المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوظيفة الأولى (الكفالة، وهي نيابة السلطنة بالحضرة) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١١

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الحاديعشر]

- ‌[تتمة الباب الرابع من المقالة الخامسة]

- ‌الطّرف الأوّل (في مصطلح كتّاب الشرق)

- ‌الطّرف الثاني (في مصطلح كتّاب الغرب والأندلس فيما يكتب من الولايات عن الملوك)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب لأرباب الوظائف من أصحاب السّيوف)

- ‌الضرب الثاني (من ظهائر بلاد المغرب ما يكتب لأرباب الوظائف الدينية من أصحاب الأقلام)

- ‌الضرب الثالث (ما يكتب لأرباب الوظائف الديوانية)

- ‌الطرف الثالث (في مصطلح كتّاب الديار المصرية فيما قبل الخلفاء الفاطميين وفيما بعدهم إلى زماننا)

- ‌الحالة الأولى- ما كان عليه أمر نوّاب الخلفاء بهذه المملكة إلى ابتداء الدولة الطّولونيّة

- ‌الحالة الثانية- ما كان عليه أمر الدولة الطّولونيّة من حين قيام دولتهم إلى انقراض الدولة الأخشيديّة

- ‌الحالة الثالثة- ما كان عليه الأمر في زمن بني أيّوب

- ‌المرتبة الأولى

- ‌الصنف الأوّل- أرباب السيوف من هذه المرتبة

- ‌الصنف الثاني- أرباب الوظائف الدينية

- ‌الصنف الثالث- أرباب الوظائف الديوانية

- ‌المرتبة الثانية (أن تفتتح الولاية بلفظ «أما بعد حمد الله» أو «أما بعد فإن كذا» ويؤتى بما يناسب من ذكر الولاية والمولّى، ثم يذكر ما سنح من الوصايا ثم يقال «وسبيل كل واقف عليه» )

- ‌المرتبة الثالثة (أن تفتتح الولاية بلفظ «رسم» ثم يذكر أمر الولاية والمولّى ويوضح، ثم يقال «وسبيل كلّ واقف عليه» )

- ‌المرتبة الرابعة (أن يفتتح بلفظ: «إن أحق» أو «إن أولى» أو «من كانت صفته كذا» وما أشبه ذلك)

- ‌الحالة الرابعة (مما يكتب عن ملوك الديار المصرية من الولايات

- ‌المقصد الأوّل (في مقدّمات هذه الولايات، وفيه مهيعان)

- ‌المهيع الأوّل (في بيان رجوع هذه الولايات إلى الطريق الشرعيّ)

- ‌المهيع الثاني (فيما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة هذه الولايات)

- ‌الأمر الأوّل- براعة الاستهلال بذكر اسم المولّى أو نعته أو لقبه أو الوظيفة

- ‌الأمر الثاني- مراعاة قطع الورق

- ‌الأمر الثالث- معرفة ما يناسب كلّ قطع من هذه المقادير من الأقلام

- ‌الأمر الرابع- معرفة اللّقب المطابق لرتبة كلّ ولاية وصاحبها

- ‌النوع الأوّل (ألقاب أرباب السيوف)

- ‌المرتبة الأولى- المقرّ الكريم مع الدعاء بعزّ الأنصار

- ‌المرتبة الثانية- الجناب الكريم مع الدعاء بعزّ النّصرة

- ‌المرتبة الثالثة- الجناب العالي مع الدعاء بمضاعفة النّعمة

- ‌المرتبة الرابعة- الجناب العالي مع الدعاء بدوام النعمة

- ‌المرتبة الخامسة- المجلس العالي والدعاء بدوام النعمة

- ‌المرتبة السادسة- المجلس الساميّ بالياء، والدعاء بدوام التأييد ونحوه

- ‌المرتبة الثامنة- مجلس الأمير، والدعاء أدام الله سعده ونحوه

- ‌المرتبة التاسعة- الأمير مجرّدا عن المضاف إليه

- ‌النوع الثاني (ألقاب أرباب الوظائف الديوانية، وهي على ستّ مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الجناب العالي مع الدعاء بمضاعفة النّعمة؛ وفيها أسلوبان:

- ‌الأسلوب الأوّل- ألقاب الوزير

- ‌الأسلوب الثاني- ألقاب كاتب السرّ

- ‌المرتبة الثانية- المجلس العالي مع الدّعاء بدوام النعمة

- ‌الأسلوب الأوّل- ألقاب كاتب السرّ

- ‌الأسلوب الثاني- ألقاب ناظر الخاص

- ‌الأسلوب الثالث- ألقاب وزير دمشق إذا صرّح له بالوزارة

- ‌الأسلوب الرابع- ألقاب ناظر النّظّار بالشام

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس الساميّ بالياء مع الدعاء بدوام الرفعة

- ‌المرتبة الرابعة- السامي بغير ياء، مع الدعاء بدوام الرّفعة

- ‌المرتبة الخامسة- مجلس القاضي

- ‌المرتبة السادسة- القاضي

- ‌النوع الثالث (ألقاب أرباب الوظائف الدّينية- وهي أيضا على ستّ مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الجناب العالي

- ‌المرتبة الثانية- المجلس العالي

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس الساميّ

- ‌المرتبة الرابعة- السامي

- ‌المرتبة الخامسة- مرتبة مجلس القاضي

- ‌المرتبة السادسة- مرتبة القاضي

- ‌النوع الرابع (ألقاب مشايخ الصّوفية- وهي على خمس مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- المجلس العالي

- ‌المرتبة الثانية- المجلس الساميّ

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة الرابعة- مجلس الشّيخ

- ‌المرتبة الخامسة- مرتبة الشيخ

- ‌النوع الخامس (ألقاب من قد يكتب له بولاية من رؤساء العامّة من التّجّار وغيرهم)

- ‌المرتبة الأولى- المجلس الساميّ بالياء

- ‌المرتبة الثانية- الملجس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة الثالثة- مجلس الصّدر

- ‌المرتبة الرابعة- مرتبة الصّدر

- ‌النوع السادس (ألقاب زعماء أهل الذّمّة، وهم ثلاثة)

- ‌الأوّل- بطرك النصارى اليعاقبة

- ‌الثاني- بطرك الملكانيّة

- ‌الثالث- رئيس اليهود

- ‌الأمر الخامس- مما يجب على الكاتب مراعاته معرفة الوصف اللائق بصاحب الوظيفة

- ‌الأمر السادس- مما يجب على الكاتب مراعاته وصية ربّ كل ولاية من الولايات المعتبرة بما يناسبها

- ‌المقصد الثاني (في بيان مقاصد ما يكتب في الولايات، وفيه جملتان)

- ‌الجملة الأولى (في بيان الرّسوم في ذلك، ومقادير قطع الورق لكلّ صنف منها على سبيل الإجمال)

- ‌النوع الأوّل (التّقاليد)

- ‌النوع الثاني (مما يكتب في الولايات السلطانية: المراسيم)

- ‌الضرب الأوّل (المراسيم المكبّرة)

- ‌الضرب الثاني (من المراسيم التي تكتب بالولايات المراسيم المصغّرة)

- ‌الصنف الأوّل- ما يترك فيه أوصال بياض بين الطّرّة والبسملة

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في هيئة ورقة الطريق، ويكون في ثلاثة أوصال

- ‌النوع الثالث (مما يكتب في الولايات السلطانية التفاويض)

- ‌النوع الرابع (التواقيع، جمع توقيع)

- ‌الطبقة الأولى (ما يفتتح بخطبة مفتتحة بالحمد لله، وفيها مرتبتان)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع النصف بقلم خفيف الثّلث

- ‌المرتبة الثانية من التواقيع- ما يكتب في قطع الثلث بقلم التوقيعات

- ‌الطبقة الثانية (من التواقيع ما يفتتح بلفظ «أما بعد حمد الله» وهو لمن رتبته السامي بغير ياء، وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌المرتبة الثانية- ما يكتب من هذه الطبقة في قطع الثلث

- ‌الطبقة الثالثة (من التواقيع ما يفتتح بلفظ «رسم بالأمر الشريف» وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ بقلم الرّقاع

- ‌الطبقة الرابعة (التواقيع الصّغار؛ وهي لأصغر ما يكون من الولايات: من نظر وقف صغير ونحو ذلك، وتكون في ثلاثة أوصال ونحوها)

- ‌الضرب الأوّل- ما يكتب على مثال أوراق الطّريق

- ‌الضرب الثاني- ما يكتب على ظهور القصص

- ‌المقصد الثالث (في بيان كيفيّة وضع ما يكتب في هذه الولايات في الورق، ويتعلّق به عشرة أمور)

- ‌الأمر الأوّل- الطّرة

- ‌الأمر الثاني- البسملة الشريفة

- ‌ الثاني

- ‌الأمر الثالث- الافتتاح الذي يلي البسملة

- ‌الأمر الرابع- البعدية فيما يفتتح فيه بالحمد لله

- ‌الأوّل

- ‌الأمر الخامس- وصف المتولّي بما يناسب مقامه ومقام الولاية من المدح والتفريظ

- ‌الأمر السادس- الألقاب المختصّة بصاحب الولاية

- ‌الأمر السابع- وصيّة صاحب الولاية بما يناسب ولايته

- ‌الأمر الثامن- الدعاء لصاحب الولاية بما يناسبه إذا كان مستحقّا لذلك

- ‌الأمر التاسع- الخواتم

- ‌الأمر العاشر- البياض الواقع في كتب الولايات

- ‌الأوّل- فيما بين الطّرّة والبسملة

- ‌الثاني- الحاشية فيما على يمين البسملة وما بعدها

- ‌الثالث- بيت العلامة

- ‌الرابع- ما بين الأسطر في متن الولاية

- ‌الخامس- ما بين أسطر اللّواحق

- ‌السادس- ما بعد اللّواحق في آخر الكتاب

- ‌المهيع الثاني (في ذكر نسخ مما يكتب في متن الولايات من التقاليد والمراسيم المكبّرة والتفاويض والتّواقيع)

- ‌القسم الأوّل (ولايات وظائف الديار المصرية؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (الولايات بالحضرة؛ وهي على ستة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (ولايات أرباب السيوف؛ وهي على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (ذوات التقاليد؛ وهي ثلاث وظائف)

- ‌الوظيفة الأولى (الكفالة، وهي نيابة السلطنة بالحضرة)

- ‌الوظيفة الثانية (الوزارة لصاحب سيف)

- ‌الوظيفة الثالثة (الإشارة، وهي وظيفة قد حدثت كتابتها ولم يعهد بها كتابة في الزمن القديم)

- ‌الطبقة الثانية (ممن يكتب له من أرباب السيوف ذوات التواقيع، وفيها وظائف)

- ‌الوظيفة الأولى (نظر البيمارستان لصاحب سيف)

- ‌الوظيفة الثانية

- ‌الوظيفة الثالثة (نقابة الأشراف)

- ‌الضرب الثاني (ممّن يكتب له بالولايات بالديار المصرية أرباب الوظائف الدينية، وهو على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (أصحاب التقاليد ممّن يكتب له بالجناب العالي)

- ‌الوظيفة الأولى (القضاء)

- ‌الطبقة الثانية (من أرباب الوظائف الدّينية أصحاب التواقيع، وتشتمل على مراتب)

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (ما يكتب في قطع الثلث ب «الساميّ» بالياء)

- ‌الوظيفة الأولى (قضاء العسكر)

- ‌الوظيفة الثانية (إفتاء دار العدل)

- ‌الوظيفة الثالثة (الحسبة)

- ‌الوظيفة الرابعة (وكالة بيت المال)

- ‌الوظيفة الخامسة (الخطابة)

- ‌الوظيفة السادسة (الإمامة بالجوامع، والمساجد، والمدارس الكبار التي تصدر التولية عن السلطان في مثلها)

- ‌الوظيفة السابعة (التدريس، وموضوعه إلقاء المسائل العلمية للطّلبة)

- ‌الوظيفة الثامنة (التصدير)

- ‌الوظيفة التاسعة (النظر)

- ‌المرتبة الثالثة

- ‌الضرب الثالث (من الولايات بالحضرة السلطانية بالديار المصرية- الوظائف الديوانية)

- ‌الطبقة الأولى (أرباب التقاليد، في قطع الثلثين ممن يكتب له «الجناب العالي» وفيها وظيفتان)

- ‌الوظيفة الأولى (الوزارة، إذا كان متولّيها من أرباب الأقلام، كما هو الغالب)

- ‌الوظيفة الثانية (كتابة السّرّ، ويقال لصاحبها «صاحب دواوين الإنشاء» )

- ‌الطبقة الثانية (من أرباب الوظائف الديوانية بالحضرة السلطانية أصحاب التواقيع، وهم على ثلاث درجات)

- ‌الدرجة الأولى (ما يكتب في قطع النصف ب «المجلس العالي» وكلّها مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الوظيفة الأولى (نظر الخاصّ)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر الجيش)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر الدواوين المعبّر عنها بنظر الدّولة)

- ‌الوظيفة الرابعة (نظر الصّحبة)

- ‌الدرجة الثانية (من تواقيع أرباب الوظائف الدّيوانية بالحضرة بالديار المصرية

- ‌الوظيفة الأولى (كتابة الدّست)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر الخزانة الكبرى)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر خزانة الخاصّ)

- ‌الوظيفة الخامسة (نظر خزائن السّلاح)

- ‌الوظيفة السادسة (استيفاء الصّحبة)

- ‌الدرجة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بالديار المصرية

- ‌الضرب الخامس (من أرباب الوظائف بالدّيار المصريّة بالحضرة- أرباب الوظائف العاديّة، وكلّها تواقيع)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له في قطع النصف بالمجلس العالي، وهو رئيس الأطبّاء المتحدّث عليهم في الإذن في التطّبب والعلاج والمنع من ذلك وما يجري هذا المجرى)

- ‌الضرب السادس (من أرباب الوظائف بالديار المصرية) زعماء أهل الذمة

- ‌الوظيفة الأولى (رآسة اليهود)

- ‌الوظيفة الثالثة (بطركيّة اليعاقبة)

- ‌النوع الثاني (ما هو خارج عن حاضرتي مصر والقاهرة: من وظائف الديار المصريّة مما يكتب لأربابها. وهي ثلاث جهات)

- ‌الجهة الأولى (ثغر الإسكندريّة، والوظائف فيها على ثلاثة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل (وظائف أرباب السّيوف وبها وظيفة واحدة وهي النّيابة)

- ‌الصنف الثاني (من الوظائف التي يكتب بها بثغر الإسكندرية- الوظائف الدينية، وكلها تواقيع، وفيها مرتبتان)

- ‌الوظيفة الأولى (القضاء)

- ‌الوظيفة الثانية (الحسبة بثغر الإسكندرية)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر الصادر)

- ‌الصنف الثالث (من الوظائف التي يكتب بها بثغر الإسكندريّة المحروس، الوظائف الدّيوانية، وهي على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له في قطع الثلث ب «المجلس الساميّ» بالياء

- ‌الطبقة الثانية (من يكتب له في قطع الثلث ب «المجلس السامي» بغير ياء أو «مجلس القاضي» وفيها وظيفتان)

- ‌الوظيفة الأولى ((كتابة الدّرج)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر دار الطّراز بثغر الإسكندريّة)

- ‌الجهة الثانية (مما هو خارج عن حاضرتي مصر والقاهرة بالديار المصرية- بلاد الرّيف)

- ‌الوجه الأوّل (الوجه القبلي، وهو المعبّر عنه بالصّعيد)

- ‌الوجه الثاني (من وجهي الديار المصرية البحريّ، وهو الشّماليّ)

- ‌الضرب الأوّل (أرباب السيوف)

- ‌الجهة الثالثة (درب الحجاز الشريف)

- ‌مراجع الهوامش للجزء الحادي عشر من صبح الأعشى

الفصل: ‌الوظيفة الأولى (الكفالة، وهي نيابة السلطنة بالحضرة)

‌القسم الأوّل (ولايات وظائف الديار المصرية؛ وهي على نوعين)

‌النوع الأوّل (الولايات بالحضرة؛ وهي على ستة أضرب)

‌الضرب الأوّل (ولايات أرباب السيوف؛ وهي على طبقتين)

‌الطبقة الأولى (ذوات التقاليد؛ وهي ثلاث وظائف)

‌الوظيفة الأولى (الكفالة، وهي نيابة السلطنة بالحضرة)

وقد تقدّم في الكلام على ترتيب وظائف المملكة في المقالة الثانية أن الكفالة هي أعلى رتب نيابة السلطنة، وأنّ النائب الكافل يحكم في كل ما يحكم فيه السلطان، ويعلّم في التقاليد والتواقيع والمناشير وغير ذلك، بخلاف غيره من النوّاب، فإنّ كل نائب لا يعلّم إلا على ما يختصّ بخاصّة نيابته. وقد تقدّم في مقدّمة الولايات أنّ لقبه «المقرّ الكريم» على ما استقرّ عليه الحال.

وهذه نسخة تقليد بكفالة السلطنة، كتب بها من إنشاء الشّهاب محمود الحلبيّ «1» رحمه الله، وهي:

الحمد لله الذي جعل ركن الدولة في دولتنا القاهرة ثابت القواعد، على فرقد الفراقد، راقيا في رتب العلوّ الآخذة من أفق التأييد بالمطالع ومن نطق العزّ بالمعاقد، حاليا بعقود المهابة التي لا تزال لرعبها على الأعداء طلائع خيل في

ص: 133

المراقب وروائع «1» خيال في المراقد، حاويا من أنواع المفاخر ما لو كاثرته الدّراريّ غدت وهي لمجموعه فراقد، أو فاخرته الدّرر ثقّبتها الأفكار النواقد، مقلّدا من سيوف الظّفر ما لا تنبو في نصرة الإسلام مضاربه؛ وكيف تنبو وأوامرنا لعقود حمائلها على عواتق مجده عواقد.

نحمده على نعمه التي عدقت أمور دولتنا بمن يرفع بأسه منارها، وعقدت قواعد مملكتنا بمن يوالي فضله أنوارها، وعضدت همم أوليائنا بمن إذا تخيّلت أعداء الدين مواقع صوارمه كان أمنع صونها إسارها وأنفع سلاحها فرارها.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تشرق الهمم بلوامعها، وتشرف الكلم بجوامعها، وتزكو الأمم بما تنقل الألسنة منها عن القلوب إلى مسامعها، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي أقامنا الله لنصر دينه، وألهمنا تفويض مصالح أمته إلى كلّ وليّ ما رفعت راية نصر إلا تلقّاها عرابة «2» مجده بيمينه، وعضّدنا في جهاد أعدائه بأعزّ صفيّ ينوب بأسه للجيش عن طليعته ويقوم رأيه في الحرب مقام كمينه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين اختارهم لصحبته وارتضاهم، وأرهفهم لإقامة ملّته وانتضاهم، فمنهم من فاز بمزيّتي سبقه وتصديقه، ومنهم من كان الشيطان ينكّب عن طريقه، ومنهم من اختار الشهادة على الانتصار بفريقه ورفيقه، ومنهم من أقامه بشرف الأخوّة معه مقام شقيقه، صلاة يبلغه إخلاص مقيمها، ويعرض عليه إيمان مديمها، وسلم.

أما بعد، فإنا- من حين أورثنا الله ملك الإسلام لا عن كلالة، وألبسنا في مواقف الذّبّ عن دينه حلل العزّ المعلمة بالجلالة، ومكّن لنا في أرضه، وأنهضنا بمسنون الجهاد وفرضه، ونشر دعوة ملكنا في طول الوجود وعرضه- لم نزل نرتاد لكفالة الممالك الإسلاميّة من تأوي

ص: 134

منه إلى ركن شديد، ورأي سديد؛ وحزم يقرّب من مواهب النصر كلّ بعيد، وعزم إذا أرهف صوارمه من أدنى الصعيد، وجف لهول مواقعها باب الحديد «1» ؛ فهو المطويّ في أثناء ضمائرنا وإن تقلّدنا قبله سواه، والمنويّ في أحناء سرائرنا وإنّما لا مريء ما نواه؛ قد حلب قدم هجرته الدّهر أشطره، وكتب حسن خبرته من عنوان السّير أسطره، وتمثّلت مرآة الزمان لفكره فاجتلى صور الوقائع في صفائها، وترددت تجارب الأمم على سمعه فعلم ما يأتي وما يذر في تركها واقتفائها، واستقبل دولة أسلافنا الشريفة من فواتحها، فكان لسان محاسنها، وبنان ميامنها، وخزانة سرّها، وكنانة نهيها وأمرها، وطليعة تأييدها، وذريعة أوليائها إلى عوارفها وجودها، وعنوان أخبارها، وعنان سوابقها التي لا تدرك مآثر من سلف شقّ غبارها، ويمين قبضتها المصرّفة بين البأس والنّدى، وأمين آرائها المؤيّدة بالتوفيق اللّدنيّ على العدا، وركنها المشيّد بالأسل وهو ما تبنى عليه الممالك، وحصنها المصفّح بالصّفاح فلا تستطيع الأهواء أن تتوقّل «2» إليه تلك المسالك، وزعيم جيوشها التي اجتنت من قصب قواضبه ثمر النّصر غير مرّة، ومتقدّم عساكرها التي اجتلت به وجوه الظّفر الحلوة في أيّام الكريهة المرّة.

ولما كان المقرّ الكريم (الفلانيّ) هو معنى هذه الصفات المبهمة، ومبنى هذه القواعد المحكمة، وطراز حلل هذه الأحوال المعلمة، وسرّ المقاصد

ص: 135

الظاهرة، وسلك هذه [النجوم] «1» الزاهية بل فلك هذه الدّراريّ الزاهرة: تحلّق صوادح البراعة، فتقع دون أوصافه بمراحل، وتغوص سوابح اليراعة، فيلقيها العجز عن استخراج درر نعوته بالسّواحل؛ فأوصافه تذكر على وجه الإجمال لضيق نطاق الفصاحة عن تفصيلها، ومناقبه تشكر بلسان الإجماع لعجز ألسنة الأقلام عن بلوغها إلى غايتها ووصولها؛ فلذلك اقتضت آراؤنا الشريفة أن نفسح مجال الهدى، بتفويض إيالة الممالك إليه، وأن نقطع آمال العدا، بالاعتماد في زعامة الجيوش الإسلاميّة عليه، وأن نقرّ عيون الرّعايا بإلقاء مقاليد العدل والإحسان إلى يديه، وأن نصون عقائل الممالك من مهابته بما يغدو سورا لعواصمها، وسوارا لمعاصمها، وشنبا «2» تفترّ ثغورها عن بروقه، أو لهبا «3» يقطع طريق أمل العدا عن تخيّل خيالها في طروقه،: ليعتضد الدّين منه بركنه، ويتغلّب [على]«4» الشّرك في حالتي حربه ووهنه، ويتقلّب كلّ من رعايانا بين وهاد يمنه ومهاد أمنه- رسم بالأمر الشريف- لا زال ملكه عليّ الأركان، راقيا من أفق النصر إلى أعلى مكانة وأرفع مكان- أن تفوّض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالديار المصرية، والممالك الإسلامية، على أكمل العوائد، وأجمل القواعد، تفويضا تمضي أحكامه في الممالك الإسلامية شرقا وغربا، وبعدا وقربا؛ فلا يخرج منها شيء عن أوامره وأحكامه، ولا يعدل في سلمها وحربها عن حكمي سيوفه وأقلامه.

فليستقرّ في هذه الرّتبة العالية استقرار الأركان المواكث، والأطواد اللّوابث، والأصول النّوابت، والنجوم الثوابت، مؤثّلا قواعدها برأيه السديد ورايته، معوّذا كمالها بسيف النصر وآيته، مبتدئا في إعلاء منارها من العدل بأقصاه ومن الإحسان بغايته، مكثّرا أعداد الجيوش الإسلامية برأيه السعيد، مقرّبا

ص: 136

من مطامح النّصر النائية كلّ بعيد، موكّلا بحركات العدوّ وسكناته جفنا لا يألف الغرار «1» ، وسيفا لا يعرف القرار، وعزما لا يرضى من عدوّه دون اصطلامه «2» الفرار؛ فلا تزال جيوش الإسلام بجميل تعاهده مزاحة العوائق، مزالة العلائق، لا مانع لها عن الركوب، ولا قاطع عن الوثوب، قد أعدّتها عزائمه، فكلّ زمانها بالتأهّب للّقاء وقت إمكانه، وأمدّت بأسها صوارمه، فهي لا تسأل عن عدد عدوّها بل عن مكانه، مقيما منار العدل الذي هو أساس الملك ودعامته، ورأس الحكم بأمر الله في خلقه وهامته، ونور الخصب الكافل بمصالح العباد والبلاد وعامته «3» ، ناشرا له في أقطار الممالك، ماحيا بنور إقامته آية ليل الظّلم الحالك، معاضدا أحكام الشريعة المطهّرة بالانقياد إليها، والاعتماد في الحلّ والعقد عليها، والاحتفال برفع منارها: فإنّ ذلك من أفضل ما قدّمته الدول الصالحة بين يديها، مقدّما عمارة البلاد على كلّ مهمّ: فإنها الأصل الذي تتفرّع عنه المصالح على افتراقها، والمادّة التي تستطيل الجيوش الإسلاميّة على العدا بتوسعها في إنقادها وإنفاقها، والأسباب التي تعين الغيوث على نماء ما بسط الله لعباده من أرزاقها؛ وآكد مصالحها الرّفق الذي ما كان في شيء إلا زانه، والعدل الذي ما اتّصف به ملك إلا حفظه وصانه؛ فقد جعلنا أمره في ذلك جميعه من أمرنا المطاع، واقتصرنا عن ذكر الوصايا بما في خصائصه الكريمة من حسن الاضطلاع وجميل الاطّلاع، واكتفينا بما في خلائقه الجميلة من محاسن لو تخيّر نفسه لم يزدها على ما فيه من كرم الطّباع؛ والله تعالى يؤيّده وقد فعل، ويجعل ركنه من أثبت قواعد الدّين وقد جعل، إن شاء الله تعالى.

وهذه نسخة تقليد بكفالة السلطنة أيضا، وهي:

ص: 137

الحمد لله الذي زان دولتنا القاهرة من حسامها بتقليده، وصان حمى ممالكنا الشريفة من أوليائنا بمن تغدو مواقع سيوفه من كل عدوّ قلائد جيده، وزاد جلالة الملك بمن إذا ركب في مواكب نيابته أورد جياد رعبه من كل متوّج من ملوك العدا مناهل وريده، وفوّض تقدمة جيوشنا المنصورة إلى من تضاعف مهابته في عيون العدا عدد جنوده، وتغزوه سرايا خيله في يقظته وتطلع عليه طلائع خياله في هجوده، وإذا صلّت سيوفه في موقف وغى أغرت رأس كلّ مستكبر لم يعرف الله قبل ركوعه بسجوده، مشرّف أقدار أوليائنا من المراتب بما تشرف به أقدار المراتب في نفسها، ومفضّل أيام دولتنا على الدّول بما ألفته من جلالة ملكنا في أمسها، ومجمّل سير أصفيائنا من المعدلة بما إذا غرسته في قلوب الرعايا كان الدعاء الصالح ثمرة غرسها، ومقلّد خواصّنا من إيالة الملك ما إذا خطبت به الأقلام على منابر الأنامل نقلت البلاغة في تلك الأوصاف عن قسّها «1» ، ومفيض حلل الأنباء المرقومة بأسنى الرّتب على من إذا زانت حبرها «2» اللابس زانها بلبسها، وإذا أشرقت به هالة المواكب لوغى سقطت فوارس ملوك العدا عن مراكبها واضطربت الأسرّة بملوك فرسها، وإذا كتمته الأعداء أنباءها نطقت ألسنة رياحه بأسرار أهل الشرك ولا يرى أسمع من صمّها ولا أفصح من خرسها، وإذا تطاولت أبطال الوقائع للقائه افترّت ثغور سيوفه عن شنب النصر لإلفها بمعانقة الأعناق وأنسها.

نحمده على نعمه التي جادت شرف أسمائنا إلى أسماع المنابر، وأنطقت بمضاعفة الأنباء لأوليائنا ألسنة الأقلام في أفواه المحابر، وأعادت بسيف النصر حقوق ملكنا الذي تلقّيناه مع الأوّلية والأولوية من أسلافنا الكرام كابرا عن كابر.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لا تزال سيوفنا بإعلاء منارها

ص: 138

ناهضة، وجياد جهادنا لنشر دعوتها في الآفاق راكضة، وموادّ نعمنا ونقمنا لآمال حامليها باسطة ولأرواح جاحديها قابضة، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أيّده الله تعالى بنصره، وآتاه من معجزاته ما يحول البصر دون حصره، وجعله أمام الأنبياء وإمامهم مع تأخّر عصره، ونصره بالرّعب الذي زحزج كلّ ملك عن سريره وأنزل كلّ متوّج من قصره، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين هجروا في نصرته مألوف الأوطان والأوطار، وركبوا في إقامة ملّته مخوف الأهوال والأخطار، وفتحوا بيمن دعوته ما اشتملت عليه المشارق والمغارب من الأرجاء الممتدّة والاقطار، صلاة لا يزال سيف جهادنا لدوامها مقيما، وحكم جلادنا لإقامتها مديما، وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد، فإنّ أولى من سمت التقاليد بأوصافه، وصرّفت أمور الممالك بين بأسه وإنصافه، وحلّيت مواقف الخدمة الشريفة من جواهر مهابته بما هو جدير بحلى السيف، وزيّنت مجالس العدل من إيالته بما هو مبرّأ من الميل والهوى منزّه عن الظلم والحيف، وملئت القلوب من مخافته بما يمنع ذا القوّة في الباطل من توهّم البطش وذا الصّبوة في الهوى من استزاره «1» ويحسّن لها الفرار، ويهوّن عليها في جنب ما تتوقّعه من مواقع سيوفه السّبي والإسار، وعدق به من مصالح الأقاليم ما يصرّفه بيمين دأبها اليمن ويسار شأنها اليسار، وفوّضت زعامة الجيوش منه إلى همام يقوم بأمرها على ما يجب، وليث لو لم ينهض بألوفها المؤلّفة في الوقائع لكان من نفسه وحدها في جحفل لجب، ومقدام آلاف العدا في شجاعته آحاد، وضرغام قسور «2» أهل الكفر بين يدي وثباته وثباته وأسودهم تقاد؛ من لم نزل نعدّه في

ص: 139

أركان البيت الشريف المنصوريّ بالخناصر، ونعدّه للمواقف التي ليس للدين فيها غير تأييد الله وحدّ السيف ناصر، وندّخره من معادن أوليائنا الذين تمسّكوا من الانتماء إلينا بأمكن الأسباب وأقوى الأواصر، ونقلّد أعطاف الأواصر منه سيفا يرمى منه بيت العدا ومعاقلهم بأفتك حاصد وأفلل حاصر؛ فكم من مواقف شفع فيها الشجاعة بالخضوع لربّه، ومواطن لبس فيها قلبه على الدّرع إذا لبس غيره الدّرع على قلبه، ومسالك سلكها في طاعة الله وطاعتنا والسيوف تنفر من قربها، ومشاهد شهدها في طاعة الله وطاعتنا والقلوب تفرّ من حجبها، وليال قطعها في خدمتنا لم يصحب غير ألسنة أسنّته وأعين شهبها، ومقاصد للدّين بلغها والسّهام لا تحملها من الفرق قوادم النّسور، وسرايا وقف بينها وبين العدا فضرب بينهم من شجاعته بسور، وبحار حرب لم تتجاسر السوابح على قطعها حتّى مدّ عليها من معوجّات سيوفه قناطر ومن مقوّمات ذوابله جسور، وكم أنام الرعايا في مهاد عدله فلم يطرقهم طيف ظالم في الكرا، ولا روّع سربهم خيال مغير أوهمهم السّرى، بل كانوا محفوظين بمهابته محفوفين بمواهبه وادعين في ظلّه الذي ما دجا عليهم ليل خطب إلا أطلع لهم بدور الأمن في غياهبه.

ولما كان (فلان) هو الذي سار بذكر مهابته المثل، وصار له في قلوب الأعداء من الرّعب ما تشابه فيه القاتلان الوجل والخجل، وجمع محاسن الصفات فما أخذ عنه أو نطق به أو نظر إليه إلا وجد ملء المسامع والأفواه والمقل، ولا جرّد على العدا سيفا إلا وودّعت أرواحهم الأجساد، ولا أرهف في مجالس العدل والإحسان قلما إلّا وضمنت له الآجام التي نشأ بها كرم السّيول وسطوة الآساد، ولا طلع في أفق مواكب إلا وهالت العدا هالة بدره، ودلّت على عظم سلطاننا رفعة قدره، وشهدت له بحسن طاعتنا طاعة أمرائنا لأمره، وأسلف من خدمة والدنا السلطان الشهيد ما لم تزل له به عندنا حقوق مرعيّة، وسوابق مرضيّة، ورتبة تقديم سنيّة، ومزية تقريب جعلته مشاهدا بالعيان مقدّما في النيّة- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نروّع العدا بسيفه، ونريهم من تقدمته على الجيوش

ص: 140

يقظة ما كانوا يرونه حلما من طيفه، وليعلم الأعداء معاجلة أخذهم بالعنف والحيف، وأننا لا تأخذنا في الله لومة لائم فليس بيننا وبين أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا السّيف.

فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زالت ممالك الإسلام به مفترّة المباسم، عالية مدى المهابة إذا طرقتها عواصف رياح العدا وقفت دون بلوغها دامية المناسم- أن تفوّض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالممالك الإسلامية على العادة في ذلك والقاعدة تفويضا يفيض على الممالك حلل المهابة، ويسلب أعداء الدين رداء الأمن فلا ينفعهم الخضوع ولا الإنابة، ويضاعف لنا أدعية الرعايا الصالحة بإجرائهم على ما ألفوه من العدل والإحسان فمنهم الدعاء الصالح ومن كرم الله الإجابة.

فليتقلّد هذه الرّتبة الدّالة على ارتفاع قدره لدينا، الشاهدة له باحتفالنا بما أوجبه إخلاصه من حقوق الطاعة والولاء علينا، المنبّهة على أنه سيفنا الذي نصون الممالك بحدّه، ونصول على العدا بمضائه الذي تهلّل وجوه النصر كلّما أسفر من غمده، وليستقرّ في ذلك نافذا في المصالح الإسلامية أمره، مغيرا على جيوش الأعداء ذكره، معملة في حماية الدّين بيضه المرهفة وسمره، مجمّلة بإشراق طلعته مطالع المواكب، مسيّرة نجوم أسنّته إلى قلوب أعداء الدّين مسير الكواكب، مخفقة بخفوق رايته مساعي الكفر الصادرة عن آمالهم الكواذب، ليعلم عدوّ الله أنه أشدّ طلبا له من أجله، وألزم لعنقه من عمله، وأسبق إليه من رجع صوته، وأنزل عليه من مفاجأة موته، وليجمل النظر في مصالح الجيوش الإسلامية بما يضاعف عدّتها، ويبقي على توالي الأحقاب حدّتها وجدّتها، ويأخذهم بإدامة التمرّن في الحروب، وإطالة عنان التأهّب للرّكوب، ويعين كلّا منهم بملاحظة حاله على استدامة قوّته وإمكانه، ويجعلهم بالاقتباس من شجاعته من القوم الذين لا يسألون عن عدد عدوّهم بل عن مكانه، وليكن لكلمة الشريعة الشريفة رافعا، ولشبه من يمتنع عن الانقياد إلى الأحكام دافعا، وعلى يد من يتطرّق إلى الخروج عن أحكامه آخذا، ولمن لم يسلك

ص: 141

الأدب بين يدي حكّامه بما يقتضيه تعظيم الحكم العزيز مؤاخذا، وليأمر النوّاب بإقامة منار العدل الذي يوم منه خير للأرض من أن تمطر أربعين يوما، ويصرف إلى مصالح الثّغور الإسلامية وحمايتها فكرا لم يختر دعة، ونظرا يأنف أن يألف نوما، وملاك الوصايا تقوى الله وهي من خصائص نفسه الكريمة، وراحة روحه التي هي للفكر في مصالح الإسلام مديمة؛ فليجتهد في المحافظة عليها ما استطاع، ويمض بها في مصالح الإسلام أمره الذي جعلناه من أمرنا مطاع.

وهذه نسخة تقليد بكفالة السلطنة أيضا، كتب به عن السلطان الملك أبي بكر ابن الناصر محمد بن قلاوون للأمير طقزدمر أمير مجلس «1» ، في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، بعد أن بطلت النيابة في دولة أبيه الملك الناصر عدّة سنين وهي:

الحمد لله الذي اصطفى لسلطاننا المنصور من ينوب عنّا في رعاية الجمهور أحسن مناب، وأضفى على ملكنا المعمور من رياسته أسرّ سربال ومن حراسته أجلّ جلباب «2» ، وكفى دولتنا الشريفة بسياسته مهمّات الأمور: فلتأييدها بقيامه دوام ولتشييدها باهتمامه استصحاب، وشفى الصّدور بصدور إشارته المباركة التي لها بأوامرنا العالية اقتران ومن ضمائرنا الصافية اقتراب، وأوفى له من برّنا العميم بحقه الذي [له]«3» بعهده استحقاق للتقديم وإيجاب، وسبقه القديم الذي له من سعيد المصاهرة أكرم اتّشاج ومن حميد المظاهرة ألزم انتساب.

ص: 142

نحمده على أن بصّر آراءنا بطرق الوفاق وسبل الصواب، ونشكره على أن نضّر راياتنا في الآفاق: فلقلوب العدا من خوفها إرهاق وإرهاب.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة منزّهة عن الشّكّ والارتياب، موجّهة إلى قبلتها التي ترضاها الألباب، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أظفر عزمه بالثّبات وقهر خصمه بالتّباب «1» ، ووفّر قسمه من الإنجاد ويسّر حزبه للإنجاب، وأظهر اسمه بعد اسمه فحلا في الأفواه ذكره وطاب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين سلكوا من بعده في رعاية عهده أحسن الآداب، صلاة متصلة الأسباب، موصّلة إلى خير مال متكفّلة بنعم باب «2» لا يزال لسحب جودها في الوجود انصباب، ولمقترب وفودها ورود إلى مظانّ الرّضوان من غير إغباب «3» ، ما جرّد انتقامنا على الأعداء سيف سطا يقدّ الرّقاب، وأورد إنعامنا الأولياء بحر ندى زاخر العباب، وجدّد قيامنا بعلم هدى مرّت عليه الأعوام وما لمح له أثر ولا فتح له باب، واعتمد مقامنا الشريف، في الجمع للقلوب والتأليف، على أعلى وليّ وأعلى جناب، وسلّم تسليما كثيرا.

أما بعد، فإنّ أولى من اعتمدنا في الإنجاب والإنجاح على ديانته، وانتجدنا فيما أردنا من الاستصحاب للصّلاح بإعانته، واعتضدنا في تقطين الممالك وتأمين المسالك بصيالته وصيانته، ورعينا عند والدنا الشهيد- سقى الله عهده صوب «4» الرّضوان- على علوّ مكانه ودنوّ مكانته، فاكتفينا في كفالة الأمّة وإيالة النّعمة بخشيته من ربّه واستكانته- من حمدت سجاياه، وتعدّدت مزاياه واستندت إلى ما أمر الله تعالى به من العدل والإحسان في الأحكام قضاياه، ووجدت منه الزّهد والرّفق رعاة الإسلام ورعاياه، فهو الممدوح فعله، من جميع

ص: 143

الألسنة، الممنوح فضله، في سائر الأزمنة، الملموح عليه آثار القبول الظاهر من عناية الله لما نواه من الخير لخلق الله وأبطنه، فهو عاضد السلطنة الذي حلّ من العلياء موطنه، وكافل المملكة الذي سبق إلى كلّ مجد فأدركه، وسيف الدولة الحامي الحوزة البادي الصّولة، ومن له اشتمال على العليا، ومن يقارن التحقيق له رأيا، ولا يباين التوفيق له سعيا، ويعاون الهدى والنهى على طول المدى له أمرا ونهيا، ويعاين الورى لسلطاننا المنصور منه مهديّا يجمل لدولتنا حفظا ويحسن لملكنا رعيا.

وكان فلان هو الذي لم يزل متعيّن المحاسن، متبيّن الميامن، متمكّن الرّياسة في كل الأماكن؛ فحلمه إذا اضطربت الجبال الرّواسي ثابت ساكن، وعلمه الزائد بأوضاع السّياسة وأنواع النّفاسة للوجود من بهجته زائن، ورأيه الصائب للبلاد والعباد صائن، ورعيه للخلق بالحق: القويّ منه خائف والضعيف إليه راكن، وبشره هاد للرائي وباد للمعاين، وذكره الجميل سائر في الآفاق والأقطار والمدائن، حتّى أظهر الله تعالى بإمداد نيّرنا الأعظم من إشراق بدره الكامل ما هو في سرّ الغيب كامن، وشهر سيفه الذي يغدو الإيمان من مهابته في كنف منيع وحرم آمن.

ولما مضت على منصب النيابة الشريفة في أيّام والدنا الشهيد بضع سنين، وانقضت الأيام والليالي والدهر بموهبتها ضنين، ولا وطيت لها ربوة، ولا امتطيت لها صهوة، وكانت في سلك ملكه مندرجة، وبصفو سلطنته ممتزجة، إلى أن قضى عليه الرّضوان النّحب، وأفضى من الجنان إلى المحلّ الرّحب، رأينا بعده بمن كان يتحقّق ودّه أن نستأنس، وأمضينا وصيّته المباركة في اختيار ثمرة الإخلاص بمن كان له الاختصاص يغرس، وأفضينا إليه بالمناب عنّا لما كان من أنوار والدنا الشهيد في كل تسديد يقتبس، ومن الاستئثار بمجالسته يفوز فيحوز حكم الحكم لأنه كان أمير ذلك الملجس، وقضينا باعتماد أمره الكريم بعد أمرنا الشريف: لأنه الخبير الذي لا ينبهم عليه شيء من خفايا القضايا ولا يلتبس- اقتضى حسن الرأي الشريف إلقاء ما في أيدينا من مقاليد الممالك إلى

ص: 144

يده، وإبقاء وديعة هذا الأمر العظيم إلى صونه وعونه وتشدّده، وإيفاء جنابه إلى حميد هذه الغاية التي هي للمناسبة مناسبة لسؤدده.

فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال يجمع شمل الإسلام بتعيّنه وتفرّده، ويرجع أمر الأنام منه إلى مأمون الرأي رشيده سفّاح السّيف مهنّده، منصور العزم مؤيّده، ويوسع الخليفة إذا وليهم بالرأفة والرحمة ومن أولى من أبي بكر بأن يخصّ أصحاب محمد عند الخلافة بإعذاب منهل الجود ومورده- أن تفوّض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالممالك الإسلامية- أعلاها الله تعالى- نيابة شاملة محيطة، كاملة بسيطة، تعني كلّ أمير ومأمور، وتدني أمرها الذي يعامل بالإجلال ويقابل بالسّرور، برّا وبحرا، وسهلا ووعرا، غورا ونجدا، بعدا وقربا، شرقا وغربا، وما منحه الله تعالى لوالدنا الناصر من الممالك ويدّخر لسلطاننا المنصور ويخبى: تستوعب أمر ما نأى من هذه الأقاليم ودنا، وتجب طاعته فيها على كلّ من كان مؤمنا، ويمتثل في ذلك كلّه أمره، وتعمل فيه الرويّة فيجمل فكره، ويؤمّل فيه فتحه ونصره، وينقل به مدحه وشكره، ولا ينفصل منحه وبرّه ناظرا في هذه النيابة الشريفة بفكره التامّ، سائرا فيها السير الجميل من الدّربة والإلهام، ناشرا ظلال المعدلة على من سار أو أقام، مظاهرا بجنابه منّا أجلّ مقام. ونحن وإن كنا نتحقّق من خلاله الحسنى كلّ وصف يسنى، ونثق منه بذي الصدر السليم الذي هو على المقاصد يعان وبالمحامد يعنى، فلسنا نخلّ بالوصية التي نعلم أنّ له عنها استغنا، ولكننا لا نترك بها التبرّك ولا ندع ما سنّ الله تعالى منها وشرع، ولا نغفل ما يجب به أن يحتفل؛ فقد وصّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأمضى أمره المسموع كلّ ذي رجوع إلى الله تعالى منهم وإنابة، فقد أولاه الله تعالى كلّ جميل قبل أن ولّاه، وحلّاه بالسّمات والمكرمات قبل أن رفع علاه، وأعطاه ما أرهب العدا من سطاه، وهداه إلى كلّ رشد تأتمّ به الهداة.

فأهمّ ذلك تقوى الله تعالى وهو عليها مجبول، وأمرها عنده متلقّى بالقبول، والعدل فهو منه مأمول، والاتّصاف بالإنصاف فهو دأبه فيما يفعل

ص: 145

ويقول، والجهاد: فعزائمه في ميدانه تجول، وصوارمه بها من قراع فرسانه فلول، والزّعماء والأكابر: فلهم من محافظته اعتناء وبملاحظته شمول، والعساكر الإسلاميّة: فبتأييده تبطش أيديهم بالعدا وتصول، وزعماء البلاد فلهم إلى ظلّ رحمته إيواء وبكنف نعمته ظلول، وممالك الإسلام فما منها إلا معمور بما أوته كفالته مأهول، وثغوره فكلّها بسّام بفتكاته التي ألقى رعبها في البحر فهو بين كلّ فاجر وبين البحر يحول، وما هو بذلك من حميد المسالك موصول، ومحلّه المقدّم لأنه أهمّ الأصول: من إكرام الحكّام، وإبرام الأحكام، واستيفاء الحدود، واقتفاء السّنن المعهود: من إنجاز الوعود، وإحراز السّعود، والإجهاز على كلّ كفور وجحود، والاحتراز من فظاظة الناس بإفاضة الجود؛ فكلّ ذلك على خاطره مسرود، ولما آثره مورود، وفي ذخائره موجود، ومن خبرته معلوم معهود، وعن فكرته مشهور، ومن فطرته مشهود؛ فليسع أمرنا هذا جميع الأمراء والجنود، وليرجع إليه كلّ من هو من جملة الملّة معدود، وليقابل مرسومنا بالسمع والطاعة، أهل السنة والجماعة، ساعة الوقوف عليه وحالة الورود، والله تعالى يصلح ببقائه الوجود، ويمنح باهتمامه المقصود، ويفتح المعاقل باعتزامه الذي ليس بمردود عن مراده ولا مصدود، بل يصبح الكفر من خوفه محصورا ويمسي وهو بسيفه محصود؛ والعلامة الشريفة أعلاه، حجة بمقتضاه؛ إن شاء الله تعالى.

وهذه وصيّة لنائب سلطنة، أوردها في «التعريف» قال:

يوصى بتقوى الله تعالى وتنفيذ الأحكام الشرعيّة، ومعاضدة حكّامها، واستخدام السّيوف لمساعدة أقلامها، وتفقّد العساكر المنصورة وعرضها، وإنهاضهم لنوافل الخدمة وفرضها، والتخيّر للوظائف، وإجراء الأوقاف على شرط كلّ واقف، والملاحظة الحسنى للبلاد وعمارة أوطانها، وإطابة قلوب سكّانها، ومعاضدة مباشري الأموال مع عدم الخروج عما ألف من عدل هذه الأيام الشريفة وإحسانها، وتحصين ما لديه، وتحسين كلّ ما أمره إليه،

ص: 146