهم، وهو قوله الآخر. لأبي يوسف رحمه الله أن المستأمن التزم أحكامنا مدة عمره في دارنا في المعاملات كما أن الذمي التزمها مدة إقامته، ولهذا يحد حد القذف ويقتل قصاصا، بخلاف حد الشرب، لأنه يعتقد إباحته.
ــ
[البناية]
(كالخليفة وأمير المصر يقيم الحد على من زنى في معسكره، لأنه تحت يده) ش: أي لأن من زنى في معسكر من له الولاية يختاره م: (بخلاف أمير العسكر) ش: لأنه لم يفرض له ولاية إقامة الحدود م: (والسرية) ش: أي بخلاف أمير السرية وهم الذين يسرون بالليل ويخفون بالنهار، ومنه " خبر السرايا أربعمائة " م:(لأنه لم يفوض إليهما الإقامة) ش: أي لم يفرض إلى أمير العسكر وأمير السرية إقامة الحدود.
م: (وإذا دخل الحربي في دارنا بأمان فزنى بذمية أو ذمي بحربية يحد الذمي والذمية عند أبي حنيفة رضي الله عنه ولا يحد الحربي والحربية) ش: وبقول أبي حنيفة قال الشافعي وأحمد.
وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - يحد الحربي والذمية. وقال مالك رحمه الله: لا يحدان ولا يحد الحربي والحربية.
وقال الشافعي رحمه الله: يحدان م: (وهو قول محمد رحمه الله في الذمي يعني إذا زنى بحربية، فأما إذا زنى الحربي بذمية لا يحدان عند محمد رحمه الله وهو قول أبي يوسف رحمه الله أولا. وقال أبو يوسف) ش: آخرا م: (يحدون كلهم) ش: وبه قال الشافعي وزفر م: (وهو قوله الآخر. لأبي يوسف أن المستأمن التزم أحكامنا مدة إقامته في دارنا في المعاملات، كما أن الذمي التزمها مدة عمره، ولهذا) ش: أي ولأجل التزامه أحكامنا مدة إقامته م: (يحد حد القذف) ش: إذا قذف مسلما.
م: (ويقتل قصاصا) ش: إذا قتل ويمنع من الزبور وشراء العهد للسلم والمصحف، ويجبر على بيعهم بعد الشراء كما يجبر الذمي، بخلاف حد الشرب جواب عما يقال لو كان كذلك لا يقيم عليه حد الشرب، لأنه من أحكامنا، أجاب بقوله.
م: (بخلاف حد الشرب) ش: يعني حد الشرب ليس كذلك م: (لأنه يعتقد إباحته) ش:
فإن قلت: فهو يعتقد إباحة قتل المسلم وقذفه، فينبغي أن لا يقتص منه، ولا يحد لقذفه.
ولهما أنه ما دخل دارنا للقرار بل لحاجة كالتجارة ونحوها، فلم يصر من أهل دارنا، ولهذا يمكن من الرجوع إلى دار الحرب، ولا يقتل المسلم ولا الذمي به. فإنما التزم من الحكم ما يرجع إلى تحصيل مقصوده، وهو حقوق العباد، لأنه لما طمع في الإنصاف يلتزم الإنصاف والقصاص، وحد القذف من حقوقهم. أما حد الزنا محض حق الشرع، ولمحمد رحمه الله وهو الفرق أن الأصل في باب الزنا فعل الرجل، والمرأة تابعة له على ما نذكره إن شاء الله تعالى، فامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع، أما الامتناع في حق التبع لا يوجب الامتناع في حق
ــ
[البناية]
قلت: المعنى باعتقاد الإباحة وهو أن يكون قتل النفس والقذف حرام عندهم في دينهم، فأما حقهم ذلك ليس بدين، وإنما هو هوى وتعصب.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (أنه) ش: أي المستأمن م: (ما دخل دارنا للقرار بل لحاجة كالتجارة ونحوها) ش: مثل زيارة أقربائه أو لأجل الطيب أو لأجل [
…
] هو منه، فإذا كان كذلك م:(فلم يصر من أهل دارنا، ولهذا) ش: أي ولأجل عدم كونه من أهل دارنا م: (تمكن) ش: أي الحربي المستأمن م: (من الرجوع إلى دار الحرب) ش: إذا عزم على الخروج من دار الإسلام على الدخول في دار الحرب.
م: (ولا يقتل المسلم ولا الذمي به) ش: أي بسببه إذا قتل مسلم أو ذمي، والذمي إذا قتله مسلم يقتص به عندنا، فعلم أن الحربي لم يكن كالذمي.
م: (فإنما التزم من الحكم ما يرجع إلى تحصيل مقصوده، وهو حقوق العباد، لأنه) ش: أي لأن الحربي المستأمن م: (لما طمع في الإنصاف) ش: المسلمين، أي طمع في العدل لأجله على غيره م:(يلتزم الإنصاف) ش: أي قبل العدل لغيره عليه، يقال انتصف الرجل إنصافا إذا أعطي الحق، وتناصف القوم إذا تعاطوا الحق بينهم م:(والقصاص، وحد القذف من حقوقهم) ش: أي من حقوق العباد. م: (أما حد الزنا محض حق الشرع) ش: فلم يلتزمه فلا يلزمه، ولما فرغ عن الجواب عن قول أبي يوسف من جهة أبي حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله شرع في بيان إثبات ما لكل منهما فيم ذهب إليه فقال م:(ولمحمد) ش: يعني في الفرق بين المسلم أو الذمي إذا زنى بحربية مستأمنة حيث يجب الحد عنده على الفاعل، وبين المسلمة أو الذمية إذا زنت بحربي حيث لا يجب عنده عليهما.
بيانه ما قال بقوله: م: (وهو الفرق أن الأصل في باب الزنا فعل الرجل، والمرأة تابعة له) ش: لكونها محلا م: (على ما نذكره إن شاء الله تعالى) ش: أي في مسألة زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة م: (فامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع) ش: لأن الحد إنما يجب عليهما بالتمكين من فعل موجب للحد فيما مكنت من فعل موجب للحد، فلا تحد.
م: (أما الامتناع في حق التبع لا يوجب الامتناع في حق الأصل) ش: وإلا ما كان مستتبعا فكان
الأصل، ونظيره إذا زنى البالغ بصبية أو مجنونة وتمكين البالغة من الصبي والمجنون. ولأبي حنيفة رحمه الله فيه أن فعل الحربي المستأمن زنا، لأنه مخاطب بالحرمات على ما هو الصحيح وإن لم يكن مخاطبا بالشرائع على أصلنا، والتمكين من فعل هو زنا موجب للحد عليها، بخلاف الصبي والمجنون، لأنهما لا يخاطبان، ونظير هذا الاختلاف إذا زنى المكره بالمطاوعة تحد المطاوعة عنده، وعند محمد رحمه الله لا تحد. قالوا: إذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة طاوعته، فلا حد عليه ولا عليها. وقال زفر رحمه الله والشافعي رحمه الله: يجب الحد عليها، وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله.
ــ
[البناية]
أصلا، والغرض أنه تبع، وذلك خلاف باطل م:(نظيره) ش: أي نظير هذا م: (إذا زنى البالغ بصبية أو مجنونة) ش: فإنه يحد البالغ دونها، لأن الامتناع في حق التبع لا يستلزمه في حق الأصل م:(وتمكين البالغة) ش: أي ونظيره أيضا تمكين البالغة نفسها م: (من الصبي والمجنون) ش: فإنه لا يجب الحد عليها، لأن الامتناع في حق الأصل يستلزمه في حق التبع.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله فيه أن فعل الحربي المستأمن زنا، لأنه مخاطب بالحرمات) ش: كحرمة الكفر والزنا وإن لم يكن مخاطبا، فإذا ما يحتمل السقوط من العبادات م:(على ما هو الصحيح) ش: احترز به عن قول بعض مشايخنا العراقيين، فإنهم قالوا بوجوب الأداء م:(وإن لم يكن مخاطبا بالشرائع على أصلنا) ش: إشارة إلى قول مشايخ ديارنا، أي ديار المصنف. م:(والتمكين) ش: أي تمكين المرأة نفسها منه م: (من فعل هو زنا موجب للحد عليها) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2](النور: الآية 2) ، فيجب الحد عليها لوجوب المقتضى وانتفاء المانع.
م: (بخلاف الصبي والمجنون، لأنهما لا يخاطبان) ش: هذا جواب عن شبهة محمد رحمه الله على أن سقوط الحد من الأصل يوجب السقوط من التبع. ووجه ذلك أن هذا ليس بنظير ما نحن فيه، لأن الصبي والمجنون لا يخاطبان، فلا يكون فعلهما، والتمكين من غير الزنا ليس بزنا فلا يوجب الحد والحربي مخاطب بفعل الزنا، والتمكين من الزنا زنا يوجب الحد.
م: (ونظير هذا) ش: أي نظير هذا م: (الاختلاف) ش: الواقع بين أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله - م: (إذا زنى المكره بالمطاوعة تحد المطاوعة عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد م:(وعند محمد رحمه الله لا تحد) ش:.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير " م: (وإذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة طاوعته) ش: أي طاوعت الصبي أو المجنون م: (فلا حد عليه ولا عليها. قال زفر رحمه الله والشافعي: يجب الحد عليها) ش: أي على المرأة المطاوعة م: (وهو) ش: أي قول زفر والشافعي - رحمهما الله - م: (رواية عن أبي يوسف رحمه الله) ش: وبه قال مالك وأحمد رحمه الله لأنها زانية حقيقة.