الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يحد الشهود، لأن عددهم متكامل، وامتناع الحد عن المشهود عليه لنوع شبهة، وهي كافية لدرء الحد لا لإيجابه.
وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم، فكلما رجع واحد حد الراجع وحده وغرم ربع الدية، أما الغرامة فلأنه بقي من يبقى بشهادته ثلاثة أرباع الحق، فيكون الفائت بشهادة الراجع ربع الحق. وقال الشافعي رحمه الله يجب القتل دون المال، بناء على أصله في شهود القصاص، وسنبينه في الديات إن شاء الله تعالى. وأما الحد فمذهب علمائنا الثلاثة رحمهم الله. وقال زفر رحمه الله لا يحد لأنه إن كان الراجع قاذف حي فقد بطل بالموت، وإن كان قاذف ميت فهو مرجوم بحكم القاضي، فيورث ذلك شبهة. ولنا أن الشهادة إنما تنقلب قذفا بالرجوع، لأن به تفسخ شهادته، فجعل للحال قذفا للميت، وقد انفسخت الحجة فينفسخ ما يبتنى عليه، وهو القضاء في حقه
ــ
[البناية]
قائمون مقام الأصول.
وهذا التعليل تعليل لرد شهادة الأصول ليست لرد شهادة الفروع، فإن هذا في الحقوق المالية، فإن ثمة يقبل شهادة الأصول بعد رد شهادة الفروع.
والجواب أن المال يثبت بالشبهة، بخلاف المحدود م:(ولا يحد الشهود) ش: أي الأصول والفروع لا يحدون م: (لأن عددهم متكامل) ش: والأهلية أيضا موجودة م: (وامتناع الحد عن المشهود عليه لنوع شبهة) ش: وهي شبهة البدلية الزمان والمكان، لاحتمال الزيادة والنقصان في الفروع وشبهة الرد في الأصول م:(وهي كافية لدرء الحد لا لإيجابه) ش: أي شبهة كافية لإسقاط الحد، لا لإيجاب الحد، يعني أن الشبهة ليست لموجبة الحد، ولكنها مسقطة له.
[شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم ثم رجعوا عن الشهادة]
م: (وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم) ش: أي الرجل م: (فكلما رجع واحد منهم حد الراجع وحده وغرم ربع الدية، أما الغرامة فلأنه بقي من يبقى بشهادته ثلاثة أرباع الحق، فيكون الفائت بشهادة الراجع ربع الحق، وقال الشافعي رحمه الله يجب القتل) ش: أي قتل الراجع م: (دون المال بناء على أصله) ش: أي أصل الشافعي رحمه الله م: (في شهود القصاص) ش: يعني إذا رجعوا بعد القصاص، فيقتلون عنده، فكذا هنا إذا رجعوا بعد الرجم يقتلون، وهو قول الشافعي رحمه الله وابن أبي ليلى وهو قول الحسن البصري أيضا. م:(وسنبينه في الديات إن شاء الله تعالى) ش: قال الأترازي: هذه حوالة ليس لها رواج إن شاء ذكر ذلك العام. م: (وأما الحد فمذهب علمائنا الثلاثة. وقال زفر رحمه الله 0 لا يحد، لأنه إن كان الراجع قاذف حي، فقد بطل بالموت، وإن كان قاذف ميت فهو مرجوم بحكم القاضي فيورث ذلك شبهة) ش: إشارة إلى كون الميت مرجوما بحكم القاضي.
م: (ولنا أن الشهادة إنما تنقلب قذفا بالرجوع، لأن به) ش: أي بالرجوع م: (تفسخ شهادته فجعل للحال) ش: أي في الحال م: (قذفا للميت، وقد انفسخت الحجة) ش: وهي الشهادة م: (فينفسخ ما يبتنى عليه، وهو القضاء في حقه) ش: والضمير في عليه يرجع إلى الحجة على تأويل الكلام قاله
فلا يورث الشبهة، بخلاف ما إذا قذفه غيره، لأنه غير محصن في حق غيره، لقيام القضاء في حقه، فإن لم يحد المشهود عليه حتى رجع واحد منهم حدوا جميعا وسقط الحد عن المشهود عليه. وقال محمد رحمه الله حد الراجع خاصة، لأن الشهادة تأكدت بالقضاء، فلا تنفسخ إلا في حق الراجع، كما إذا رجع بعد الإمضاء، ولهما أن الإمضاء من القضاء، فصار كما إذا
ــ
[البناية]
الأترازي رحمه الله.
وقال أيضا: وقوله وهو راجع إلى ما هو عبارة عن القضاء، والضمير في حقه راجع إلى المراجع، يعني أن القضاء تفسخ في حق الراجع، لأن القضاء مبني على الشهادة، وقد انفسخت شهادة الراجع بالرجوع م:(فلا يورث الشبهة) ش: أي كونه وجوبا بانقضاء القاضي لا يورث الشبهة وفي سقوط حق القذف عن الراجع، لأن القضاء انفسخ في حقه.
م: (بخلاف ما إذا قذف الميت غير الراجع، لأنه) ش: أي لأنه الرجوع م: (غير محصن في حق غيره) ش: أي غير الراجع م: (لقيام القضاء في حقه) ش: أي في حق الراجع، فصار لقيام القضاء بشبهة في حقه، فلم يحد، فظهر الفرق م:(فإن لم يحد المشهود عليه حتى رجع واحد منهم حدوا جميعا) ش: يعني حد الشهود كلهم.
واعلم أن رجوع الشهود لا يخلو، إما أن يكون بعد القضاء والإمضاء أو بعد القضاء قبل الإمضاء أو قبل القضاء والإمضاء.
فهذه فصول ثلاثة، وقد ذكر الفصل الأول وشرع هنا في الفصل الثاني، وهو ما إذا رجع بعد القضاء والإمضاء، وهو قوله فإن لم يحد المشهود عليه، وهو ما إذا رجع بعد القضاء قبل الإمضاء يحدون كلهم م:(وسقط الحد عن المشهود عليه) ش: في قول أبي حنيفة وأبي يوسف
رحمهما الله: في القول الأخر.
م: (وقال محمد رحمه الله حد الراجع خاصة، لأن الشهادة تأكدت بالقضاء، فلا تنفسخ إلا في حق الراجع) ش: لا في حق غيره م: (كما إذا رجع بعد الإمضاء) ش: وبه قال أبو يوسف رحمه الله أولا، وهو قول زفر. وقال الشافعي رحمه الله في أحد قوليه لا يحد الراجع.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله م: (أن الإمضاء من القضاء) ش: أي أن إمضاء الحد بمنزلة القضاء بدليل أن الإمضاء لا يجوز إلا بمحضر من القاضي، ولهذا تجعل لإثبات الحادثة في الشهود كالارتداد والفسق والجنون و [....] والموت والغيبة، وهذا بعد القضاء قبل الإمضاء، كالحادثة قبل القضاء.
فإذا كان الإمضاء في القضاء كالرجوع قبل القضاء فيحدون جميعا.
وهو معنى قوله م: (فصار كما إذا رجع واحد منهم قبل القضاء، ولهذا) ش: أي ولأجل أن