الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوظيفة الثانية (الحسبة بثغر الإسكندرية)
ومحتسبها يمضي تحدّثه فيما يختص به قاضيها، وليس له نوّاب فيما هو خارج عن ذلك من البلاد.
وهذه نسخة توقيع بالحسبة بثغر الإسكندرية.
الحمد لله الذي جعل المناصب في أيّامنا الزاهرة محفوظة في أكفائها، مضمونة لمن تقاضت [له]«1» من الإقبال ر [دّ]«2» جفائها، معدوقة في مالها إلى من زانها بمعرفته الحسنة [وحسن بهائها، مخصوصة]«3» بمن دلّت كفاءته وكفايته على أنه أولى بتقرّبها وأحقّ باصطفائها.
أحمده على نعمه التي لم تخيّب في إحساننا أملا، ولم تضيّع سعي من أحسن [العمل]«4» في مصالح دولتنا إنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة هي أشرف ما فاه به اللّسان، وأفضل ما تعبّد به الإنسان، وأرفع ما ملكت به في الدنيا والآخرة عظام الرّتب الحسان، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أحلّ الطيّبات وأباحها، وأزال الشّبهات وأزاحها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين تمسّكوا بأحكامه، ووقفوا مع ما شرع لهم من حلال دينه وحرامه، وحافظوا على العمل بسنّته بعده محافظتهم عليها في أيّامه، صلاة يتوقّد سراجها، ويتأكّد بها انتساق السنّة وانتساجها، وسلم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى من رجع فيه حقّ منصبه إلى نصابه، وردّ به واجب رتبته إلى من جعلته سوابق سيرته أولى به، وتقاضت له سيرته عواطف كرمنا، ونهضت نزاهته باستطلاع ما غاب عنه من عوارفنا ونعمنا، وأغنته أوصافه عن تجديد ثناء يستعاد به برّنا القديم، ويستدام له به فضلنا العميم، وتستدرّ به
أخلاف كرمنا الذي تساوى في عمومه الظاعن والمقيم- من زان التقى أوصافه، وكمّلت العفّة معرفته وإنصافه، وتولّت الديانة نظره فيما عدق به من مصالح الرعايا خصوصا وعموما، وتكفلت الخبرة من اعتباره لأمور الأقوات بأن جعل لكل منها في الجودة حدّا معلوما، وباشر ما فوّض إليه فجمع بين رضا الله تعالى ورضا خلقه، وعوّل عليه في حسبة أعزّ الثغور لدينا فتصبح الرعايا فيما بسط لهم من رزقه.
ولما كان فلان هو الذي أضاءت أوصافه وهل تنكر الإضاءة للسّراج، وتشوّفت إليه رتبته فلم يكن لها إلّا إليه ملاذ وإلا عليه معاج، فسلك من السّير أرضاها لربّه، ومن الأحوال أجمعها لأمن عاقبته وسلامة غبّه «1» ، ومن الاجتهاد في مصالح الرعايا ما يضاعف شكره على احتسابه، ومن الخيرة ما يعرّف كلّا
…
«2»
…
فليستمرّ في ذلك على عادته التي ناضلت عنه فأصابت، وقاعدته التي دعت له عواطف نعمنا فأجابت، وليزد في التحذير والتحقيق ما استطاع، ويناقش حتى يستقرّ على الصحة فيما يباع أو يبتاع، ويقابل على الغشّ بما يردع متعاطيه، ويزجر صانع الأعمال الفاسدة عن استدامتها ومن يوافقه على ذلك ويواطيه، ويثمّر أموال الأحباس بملاحظة أصولها، والمحافظة على ريعها ومحصولها، وإمضاء مصارفها على شروط واقفيها إن علمت ومزية «3» ما قدّم من شكره والثناء عليه؛ وملاك ذلك جميعه تقوى الله تعالى وهي أخصّ ما قدّم من أوصافه، والرّفق بالرّعايا وإنّه من أحسن حلى معرفته وإنصافه، والخير يكون إن شاء الله تعالى.