المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرجة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بالديار المصرية - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١١

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الحاديعشر]

- ‌[تتمة الباب الرابع من المقالة الخامسة]

- ‌الطّرف الأوّل (في مصطلح كتّاب الشرق)

- ‌الطّرف الثاني (في مصطلح كتّاب الغرب والأندلس فيما يكتب من الولايات عن الملوك)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب لأرباب الوظائف من أصحاب السّيوف)

- ‌الضرب الثاني (من ظهائر بلاد المغرب ما يكتب لأرباب الوظائف الدينية من أصحاب الأقلام)

- ‌الضرب الثالث (ما يكتب لأرباب الوظائف الديوانية)

- ‌الطرف الثالث (في مصطلح كتّاب الديار المصرية فيما قبل الخلفاء الفاطميين وفيما بعدهم إلى زماننا)

- ‌الحالة الأولى- ما كان عليه أمر نوّاب الخلفاء بهذه المملكة إلى ابتداء الدولة الطّولونيّة

- ‌الحالة الثانية- ما كان عليه أمر الدولة الطّولونيّة من حين قيام دولتهم إلى انقراض الدولة الأخشيديّة

- ‌الحالة الثالثة- ما كان عليه الأمر في زمن بني أيّوب

- ‌المرتبة الأولى

- ‌الصنف الأوّل- أرباب السيوف من هذه المرتبة

- ‌الصنف الثاني- أرباب الوظائف الدينية

- ‌الصنف الثالث- أرباب الوظائف الديوانية

- ‌المرتبة الثانية (أن تفتتح الولاية بلفظ «أما بعد حمد الله» أو «أما بعد فإن كذا» ويؤتى بما يناسب من ذكر الولاية والمولّى، ثم يذكر ما سنح من الوصايا ثم يقال «وسبيل كل واقف عليه» )

- ‌المرتبة الثالثة (أن تفتتح الولاية بلفظ «رسم» ثم يذكر أمر الولاية والمولّى ويوضح، ثم يقال «وسبيل كلّ واقف عليه» )

- ‌المرتبة الرابعة (أن يفتتح بلفظ: «إن أحق» أو «إن أولى» أو «من كانت صفته كذا» وما أشبه ذلك)

- ‌الحالة الرابعة (مما يكتب عن ملوك الديار المصرية من الولايات

- ‌المقصد الأوّل (في مقدّمات هذه الولايات، وفيه مهيعان)

- ‌المهيع الأوّل (في بيان رجوع هذه الولايات إلى الطريق الشرعيّ)

- ‌المهيع الثاني (فيما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة هذه الولايات)

- ‌الأمر الأوّل- براعة الاستهلال بذكر اسم المولّى أو نعته أو لقبه أو الوظيفة

- ‌الأمر الثاني- مراعاة قطع الورق

- ‌الأمر الثالث- معرفة ما يناسب كلّ قطع من هذه المقادير من الأقلام

- ‌الأمر الرابع- معرفة اللّقب المطابق لرتبة كلّ ولاية وصاحبها

- ‌النوع الأوّل (ألقاب أرباب السيوف)

- ‌المرتبة الأولى- المقرّ الكريم مع الدعاء بعزّ الأنصار

- ‌المرتبة الثانية- الجناب الكريم مع الدعاء بعزّ النّصرة

- ‌المرتبة الثالثة- الجناب العالي مع الدعاء بمضاعفة النّعمة

- ‌المرتبة الرابعة- الجناب العالي مع الدعاء بدوام النعمة

- ‌المرتبة الخامسة- المجلس العالي والدعاء بدوام النعمة

- ‌المرتبة السادسة- المجلس الساميّ بالياء، والدعاء بدوام التأييد ونحوه

- ‌المرتبة الثامنة- مجلس الأمير، والدعاء أدام الله سعده ونحوه

- ‌المرتبة التاسعة- الأمير مجرّدا عن المضاف إليه

- ‌النوع الثاني (ألقاب أرباب الوظائف الديوانية، وهي على ستّ مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الجناب العالي مع الدعاء بمضاعفة النّعمة؛ وفيها أسلوبان:

- ‌الأسلوب الأوّل- ألقاب الوزير

- ‌الأسلوب الثاني- ألقاب كاتب السرّ

- ‌المرتبة الثانية- المجلس العالي مع الدّعاء بدوام النعمة

- ‌الأسلوب الأوّل- ألقاب كاتب السرّ

- ‌الأسلوب الثاني- ألقاب ناظر الخاص

- ‌الأسلوب الثالث- ألقاب وزير دمشق إذا صرّح له بالوزارة

- ‌الأسلوب الرابع- ألقاب ناظر النّظّار بالشام

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس الساميّ بالياء مع الدعاء بدوام الرفعة

- ‌المرتبة الرابعة- السامي بغير ياء، مع الدعاء بدوام الرّفعة

- ‌المرتبة الخامسة- مجلس القاضي

- ‌المرتبة السادسة- القاضي

- ‌النوع الثالث (ألقاب أرباب الوظائف الدّينية- وهي أيضا على ستّ مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الجناب العالي

- ‌المرتبة الثانية- المجلس العالي

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس الساميّ

- ‌المرتبة الرابعة- السامي

- ‌المرتبة الخامسة- مرتبة مجلس القاضي

- ‌المرتبة السادسة- مرتبة القاضي

- ‌النوع الرابع (ألقاب مشايخ الصّوفية- وهي على خمس مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- المجلس العالي

- ‌المرتبة الثانية- المجلس الساميّ

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة الرابعة- مجلس الشّيخ

- ‌المرتبة الخامسة- مرتبة الشيخ

- ‌النوع الخامس (ألقاب من قد يكتب له بولاية من رؤساء العامّة من التّجّار وغيرهم)

- ‌المرتبة الأولى- المجلس الساميّ بالياء

- ‌المرتبة الثانية- الملجس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة الثالثة- مجلس الصّدر

- ‌المرتبة الرابعة- مرتبة الصّدر

- ‌النوع السادس (ألقاب زعماء أهل الذّمّة، وهم ثلاثة)

- ‌الأوّل- بطرك النصارى اليعاقبة

- ‌الثاني- بطرك الملكانيّة

- ‌الثالث- رئيس اليهود

- ‌الأمر الخامس- مما يجب على الكاتب مراعاته معرفة الوصف اللائق بصاحب الوظيفة

- ‌الأمر السادس- مما يجب على الكاتب مراعاته وصية ربّ كل ولاية من الولايات المعتبرة بما يناسبها

- ‌المقصد الثاني (في بيان مقاصد ما يكتب في الولايات، وفيه جملتان)

- ‌الجملة الأولى (في بيان الرّسوم في ذلك، ومقادير قطع الورق لكلّ صنف منها على سبيل الإجمال)

- ‌النوع الأوّل (التّقاليد)

- ‌النوع الثاني (مما يكتب في الولايات السلطانية: المراسيم)

- ‌الضرب الأوّل (المراسيم المكبّرة)

- ‌الضرب الثاني (من المراسيم التي تكتب بالولايات المراسيم المصغّرة)

- ‌الصنف الأوّل- ما يترك فيه أوصال بياض بين الطّرّة والبسملة

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في هيئة ورقة الطريق، ويكون في ثلاثة أوصال

- ‌النوع الثالث (مما يكتب في الولايات السلطانية التفاويض)

- ‌النوع الرابع (التواقيع، جمع توقيع)

- ‌الطبقة الأولى (ما يفتتح بخطبة مفتتحة بالحمد لله، وفيها مرتبتان)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع النصف بقلم خفيف الثّلث

- ‌المرتبة الثانية من التواقيع- ما يكتب في قطع الثلث بقلم التوقيعات

- ‌الطبقة الثانية (من التواقيع ما يفتتح بلفظ «أما بعد حمد الله» وهو لمن رتبته السامي بغير ياء، وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌المرتبة الثانية- ما يكتب من هذه الطبقة في قطع الثلث

- ‌الطبقة الثالثة (من التواقيع ما يفتتح بلفظ «رسم بالأمر الشريف» وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ بقلم الرّقاع

- ‌الطبقة الرابعة (التواقيع الصّغار؛ وهي لأصغر ما يكون من الولايات: من نظر وقف صغير ونحو ذلك، وتكون في ثلاثة أوصال ونحوها)

- ‌الضرب الأوّل- ما يكتب على مثال أوراق الطّريق

- ‌الضرب الثاني- ما يكتب على ظهور القصص

- ‌المقصد الثالث (في بيان كيفيّة وضع ما يكتب في هذه الولايات في الورق، ويتعلّق به عشرة أمور)

- ‌الأمر الأوّل- الطّرة

- ‌الأمر الثاني- البسملة الشريفة

- ‌ الثاني

- ‌الأمر الثالث- الافتتاح الذي يلي البسملة

- ‌الأمر الرابع- البعدية فيما يفتتح فيه بالحمد لله

- ‌الأوّل

- ‌الأمر الخامس- وصف المتولّي بما يناسب مقامه ومقام الولاية من المدح والتفريظ

- ‌الأمر السادس- الألقاب المختصّة بصاحب الولاية

- ‌الأمر السابع- وصيّة صاحب الولاية بما يناسب ولايته

- ‌الأمر الثامن- الدعاء لصاحب الولاية بما يناسبه إذا كان مستحقّا لذلك

- ‌الأمر التاسع- الخواتم

- ‌الأمر العاشر- البياض الواقع في كتب الولايات

- ‌الأوّل- فيما بين الطّرّة والبسملة

- ‌الثاني- الحاشية فيما على يمين البسملة وما بعدها

- ‌الثالث- بيت العلامة

- ‌الرابع- ما بين الأسطر في متن الولاية

- ‌الخامس- ما بين أسطر اللّواحق

- ‌السادس- ما بعد اللّواحق في آخر الكتاب

- ‌المهيع الثاني (في ذكر نسخ مما يكتب في متن الولايات من التقاليد والمراسيم المكبّرة والتفاويض والتّواقيع)

- ‌القسم الأوّل (ولايات وظائف الديار المصرية؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (الولايات بالحضرة؛ وهي على ستة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (ولايات أرباب السيوف؛ وهي على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (ذوات التقاليد؛ وهي ثلاث وظائف)

- ‌الوظيفة الأولى (الكفالة، وهي نيابة السلطنة بالحضرة)

- ‌الوظيفة الثانية (الوزارة لصاحب سيف)

- ‌الوظيفة الثالثة (الإشارة، وهي وظيفة قد حدثت كتابتها ولم يعهد بها كتابة في الزمن القديم)

- ‌الطبقة الثانية (ممن يكتب له من أرباب السيوف ذوات التواقيع، وفيها وظائف)

- ‌الوظيفة الأولى (نظر البيمارستان لصاحب سيف)

- ‌الوظيفة الثانية

- ‌الوظيفة الثالثة (نقابة الأشراف)

- ‌الضرب الثاني (ممّن يكتب له بالولايات بالديار المصرية أرباب الوظائف الدينية، وهو على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (أصحاب التقاليد ممّن يكتب له بالجناب العالي)

- ‌الوظيفة الأولى (القضاء)

- ‌الطبقة الثانية (من أرباب الوظائف الدّينية أصحاب التواقيع، وتشتمل على مراتب)

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (ما يكتب في قطع الثلث ب «الساميّ» بالياء)

- ‌الوظيفة الأولى (قضاء العسكر)

- ‌الوظيفة الثانية (إفتاء دار العدل)

- ‌الوظيفة الثالثة (الحسبة)

- ‌الوظيفة الرابعة (وكالة بيت المال)

- ‌الوظيفة الخامسة (الخطابة)

- ‌الوظيفة السادسة (الإمامة بالجوامع، والمساجد، والمدارس الكبار التي تصدر التولية عن السلطان في مثلها)

- ‌الوظيفة السابعة (التدريس، وموضوعه إلقاء المسائل العلمية للطّلبة)

- ‌الوظيفة الثامنة (التصدير)

- ‌الوظيفة التاسعة (النظر)

- ‌المرتبة الثالثة

- ‌الضرب الثالث (من الولايات بالحضرة السلطانية بالديار المصرية- الوظائف الديوانية)

- ‌الطبقة الأولى (أرباب التقاليد، في قطع الثلثين ممن يكتب له «الجناب العالي» وفيها وظيفتان)

- ‌الوظيفة الأولى (الوزارة، إذا كان متولّيها من أرباب الأقلام، كما هو الغالب)

- ‌الوظيفة الثانية (كتابة السّرّ، ويقال لصاحبها «صاحب دواوين الإنشاء» )

- ‌الطبقة الثانية (من أرباب الوظائف الديوانية بالحضرة السلطانية أصحاب التواقيع، وهم على ثلاث درجات)

- ‌الدرجة الأولى (ما يكتب في قطع النصف ب «المجلس العالي» وكلّها مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الوظيفة الأولى (نظر الخاصّ)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر الجيش)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر الدواوين المعبّر عنها بنظر الدّولة)

- ‌الوظيفة الرابعة (نظر الصّحبة)

- ‌الدرجة الثانية (من تواقيع أرباب الوظائف الدّيوانية بالحضرة بالديار المصرية

- ‌الوظيفة الأولى (كتابة الدّست)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر الخزانة الكبرى)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر خزانة الخاصّ)

- ‌الوظيفة الخامسة (نظر خزائن السّلاح)

- ‌الوظيفة السادسة (استيفاء الصّحبة)

- ‌الدرجة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بالديار المصرية

- ‌الضرب الخامس (من أرباب الوظائف بالدّيار المصريّة بالحضرة- أرباب الوظائف العاديّة، وكلّها تواقيع)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له في قطع النصف بالمجلس العالي، وهو رئيس الأطبّاء المتحدّث عليهم في الإذن في التطّبب والعلاج والمنع من ذلك وما يجري هذا المجرى)

- ‌الضرب السادس (من أرباب الوظائف بالديار المصرية) زعماء أهل الذمة

- ‌الوظيفة الأولى (رآسة اليهود)

- ‌الوظيفة الثالثة (بطركيّة اليعاقبة)

- ‌النوع الثاني (ما هو خارج عن حاضرتي مصر والقاهرة: من وظائف الديار المصريّة مما يكتب لأربابها. وهي ثلاث جهات)

- ‌الجهة الأولى (ثغر الإسكندريّة، والوظائف فيها على ثلاثة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل (وظائف أرباب السّيوف وبها وظيفة واحدة وهي النّيابة)

- ‌الصنف الثاني (من الوظائف التي يكتب بها بثغر الإسكندرية- الوظائف الدينية، وكلها تواقيع، وفيها مرتبتان)

- ‌الوظيفة الأولى (القضاء)

- ‌الوظيفة الثانية (الحسبة بثغر الإسكندرية)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر الصادر)

- ‌الصنف الثالث (من الوظائف التي يكتب بها بثغر الإسكندريّة المحروس، الوظائف الدّيوانية، وهي على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له في قطع الثلث ب «المجلس الساميّ» بالياء

- ‌الطبقة الثانية (من يكتب له في قطع الثلث ب «المجلس السامي» بغير ياء أو «مجلس القاضي» وفيها وظيفتان)

- ‌الوظيفة الأولى ((كتابة الدّرج)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر دار الطّراز بثغر الإسكندريّة)

- ‌الجهة الثانية (مما هو خارج عن حاضرتي مصر والقاهرة بالديار المصرية- بلاد الرّيف)

- ‌الوجه الأوّل (الوجه القبلي، وهو المعبّر عنه بالصّعيد)

- ‌الوجه الثاني (من وجهي الديار المصرية البحريّ، وهو الشّماليّ)

- ‌الضرب الأوّل (أرباب السيوف)

- ‌الجهة الثالثة (درب الحجاز الشريف)

- ‌مراجع الهوامش للجزء الحادي عشر من صبح الأعشى

الفصل: ‌الدرجة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بالديار المصرية

بمستقرّ إطلاقه وضرائب رؤوس المال، وعمل المكلفات «1» وأن يكلّفوا عملها، وتقدير المساحات وليتتبّع خللها؛ وليلزمهم بتمييز قيمها بعض عن بعض، وتفاوت ما بين [تسجيل]«2» الفدن في كل بلد بحسب ما تصلح له زراعة كلّ أرض، وبمستجدّ الجرائد وما يقابل عليه ديوان الإقطاع والأحباس، وغير ذلك مما لا يحصل فيه التباس.

ومثلك لا يزوّد بالتعليم، ولا ينازع فكلّ شيء يؤخذ منه بالتسليم؛ وما ثمّ ما يوصى به ربّ وظيفة إلا وعنده ينزّل علمه، وفيه ينزّه فهمه؛ وملاك الكل تقوى الله والأمانة فهما الجنّتان الواقيتان، والجنّتان الباقيتان؛ وقد عرف منهما بما يفاض منه عليه أسبغ جلباب، وأسبل ستر يصان به هو ومن يتخذهم من معينين ونوّاب؛ والله تعالى يبلّغه من الرتب أقصاها، ويجري قلمه الذي لا يدع في مال ممالكنا الشريفة صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

‌الدرجة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بالديار المصرية

ما يكتب في قطع العادة: إما في المنصوريّ، مفتتحا ب «أما بعد حمد الله» أو على قدر المكتوب له في القطع الصغير، مفتتحا ب «رسم بالأمر الشريف» إن انحط قدره عن ذلك) وفيها وظائف:

منها: كتابة الدّرج بديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة.

وهذه نسخة توقيع بكتابة الدّرج الشريف، كتب به للقاضي تاج الدين،

ص: 346

عبد الرحيم بن الصاحب فخر الدين بن أبي شاكر «1» ، وهي:

رسم [بالأمر الشريف]- لا زالت صدقاته الشريفة تشمل نجباء الأبنا، ومبرّاته الجسيمة تجزل للولد البارّ حسن الزيادة وزيادة الحسنى، وهباته الكريمة تقبل بوجه الإحسان على فرع الأصل الأسمى وترصّع تاجه بجوهر فخره الأسنى، وسماته الوسيمة تجمّل شدّ أزر الوزارة الفخيمة بأكفإ نجل ثنى الزمان عنان الرياسة إليه وعليه أثنى- أن يستقرّ فلان في كذا وكذا: لأنه ربّي في حجر الرياسة، واجتنى من الروض المجد الذي أعلى السعد غراسه، ونشأ من محلّ السّؤدد والفخار، وبزغ من بيت حقّت له رفعة الأقدار، وبسق غصن فرعه من أصل ثابت، وسما بدوح عزّ في مواطن المعالي نابت، وهمى ندى قلمه بانتسابه إلى سراة الكتّاب فناهيك من كاتب لأبي الخلل كابت؛ تعترف الدولة لسلفه بسالف العهود، وتغترف من منهل تدبيرهم المورود، وتتحلّى من تاجهم بأسنى العقود، وتسمو من فخر وزارتهم ووزارة فخرهم بما يملأ الوجود بالجود، وتختال من تصريف أقلامهم وأقلام تصريفهم في روض التنفيذ المجود فإن ذكرت مآثر جدّه قصّرت عن إدراكها الجدود، وإن شكرت مناقب والده- أجله الله- ففجرها الباذخ مشهود؛ وهو بلسان العامّ والخاصّ ممدوح محمود، وإلى معاني خطّه تنتهي درجات الصّعود والسّعود؛ فلا غرو لهذا الفرع الناجب أن يتبع أصله، وأن يسلك فضائله وفضله، وأن يقفو منهجه، ويحذو في الكتابة طريقته المبهجة، ويأتي من البراعة بسننها القويم، ويبرز من اليراعة وشي خطّه الرقيم، وأن يحلّي أجياد المهارق بجوهر تاجه النّضيد النّظيم، وأن تحلو ألفاظه في الإنشاء حين تمرّ على الأسماع مرور النسيم؛ سيّما وقد ظهرت عليه من مخايل الرئاسة دلائل، وشرعت له مناهل الأدب والفضائل، وحاز من حسن النشأة ما سار بشكره المثل، وحصل من الاشتغال على كنز المعرفة واشتمل، وغدا جديرا

ص: 347

بكل مرتبة سنيّة، وكل رفعة هي بأعدائها مبنيّة.

فليباشر ذلك مباشرة يجعلها لباب المعالي مفتتحا، وللزيادة من كلّ خير سببا كلّما أبدى الدهر مساء وضحى، ولينقل في اتباع مهيع «1» المجد عن والده وجدّه أبقاهما الله تعالى، وليدأب للتحلّي بأخلاقهما الحسنة أقوالا وأفعالا، وليبهج الطّروس بوشي قلمه، ولينمّق المكاتبات ببلاغة كلمه، وليتخذ الصّون شعاره، والعفاف دثاره، والأمانة معتمده، والنزاهة مستنده، وضبط القول مادّته، وحفظ اليد واللسان جادّته؛ والوصايا كثيرة وملاكها التقوى وهي حليته الحقيقيّة وعقيدته العقليّة والمنطقيّة فليجعلها دأبه، وليرض في إعلانه لها ربّه؛ والله تعالى يعلي قدره وجدّه ويحفظه وأباه وجدّه.

وهذه نسخة توقيع شريف بكتابة درج تجديدا، وهي:

رسم......- لا زال يمنح الأولياء، بتجديد النّعم إحسانا، ويولي البلغاء، فضلا يعلي لهم رتبة وشانا، ويبدي لهم في ديوان إنشائه الشريف فضائل جمّة وبيانا- أن يجدّد هذا التوقيع الشريف باسم فلان تجديدا لأنوار الإحسان إليه، وتأكيدا لمزايا الامتنان لديه، وتسديدا لمستنده الذي ألقاه وجه الإقبال إليه، لما حازه من فضيلة تامّة، وبلاغة ملأت ببديع المعاني ومعاني البديع ألفاظه وكلامه، وكتابة أجرت في حواشي الطروس بمحقّق التوقيعات أقلامه، وأمانة بنت على الصّدق والعفاف أقسامه، ورياسة تأثّل مجدها، فبلغ مرامه، واتّصل سعدها، فلا يخشى انفصامه، وبعد شأوها فهي السامية إلى رفع المنازل من غير سآمة. قد اتّصف من البراعة بجميل الأوصاف وظهر استحقاقه فهو باد غير خاف، وتروّى من بحر البلاغة حيث ورد منهلها الصّاف، وسلك طرق الخير فتضاعف له الإسعاد والإسعاف، وامتاز بمزايا التجمّل في أموره

ص: 348

والعفاف، واستحقّ بذلك أن نجدّد له فضل الألفة، ونؤكّد له بكرمنا نيلا اعتاده وعرفه.

فليستمرّ في ذلك استمرارا به أسباب الخير مؤتلفة، ووجوه الفضائل عن صنوف الكتابة غير منصرفة، وليبد من البلاغة بيانها البديع، ويجمّل منزل العلياء الرفيع، ويسلك مسلكه في الأمانة، ويتّق الله تعالى بملازمة المراقبة والدّيانة، والله تعالى يعلي مكانه، ويزيد في اقتناء الفضائل إمكانه، والاعتماد على العلامة الشريفة أعلاه، إن شاء الله تعالى.

قلت وربّما كتب التوقيع لكاتب الدّرج بزيادة معلوم، فيحتاج الكاتب إلى أن يأتي بعبارة تجمع إلى ما تقدّم من براعة الاستهلال ما يليها من موجب الاستحقاق، وسبب الزيادة وترادف الإحسان.

وهذه نسخة توقيع بشهادة «1» الخزانة، كتب به لابن عبادة، وهي:

أما بعد حمد الله الذي أفاض على الأولياء من خزائن فضله، وأفاء لهم أوفر نصيب من إحسانه المشكور فيه عدل قسمه وقسم عدله، وأهمى عليهم من سحب مواهبه ما يقصر عنه الغمام في وبله وطلّه، وأسبغ عليهم من جوده العميم ما يصفو لديهم المرح في وارف ظلّه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبيه ورسوله أشرف رسله، وخاتم من جاء من الأنبياء من قبله، والهادي ببعثته الشريفة إلى طرق الحق وسبله، وعلى آله وصحبه الذين تابعوه في قوله وفعله، وبايعوه على المظاهرة في نصرة الدين الحنيف وأهله، وجمعوا هممهم على التئام كلمة الإيمان وجمع شمله، وأرهف كلّ منهم في نصره ماضي عزمه ونصله- فإنّ أولى من رعيت له حقوق ذمامه، ومنح أجزل العطاء الذي تقضي الأقدار

ص: 349

بدوامه، ولوحظ بعين الإقبال ما أسلفه من حسن الطاعة لله ولرسوله ولإمامه- من جدّ في الخدمة فأضحى الجدّ له خادما، وداوم على المناصحة فغدا سعده دائما، وأخذ من كلّ فضل بزمامه، ومتّ بما له على الدولة الشريفة من حرمته وذمامه، وسلك في أداء الأمانة السّنن القويم، وجعل على خزائن الأرض بما تلا لسان فضله: إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ

»

وتمسّك من الإخلاص بأقوى الأسباب، وجعلت له التقوى محلّا يدخل عليه ملائكة القبول من كلّ باب، وزيّن سماء المعالي بكواكب مجده فما تشوّف إليها طرف متطاول إلا وأتبعه شهاب «2» ولما كان فلان هو الذي غدا حسن مناقبه إلى شكره مرشدا، وإلى ذكره بالجميل مسعدا، وألهج لسان القلم في وصفه منشدا، واختصّ من هذه المحامد بأوفرها قسما، وطلع في أفق هذا الثناء الجميل نجما، فلذلك رسم............... ....

ومنها- استيفاء الدولة.

وموضوعها التحدّث في كل ما يتحدّث الوزير وناظر الدولة، وضبط الأموال الديوانية، وكتابة الحسبانات، وكلّ ما يجري مجرى ذلك. وقد جرت العادة أن يكون فيها مستوفيان «3» .

وهذه نسخة توقيع باستيفاء الدولة:

أما بعد حمد الله الذي صان الأموال بالأقلام المحرّرة، والدفاتر المسطّرة، والحسبانات المصدّرة، والجوامع المسيّرة، والتيقّظ الذي استخرج

ص: 350

البواقي المنكسرة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أزال ظلام الظّلم ونوّره. ومحا الجور وغيّره، وأيّد الحق وأظهره، وعلى آله البررة، وصحبه خصوصا العشرة المبشّرة «1» فإنّ للدولة الشريفة من الأقلام ضابطا، ولها من الحساب نظاما أصبح عليها سياجا وحائطا، يصون الأموال أن تكون بأيدي الخائنين نهبى، ويحرز المطلقات بعدا وقربا، وقلم الاستيفاء هو الذي إذا طاشت أقلام الكتّاب كان في رأسها لجاما، وإذا خصم المباشرون بالمصروف قبل السائغ الصحيح وردّ ما كان سقيما وخرّج ما لم يكن تماما.

ولما كان فلان هو الذي في الرئاسة كبير معروف، وفي السعادة حميد موصوف، وفي قلمه تصحيح كلّ مصروف، وله في الدولة آثار مرضيّة تشكرها الأقلام والسّيوف، ما نظر في حساب، إلا أزال عنه ما به يعاب، ولا رأى فلذالك «2» ، إلا وأوضح فيها المسالك، ولا عرض باقي، إلا استخرج ما يتعيّن استخراجه بقلمه الراقي، وفهمه الواقي؛ فلذلك رسم أن يستقر.........

فليباشر هذه الوظيفة بتحريره وتحبيره، وتمييزه وتثميره، وتوفيره وتكثيره، وإيراده وتصديره، وتسهيله وتيسيره، وإزالة تعسيره؛ وإذا أمسك دفاتره، أظهر مآثره، وإذا نسيت الجمل أبدى تذاكره، والعمدة على شطبه في الحسبانات الحاضرة، فلا يخرج من عنده شيء بغير ثبوت فإنّ التواقيع الشريفة والمراسيم الشريفة هي كالأمثال سائرة، ولا يتّخذ المعين، إلّا الأمين، ولا يستعين، إلا بمن هو مأمون اليمين، والوصايا كثيرة وهو غنيّ عن التبيين، فليتّق الله ربّ العالمين، وليستجلب لنا الأدعية من الفقراء الصالحين؛ فإنّ صدقاتنا الشريفة تنعم عليهم بمرتّبات وأرزاق، ونعم وأطلاق، فليسهّل عليهم الصّعب في كلّ

ص: 351

باب وإطلاق، والله تعالى يمدّه بالإرفاق، بمنّه وكرمه، إن شاء الله تعالى.

قلت: وقد يكتب لوظيفة استيفاء الدولة مفتتحا ب «رسم» .

وهذه نسخة توقيع من ذلك باستيفاء الدولة، كتب به لعلم الدين بن ريشة «1» ، وهي:

رسم بالأمر الشريف- لا برحت أيّامه الشريفة ترفع لذوي الكفاءة من إحسانها علما، وترجع مصالح الدولة إلى من أحسن فيها خطابا وأعمل في مهمّاتها قلما، وتختار من دأب في تكميل أدواته حتّى صار على أنظاره متقدّما- أن يرتّب فلان علما بكفايته التي وضحت، ودرايته التي فاقت مناظرها ورجحت، وأمانته التي حصّلت النماء وأربحت، وهمّته التي ميّزت الأموال بإحرازها فعلى السّداد ختمت وبالتحرّي افتتحت.

فليباشر هذه الوظيفة التي تحتاج إليه باحتراز مثله، والرّتبة التي يتعيّن على مباشرها إيصال كلّ حقّ إلى أهله؛ فقد أرجعنا ضبطها وتحريرها إليه، واعتمدنا في تيسير أموالها وسدّ أحوالها عليه؛ فهو جدير ببلوغ القصد فيما قرّرناه لديه وحرّرناه بقلمه ويديه.

فليبسط في مصالح الدّيوان المعمور وأمواله قلمه، وليعمل بما هو عالم من تبيين حقائق أحوال وظيفته ويخلص فيه قوله وكلمه، وليصن الأموال، ويتفقّد ما يلزم العمّال، ويحثّ على حمول بيت المال، وليسترفع الحسبانات من جهاتها على العادة، وليستودع دفاترها وجرائدها من يتحقّق تحرّزه وسداده، وليتخذ معينيه من أرباب الحذق والدّراية والاطّلاع على كل نقص وزيادة، وإبداء وإعادة، وله من نفسه ما لا يحتاج معه إلى زيادة الوصايا وتكثيرها، ومن ألمعيّته ما يدرك به الفصل في جليل الأمور وحقيرها؛ فإنّه قد تخلّق بأخلاق أهل

ص: 352

الأدب، وشارك في جليل الخطب وسدّ ما إليه عزمه انتدب؛ والله تعالى يبلّغه من الجود غاية الأرب، ويعينه على صالح العمل وانتهاز القرب؛ والاعتماد

... الخ.

ومنها- استيفاء الخاصّ. وصاحبها في الخاصّ كمستوفي الدولة في ديوان الوزارة.

وهذه نسخة توقيع باستيفاء الخاصّ لمن لقبه «أمين الدين» وهي:

رسم بالأمر الشريف- لا زالت أيامه الشريفة تقدم بمهمّاتها أمينا، وتقدّم في خدمتها من أضحى معلّى شمالا ويمينا، وتولّي الرتب السنيّة من جعل التحرّز لقلمه مصاحبا ولكلمه معينا- أن يستقرّ فلان في كذا: لما عرف من رئاسته التي ميّزته، وأمانته التي جمعت الرّفع فأحرزته، وضبطه الذي ترقّى به في المراتب وتنقّل، وإدراكه الذي يصون به غوامض المصالح ويعقل، ولما سلف له من خدمة ملك فيها السّداد، ومباشرة علم بها ما هو متّصف به من حسن الاعتماد.

فليباشر هذه الوظيفة التي ولّيها، وليشهر من همّته فيها ما يرفع مكانته ويعليها، وليدم المراقبة لمصالح ديوان الخاصّ «1» الشريف في كلّ قول وعمل، وليسارع إلى ما يفيد المناجح ويبلغ من الضبط والتحرّز غاية الأمل، وليصن الأموال من ضياعها، ويحافظ على سلوك طرائق الحقّ واتّباعها، وليسترفع الحسبانات من أربابها، ويتفقّد محرّراتها التي هو أعلم وأدرى بها، ويتّخذ من معينيه من أضحت معرفته للدقائق جامعة، ويحتفل بمتحصّلات أموال الخاصّ بعزمته التي أضحت لمكانته رافعة، لا سيّما ثغر الإسكندرية «2» التي قد أصبحت جهاتها لطلب أقلامه متابعة طائعة، وليلزم كلّ عامل بتحرير ما يجب عليه وما

ص: 353

تنبغي فيه المراجعة، فإنا قد أقمناه لذلك مستوفيا، وليتصفّح أموره الجليلة والحقيرة مستوضحا مستقصيا، وليتّق الله الذي يبلّغه من زيادة منحنا الأمل، ويعينه على صالح العمل، والله تعالى يمنحه من الخير ما ينجح مسعاه وينزّهه عن الزّيغ والزّلل، والاعتماد......... الخ.

وهذه نسخة توقيع في المعنى لمن لقبه «بدر الدين» وهي:

رسم بالأمر الشريف- لا زال يطلع لذوي الكفاية من إحسانه في سماء الإقبال بدرا، ويرفع لمن أمّ الأبواب [من أوليائه]«1» ذوي الرئاسة قدرا، ويشفع لمن شكرت معرفته بنجح القصد فانشرح له بالمنن الجمّة صدرا- أن يستقرّ فلان في كذا: لكفايته التي خطب بسببها إلى مقرّه، ودرايته التي استوجب بها أن نطق لسان القلم بذكره، ونزاهته التي أجمعت بها أمثاله على شكره، وأمانته التي تستدعي الحقّ في حلو الأمر ومرّه، وديانته التي هي أصل في كل أمره وصيانته التي يعتمدها في سرّه وجهره، ومشارفته المصالح بعين يقظته التي يلوح لها وجه الصواب فيقف عند حدّه وقدره.

فليباشر هذه الوظيفة التي أسلفها حسن الاعتماد، وليوفّها من معهود يقظته يمن الاجتهاد، وليحقّق حسن ظنّ المباشرين [ورغبتهم فيه من الإنصاف]«2» في الإرفاق والإرفاد، وليعمّر جهات الأموال بجميل الاقتصاد، وينجز الأحوال على سبيل السّداد، وليتّبع منهاج الخير في كل ما يأتيه من إصدار وإيراد، فقد رجع ضبط هذه الجهة إليه، واعتمد في تحريرها عليه؛ فليصن الأموال، ويتفقّد ما تحسن به العقبى والمآل، وليتحرّ في جميع ما هو لازم له أن يكون على الحق الواضح، والسّنن القويم فإنه المتجر الرابح والمآب الناجح، وتقوى الله تعالى

ص: 354

فهي عمدة كل عبد صالح، والوصايا كثيرة مبيّنة تغني عن إفصاح الشارح؛ والله تعالى يلهمه الطريق السديدة ويرشده، ويعينه بالتوفيق وينجده، إن شاء الله تعالى.

ومنها- استيفاء البيوت والحاشية.

وهذه نسخة توقيع بذلك، كتب بها لعلم الدين «شاكر» عوضا عن تاج الدين بن الغزولي في الأيام الأشرفية «شعبان بن حسين» «1» وهي:

رسم بالأمر الشريف- لا زالت صدقاته الشريفة تمنح الأكفاء من إحسانها نعما، وتضاعف لهم من عطائها كرما، وأيّامه الشريفة تعمّ البيوت الكريمة بكاف قد نشرت له الأمانة في دولته الأشرفيّة علما، ومواهبه تقدّم للوظائف من أضحى شاكرا لله تعالى وتبسط له في دواوين أعزّ الأنصار قلما- أن يستقرّ المجلس السامي القاضي، فلان الدين في كذا وكذا: لأمانته الموفورة، ومعرفته المشهورة، ومحاسنه المذكورة، وسيرته المشكورة، وكتابته التي أضحت في صفحات الحسبانات مسطورة، وديانته التي جدّدت بهجته وسروره، وخبرته بمنازل البيوت المعمورة، وقدم هجرته في الوظائف التي أوجبت نقلته إلى أجلّها، وصدارته التي رفعته إلى أرفع محلّها، كم له في دواوين أعزّ الأنصار من أقلام منفّذة، وآراء مسدّدة، ونظر أصلح به كلّ فاسد، وكبت به كلّ حاسد، وضبط لأصول الأموال، وتتبّع للمصالح في البكر والآصال.

فليباشر هذه الوظيفة المباركة التي هو أخبر بمباشرتها، وأعلم بأحوال البيوت الكريمة وعمارتها، وليظهر في الحاشية السعيدة مآثره الحسنة، ونزاهته التي نطقت بشكرها الألسنة، وليبد في مباشرته من كل شيء أحسنه، وليسلك طرائق الأمانة، وليقف آثار ذوي العفاف والصّيانة، وليلازم مباشرة أعزّ وليّ في

ص: 355

المساء والصّباح، ولا يشغله شاغل عن مصالح ممهّد الدول من هو لسلطاننا الأشرف أمير سلاح؛ والله تعالى يفتح له من الخير أبواب النّجاح. والاعتماد على الخط الشريف أعلاه، إن شاء الله تعالى.

قلت: وممّا ينخرط في سلك تواقيع أرباب الوظائف السلطانية وظائف دواوين الأمراء الخاصكيّة «1» ، فإنه ربما كتب عن السلطان التوقيع لبعض أرباب وظائف دواوينهم كما يكتب في الوظائف السلطانية.

وهذه نسخة توقيع كريم بنظر دواوين بعض الأمراء، وهي:

أمّا بعد حمد الله الذي هدى إلى الملّة المحمّدية من أسرّ الإيمان في قلبه ونواه، وضمّ إلى الأمّة [الإسلامية]«2» من أضمر الإخلاص فأظهره الله في متقلّبه ومثواه، وجمع لوليّ الدولة ومخلصها الفرج والفرح لأنه من توكّل عليه كفاه، والشهادة بالوحدانية التي تبلّغ قائلها من رضاه مناه، وتجعل جنّاته لمن أسرّها جنانه مستقرّه ومأواه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي قصم عداه، وفصم عرا من عاداه من أهل الشرك وعداه، وعلى آله وصحبه الذين اهتدوا بهداه، واستجدوا جداه «3» ، ولبّوا نداه، وأمّوا نداه، صلاة تجزل لمصلّيها ثوابه، وتجمل مآبه، وتحمد عقباه- فإنّ أولى من رفع له الكرم محلّا، وقلّدته النّعم عقدا محلّى، وأعيد إلى رتبة الاصطفاء، وفوّض إليه ديوان أعزّ الأخصّاء، وصرّف قلمه في مهامّه، وحصلت هممه على جميع أقسامه، وعدقت مصالحه بتدبيره، ومناجحه بتأثيله وتأثيره، ومتحصّلاته بتمييزه وتثميره،

ص: 356

وأحواله وأمواله: هذه بحسن تصرّفه وهذه بيمن تقريره- من دخل في دين الله القويم، واجتباه وهداه إلى الصّراط المستقيم، وكساه الإسلام حلّة شرفه، وبوّأه الإيمان مباني غرفه، ونوى الاستقامة في إقامته ومنصرفه، والتحف بجلباب الإسلام وارتدى، وتلبّس بالإيمان فصدّ عنه الأذى وردّ الرّدى، وغدا من أصحاب الصّراط السّويّ ومن اهتدى، مع كفاية أوجبت له التقريب والتقديم، وجدّدت له ملابس التكبير والتكريم، وكتابة فاق بها أمثاله، وعلا مثاله، وبلّغته من العلياء مرامه ومناله، ومعرفة بفنون الحساب، وخبرة اعترف بها الكتّاب والحسّاب، وأوجبت له من الإقبال ما لم يكن في حساب.

ولما كان مجلس القاضي فلان: هو الذي أخذ القلم في مدحه والكرم في منحه، اقتضى رأينا الشريف أن نقبل على إقباله على الدين بوجه الإقبال، وأن نبلّغه في أيّامنا الشريفة ما كان يرجوه من الآمال، فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال يرفع من كان للدولة وليّا، ويضع الشيء محلّه بتقديم من أضحى عرفانه جليّا «1» فليباشر ذلك مباشرة تبلّغه أملا من الاعتلاء، وتنوّله مراما من الاعتناء، وتؤمّنه من طوارق الزّمن وحوادث الاعتداء، عالما بأنّ دولتنا الفلانية المنصورة تجازي عن الحسنة بأمثالها، وأنّ أيّامنا الفلانية المشهورة المشكورة تبلّغ أولياءها غاية آمالها، وأنّنا أجزلنا برّه، وأجملنا ذكره، وأجرينا على لسان القلم حمده وشكره، فليعتمد في مباشرته الأمانة المبرّة والنزاهة التي رفعت ما ساءه ووضعت ما سرّه، وليشمّر في مصالح هذا الديوان السعيد عن ساعد اجتهاده، ويعتمد في أموره ما ألف من سداده، ويتحرّ من السعادة ما كان قبل القول من سعاده، وليتّق الله حقّ تقاته، ويجعل التقوى حلية لأوقاته، وحلّة على سائر تصرّفاته، ويسر

ص: 357

بتقواه سيرا خبرا «1» وخبرا، ويذر جورا وجبرا، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً

«2» قلت: وغالب ما يعتنى به في تواقيع أرباب الأقلام المفتتحة ب «رسم» الدعاء المصدّر به التواقيع واشتماله على براعة الاستهلال.

وهذه جملة أدعية «3» من ذلك ينسج على منوالها:

أثير الدّين- لا زال فلك فضله أثيرا، وطالع سعده منيرا، وهبوب ريح مبرّاته للخيرات مثيرا.

أمين الدّين- لا زال ينبغي للخدم الشريفة خير أمين، ويصطفي للقيام بالمصالح أنهض معين، ويجتبي لأهمّ المهمّات من هو غير متّهم في المناصحة وغير ظنين.

بدر الدين- لا زال يولّي المناصب الدّينيّة من سلك في النزاهة مسلكا جميلا، ويولي الفضل الجزيل من أضحى إشراق بدره على آثار حظّه دليلا.

برهان الدين- لا زالت أوامره الشريفة ترفع للعلماء شانا، وتقيم على استحقاقهم دليلا واضحا وبرهانا.

تاج الدين- لا زالت صدقاته الشريفة ترفع تاج الفضائل على الرؤوس وبرّه الشامل يذكّي النفوس ويزكّي الغروس، وتوارد إفضاله يوشّي المهارق

ص: 358

ويدبّج الطّروس.

تقيّ الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تقدّم كلّ تقيّ، وترجّح ميزان من هو بالفضائل أملى مليّ، وترفع قدر من إذا سئل عن محلّه في الرياسة قيل عليّ.

جمال الدين- لا زال جمال جميله للنّفوس رائقا، وإفضاله المتوافر لكل إفضال سابقا.

جلال الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تزيد جلال ذوي الفضل جلالا، وإحسانه المتواتر يوسّع في البرّ لأولي الاستحقاق مجالا، وبرّه المتتابع تقصر عنه خطا كلّ برّ فينادى: هكذا هكذا وإلا فلا لا.

رضيّ الدين- لا زال رضيّ السّجايا، ظاهر المزايا، مسترسل ديم العطايا.

زين الدين- لا زال نواله الشريف زينا لنائله، وسؤاله المحقّق إجابته شرفا لسائله، وقاصد بابه الشريف يؤمّ بالخير في عاجل الأمر وآجله.

سراج الدين- لا زالت عنايته الشريفة تخصّ أولياءها بجزيل المواهب، وتبلّغهم من صدقاتها العامّة غاية الآمال وأقصى المطالب، وتوقد لهم من أنوار سعادتها سراجا يغلب على نور الكواكب.

سريّ الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تصطفي من أرباب الكتابة من يجيد المعاني فلا يضع لفظا إلا جعل تحته معنى سريّا، وترتضي من فرسان البراعة في ميدان اليراعة من يرتقي ببلاغته مكانا عليّا، وتجتبي من أهل الإجادة من تميّز بالإفادة فلا يزال كلامه لأجياد الطّروس حليّا.

شرف الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تضع الشيء في محلّه، وترجع الفضل إلى مستحقّه وأهله، وتختار للمناصب من ظهر شرفه بين قوله وفعله.

شمس الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تطلع في سماء المعالي من ذوي الرياسة شمسا، ونعمه الجسيمة تنبت في روض الإحسان غرسا، ومراسمه

ص: 359

العالية تنقل إلى رتب الرياسة من شدّت كفّه على عدد الأمانيّ خمسا.

شهاب الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تطلع في أفقها شهابا، وتهمل من جزيل المواهب للأمانيّ سحابا، وتضع الشيء في محله وتزيد الأمور انتظاما والدعاء استجلابا.

صدر الدين- لا زالت آراؤه الشريفة تستجيد من ذوي الفضائل من جاوز الجوزاء نظما وفاق النّثرة «1» نثرا، [وتستعيد للمناصب]«2» من الأماثل من تقصر عن مجده الكواكب رفعة وقدرا، وتستزيد [في]«3» المراتب من فاق سحبان وائل «4» وساد الأوائل فأضحى في مجالس العلياء صدرا.

صلاح الدين- لا زال أمره الشريف يقدّم من يفيد ويجيد، فيكون لكلّ أمر صلاحا، وكرمه الطويل المديد، يشمل من ذوي الفضائل من فاق «سحبان» وائل فصاحة وفاق «حاتم» الأوائل سماحا، ورأيه الرشيد السديد، يختار من إذا انتضى اليراعة غلب رأيه سيوفا وطال قلمه رماحا.

ضياء الدين- لا زالت آراؤه الجميلة، تختار من ذوي الفضائل الجليلة من تزداد به المناصب ضياء، ونعمه الجزيلة، تعمّ كلّ بارع إذا ادلهمّت الخطوب كان فوه لها جلاء، وعوارفه المستطيلة، تشمل كلّ فاضل بذل في الخدمة جهده وتكسوه هيبة وبهاء.

علم الدين- لا زال جزيل إحسانه، أوضح من نار على علم، ومزيد

ص: 360

امتنانه، يشمل أرباب السيف والقلم، وسحب بنانه تسحّ فلا تشحّ بجزيل الكرم.

علاء الدين- لا زال علاء دولته يصطفي ذوي الفضائل، ويختار من الفصحاء من يفوت الأواخر كما أضحى يفوت الأوائل، ويقدّم من هو في تدبير اليراعة كعلّي بن هلال «1» وفي حسن البراعة كسحبان وائل.

عزّ الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تزيد ذوي الأقلام، من جزيل الإنعام، فتنيلهم عزّا، وتستجيد من كتّابها الأعلام، من خصّ بجواهر الكلام، فكلّ حسن إلى كلامه يعزى، وتستفيد من نجباء الأيّام، كلّ بارع كأنّ كلامه زهر الكمام، فلو خاطب سحبان لأورثه قصورا وعجزا.

عماد الدين- لا زالت آراؤه الشريفة تتّخذ من نجباء الكتّاب عمادا، وتختار من ذوي الفضائل في الخطاب، من تجد لكلامه حسنا وسدادا، وتقدّم من أهل الفضل في السؤال والجواب، من لا تعدم في كلّ مقاصده رشادا.

عضد الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تجعل من إنعامها، لخدّامها، عضدا، وتلحظ بعين إكرامها، وحسن احترامها، من طال في الفضل مدى، وتزيّن مطالع أيامها، بشموس أعلامها، فلا ترى مثلهم أحدا.

غرس الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تنبت في روض الإحسان، من أرباب البيان، غرسا، وتجتني من كمام اللّسان، أزاهر النّكت «2» الحسان، وتزيّن بها طرسا، وتفيض من مواهب البنان، ما يشهد لها بجزيل الامتنان، فيطيب كلّ آمل نفسا.

غياث الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تبدي لكلّ آمل غياثها، وتضفي

ص: 361

ظلّها على من استجار بها واستغاثها، وتنطق ألسن أقلامها، بمواهب إنعامها، فتبذل طريفها وتراثها.

فتح الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تتخيّر من ذوي الأقلام، من يفتح أبواب الكلام، فتحا، وتهب جزيل الإنعام، لمن يستحقه من الكتّاب الأعلام، فينال بذلك ثناء وربحا، وتقرّب بيد العناية والإكرام، من ذوي الرياسة والاحترام، من هزّ على البلغاء قدحا.

فخر الدين- لا زالت آراؤه الشريفة تنصّب من المناصب، من يزيد بحسن مباشرته فخرها، وتمطي ظهور المراتب، من إذا أظلمت الأيام لعدم فاضل ظهر بفضيلته فجرها.

قطب الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تدير على قطب البلاغة من أرباب اليراعة نجوما، وتشير بعنايتها إلى من حاز من الفضل فنونا وأحيا من الآداب رسوما، وتنير بدور سعدها لمن لم يزل قلمه لأسرار الملك كتوما.

كريم الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تشمل من ذوي الفضائل من عدّ في فصله وأصله كريما، فتقدّم من لا له في البلاغة مماثل فلا يزال بكل فنّ عليما، وتنصّب في المناصب من فات قيس «1» الأوائل رأيا وفاق قسّا «2» بحديث بلاغته قديما.

كمال الدين- لا زالت سعادته الباهرة، تطلع في سماء العلياء من فاق البدور كمالا، وأوامره القاهرة، تقدّم أسنى البلغاء جلالا، وأسمى صدقاته الوافية، تعمّ من ذوي الفضائل من زاد المناصب بحسن مباشرته مهابة وجمالا.

مجد الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تملّك أعنّة الأقلام، من تراه لها

ص: 362

مجدا، وتودع بجيد الأيّام، من جواهر الفضلاء عقدا، وتشمل بأياديها الكرام، من إذا جمع البلغاء كان بينهم فردا.

محيي الدين- لا زالت أوامره الشريفة تشمل من البلغاء من شهر بفصل الخطاب، وإذا ماتت الفضائل يحييها، وغيث جوده [الهامي]«1» يفيض فيض السّحاب، فيبادر العفاة ويحيّيها، وعنايته تعم ذوي الألباب، فتمهّد رتب العزّ وتهيّيها.

موفّق الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تطلع كلّ هلال من اهتدى به كان موفّقا، وتملّك من يزري بابن هلال أنّى كتب: رقاعا ومحقّقا، وتفيض لراجيها أفضل نوال من شبّهه بالغيث كان محقّقا.

ناصر الدين- لا زال يقرّب من أضحى لأهل الكلام، بمرهفات الأقلام، ناصرا، ويهب طويل الإنعام، لمن باعه مديد في النّثر والنّظام، فما برح فضله وافرا، وينتخب من غدا شريعا لعادات الكرام، مضارعا لصفات الكتّاب الأعلام، وأصبح في البيان نادرا.

نجم الدين- لا زالت أوامره الشريفة تطلع في أفق السعادة، من ذوي السيادة، نجما، وتعمّ بجزيل الإفادة، من عرف بالفضل وبالإجادة، وفاق أقرانه نثرا ونظما، وتسمح من عنايتها بالإرادة، لمن هو أهل الحسنى وزيادة، فتجزل له من كرمها قسما.

نور الدين- لا زالت صدقاته الشريفة تعمّ بالنّوال، من هو في البراعة متّسع المجال، فيزيد الكلام نورا، وحسناته تشمل ذوي الآمال، بما يحمد في البدء والمآل، فتملأ القلوب سرورا، ومبرّاته تصل أولي الكمال، وتنتخب أخيار العمّال، فلا برح أنفذ الملوك أمورا.

ص: 363

نظام الدين- لا زال يتخيّر من كان في الناس مجيدا، وفي البيان مجيدا، فحسن لفظه نظاما، ويهب من برّه مزيدا، لمن كان في الخدمة مريدا، فلا ينقض للنصيحة ذماما، ويبذل كرما مفيدا، لمن يراه في الفضل مبدئا ومعيدا، فحاز فخارا وطاب كلاما.

همام الدين- لا زال يرتضي من هو في فرسان اليراعة أنهض همام، ويقتضي وعد كرمه لمن نهض في الرياسة نهوض اهتمام، وينتضي عضد «1» ذهنه فيصيب مفصل كلّ كلام.

وليّ الدين- لا زال يحلّي أجياد المناصب من ذوي البلاغة، بمن يحسن في الكلام الصّياغة، فينظمه حليّا، ويجلّي كرب المراتب من فرسان اليراعة، بمن راح فضله ولفظه جليّا، ويولّي المناصب من غدا في البيان وافر البضاعة، فاتخذته الأقلام وليّا.

الضرب الرابع (من الوظائف التي يكتب فيها بالديار المصرية مشيخة الخوانق «2» ، وكلّها يكتب بها تواقيع)

وهي على طبقات:

الطبقة الأولى (ما يكتب في قطع النصف ب «المجلس العالي» مفتتحا ب «الحمد لله» وهو مشيخة الشيوخ «3» خاصّة)

واعلم أنّ مشيخة الشّيوخ كانت فيما تقدّم تطلق على مشيخة الخانقاه

ص: 364

الصّلاحيّة، «سعيد السعداء» «1» فيكتب فيها بذلك. ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن بنى السلطان الملك الناصر «محمد بن قلاوون» الخانقاه الناصريّة بسرياقوس «2» ، استقرّت مشيخة الشيوخ على من يكون شيخا بها، والأمر على ذلك إلى الآن.

وهذه نسخة توقيع بمشيخة الشّيوخ بالخانقاه الصّلاحية «سعيد السّعداء» بالقاهرة المحروسة باسم الشيخ شمس الدين بن النّخجوانيّ «3» ، من إنشاء المقرّ الشهابيّ بن فضل الله العمريّ، وهي:

الحمد لله مرقّي أوليائه، وموقّي أصفيائه، وملقّي كلمة الإخلاص لمن تلقّى سرّها المصون عن أنبيائه.

نحمده على مصافاة أهل صفائه، وموافاة نعمنا لمن تمسّك بعهود وفائه، وتسلّك فأصبحت رجال كالجواهر لا تنتظم في سلكه ولا تعدّ من أكفائه، وطالع للدّين شمسا يباهي الشمس بضيائه، ويباهل البدر التّمام فيتغيّر تارة من خجله وتارة من حيائه.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نعدّها ذخرا للقائه، وفخرا باقيا ببقائه، راقيا في الدرجات العلى بارتقائه.

ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله مبلّغ أنبائه، ومسوّغ الزّلفى لأحبّائه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان من أهل ولائه،

ص: 365

ومن عرف به الله لمّا تفكّر في آلائه، صلاة يؤمّل دوامها من نعمائه، ويؤمّن عليها سكّان أرضه وسمائه، وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد، فإن أولى ما استقام به [الشخص على]«1» الطريقة «2» ، واستدام به الرجوع إلى الحقيقة، واستام به يطمئن إلى خالقه لا إلى الخليقة، وحفظ أفقه بنيّر تستضيء به النيّرات، ونوء تتقسّم به الغمائم الممطرات- طائفة أهل الصّلاح، ومن معهم من إخوان أهل الصفاء الصّوفيّة داعي الفلاح، ومن تضمّهم من الواردين إليهم إلى جناح، والصادرين عنهم بنجاح، ومن تفتح له فيهم أبواب السماء، وتمنح بنفسهم عامة الخلق ملابس النعماء، ومن يكشف بتهجّدهم جنح كلّ ظلام، ويكسف بتوجّههم عارضة كلّ بدر تمام، ويستشفى ببركاتهم من داء كل سقام، ويستسقى بدعائهم إذا قصّر النّيل وقصّ جناحه الغمام. وهم أولياء الله وأحبّاؤه، وبهم يتعلّل كل لبيب هم سقامه وهم أطبّاؤه؛ أنحلهم الحبّ حتّى عادوا كالأرواح، وأشغلهم الحبّ «3» بصوت كلّ حمام شجاهم لمّا غنّى وبرّح بهم لمّا ناح، وأطربهم كلّ سمع فوجدوا بكل شيء شجنا، وعذّبهم الهوى فاستعذبوا أن لا يلائموا وسنا، ومثّل فرط الكلف لهم الأحباب «4» فما رأوا لهم حالا إلا حسنا، وأثقل تكرار الذّكرى قلوبهم فما عدّوا غربة غربة ولا وطنا وطنا؛ قرّبت المحبة «5» لهم في ذات الله كلّ متباعد، وألّفت أشتاتهم فاختلفت الأسماء والمعنى واحد.

والخانقاه الصلاحيّة بالقاهرة المحروسة المعروفة ب «سعيد السعداء» -

ص: 366

قدّس الله روح واقفها- هي قطب نجومهم السائرة، ومراكز أفلاكهم الدّائرة، وإليها تنحطّ رحّال سفّارهم، وعليها تحطّ رحال أسفارهم؛ تضطرب فرقهم في البلاد وإليها مرجعهم، وعليها مجتمعهم، وفيها مواضع خلواتهم، ومطالع جلواتهم «1» ، ومكان صلاتهم، وإمكان صلاتهم، ومشرق شموسهم، ومؤنق غروسهم، ومنهاج طريقتهم، ومعراج حقيقتهم «2» ، مأوى هذه الطائفة الطائفة في شرق البلاد وغربها، وبعدها وقربها، وعجمها وعربها، ومن رفع سجوفها أو هو محجوب بحجبها، والمؤهّلة والعراب، وأهل الاغتراب؛ هي فسيحهم الرّحيب، وصفيحهم القريب، ومثالهم إذا اجتمعوا في الملإ الأعلى زمرا، واخترقوا المهامه وما جازوا بيداء ولا جابوا مقفرا، وبلغوا الغاية وما أزعج ركابهم حاد في ليل سرى، ووصلوا وما فارقوا فرشهم الممهّدة إلى ما وراء الورى؛ شرط كلّ خانقاه أن لا تغلق في وجه من ينزل فيها بابا، ولا تطيل جهاتها الممنّعة له حجابا، ولا تعجل مقاماتها المرفعة له قبل...... «3» ......

وهذه نسخة توقيع بمشيخة الشيوخ، وهي مشيخة الخانقاه الناصريّة بسرياقوس، مما كتب بذلك للشيخ نظام الدين الأصفهاني، من إنشاء السيد الشريف شمس الدين:

الطرّة توقيع شريف بأن يفوّض إلى المجلس العاليّ، الشيخيّ، النّظاميّ،

ص: 367

إسحق ابن الشيخ المرحوم جلال الدين عاصم، ابن الشيخ المرحوم سعد الدين محمد الأصفهانيّ القرشيّ الشافعيّ- أدام الله النفع ببركته- مشيخة الخانقاه السعيدة الناصريّة بسرياقوس- قدّس الله روح واقفها- ومشيخة الشيوخ بالديار المصرية والبلاد الشاميّة والحلبيّة، والفتوحات الساحلية، وسائر الممالك الإسلاميّة المحروسة، على عادته في ذلك وقاعدته ومعلومه، وأن يكون ما يخصّ بيت المال من ميراث كلّ من يتوفّى من الصوفيّة بالخانقاه بسرياقوس للشيخ نظام الدين المشار إليه، بحيث لا يكون لأمين الحكم ولا لديوان المواريث معه في ذلك حديث، وتكون أمور الخانقاه المذكورة فيما يتعلّق بالمشيخة وأحوال الصوفيّة راجعة للشيخ نظام الدين المشار إليه، ولا يكون لأحد من الحكّام ولا من جهة الحسبة ولا القضاة في ذلك حديث معه، ولا يشهد أحد من الصوفية ولا ينتسب إلا بإذنه، على جاري عادته في ذلك على ما شرح فيه، وأوّله:

الحمد لله على نعمه التي ألّفت للصالحين من عباده نظاما، واستأنفت للصّائحين إلى مراده إحراما، وصرّفت أوامرنا بالعدل والإحسان لمن فوّض أموره إلى ربّه فأنجح له من مزيد التأييد مرادا ومراما، وعطفت بأوجه إقبالها الحسان على من هو متنزّه عن دنياه، متوجّه إلى أخراه، يمضي نهاره صياما وليله قياما.

نحمده على أن جعلنا نرعى للأولياء ذماما، ونسعى بالنّعماء إليهم ابتداء وإتماما، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ترفع للمخلصين في علّيّين مقاما، وتدفع بأعمال الصّدق عن المتوكّلين عليه بأسا وأسقاما، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي جعله للمتّقين إماما، وفضّله على النبيّين إجلالا وإعظاما، وكمله بالسّمات المكرّمات، والصّفات المشرّفات، مما لا يضاهى ولا يسامى، صلى الله عليه وعلى آله الذين شرفوا إضافة إلى نسبه الشريف وانضماما، ورضي الله عن أصحابه الذين عرفوا الحقّ فبذلوا في إقامته اجتهادا واهتماما، صلاة تجمّل افتتاحا واختتاما، وتجزل إرباحا وإنعاما، وسلّم تسليما كثيرا.

ص: 368

وبعد، فشيمنا العدل والإنصاف، لمن له بيمن الأعراق اتصال وبحسن الأخلاق اتّصاف، ومن كرمنا الفضل والإسعاف، لمن لا خفاء في تعيّنه لتصدير التقديم وتكرير التكريم ولا خلاف، ومن سجايانا الجميلة أن لا تضاع حقوق من هو في الزّهادة والعبوديّة إمام، لألسنة الأيّام، بحلاه الحسنة إقرار واعتراف، ولمزايانا جميل المحافظة، وجليل الملاحظة، لمن توكّل على الله حقّ التوكّل فله انتصار بالله تعالى وانتصاف: لأنه العريق الأسلاف، الرّفيق بالضّعاف، الحقيق بتوفير التوفيق الذي له بحركاته المباركة اكتناف، المطيق النّهوض بأعباء الرّياسة: لأنّ للقلوب على محبّته ائتلاف، السّبوق إلى غايات الغلوات الذي تحفّ به في بلوغ آماد الإسعاد من الله تعالى ألطاف، والصّدوق النيّة مع الله تعالى فكم والى لنعمائه الزيادة والاستئناف.

وكان المجلس العاليّ الشيخيّ، الإماميّ، الكبيريّ، العالميّ، العامليّ، الأوحديّ، القدويّ، الورعيّ، الزاهديّ، الناسكيّ، الخاشعيّ، السالكيّ، الأصيليّ، العريقيّ، القواميّ، العلّاميّ، النّظاميّ: جمال الإسلام والمسلمين، شرف العلماء في العالمين، أوحد الفضلاء، قدوة المشايخ، مربّي السالكين، كنز الطالبين، موضّح الطريقة، مبيّن الحقيقة، شيخ شيوخ العارفين، بركة الملوك والسّلاطين، وليّ أمير المؤمنين، إسحق ابن الشيخ المرحوم فلان- أدام الله النفع ببركاته- هو المفوّض أموره إلى ربّه، المعرض عن الدنيا بباطنه وقلبه، المتعوّض بما عند الله من فضله فما زال الإيثار من شأنه ودأبه، إلى إخوانه وصحبه، فهو من الذين يطعمون الطعام على حبّه، ويلهمون من العمل المبرور إلى أقربه من الله وأحبّه، ويقومون الظّلام مع أولياء الله المخلصين وحزبه، ويستديمون الإنعام من الله تعالى بالإحسان إلى عباده ففرعهم لأصلهم في صنعهم مشبه، ويستسلمون لأحكام الله تعالى وكلّهم شاكر لربّه، على حلو القضاء ومرّه صابر على سهل الأمر وصعبه، سائر بالصّدق في شرق الوجود وغربه، مثابر على الحق في عجم الخلق وعربه.

فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال يوصّل الحقوق إلى مستحقّيها،

ص: 369

ويجمل الوثوق بمن تتجمّل المراتب الدينية منه بترقّيها- أن يفوّض إلى المشار إليه مشيخة الخانقاه السعيدة الناصرية بسرياقوس- قدّس الله روح واقفها- ومشيخة الشيوخ بالديار المصرية، والبلاد الشاميّة والحلبية، والفتوحات الساحليّة، وسائر الممالك الإسلاميّة المحروسة، على عادته في ذلك وقاعدته ومعلومه، وأن يكون ما يخصّ بيت المال المعمور من ميراث كلّ من يتوفّى من الصّوفية بالخانقاه المذكورة للمشار إليه، بحيث لا يكون لأمين الحكم ولا لديوان المواريث معه في ذلك حديث، وتكون أمور الخانقاه المذكورة فيما يتعلّق بالمشيخة وأحوال الصوفيّة راجعة إليه، ولا يكون لأحد من الحكّام ولا من جهة الحسبة ولا القضاة في ذلك حديث معه، ولا يشهد أحد من الصّوفية ولا ينتسب إلا بإذنه على العادة في ذلك، ويكون ذلك معدوقا بنظره.

فليعد إليها عودا حميدا، وليفد من الإصلاح ما لم يزل مفيدا، وليعتصم بالله تعالى مولاه فيما تولّاه وقد آتاه الله تثبيتا وتسديدا، وليشهد بها من القوم المباركين من كان عوده قبل الصوم عيدا؛ وهو أعزّه الله تعالى المسعود المباشرة، المحمود المعاشرة، المشهود منه اعتماد الاجتهاد في الدنيا والآخرة، المعهود منه النّفع التامّ، في فقراء مصر والشام، فكم أثّر الخير وآثره، وكثّر البرّ وواتره، ويسّر السير الحسن الذي لم يبرح لسان الإجماع شاكره.

ونحن نوصيه عملا بما أمر الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه المبين، بقوله وهو أصدق القائلين: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ

«1» وإن كنا نتحقّق ما هو عليه من العلم والدّين، والحكم الرّصين، والزّهد والورع اللذين نحن منهما على بيّنة ويقين، باتّباع شروط الواقفين، والإمتاع بالعوارف أولياء الله العارفين:

فإنّه ما زال حيث حلّ في جميع الآفاق، واصلا للأرزاق، مواصلا بالأشواق، شاملا بالإرفاق، عاملا بالحقّ في إيصال الحقوق لذوي الاستحقاق. ونأمرهم

ص: 370