الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فضرب بشهادتهم، ثم وجد أحدهم عبدا أو محدودا في قذف، فإنهم يحدون، لأنهم قذفة إذ الشهود ثلاثة، وليس عليهم ولا على بيت المال أرش الضرب، وإن رجم فديته على بيت المال، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: أرش الضرب أيضا على بيت المال.
ــ
[البناية]
أشهد أني رأيت الزنا محصنا، ثم تقدم أخوه نافع، فقال نحو ذلك، ثم تقدم شبل بن سعد البجلي، فقال نحو ذلك، ثم تقدم زياد فقال له: ما رأيت؟ قال: رأيتهما في لحاف وسمعت نفسا عاليا، ولا أدري ما وراء ذلك، فكبر عمر رضي الله عنه وفرح إذ نجا المغيرة وضرب القوم الحد إلا زيادا، انتهى وسكت عنه.
وروى عبد الرزاق عن الثوري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي قال شهد أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على المغيرة: أنهم نظروا إليه كما ينظرون إلى المرود في المكحلة، فجاء زياد فقال عمر رضي الله عنه جاء رجل لا يشهد إلا بالحق، فقال رأيت مجلسا فسحا وانتهارا: فجلدهم عمر الحد.
قال أبو نعيم: هؤلاء الذين شهدوا أخوة لأم اسمها سمية وزياد بن [
…
] كان سمي زياد ابن أهيلة، انتهى، الانتهار: من النهر وهو النفس العالي.
م:
[الشهادة على الشهادة]
(وإن شهد أربعة على رجل بالزنا فضرب بشهادتهم) ش: يعني جلد وكان غير محصن، فجرحته السياط م:(ثم وجد أحدهم) ش: أي أحد الشهود م: (عبدا أو محدودا في قذف، فإنهم يحدون، لأنهم قذفة إذ الشهود ثلاثة) ش: لأن الشهود في الزنا إذا كانوا أقل من أربعة يجب عليهم حد القذف لقصور عدم الشهادة.
ويجب الحد على العبد والمحدود، وكذلك إذا وجد أحد الشهود أعمى م:(وليس عليهم) ش: أي على الشهود: (ولا على بيت المال أرش الضرب) ش: ومعرفة الأرش أن يقوم المحدود عبدا سليما من هذا الأمر ويقوم وبه هذا الأثر، فينظر أما ينقص بما ينقص به القيمة، فينقص من الدية مثله.
م: (وإن رجم) ش: بأن كان محصنا، ثم ظهر أحد الشهود؛ عبدا أو محدودا في قذف م:(فديته على بيت المال) ش: هذا بالاتفاق، لأن القاضي أخطأ في قضائه للعامة من حيث الضمان في مالهم م:(وهذا) ش: أي المذكور من الفصلين م: (عند أبي حنيفة، وقالا: أرش الضرب أيضا على بيت المال) ش: والحربي إذا قذف مسلما يجب عليه بالاتفاق، وحد الخمر لا يجب عليه بالاتفاق، وحد الزنا والسرقة يجب عند أبي يوسف رحمه الله، ولا يجب عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -، والذمي يجب عليه جميع الحدود، إلا حد الخمر، وقد مر في باب الوطء الذي يوجب الحد.
قال العبد الضعيف عصمه الله: معناه إن كان جرحه، وعلى هذا الخلاف إذا مات من الضرب، وعلى هذا إذا رجع الشهود لا يضمنون عنده، وعندهما يضمنون. لهما أن الواجب بشهادتهم مطلق الضرب إذ الاحتراز عن الجرح خارج عن الوسع فينتظم الجارح وغيره، فيضاف إلى شهادتهم فيضمنون بالرجوع، وعند عدم الرجوع تجب على بيت المال، لأنه ينتقل فعل الجلاد إلى القاضي، وهو عامل للمسلمين، فتجب الغرامة في مالهم، فصار كالرجم والقصاص. ولأبي حنيفة رحمه الله أن الواجب هو الجلد وهو ضرب مؤلم غير جارح، ولا مهلك
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي المصنف رحمه الله م: (معناه) ش: أي معنى كلام محمد في " الجامع الصغير " أرش الضرب أيضا على بيت المال م: (إن كان جرحه) ش: أي الضرب لأنه إذا لم يخرج لا يجب شيء على أحد.
كذا ذكر السغناقي م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور م: (إذا مات) ش: أي المجلود م: (من الضرب) ش: يجب دية النفس في بيت المال عندهما إذا ظهر بعض الشهود، عبدا أو محدودا في قذف أو أعمى. وعند أبي حنيفة رحمه الله لا يجب شيء.
م: (وعلى هذا) ش: أي وعلى هذا الخلاف المذكور م: (إذا رجع الشهود) ش: بعد الجرح بالجلد أو الموت والجلد م: (لا يضمنون عنده) ش: أي عند أبي حنيفة رحمه الله أصلا لا ضمان النفس ولا ضمان الأرش م: (وعندهما يضمنون) ش: أرش الجراحة إن لم يمت المجلود والدية إن مات.
م (ولهما) . ش: أي أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (أن الواجب بشهادتهم مطلق الضرب) ش: يعني بغير قيد السلامة م: (إذ الاحتراز عن الجرح خارج عن الوسع) ش: أي عن وسع الضارب م: (فينتظم الجارح وغيره) ش: أي يشمل الضرب الجارح وغير الجارح م: (فيضاف) ش: أي الجرح أو الهلاك م: (إلى شهادتهم) ش: أثبتوا الجلد م: (فيضمنون بالرجوع) ش: لأنه ظهر كذبهم في شهادتهم م: (وعند عدم الرجوع يجب) ش: أي الضمان م: (على بيت المال، لأنه ينتقل فعل الجلاد إلى القاضي) ش: لأنه أخطأ في قضائه. ولا يرجع إلى الشهود لأنهم ما رجعوا، والقاضي إذا أخطأ في قضائه يجب الضمان على من وقعت منفعته القضاء لأجله، وقد وقعت المنفعة العامة، لأن منفعة الحد وهي خلاف العالم عن الفساد يقع للعامة م:(وهو) ش: أي القاضي م: (عامل للمسلمين فتجب الغرامة في مالهم) ش: ومالهم بيت مال المسلمين م: (فصار كالرجم والقصاص) ش: أي قصاص الجرح أو الهلاك بالحد على تقدير عدم رجوع الشهود بأن نظر بعضهم عبدا أو محدودا كالرجم والقصاص، يعني في الرجم والقصاص يجب الغرامة في بيت المال، وكذا في الجرح أو الموت بالجلد.
م: (ولأبي حنيفة رضي الله عنه أن الواجب هو الجلد، وهو ضرب مؤلم غير جارح ولا مهلك)
فلا يقع جارحا ظاهرا إلا لمعنى في الضارب، وهو قلة هدايته فاقتصر عليه، إلا أنه لا يجب عليه الضمان في الصحيح كيلا يمتنع الناس عن الإقامة مخافة الغرامة.
وإن شهد أربعة على شهادة أربعة على رجل بالزنا لم يحد؛ لما فيها من زيادة الشبهة ولا ضرورة إلى تحملها، فإن جاء الأولون فشهدوا على المعاينة في ذلك المكان لم يحد أيضا، معناه شهدوا على ذلك الزنا بعينه؛ لأن شهادتهم قد ردت من وجه برد شهادة الفروع في عين هذه الحادثة إذ هم قائمون مقامهم في الأمر والتحميل
ــ
[البناية]
ش: ألا ترى أن الجلد لا يقام في الحر أوالبرد الشديد ولا على المريض حتى يبرأ كيلا يقع متعلقا ولا بسوط له ثمرة كيلا يقع جارحا
م: (ولا يقع) ش: أي الضرب حال كونه م: (جارحا ظاهرا إلا لمعنى في الضارب، وهو قلة هدايته) ش: في عمله، أي المعنى في الضارب قلة هدايته في عمله وترك احتياطه م:(فاقتصر عليه) ش: أي فاقتصر الجرح أو الهلاك على الضارب من غير أن يضاف إلى الشهود أو القاضي، إلا أنه استثني من قوله فاقتصر عليه.
وهذا جواب عما يقال لما اقتصر عليه كان ينبغي أن يجب الضمان عليه، وهو القياس. فأجاب عنه بقوله م:(إلا أنه لا يجب عليه الضمان في الصحيح) ش: وهو الاستحسان م: (كيلا يمتنع الناس عن الإقامة) ش: أي عن إقامة الحدود م: (مخافة الغرامة) ش: أي لأجل الخوف عن الغرامة، وقيد الصحيح احترازا عما روي في " مبسوط " فخر الإسلام:
ولو قال قائل: يجب الضمان على الجلاد فله وجه، لأنه ليس بمأمور بهذا الوجه، لأنه أمر بضرب مؤلم لا جارح ولا كاسر ولا قابل، فإذا وجد الضرب على هذه الوجوه فقد وقع فعله متعديا فيجب عليه الضمان، والله أعلم.
م: (وإن شهد أربعة على شهادة أربعة على رجل بالزنا لم يحد) ش: أي الرجل م: (لما فيها) ش: أي في شهادة الفروع م: (من زيادة الشبهة) ش: يعني لما فيها من شبهة زاده على الأصل لم يكن فيه، فإن الكلام إذا تداولته الآلة يمكن فيها زيادة ونقصان م:(ولا ضرورة إلى تحملها) ش: أي على تحمل زيادة الشبهة، لأن الحدود لدرئها لا لإثباتها.
وبه قال الشافعي رحمه الله في قول محمد ومالك وأحمد. وقال الشافعي رحمه الله في الأصح يقبل إذا كان بشرائط كشهادة الأصول.
م: (فإن جاء الأولون) ش: أي الأصول بعدما شهد الفروع م: (فشهدوا على المعاينة في ذلك المكان) ش: يريد به ذلك الزنا بعينه م: (لم يحد أيضا معناه) ش: أي معنى قول محمد رحمه الله في ذلك المكان م: (شهدوا على ذلك الزنا بعينه، لأن شهادتهم) ش: أي شهادة الأصول م: (قد ردت من وجه برد شهادة الفروع في عين هذه الحادثة؛ إذ هم قائمون مقامهم بالأمر والتحميل) ش: أي الفروع