الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاستيلاد
إذا ولدت الأمة من مولاها فقد صارت أم ولد له لا يجوز بيعها ولا تمليكها، لقوله عليه السلام «أعتقها ولدها»
ــ
[البناية]
[باب الاستيلاد]
[تعريف الاستيلاد]
م: (باب الاستيلاد) .
ش: أي هذا باب في بيان حكم الاستيلاد، وهو طلب الولد لغة وأم الولد من الأسماء الغالبة على بعض من يقع عليه الاسم كالنجم للثريا. وفي الشرع أم الولد مملوكة يثبت نسب ولدها من مالك لها أو مالك له بعضها، وذلك لأن الاستيلاد اتباع ثابت النسب، فإذا ثبت النسب ثبت الاستيلاد وإلا فلا. ولما فرغ من بيان التدبير شرع في بيان الاستيلاد وعقيبه لمناسبة بينهما من حيث إن كل واحد منهما حق الحرية حقيقتها.
[بيع أم الولد]
م: (إذا ولدت الأمة من مولاها فقد صارت أم ولد لا يجوز بيعها) . ش: خلافاً لبشر بن غياث وداود تابعه من الظاهرية، واحتجوا بما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله أنه قال «بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، " فلما كان عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نهانا فانتهينا» وذكر ابن حزم في " المحلى ": أن بيعها مروي عن أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وعلي وابن عباس وابن مسعود وابن الزبير وزيد بن ثابت، وعن عمر: أنها إن عتقت وأسلمت عتقت، وإن كفرت وفجرت رقت، وروي مثله عن عمر بن عبد العزيز، وأجاب أصحابنا بأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لما نهى عن ذلك أجمعوا عليه.
واحتجوا أيضاً بما روي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيما رجل ولدت أمته منه فهي معتقة عن دبر منه» رواه أحمد وابن ماجه، وهو حديث مشهور تلقته الأئمة بالقبول «قال صلى الله عليه وسلم في مارية القبطية أم إبراهيم حين قيل له " ألا تعتقها، قال عليه السلام: " أعتقها ولدها» ، رواه ابن ماجه والدارقطني. وقال الخطابي: وقد ثبت أنه عليه السلام قال: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة» فلو كانت مارية مالاً لبيعت وصار ثمنها صدقة.
م: (ولا تمليكها، لقوله عليه السلام) . ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم. م: «أعتقها ولدها» . ش: هذا
أخبر عن إعتاقها فيثبت بعض مواجبه وهو حرمة البيع، ولأن الجزئية قد حصلت بين الواطئ والموطوءة بواسطة الولد، فإن الماءين قد اختلطا بحيث لا يمكن التمييز بينهما على ما عرف في حرمة المصاهرة، إلا أن بعد الانفصال تبقى الجزئية حكما لا حقيقة، فضعف السبب، فأوجب حكما مؤجلا إلى ما بعد الموت، وبقاء الجزئية حكما باعتبار النسب، وهو من جانب الرجل، فكذا الحرية تثبت في حقهم لا في حقهن، حتى إذا ملكت الحرة زوجها وقد ولدت منه لا يعتق بموتها وثبوت عتق مؤجل يثبت حق الحرية في الحال فيمتنع جواز البيع وإخراجها لا إلى الحرية في الحال ويوجب عتقها بعد موته، وكذا إذا كان بعضها مملوكا له
ــ
[البناية]
قاله في مارية القبطية، وقد مر الآن. م:(أخبر عن إعتاقها) . ش: أي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن إعتاق مارية. م: (فيثبت بعض مواجبه وهو) . ش: أي بعض مواجب قوله عليه السلام:. م: (حرمة البيع) . ش: أي بيعها، لأن الحديث وإن دل على تنجيز الحرية، لكن عارضه ما روي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وهو المذكور آنفاً، فعملنا بهما جميعاً، ومبنى البيع في الحديث الأول، والتنجيز بالحديث الثاني لا يقال محلية البيع معلومة فيهما بيقين، فلا يرتفع إلا بيقين مثله وخبر الواحد لا يوجبه، لأنا نقول الأحاديث الدالة على عتقها من المشاهير، وقد انضم إليها الإجماع اللاحق، فرجحناها.
م: (ولأن الجزئية قد حصلت بين الواطئ والموطوءة بواسطة الولد، فإن الماءين قد اختلطا بحيث لا يمكن التمييز بينهما) . ش: أي بين المائين. م: (على ما عرف في حرمة المصاهرة) . ش: وهي تمنع بيعها وهبتها، لأن بيع جزء الحر وهبته حرام. م:(إلا بعد الانفصال) . ش: جواب عما يقال لو كانت هذه الجزئية معتبرة لتنجز العتق، لأن الجزئية توجبه ولستم قائلين به، فأجاب بقوله بعد الانفصال. م:(تبقى الجزئية حكماً لا حقيقة فضعف السبب) . ش: أي سبب العتق هو الجزئية بينهما. م: (فأوجب حكماً مؤجلاً إلى ما بعد الموت) . ش: ولم يثبت في الحال ولم يجز بيعها [....] . م: (وبقاء الجزئية حكما) . ش: هذا جواب عما يقال: لو كانت الحرية حكما معتق من ملكه امرأته التي ولدت منه بعد موتها، وليس كذلك فأجاب بقوله - وبقاء الحرية حكما - أي من حيث الحكم. م:(باعتبار النسب وهو) . ش: أي النسب. م: (من جانب الرجال) . ش: أي النسب إلى الآباء لا إلى الأمهات.
م: (فكذا الحرية تثبت في حقهم) . ش: أي في حق الرجال. م: (لا في حقهن) . ش: أي في حق الأمهات. قوله - فكذا الحرية - صحت الرواية بالحاء لا بالجيم، وهذا نتيجة ما تقدم، فلهذا ذكر بالفاء، يعني أن الحرية لما كانت باعتبار النسب أنتج أن الحرية وقعت في حقهم. م:(حتى إذا ملكت الحرة زوجها، وقد ولدت منه لم يعتق) . ش: أي الزوج. م: (بموتها) . ش: أي بموت الحرة. م: (وثبوت عتق مؤجل يثبت حق الحرية في الحال، فيمتنع جواز البيع وإخراجها لا إلى الحرية في الحال، فوجب لولي وكذا إذا كان بعضها مملوكا له) . ش: يعني إذا كانت الجارية مشتركة بين اثنين فاستولدها
لأن الاستيلاد لا يتجزأ فإنه فرع النسب فيعتبر بأصله قال وله وطؤها واستخدامها وإجارتها وتزويجها، لأن الملك فيها قائم فأشبهت المدبرة، ولا يثبت نسب ولدها إلا أن يعترف به، وقال الشافعي رحمه الله: يثبت نسبه منه وإن لم يدع
ــ
[البناية]
أحدهما يكون كل الجارية أم ولد له.
م: (لأن الاستيلاد لا يتجزأ، فإنه فرع النسب، فيعتبر بأصله) . ش: وهو النسب، فالنسب لا يتجزأ فكذلك فرعه، وهو الاستيلاد فيما يمكن نقل الملك فيه، وهذا بخلاف ما قال في باب العبد نصيبه بقوله والاستيلاد يتجزأ عنده حتى استولد نصيبه من مدبره يقتصر عليه، لأن نصيب شريك انتقل فاقتصر الاستيلاد على نسب المستولد.
قال الأترازي: ومعنى قولنا الاستيلاد لا يتجزأ فيما يمكن نقل الملك عنه، والمدبرة ليس بقابلة للنقل من ملك إلى ملك، فلا يتناقض ما قال هاهنا.
م: (قال) . ش: أي القدوري. م: (وله وطؤها) . ش: أي للمولى وطء أم ولده. م: (واستخدامها وإجارتها وتزويجها، لأن الملك فيها قائم فأشبهت المدبرة) . ش: وله أن يزوجها قبل أن يستبرئها. فإن قيل شغل الرحم بمائه محتمل، واحتمال ذلك يمنع جواز النكاح، كما في المعتدة.
أجيب: بأن محلية جواز النكاح كانت ثابتة قبل الوطء، وقد وقع الشك في زوالها، فلا يرتفع به بخلاف النكاح، فإن المنكوحة خرجت عن محلية الغير، فلا يعود إليها إلا بعد الفراغ حقيقة، وذلك بعد العدة. م:(ولا يثبت نسب ولدها) . ش: أي ولد الأمة. م: (إلا أن يعترف به) . ش: هي إن اعترف به المولى، أي بوطئها، وبه قال الثوري والشعبي، والحسن البصري، وهو مروي عن زيد بن ثابت مع العزل.
م: (وقال الشافعي: يثبت نسبه منه، وإن لم يدع) . ش: وبه قال مالك وأحمد، فإنه يثبت النسب منه إذا أقر بوطئها، وإن عزل عنها إلا أن يدعي أنه استبرأها بعد الوطء بحيضة، وهو ضعيف، لأنهم زعموا أنها بالوطء صارت فراشاً كالنكاح، وفيه يلزم الولد وإن اشتراها. ولو وطئها من دبرها يلزمه الولد عند مالك، ومثله عن أحمد، وهو وجه للشافعية وضعفوه.
وروى الطحاوي بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس: أنه كان يأتي جارية فحملت منه. فقال: ليس مني، إني آتيها إتياناً لا أريد به الولد. وعن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " أنه كان يعزل عن جارية فجاءت بولد أسود فشق عليه، فقال: ممن هو، فقالت من راعي الإبل، فحمد الله وأثنى عليه، ولم يلزمه ".
وعن زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كان يطأ جارية مارشية ويعزل عنها فجاءت بولد فأعتق الولد وجلدها، وعنه أنه قال لها: ممن حملت، قالت: منك، فقال كذبت ما وصل إليك
لأنه لما ثبت النسب بالعقد فلأن يثبت بالوطء وأنه أكثر إفضاء أولى. ولنا أن وطء الأمة يقصد قضاء الشهوة دون الولد لوجود المانع عنه، فلا بد من الدعوة بمنزلة ملك اليمين من غير وطء بخلاف العقد، لأن الولد يتعين مقصودا منه، فلا يحتاج إلى الدعوة فإن جاءت بعد ذلك بولد ثبت نسبه بغير إقرار، معناه بعد اعتراف منه بالولد الأول لأنه بدعوى الولد الأول يتعين الولد مقصودا منها، فصارت فراشا كالمعقودة بعد النكاح، إلا أنه إذا نفاه ينتفي بقوله، لأن فراشها ضعيف حتى ملك نقله بالتزويج، بخلاف المنكوحة، حيث لا ينتفي الولد نفيه إلا باللعان لتأكد الفراش حتى لا يملك إبطاله بالتزويج
ــ
[البناية]
مما يكون الحمل منه، ولم يلزمه مع اعترافه بوطئها فهو حجة عليهم.
م: (لأنه لما ثبت النسب بالعقد فلأن يثبت بالوطء، وأنه أكثر إفضاء أولى) . ش: أي والحال أنه إن كان الوطء أكثر إفضاء إلى الولد من العقد. م: (ولنا أن وطء الأمة يقصد به قضاء الشهوة دون الولد لوجود المانع عنه) . ش: أي من طلب الولد.
والمانع سقوط التقديم عنها عند أبي حنيفة رحمه الله لأن أم الولد ليست بمتقومة عنده، ونقصان القيمة عند صاحبها، لأن قيمتها ثلث قيمة القن لبقاء منفعة الوطء وزوال منفعة السعاية والبيع. م:(فلا بد من الدعوة بمنزلة ملك اليمين من غير وطء) . ش: فإنه لا يثبت النسب فيه بغير الدعوة. م: (بخلاف العقد) . ش: أي عقد النكاح. م: (لأن الولد يتعين مقصوداً منه) . ش: أي من العقد، ولأن الولد هو المقصود من العقد في المنكوحة لا يقال: إن النسب باعتبار الحرية أو بما وضع لها، والعقد عدمه لا مدخل له في ذلك لأنا نقول: لو كان ذلك مراده لثبت من الزاني وليس كذلك وإنما النظر إلى الموضوعات الأصلية والعقد موضوع لذلك. م: (فلا يحتاج إلى الدعوة) . ش: ووطء الأمة ليس بموضوع فيحتاج إليها.
م: (وإن جاءت بعد ذلك بولد يثبت نسبه عنه بغير إقرار) . ش: هذا لفظ القدوري. وقال المصنف. م: (معناه) . ش: أي معنى كلام القدوري. م: (بعد اعتراف منه) . ش: أي من المولى. م: (بالولد الأول، لأنه بدعوى الولد الأول تعين الولد مقصوداً منها، فصارت فراشاً كالمعقودة بعد النكاح) . ش: أي كالمنكوحة، فلما صارت فراشا لم يكن حاجة إلى الدعوى في ثبوت النسب. م:(إلا إذا نفاه ينتفي بقوله) . ش: أي ينتفي النسب عنه بمجرد النفي من غير لعان. م: (لأن فراشها) . ش: أي فراش أم الولد. م: (ضعيف حتى يملك نقله) . ش: أي حتى يملك المولى نقل فراشه. م: (بالتزويج) .
م: (بخلاف المنكوحة حيث لا ينتفي الولد بنفيه إلا باللعان لتأكد الفراش حتى لا يملك إبطاله بالتزويج) . ش: الحاصل ثلاثة قوى كفراش الزوجة يثبت نسب ولدها من غير دعوى، ولا ينتفي إلا باللعان ووسط كفراش أم الولد يثبت نسب ولدها من غير دعوى، وينتفي من غير لعان. وضعيف كفراش الأمة لا يثبت نسب ولدها بالدعوى، وينتفي من غير لعان، فأشبه فراش أم
وهذا الذي ذكرناه حكم فأما الديانة فإن كان وطئها وحصنها ولم يعزل عنها يلزمه أن يعترف به ويدعي، لأن الظاهر أن الولد منه، وإن عزل عنها أو لم يحصنها جاز له أن ينفيه، لأن هذا الظاهر يقابله ظاهر آخر هكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله وفيه روايتان أخريان عن أبي يوسف وعن محمد
ــ
[البناية]
الولد فراش المنكوحة من وجه من حيث إن نسب ولدها يثبت من غير دعوى، فصار فيه قوة وفراش الأمة من وجه حيث ينتفي نسب ولدها بمجرد النفي فصار فيه ضعف، فكان وسطاً.
م: (وهذا الذي ذكرناه حكم) . ش: من مختصر القدوري في قوله: ولا يثبت نسب ولدها، إلا أن يعترف به بيان الحكم والقضاء يعني لا يثبت نسب ولد الأمة من المولى قبل اعترافه قضاء. م:(فأما الديانة) . ش: وهي الأمر فيما بينه وبين الله تعالى. م: (فإن كان وطئها، وحصنها ولم يعزل عنها يلزمه أن يعترف به ويدعي) . ش: أي الولد. م: (لأن الظاهر أن الولد منه، وإن عزل عنها ولم يحصنها) . ش: المراد من التحصين أن يمنعها من الخارج والبروز عن مظان الريبة والعزل أن يطأها ولا ينزل موضع المجامعة. م: (جاز له أن ينفيه، لأن هذا الظاهر) . ش: وهو أن الولد منه عند التحصين وعدم العزل. م: (يقابله ظاهر آخر) . ش: أي يعارضه ظاهر آخر وهو العزل أو يذكر التحصين فيتعارض الظاهران، فوقع الشك والاحتمال في كون الولد من المولى، فلم يلزمه الدعوة بالشك والاحتمال، فجاز نفيه.
م: (هكذا) . ش: أي لزوم الدعوى في الصورة الأولى وجواز النفي في الصورة الثانية. م: (روي عن أبي حنيفة، وفيه روايتان أخريان عن أبي يوسف ومحمد رحمه الله) . ش: وفي بعض النسخ أخريان، وهو الصحيح، وقال الأترازي: وقال بعضهم في شرحه والأصح آخران.
قلت: أراد به الكاكي، فإنه قال هكذا، ثم قال الأترازي: وذاك ليس بشيء كآخر، وإن ثم أطال الكلام فيه، فلا يحتاج إلى ذكره، لأن من له يد في موضع هذا يعرفه، ومن لا يد له لا يفهمه.
وقال الكاكي أيضاً: قوله عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله - في بعض النسخ بتكرار عن أبي يوسف رحمه الله رواية واحدة، وعن محمد رحمه الله كذلك وتلك الروايات بلفظ الوجوب. كذا في " المبسوط ".
وقال الأترازي: قال بعض الشارحين، أي عن أبي يوسف رواية واحدة. وعن محمد رواية واحدة، وهو فائدة إعادة " عن ".
قلت: هذا أيضاً كلام الكاكي.
ثم قال الأترازي: ولنا نظر في إعادة - عن - لأنك إذا قلت أخذ درهما عن زيد أو عمرو بلا تكرار - عن لا يفهم الدرهمين أحداً، والدرهمين أخيرين أحداً عن عمرو، بل المفهوم أن
ذكرناهما في " كفاية المنتهى "، وإن زوجها فجاءت بولد فهو في حكم أمه، لأن حق الحرية يسري إلى الولد كالتدبير، ألا ترى أن ولد الحرة حر وولد القنة رقيق، والنسب يثبت من الزوج، لأن الفراش له وإن كان النكاح فاسدا، إذ الفاسد ملحق بالصحيح في حق الأحكام
ــ
[البناية]
الدرهمين بعضهما حصل عن زيد، والبعض الباقي عن عمرو، فكذا فيما نحن فيه بعض الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله وبعضهما عن محمد، فيكون عن كل منهما رواية واحدة فلا حاجة إلى تكرار - عن - يوهم أن الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله وروايتان أخريان عن محمد، وليس كذلك.
م: (ذكرناهما في " كفاية المنتهى ") . ش: فإنه صنفه قبل " الهداية " وهو عزيز. وذكر الروايتين في " المبسوط "، فقال: وعن أبي يوسف إذا وطئها ولم يسترها بعد ذلك، حتى جاء بولد فعليه أن يدعيه سواء عزل عنها أو لم يعزل.
وعن محمد رحمه الله قال: لا ينبغي أن يدعي النسب إذا لم يعلم أنه منه، ولكن ينبغي أن يعتق الولد وقد يستمتع بها ويعتقها بعد موته، لأن استحقاق نسب ليس منه لا يحل شرعاً فيحتاط من الجانبين، وذلك في أن لا يدعي النسب، ولكن يعتق الولد بعتقها بعد موته لاحتمال أن يكون منه، وذكر في إيضاح تلك الروايتين بلفظ الاستحباب، فقال أبو يوسف: أحب إلي أن يدعيه، وقال محمد: أحب أن يعتق الولد إلى آخره.
م: (فإن زوجها) . ش: المولى من رجل. م: (فجاءت بولد فهو في حكم أمه) . ش: قال الحاكم في " الكافي ": فالولد بمنزلة الأم، يعني إذا مات المولى يعتقان من جميع المال. م:(لأن حق الحرية يسري إلى الولد) . ش: لأن الولد جزء الأم فيحدث إلى وصفها. م: (كالتدبير، ألا ترى أن ولد الحرة حر وولد القنة رقيق، والنسب يثبت من الزوج، لأن الفراش له) . ش: وفراشها من المولى لا يثبت نسبه منه، لأن النسب ليس بمتجزئ، فلا يثبت من المولى بعد أن ثبتت من الزوج، ويعتق ولدها بدعوى المولى وإذا لم يثبت النسب منه لإقراره بالحرية. م:(وإن كان النكاح فاسداً) . ش: وصل بما قبله. م: (إذ الفاسد) . ش: أي النكاح الفاسد. م: (ملحق بالصحيح) . ش: أي بالنكاح الصحيح. م: (في حق الأحكام) . ش: مثل ثبوت النسب ووجوب المهر والعدة، لكن بعد الدخول، لأن النكاح الفاسد لا حكم له قبل الدخول، لكونه واجب الرفع، فإذا دخل بها يكون له شبهة الصحيح، فليحق به في حق الأحكام. وقال الأترازي: قال بعضهم في شرحه، ومن الأحكام ثبوت النسب وعدم جواز البيع والوصية، فلا تعلق له بالنكاح أصلاً بالصحيح ولا بالفاسد، فلا أدري أين كان.
قلت: هذا الشارح وقت الشرح، انتهى.
قلت: أراد بالبعض الأكمل، فإنه قال في " شرحه "، ومن الأحكام ثبوت النسب إلى
ولو ادعاه المولى لا يثبت نسبه منه؛ لأنه ثابت النسب من غيره ويعتق الولد وتصير أمه أم ولد له لإقراره، وإذا مات المولى عتقت من جميع المال لحديث سعد بن المسيب «أن النبي عليه السلام " أمر بعتق أمهات الأولاد، وأن لا يبعن في دين ولا يجعلن من الثلث» ولأن الحاجة إلى الولد
ــ
[البناية]
آخره، وهذا يدل على أن شرح الأكمل قبل شرح الأترازي، لأنه ذكر في الرابع من شرحه أنه فرغ منه في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وكان قدوم الأكمل القاهرة في سنة ثلاثين وسبعمائة ثم كان قدوم الأترازي بعد ذلك بمدة.
م: (ولو ادعاه المولى) . ش: أي لو ادعاه المولى ولد أم الولد الذي ولد من الزوج بعد أن تزوجها فولدت. م: (لا يثبت نسبه منه) . ش: أي نسب الولد من المولى. م: (لأنه ثابت النسب من غيره، ويعتق الولد وتصير أمه أم ولد له لإقراره) . ش: أي فيما إذا كانت قنة، أما إذا كانت أم ولد فأمومية الولد ثابتة قبل الدعوى.
فإن قيل: كيف تثبت أمومية الولد مع عدم ثبوت النسب وأمية الولد هاهنا مبنية على ثبوت النسب بدعوى الولد، بخلاف ابتداء الإقرار بالإسناد، فإن ذلك مبني على دعوى الولد. قلنا: مجرد الإقرار بالاستيلاد كان لثبوت الاستيلاد، وإن كان في ضمن شيء آخر لم يثبت ذلك الشيء.
م: (وإذا مات المولى عتقت من جميع المال لحديث سعيد بن المسيب «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعتق أمهات الأولاد وأن لا يبعن في دين ولا يجعلن من الثلث» . ش: هذا حديث أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الرحمن الإفريقي عن مسلم بن يسار عن سعيد بن المسيب «أن عمر رضي الله عنه أعتق أمهات الأولاد وقال: أعتقهن رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
وأخرج الدارقطني أيضاً عن يونس بن محمد عن عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها سيدها ما دام حياً، فإذا مات فهي حرة» .
م: (ولأن الحاجة إلى الولد أصلية) ش: أراد أن الولد من الجوارح الأصلية، لأن المرء يحتاج