الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكره، مشيّدة بما يبديه من أوضاح التقرير وغرره- من سما همّة وحسن سمتا، وسلك في الأمانة طريقا لا عوج فيها ولا أمتا «1» ، وحلّ في الرّتب فحلّاها، وتنقّل فيها فما قالت له إيه إلا وقال الذي فارقها آها؛ وكان فلان هو الذي استحقّ بكفايته حسن التنقّل، واستوجب الصّلة والعائد لما فيه من جميل التأتّي والتوصّل- اقتضى حسن الرأي الشريف أن ننقله إلى رتب السعادة، وأن نخصّه كلّ حين من نعمنا بالحسنى وزيادة، فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يستقرّ
…
فليضبط أصولها وفروعها، ومفردها ومجموعها، وليؤنس بحياطة اجتهاده ربوعها، وليكفلها بأمانة تضمّ أطرافها، ونزاهة تحلّي أعطافها، وكتابة تحصر جليلها ودقيقها، ونباهة توفّي شروطها وحقوقها، وليحرّر واردها ومصروفها، ليغدو مشكور الهمم موصوفها، وليلاحظ جرائد حسابها، ويحفظ من الزيغ قلم كتّابها، حتّى ينمي تصرّفه فيها على الأوائل، ويشكر تعرّفه وتعطّفه على كل عامل ومعامل؛ والله تعالى يبلّغه من الخير ما هو آمل، بمنّه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
الوظيفة الخامسة (نظر خزائن السّلاح)
وقد تقدّم أنّ موضوعها التحدّث فيما يستعمل ويبتاع من أنواع السّلاح الذي يحمل للزّردخاناه «2» السلطانية. وقد جرت العادة أن يحمل ما يتحصّل من
ذلك في كل سنة إلى الزّردخاناه مرّة واحدة. وقد تقدّم ما يكتب في طرة توقيع ناظرها.
وهذه نسخة توقيع بنظر خزائن السلاح من إنشاء المولى «شمس الدين بن القيسرانيّ» «1» كتب به «لفخر الدين» أخي جمال الدين ناظر الخاصّ، وهي:
أما بعد حمد الله تعالى الذي ضاعف فخر المناصب، بمتولّيها، ورفع قدر المراتب، بمن يكبّرها بقدره العليّ ويعليها، وأمدّ المقانب «2» ، بنظر ذي المناقب الذي يزيّن بمرهف حزمه أسلحتهم ويحلّيها، ويمضي بماضي عزمه كلّ فرند فريد ليسعّر نار صليله بنظره السعيد ويجلّيها، جاعل أيّامنا الشريفة تقدّم لخدمها كلّ سريّ تسري به هممه إلى العلياء، وتنتخب لحسن نظرها من يعلو بكرم الذات وجمال الإخاء، وتولّي من الأولياء من يعدّ للأعداء خزائن سلاح تبيدهم بها جيوشنا المؤيّدة في فيافي البيداء، إذا دارت رحى الحرب الزّبون وثارت وغى الغارة الشّعواء، والشهادة له بالوحدانيّة التي اتّسق بدرها، في سماء الإخلاص، وأشرق فجرها، بضياء القرب والاختصاص، وسما فخرها، بجلال الجمال فأصبح بحمد الله آخذا في المزيد آمنا من الانتقاص، وعلا ذكرها، بما درّعنا به من دروع التوحيد وأسبغ علينا منه كلّ سابغة دلاص «3» ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي خصّه الله بالتكريم والتعظيم، وختم به الرسل الكرام بما منحه من الاصطفاء والتقديم، وأوحى إليه في الكتاب الحكيم: أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ
«4» وعلى آله وصحبه الذين هم أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ
«5» ، وقرّب قربهم لديه صلّى الله عليه وأذهب بينهم- فإنّ من شيم أيّامنا
الشريفة أن تبلّغ أولياءها مراما، وترعى لأصفيائها ذماما، وتصطفي لولاية الرّتب من أضحى ثغر ولائه بسّاما، وتجرّد لحسن النظر من يجرّد بهممه حساما حسّاما، لا سيّما من اقتفى سنن أخيه- أجلّه الله- فيما يأتي ويذر، واهتدى بهديه في كلّ ورد وصدر، وحذا حذوه السديد الأثر، السعيد النظر، واتّبع رشده الساطع البلج اللامع الغرر، وسار سيره الذي تتأرّج به أرجاء الممالك فحيث سار سرّ؛ إذ هو جمال الجود، جلال الوجود، مقيل عثار الملهوف والمجهود، موئل التّهائم والنّجود، مستجلب الدعاء لنا من الطائفين والعاكفين والرّكّع السّجود، ذو المآثر التي ذكرها أعطر من الروض المجود الموجود، والمناقب التي يساوي فيها الكواكب ويسامتها في السّعود والصّعود.
ولما كان المجلس العاليّ الفخريّ قد أصبح فخره بأخوّته ناميا، وقدره بأبوّته ساميا، وأصبحت مفاخره به خالدة، وجمع مزايا وسجايا جمعت له طارف السّعد وتالده- اقتضى رأينا الشريف أن [أن نشدّد به]«1» أزرا، ونجدّد له في إصلاح السلاح نظرا، ليكون لأخيه- أعزه الله تعالى- النظر على الخاصّ والعام، وبيده مقاليد خزانتنا التي يشمل منها البرايا بصنوف الإنعام، وتدبير خواصّنا الشريفة وجيوشنا المؤيّدة، وله النظر على أعمال لبوس، تقي من الجيوش البوس:
البيض [ذات] القوانس «2» ، واليلب «3» المدار والسّمر المداعس «4» ، والبيض المهنّدة «5» فلذلك رسم...... لا زال يجمع لأوليائه على آلائه شملا، ويرفع أقدار أهل الكرم باستقرار النّعم إذ كانوا لها أهلا وبها أولى- أن يستقرّ فلان في
نظر خزائن السّلاح المنصورة على عادة من تقدّمه وقاعدته، وبمعلومه الشاهد به الدّيوان المعمور لهذه المآثر التي بثّها القلم، والمفاخر التي اشتهرت كالنار على العلم؛ فليكشف ما بهذه الخزائن من عدّة الحرب، والآلات المعدّة في الهيجاء للطّعن والضّرب، ويشمّر في تكثيرها عن ساعد اجتهاده، ويعزّز موادّ الإمداد بها بحسن نظره ويمن اعتماده، ويستعمل برسم جهاد الأعداء كلّ نصل صقيل، وصمصام له في الهام صليل، وصفيحة بيضاء تبيضّ بها بين أيدينا الصّحيفة، ولبوس ترهب عدوّ الله وتضاعف تخويفه، وزاعبيّ «1» يرعب، وسمهريّ «2» يزهق بلسان سنانه النّفوس ويذهب؛ وخرصان «3» تكلّم الأبطال بأسل ألسنتها في الحروب، وقواصل «4» لها في سماء العجاج شروق وفي تحليء «5» الكفّار غروب، وبدن «6» يقدّ الأبدان، ولأمة «7» لم تبار في تحصينها وتخييرها ولم تدان، وفضفاضة على جنود الإسلام تفاض، وسابغة تسبغ على كل راجل من أهل الإيمان ليقضي من أهل الشرك ما هو قاض.
وليحفظ ما ينفق على هذا العدد من الضّياع، ويأت بما تأتي به الضّياع على أحسن الوجوه وأجمل الأوضاع، وليضبط ما يصرف عليها من الأموال، ويعتمد في نظرها ما تحمد عاقبة أمره في سائر الأحوال، ويتيمّن في سائر أفعاله