الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقصد الثاني (في بيان مقاصد ما يكتب في الولايات، وفيه جملتان)
الجملة الأولى (في بيان الرّسوم في ذلك، ومقادير قطع الورق لكلّ صنف منها على سبيل الإجمال)
وهي على أربعة أنواع:
النوع الأوّل (التّقاليد)
جمع تقليد. يقال: قلّدته أمر كذا إذا ولّيته إيّاه. قال الجوهري: وهو مأخوذ من القلادة في العنق، يقال قلّدت المرأة فتقلدت، قال: ومنه التقليد في الدّين أيضا.
ثم التقاليد تشتمل على طرّة ومتن، فأما الطرّة فقد أشار إليها في «التعريف» بقوله: وعنوانها «تقليد شريف لفلان بكذا» . وأوضح ذلك في «التثقيف» «1» فقال: وصورته: أن يكتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى المقرّ الكريم، أو إلى الجناب الكريم، أو إلى الجناب العالي الأميريّ الكبيريّ، الكافليّ، الفلانيّ، أعزّ الله تعالى أنصاره، أو نصرته، أو ضاعف الله تعالى نعمته، نيابة السلطنة الشريفة بالشام المحروس، أو بحلب المحروسة، أو بطرابلس المحروسة، أو نحوها، على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد على ما شرح فيه.
قلت: وتفصيل هذا الإجمال: إن كان المكتوب له التقليد هو النائب الكافل «2» ، كتب في طرّة تقليده: تقليد شريف بأن يفوّض إلى المقرّ
الكريم، العالي، الأميريّ، الكبيريّ، الكفيليّ، الفلانيّ، فلان الفلانيّ، بلقب الإضافة إلى لقب السلطان، كالناصريّ مثلا، كفالة السلطنة الشريفة بالممالك الإسلاميّة، أعلاها الله تعالى على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد، على ما شرح فيه.
وإن كان التقليد بكفالة السّلطنة بالشام، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى المقرّ الكريم العالي، الأميريّ، الكبيريّ، الكفيليّ، فلان الناصريّ، مثلا كفالة السلطنة بالشام المحروس على أتمّ العوائد في ذلك وأجمل القواعد، على ما شرح فيه.
وإن كان التقليد بنيابة السلطنة بحلب، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى الجناب الكريم العالي، الأميريّ، الكبيريّ، الكافليّ، الفلانيّ، فلان الناصريّ، أعز الله تعالى نصرته، نيابة السلطنة الشريفة بحلب المحروسة، على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد، على ما شرح فيه.
وإن كان التقليد بنيابة طرابلس، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى الجناب العالي، الأميريّ، الكبيريّ، الكافليّ، الفلانيّ، فلان الناصريّ:
ضاعف الله تعالى نعمته، نيابة السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة، على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد، على ما شرح فيه.
وإن كان التقليد بنيابة السلطنة بحماة، أبدل لفظ طرابلس بحماة.
وإن كان بنيابة السلطنة بصفد، أبدل لفظ طرابلس وحماة بصفد، والباقي على ما ذكر في طرابلس.
وإن كان التقليد بنيابة السلطنة بغزّة- حيث جعلت نيابة- كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى الجناب العالي، الأميريّ، الكبيريّ، الكافليّ، الفلانيّ،
فلان الناصريّ: أدام الله تعالى نعمته، نيابة السلطنة الشريفة بغزّة المحروسة، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ما شرح فيه.
فإن كان مقدّم العسكر كما هو الآن، أبدل لفظ نيابة السلطنة الشريفة بلفظ «تقدمة العسكر المنصور» والباقي على ما ذكر.
وإن كان التقليد بنيابة السلطنة بالكرك، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى المجلس العالي، الأميريّ، الكبيريّ، الفلانيّ، فلان الناصريّ: أدام الله تعالى نعمته، نيابة السلطنة الشريفة بالكرك المحروس، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ما شرح فيه.
وإن كان التقليد بالوزارة، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى الجناب العالي الصاحبيّ، الفلانيّ، فلان الناصريّ: ضاعف الله تعالى نعمته، الوزارة الشريفة بالممالك الإسلامية أعلاها الله تعالى، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور، على ما شرح فيه.
وإن كان التقليد بكتابة السرّ، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى الجناب العالي، القاضويّ، الكبيريّ، اليمينيّ، الفلانيّ، فلان الناصريّ: ضاعف الله تعالى نعمته، صحابة دواوين الإنشاء الشريفة بالممالك الإسلامية، أعلاها الله تعالى، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الدّيوان المعمور، على ما شرح فيه.
وإن كان التقليد بقضاء قضاة الشافعيّة بالديار المصريّة، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى الجناب العالي، القاضويّ، الكبيريّ، الفلانيّ، فلان:
أعزّ الله تعالى أحكامه، قضاء قضاة الشافعية بالديار المصرية، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور، على ما شرح فيه.
وإن كان التقليد بقضاء قضاة الحنفيّة، كتب كذلك، إلا أنه يبدل لفظ الشافعية بلفظ الحنفيّة.
وإن كان التقليد لأمير مكّة، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى المجلس العالي، الأميريّ، الكبيريّ، الشريفيّ، فلان الفلانيّ: أدام الله تعالى نعمته إمرة مكة المشرّفة، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ما شرح فيه.
وإن كان بإمرة المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، والتحية والإكرام، كتب كذلك إلا أنه يبدل لفظ مكّة المشرّفة بلفظ المدينة الشّريفة.
وإن كان بإمرة آل فضل «1» ، كتب: تقليد شريف بأن يفوّض إلى المجلس العالي، الأميريّ، الكبيريّ، الفلانيّ: أدام الله تعالى نعمته إمرة آل فضل، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ما شرح فيه.
هذه جملة ما عهدت كتابته من التقاليد المكتتبة من ديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة، فإن حدث كتابة ما يستحقّ أن يكتب له تقليد، كالأتابكيّة «2» ونحوها، كتب بالألقاب اللائقة بصاحبه.
ثم وراء ذلك أمران: أحدهما- أنه قد تقدّم نقلا عن «التعريف» أنه يكتب في العنوان الذي هو الطرّة: «تقليد شريف لفلان بكذا» فإن كتب تقليد بكفالة السلطنة مثلا، كتب: «تقليد شريف للمقرّ الكريم، العالي، الأميريّ،
الكبيريّ، الفلانيّ، بكفالة السلطنة الشريفة بالممالك الإسلامية، على أجمل العوائد، وأكمل القواعد، على ما شرح فيه» .
الثاني- أنه اقتصر في «التثقيف» على قوله في آخر الطرّة، على أجمل العوائد في ذلك وأكمل القواعد، وليس الأمر منحصرا في ذلك، بل لو عكس بأن قيل: تقليد شريف بأن يفوّض إلى فلان كذا، أو تقليد شريف لفلان بكذا على أكمل القواعد وأجمل العوائد على ما شرح فيه، لكان سائغا.
فإن كان صاحب التقليد عليّ الرتبة: كالنائب الكافل، ونائب الشام، ونائب حلب، والوزير، وكاتب السرّ، ونحوهم، كتب على أجمل العوائد وأتمّها، وأكمل القواعد وأعمّها، أو بالعكس: بأن يكتب على أجمل العوائد وأعمّها، وأكمل القواعد وأتمّها، على ما شرح فيه.
وأما متن التقليد، فقد قال في «التعريف» إن التقاليد كلّها لا تفتتح إلا بالحمد لله وليس إلا، ثم يقال بعدها: أما بعد، ثم يذكر ما سنح من حال الولاية وحال المولّى، وحسن الفكر فيمن يصلح، وأنه لم ير أحقّ من ذلك المولّى ويسمّى، ثم يقال ما يفهم أنه هو المقدّم الوصف أو المتقدّم إليه بالإشارة؛ ثم يقال: رسم بالأمر الشريف العالي، المولويّ، السلطانيّ، الملكيّ، الفلانيّ (ويدعى له) أن يقلّد كذا، أو أن يفوّض إليه كذا، والأوّل أجلّ؛ ثم يوصى بما يناسب تلك الولاية مما لا بدّ منه تارة جمليّا وتارة تفصيليّا، وينبّه فيه على تقوى الله تعالى؛ ثم يختم بالدعاء للمولّى، ثم يقال: وسبيل كل واقف عليه العمل به بعد الخطّ الشريف أعلاه.
قال: ولفضلاء الكتّاب في هذا أساليب، وتفنّن كثير الأعاجيب، وكلّ مألوف غريب، ومن طالع كلامهم في هذا وجد ما قلناه، وتجلّى له ما أبهمناه.
وذكره في «التثقيف» بأوضح معنى وأبين، فقال: ويكتب بعد الصّدر بخطبة مناسبة أوّلها الحمد لله إلى آخرها، ثم أما بعد، ويذكر ما يرى ذكره من حال الولاية والمولّى، ويذكر اسمه، وهو أن يقال: ولما كان المقرّ، أو الجناب،
وألقابه ونعوته إلى آخرها، ويدعى له: أعزّ الله أنصاره أو نصرته، أو نحوه، على ما جرت به عادته، ولا يزاد على دعوة واحدة؛ ثم يقال ما يفهم أنه المراد بهذه الأوصاف، أو المعنيّ بهذه الإشارة أو نحو ذلك؛ ثم يقال: اقتضى حسن رأينا الشريف، ويذكر ما يقتضي تكريمه وتعظيمه؛ ثم يقال: فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي، المولويّ، السلطانيّ، الملكيّ، الفلانيّ، الفلاني (ويدعى له بما يناسب الحال ثلاث دعوات أو أربعا) أن يفوّض إلى المشار إليه كذا؛ ثم يقال:
فليتقلّد ذلك، أو فليتلقّ هذا التفويض، أو نحو هذا؛ ثم يوصّى بما يناسب تلك الولاية مما لا بدّ منه، ويحرص أن ينبّه فيه على العمل بالتقوى؛ ثم يختم بالدعاء للمولّى بالإعانة والتأييد ونحو ذلك ثلاث دعوات، وأكثرها أربع، وأقلّها اثنتان؛ ثم يقال: بعد الخط الشريف شرّفه الله تعالى وأعلاه أعلاه إن شاء الله تعالى؛ ثم التاريخ والمستند، والحمدلة، والحسبلة على العادة. ولم يقل فيه:
وسبيل كل واقف عليه، كما قال في «التعريف» .
واعلم أنّ التقاليد على اختلافها لا تخرج في مقادير قطع الورق عن مقدارين:
الأوّل- قطع الثلثين بقلم الثّلث الثقيل. وفيه يكتب لنوّاب السلطنة بمصر والشام مطلقا، وكذلك الوزير والمشير «1» ، وكاتب السر، وقاضي قضاة الشافعية والحنفيّة بالديار المصرية.
الثاني- قطع النصف بقلم الثّلث الخفيف. وفيه يكتب لذوي التقاليد من أمراء العرب: وهم أمير مكة المشرّفة، وأمير المدينة الشريفة، وأمير آل فضل من عرب الشام على ما تقدّم ذكره. ولا يكتب من التقاليد شيء فيما دون هذا المقدار من قطع الورق بحال. وسيأتي الكلام على نسخ التقاليد فيما بعد، إن شاء الله تعالى.