الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولو علق عتقه بأداء المال صح وصار مأذونا، وذلك مثل أن يقول إن أديت إلي ألف درهم فأنت حر، ومعنى قوله صح أنه يعتق عند الأداء من غير أن يصير مكاتبا، لأنه صريح في تعليق العتق بالأداء، وإن كان فيه معنى المعاوضة في الانتهاء على ما نبين إن شاء الله تعالى. وإنما صار مأذونا لأنه رغبه في الاكتساب بطلبه الأداء منه؛ ومراده التجارة دون التكدي فكان إذنا له دلالة. وإن أحضر المال أجبره الحاكم على قبضه وعتق العبد ومعنى الإجبار فيه وفي سائر الحقوق أنه ينزل قابضا بالتخلية.
ــ
[البناية]
[علق الرجل عتق عبده بأداء المال]
م: (قال: ولو علق عتقه بأداء المال صح) . ش: أي قال القدروي: ولو علق الرجل عتق عبده بأداء المال صح العتق، فلا يعتق قبل الأداء، ولا يحتاج فيه إلى قبول العبد، ولا يرتد برده وللمولى أن يبيعه قبل الأداء، كما في التعليق بسائر الشروط. م:(وصار) . ش: أي العبد. م: (مأذوناً) . ش: يسعى في التكسب لأداء المال. م: (وذلك) . ش: أي تعليقه بأداء المال. م: (مثل أن يقول: إن أديت إلي ألف درهم فأنت حر ومعنى قوله صح) . ش: أي معنى قول القدروي. م: (أنه) . ش: أي أن العبد م: (يعتق عند الأداء) . ش: أي أداء المال المشروط. م: (من غير أن يصير مكاتبا) . ش: يعني لا يثبت له أحكام المكاتبين، حتى لو مات وترك ديناً، فما لمولاه لمولاه، ولا يؤدي عنه، ولو مات المولى فالعبد رقيق يورث عنه ما في يده من أكسابه، ولو كانت أمة فولدت ثم أدت لم يعتق عبدها ولو حط المال وأبرأه المولى لم يعتق ولو كان مكاتباً لكان الحكم على عكس ما ذكره في الجميع.
م: (لأنه) . ش: أي لأن قول المولى إن أديت إلي ألف درهم فأنت حر. م: (صريح في تعليق العتق بالأداء، وإن كان فيه معنى المعاوضة في الانتهاء) . ش: أي عند أداء المال. م: (على ما نبين إن شاء الله تعالى) . ش: أي بعد خطوط عند قوله ولما أنه تعليق نظراً إلى اللفظ ومعاوضة نظراً إلى المقصود. م: (وإنما صار مأذوناً لأنه رغبه في الاكتساب بطلبه الأداء منه ومراده التجارة) ش: يعني من الترغيب في الاكتساب لأنها هي المشروعة عند الاختيار. م: (دون التكدي) . ش: لأنه بدل مرء وينجسه. والتكدي في الأصل لفظ فارسي ومعناه السؤال من الناس والدوران فيه. م: (فكان) . ش: أي حقه على أداء المال. م: (إذناً له دلالة) . ش: أي من حيث الدلالة، لأن مراده التجارة، ولا يتمكن من ذلك إلا بالإذن إما صريحاً وإما دلالة.
م: (وإن أحضر المال) . ش: أي وإن أحضر العبد المال المشروط. م: (أجبره الحاكم) . ش: أي أن المولى. م: (على قبضه وعتق العبد) . ش: لأنه قام بما شرط عليه. م: (ومعنى الإجبار فيه) . ش: أي في هذا الموضع. م: (وفي سائر الحقوق) . ش: كالثمن، وبدل الخلع وبدل الكتابة وما أشبهها. م:(أنه) . ش: أي أن المولى. م: (ينزل قابضا بالتخلية) . ش: وهي رفع اليد والموانع. وقال الكاكي: شرطها أن لو يمد يده أمكنه قبضه، وهو قول الشافعي أن يكون معنى الإجبار في القبض ما هو المفهوم عند الناس، وهو أن يكره على القبض بالتراجم بالضرب والحبس.
وقال زفر رحمه الله: لا يجبر على القبول وهو القياس، لأنه تصرف يمين إذ هو تعليق العتق بالشرط لفظا، ولهذا لا يتوقف على قبول العبد، ولا يحتمل الفسخ، ولا جبر على مباشرة شروط الإيمان، لأنه لا استحقاق قبل وجود الشرط، بخلاف الكتابة؛ لأنها معاوضة والبدل فيها واجب ولنا أنه تعليق نظرا إلى اللفظ، ومعاوضة نظرا إلى المقصود؛ لأنه ما علق عتقه بالأداء إلا ليحثه على دفع المال فينال العبد شرف الحرية والمولى المال بمقابلته بمنزلة الكتابة، ولهذا كان عوضا في الطلاق في مثل هذا اللفظ، حتى كان بائنا، فجعلناه تعليقا في الابتداء عملا باللفظ ودفعا للضرر عن المولى حتى لا يمتنع عليه بيعه ولا يكون العبد أحق بمكاتبته، ولا يسري إلى الولد
ــ
[البناية]
م: (وقال زفر: لا يجبر على القبول، وهو القياس، لأنه تصرف يمين) . ش: وليس المراد اليمين بالله واليمين بغير الله هو الشرط والجزاء. م: (إذ هو) . ش: أي لأنه. م: (تعليق العتق بالشرط لفظا) . ش: احترازا عن الكتابة، فإنها ليست بتعليق لفظي، فإنه لو قال لعبده: كاتبتك على كذا من المال صحت الكتابة، وليس فيه تعليق لفظي لعدم ألفاظ الشرط فيه. م:(ولهذا) . ش: أي ولأجل ذلك. م: (لا يتوقف على قبول العبد ولا يحتمل الفسخ) . ش: ويمكنه أن يبيعه قبل الأداء. م: (ولا جبر على مباشرة شروط الأيمان) . ش: هذا متصل بقوله - لأنه تصرف يمين -. م: (لأنه لا استحقاق قبل وجود الشرط) . ش: فصار كالتعليق بدخول الدار. م: (بخلاف الكتابة) . ش: حيث يجبر فيها. م: (لأنها) . ش: أي لأن الكتابة. م: (معاوضة والبدل فيها واجب) . ش: فلذلك يجبر.
م: (ولنا أنه) . ش: أي أن قول الرجل إن أديت إلى البقاء فأنت حر. م: (تعليق نظراً إلى اللفظ) . ش: لأن فيه حرف الشرط. م: (ومعاوضة نظرا إلى المقصود) . ش: أي مقصود المولى، وهو حصول المال، ومقصود العبد وهو حصول الحرية. وأوضح ذلك بقوله. م:(لأنه) . ش: أي لأن المولى. م: (علق عتقه بالأداء) . ش: أي بأداء المال. م: (إلا ليحثه) . ش: أي ليحرضه. م: (على دفع المال فينال العبد شرف الحرية والمولى) . ش: أي ولينال المولى. م: (المال بمقابلته) . ش: أي بمقابلة العتق. م: (بمنزلة الكتابة) . ش: فإنها معاوضة في الأصل، ومعنى الشرط تابع، ولهذا إذا مات المولى لا تنفسخ الكتابة.
م: (ولهذا) . ش: أي ولأجل كون المال بمقابلة العتق معاوضة نظراً إلى المقصود. م: (كان) . ش: أي المال. م: (عوضاً في الطلاق في مثل هذا اللفظ) . ش: نحو ما إذا قال: إن أديت إلي ألفاً فأنت طالق. م: (حتى كان) . ش: أي الطلاق. م: (بائناً) . ش: إذا طلقها بهذه الصفة لوقوعه على عوض. م: (فجعلناه) . ش: أي فجعلنا قول المولى إن أديت إلي ألفاً فأنت حر. م: (تعليقاً في الابتداء) . ش: أي في أول الأمر. م: (عملاً باللفظ) . ش: وهو كونه بحرف الشرط. م: (دفعا للضرر عن المولى) . ش: أي لأجل دفع الضرر عن المولى.
م: (حتى لا يمتنع عليه بيعه ولا يكون العبد أحق بمكاتبته ولا يسري إلى الولد المولود قبل الأداء)
المولود قبل الأداء، وجعلناه معاوضة في الانتهاء عند الأداء دفعا للضرر عن العبد، حتى يجبر المولى على القبول
ــ
[البناية]
ش: أي قبل أداء المال بأن قال لأمته: إن أديت إلي ألفا فأنت حرة. ثم ولدت ثم أدت المال لم يعتق الولد معها. م: (وجعلناه) . ش: أي القول المذكور. م: (معاوضة في الانتهاء) . ش: أي في انتهاء الأمر. م: (عند الأداء) . ش: أي أداء المال. م: (دفعاً للضرر عن العبد) . ش: فإنه ما تحمل المشقة في اكتساب المال إلا لينال شرف الحرية. م: (حتى يجبر المولى على القبول) . ش: أي قبول المال. ولو أجبر المولى لا يتضرر به لأخذ العوض وقد رضي بالعتق بأدائه حيث علقه.
فإن قيل: لا يمكن جعله معاوضة أصلاً، لأن البدل والمبدل كلاهما عند الأداء ملك المولى، لأنه قبل الأداء عبد وهو وما في يده لمولاه. أجيب بأنه لما ثبت عند الأداء معنى الكتابة ثبت شرط صحته اقتضاء، وهو أن يصير العبد أحق بالمولى، فيثبت بهذا سابقاً على الأداء متى وجد الأداء وصار كما إذا كانت عبده على نفسه وماله كان الكسب مالا قبل الكتابة، فإنه يصير أحق لذلك المال، حتى لو أدى ذلك عتق، ذكره صاحب النهاية ثم قال كذا في " مبسوط " شيخ الإسلام.
وقال الأكمل: وفيه نظر من وجهين؛ أحدهما أن معنى ثبوت الكتابة هو المعارض، فلا بد من إثباته. والثاني أن حصول شرط صحة الشيء عبارة لا يقتضي صحته فضلاً عن حصول اقتضاء، ولعل الصواب في الجواب أن يقال لما صحت الكتابة والمعنى الذي ذكر ثم قائم فيها معاوضة ليس فيها معنى التعليق فلا يصح العتق على مال، وفيه معنى التعليق أولى، فيكون ملحقاً بالكتابة دلالة.
وقال الأترازي: فإن قلت كيف يصح جعله معاوضة والعوض والمعوض عن المولى جميعاً؟.
قلت: هذه مغالطة، لأن العوض هنا هو العتق، وهو يحصل للعبد لا للمولى.
فإن قلت: ترد عليكم الأحكام منها إذا قال إن أديت إلي خمراً، فأنت حر، حيث لا يجبر على القبول، وكذا إذا قال إن أديت إلى ثوباً فأنت حر، ومنها إذا قال إن أديت إلي ألفاً فحججت بها فأنت حر لا يجبر على القبول. ومنها إذا باع العبد ثم اشتراه ثم جاءه بألف لا يجبر على القبول.
قلت: لا يجري في الخمر لأن المسلم ممنوع منه، لكن إذا أداها عتق. وأما الثوب فإنه مجهول الجنس. وأما الحج فتعليق فيه شيئان، إما الحج أو الحال ولهذا لا يعتق بمجرد الأداء ما لم يوجد الحج، وليس فيه معنى المعاوضة، فلا يصح الجبر.
ولو قال: إن أديت إلي ألفاً أحج بها يجبر على القبول ويعتق العبد وجد الحج أو لا. لأن الحج وقع صورة لا شرطا، ويصح البيع في المسألة الأخيرة بطل معنى الكتابة، فلا يجبر
فعلى هذا يدور الفقه وتخرج المسائل، نظيره الهبة بشرط العوض، ولو أدى البعض يجبر على القبول، إلا أنه لا يعتق ما لم يؤد الكل لعدم الشرط، كما إذا حط البعض وأدى الباقي، ثم لو أدى ألفا اكتسبها قبل التعليق رجع المولى عليه وعتق لاستحقاقها، ولو كان اكتسبها بعده لم يرجع المولى عليه، لأنه مأذون من جهته بالأداء منه، ثم الأداء في قوله إن أديت يقتصر على المجلس، لأنه تخيير، وفي قوله إذا أديت لا يقتصر، لأن إذا تستعمل للوقت بمنزلة متى.
ــ
[البناية]
على القبول.
م: (فعلى هذا يدور الفقه) . ش: أي على اعتبار الشبهين يدور الفقه إلى المسائل الفقهية. وقال الكاكي: أي المعنى الفقهي. م: (وتخريج المسائل) . ش: عطف على قوله يدور، وهو صيغة المجهول منها. م:(نظيره الهبة بشرط العوض) . ش: جعلناها هبة ابتداء حتى لا يفيد الملك قبل القبض، ولا يجري تسليمه، ويفيد بالشيوع فيما يحتمل القسمة ولا يستحق فيها الشفقة ويردها بالعيب، ويترتب عليها أحكام البيع بعد القبض حتى لا يتمكن البائع من الرجوع.
م: (ولو أدى البعض يجبر على القبول) . ش: لأنه حر منه جهة، ففي عوض عند الأداء فصار للبعض حكم الإعراض نصاً لبعض بدل الكتابة وبعض اليمين. وفي " شرح الطحاوي " ولو أتى العبد بخمسمائة فالقياس أن يجبر، لأنه لا يعتق بقبوله هذا، وهو قول أبي يوسف.
وفي " الاستحسان " يجبر على قبول كما في المكاتب. م: (إلا أنه لا يعتق ما لم يؤد الكل لعدم الشرط) . ش: وهو أداء الكل. م: (كما إذا حط البعض) . ش: يعني إذا حط المولى بعض الألف فيما إذا قال له إن أديت إلي ألفاً فأنت حر. م: (وأدى الباقي) . ش: أي باقي الألف لا يعتق لعدم الشرط، لأن الشرط أداء الألف ولم يوجد كما إذا أدى الدنانير مكان الدراهم، وقد فسر الحاكم في " الكافي " على هذا الحكم.
م: (ثم لو أدى ألفاً اكتسبها) . ش: العبد. م: (قبل التعليق رجع المولى عليه) . ش: بألف أخرى مثلها. م: (وعتق لاستحقاقها) . ش: أي لاستحقاق المولى الألف كأنه كان يستحقها، لأن العبد وما في يده لمولاه. م:(ولو كان اكتسبها بعده) . ش: أي ولو كان العبد اكتسب تلك الألف بعد التعليق. م: (لم يرجع عليه لأنه مأذون من جهته بالأداء منه) . ش: أي لأن العبد مأذون من جهة المولى بالاكتساب والأداء منه، لكنه يأخذ الباقي، لأن مال المأذون في التجارة للمولى، بخلاف المكاتب، كذا في " الشامل " وغيره.
م: (ثم الأداء في قوله إن أديت يقتصر على المجلس، لأنه تخيير) . ش: يعني للعبد بين الأداء والامتناع، وهذا هو ظاهر الرواية، وروى بشر عن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يقتصر (وفي قوله إذا أديت) . ش: يعني إذا أديت إلي ألفاً فأنت حر. م: (لا يقتصر، لأن إذا تستعمل للوقت بمنزلة متى) . ش: والوقت يعم فلا يقتصر على المجلس، كما في قوله متى أديت إلي ألفاً فأنت حر لا يقتصر