المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوظيفة الأولى (القضاء) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ١١

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الحاديعشر]

- ‌[تتمة الباب الرابع من المقالة الخامسة]

- ‌الطّرف الأوّل (في مصطلح كتّاب الشرق)

- ‌الطّرف الثاني (في مصطلح كتّاب الغرب والأندلس فيما يكتب من الولايات عن الملوك)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب لأرباب الوظائف من أصحاب السّيوف)

- ‌الضرب الثاني (من ظهائر بلاد المغرب ما يكتب لأرباب الوظائف الدينية من أصحاب الأقلام)

- ‌الضرب الثالث (ما يكتب لأرباب الوظائف الديوانية)

- ‌الطرف الثالث (في مصطلح كتّاب الديار المصرية فيما قبل الخلفاء الفاطميين وفيما بعدهم إلى زماننا)

- ‌الحالة الأولى- ما كان عليه أمر نوّاب الخلفاء بهذه المملكة إلى ابتداء الدولة الطّولونيّة

- ‌الحالة الثانية- ما كان عليه أمر الدولة الطّولونيّة من حين قيام دولتهم إلى انقراض الدولة الأخشيديّة

- ‌الحالة الثالثة- ما كان عليه الأمر في زمن بني أيّوب

- ‌المرتبة الأولى

- ‌الصنف الأوّل- أرباب السيوف من هذه المرتبة

- ‌الصنف الثاني- أرباب الوظائف الدينية

- ‌الصنف الثالث- أرباب الوظائف الديوانية

- ‌المرتبة الثانية (أن تفتتح الولاية بلفظ «أما بعد حمد الله» أو «أما بعد فإن كذا» ويؤتى بما يناسب من ذكر الولاية والمولّى، ثم يذكر ما سنح من الوصايا ثم يقال «وسبيل كل واقف عليه» )

- ‌المرتبة الثالثة (أن تفتتح الولاية بلفظ «رسم» ثم يذكر أمر الولاية والمولّى ويوضح، ثم يقال «وسبيل كلّ واقف عليه» )

- ‌المرتبة الرابعة (أن يفتتح بلفظ: «إن أحق» أو «إن أولى» أو «من كانت صفته كذا» وما أشبه ذلك)

- ‌الحالة الرابعة (مما يكتب عن ملوك الديار المصرية من الولايات

- ‌المقصد الأوّل (في مقدّمات هذه الولايات، وفيه مهيعان)

- ‌المهيع الأوّل (في بيان رجوع هذه الولايات إلى الطريق الشرعيّ)

- ‌المهيع الثاني (فيما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة هذه الولايات)

- ‌الأمر الأوّل- براعة الاستهلال بذكر اسم المولّى أو نعته أو لقبه أو الوظيفة

- ‌الأمر الثاني- مراعاة قطع الورق

- ‌الأمر الثالث- معرفة ما يناسب كلّ قطع من هذه المقادير من الأقلام

- ‌الأمر الرابع- معرفة اللّقب المطابق لرتبة كلّ ولاية وصاحبها

- ‌النوع الأوّل (ألقاب أرباب السيوف)

- ‌المرتبة الأولى- المقرّ الكريم مع الدعاء بعزّ الأنصار

- ‌المرتبة الثانية- الجناب الكريم مع الدعاء بعزّ النّصرة

- ‌المرتبة الثالثة- الجناب العالي مع الدعاء بمضاعفة النّعمة

- ‌المرتبة الرابعة- الجناب العالي مع الدعاء بدوام النعمة

- ‌المرتبة الخامسة- المجلس العالي والدعاء بدوام النعمة

- ‌المرتبة السادسة- المجلس الساميّ بالياء، والدعاء بدوام التأييد ونحوه

- ‌المرتبة الثامنة- مجلس الأمير، والدعاء أدام الله سعده ونحوه

- ‌المرتبة التاسعة- الأمير مجرّدا عن المضاف إليه

- ‌النوع الثاني (ألقاب أرباب الوظائف الديوانية، وهي على ستّ مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الجناب العالي مع الدعاء بمضاعفة النّعمة؛ وفيها أسلوبان:

- ‌الأسلوب الأوّل- ألقاب الوزير

- ‌الأسلوب الثاني- ألقاب كاتب السرّ

- ‌المرتبة الثانية- المجلس العالي مع الدّعاء بدوام النعمة

- ‌الأسلوب الأوّل- ألقاب كاتب السرّ

- ‌الأسلوب الثاني- ألقاب ناظر الخاص

- ‌الأسلوب الثالث- ألقاب وزير دمشق إذا صرّح له بالوزارة

- ‌الأسلوب الرابع- ألقاب ناظر النّظّار بالشام

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس الساميّ بالياء مع الدعاء بدوام الرفعة

- ‌المرتبة الرابعة- السامي بغير ياء، مع الدعاء بدوام الرّفعة

- ‌المرتبة الخامسة- مجلس القاضي

- ‌المرتبة السادسة- القاضي

- ‌النوع الثالث (ألقاب أرباب الوظائف الدّينية- وهي أيضا على ستّ مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الجناب العالي

- ‌المرتبة الثانية- المجلس العالي

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس الساميّ

- ‌المرتبة الرابعة- السامي

- ‌المرتبة الخامسة- مرتبة مجلس القاضي

- ‌المرتبة السادسة- مرتبة القاضي

- ‌النوع الرابع (ألقاب مشايخ الصّوفية- وهي على خمس مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- المجلس العالي

- ‌المرتبة الثانية- المجلس الساميّ

- ‌المرتبة الثالثة- المجلس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة الرابعة- مجلس الشّيخ

- ‌المرتبة الخامسة- مرتبة الشيخ

- ‌النوع الخامس (ألقاب من قد يكتب له بولاية من رؤساء العامّة من التّجّار وغيرهم)

- ‌المرتبة الأولى- المجلس الساميّ بالياء

- ‌المرتبة الثانية- الملجس السامي بغير ياء

- ‌المرتبة الثالثة- مجلس الصّدر

- ‌المرتبة الرابعة- مرتبة الصّدر

- ‌النوع السادس (ألقاب زعماء أهل الذّمّة، وهم ثلاثة)

- ‌الأوّل- بطرك النصارى اليعاقبة

- ‌الثاني- بطرك الملكانيّة

- ‌الثالث- رئيس اليهود

- ‌الأمر الخامس- مما يجب على الكاتب مراعاته معرفة الوصف اللائق بصاحب الوظيفة

- ‌الأمر السادس- مما يجب على الكاتب مراعاته وصية ربّ كل ولاية من الولايات المعتبرة بما يناسبها

- ‌المقصد الثاني (في بيان مقاصد ما يكتب في الولايات، وفيه جملتان)

- ‌الجملة الأولى (في بيان الرّسوم في ذلك، ومقادير قطع الورق لكلّ صنف منها على سبيل الإجمال)

- ‌النوع الأوّل (التّقاليد)

- ‌النوع الثاني (مما يكتب في الولايات السلطانية: المراسيم)

- ‌الضرب الأوّل (المراسيم المكبّرة)

- ‌الضرب الثاني (من المراسيم التي تكتب بالولايات المراسيم المصغّرة)

- ‌الصنف الأوّل- ما يترك فيه أوصال بياض بين الطّرّة والبسملة

- ‌الصنف الثاني- ما يكتب في هيئة ورقة الطريق، ويكون في ثلاثة أوصال

- ‌النوع الثالث (مما يكتب في الولايات السلطانية التفاويض)

- ‌النوع الرابع (التواقيع، جمع توقيع)

- ‌الطبقة الأولى (ما يفتتح بخطبة مفتتحة بالحمد لله، وفيها مرتبتان)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع النصف بقلم خفيف الثّلث

- ‌المرتبة الثانية من التواقيع- ما يكتب في قطع الثلث بقلم التوقيعات

- ‌الطبقة الثانية (من التواقيع ما يفتتح بلفظ «أما بعد حمد الله» وهو لمن رتبته السامي بغير ياء، وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع الثلث

- ‌المرتبة الثانية- ما يكتب من هذه الطبقة في قطع الثلث

- ‌الطبقة الثالثة (من التواقيع ما يفتتح بلفظ «رسم بالأمر الشريف» وهي على مرتبتين)

- ‌المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع العادة المنصوريّ بقلم الرّقاع

- ‌الطبقة الرابعة (التواقيع الصّغار؛ وهي لأصغر ما يكون من الولايات: من نظر وقف صغير ونحو ذلك، وتكون في ثلاثة أوصال ونحوها)

- ‌الضرب الأوّل- ما يكتب على مثال أوراق الطّريق

- ‌الضرب الثاني- ما يكتب على ظهور القصص

- ‌المقصد الثالث (في بيان كيفيّة وضع ما يكتب في هذه الولايات في الورق، ويتعلّق به عشرة أمور)

- ‌الأمر الأوّل- الطّرة

- ‌الأمر الثاني- البسملة الشريفة

- ‌ الثاني

- ‌الأمر الثالث- الافتتاح الذي يلي البسملة

- ‌الأمر الرابع- البعدية فيما يفتتح فيه بالحمد لله

- ‌الأوّل

- ‌الأمر الخامس- وصف المتولّي بما يناسب مقامه ومقام الولاية من المدح والتفريظ

- ‌الأمر السادس- الألقاب المختصّة بصاحب الولاية

- ‌الأمر السابع- وصيّة صاحب الولاية بما يناسب ولايته

- ‌الأمر الثامن- الدعاء لصاحب الولاية بما يناسبه إذا كان مستحقّا لذلك

- ‌الأمر التاسع- الخواتم

- ‌الأمر العاشر- البياض الواقع في كتب الولايات

- ‌الأوّل- فيما بين الطّرّة والبسملة

- ‌الثاني- الحاشية فيما على يمين البسملة وما بعدها

- ‌الثالث- بيت العلامة

- ‌الرابع- ما بين الأسطر في متن الولاية

- ‌الخامس- ما بين أسطر اللّواحق

- ‌السادس- ما بعد اللّواحق في آخر الكتاب

- ‌المهيع الثاني (في ذكر نسخ مما يكتب في متن الولايات من التقاليد والمراسيم المكبّرة والتفاويض والتّواقيع)

- ‌القسم الأوّل (ولايات وظائف الديار المصرية؛ وهي على نوعين)

- ‌النوع الأوّل (الولايات بالحضرة؛ وهي على ستة أضرب)

- ‌الضرب الأوّل (ولايات أرباب السيوف؛ وهي على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (ذوات التقاليد؛ وهي ثلاث وظائف)

- ‌الوظيفة الأولى (الكفالة، وهي نيابة السلطنة بالحضرة)

- ‌الوظيفة الثانية (الوزارة لصاحب سيف)

- ‌الوظيفة الثالثة (الإشارة، وهي وظيفة قد حدثت كتابتها ولم يعهد بها كتابة في الزمن القديم)

- ‌الطبقة الثانية (ممن يكتب له من أرباب السيوف ذوات التواقيع، وفيها وظائف)

- ‌الوظيفة الأولى (نظر البيمارستان لصاحب سيف)

- ‌الوظيفة الثانية

- ‌الوظيفة الثالثة (نقابة الأشراف)

- ‌الضرب الثاني (ممّن يكتب له بالولايات بالديار المصرية أرباب الوظائف الدينية، وهو على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (أصحاب التقاليد ممّن يكتب له بالجناب العالي)

- ‌الوظيفة الأولى (القضاء)

- ‌الطبقة الثانية (من أرباب الوظائف الدّينية أصحاب التواقيع، وتشتمل على مراتب)

- ‌المرتبة الأولى

- ‌المرتبة الثانية (ما يكتب في قطع الثلث ب «الساميّ» بالياء)

- ‌الوظيفة الأولى (قضاء العسكر)

- ‌الوظيفة الثانية (إفتاء دار العدل)

- ‌الوظيفة الثالثة (الحسبة)

- ‌الوظيفة الرابعة (وكالة بيت المال)

- ‌الوظيفة الخامسة (الخطابة)

- ‌الوظيفة السادسة (الإمامة بالجوامع، والمساجد، والمدارس الكبار التي تصدر التولية عن السلطان في مثلها)

- ‌الوظيفة السابعة (التدريس، وموضوعه إلقاء المسائل العلمية للطّلبة)

- ‌الوظيفة الثامنة (التصدير)

- ‌الوظيفة التاسعة (النظر)

- ‌المرتبة الثالثة

- ‌الضرب الثالث (من الولايات بالحضرة السلطانية بالديار المصرية- الوظائف الديوانية)

- ‌الطبقة الأولى (أرباب التقاليد، في قطع الثلثين ممن يكتب له «الجناب العالي» وفيها وظيفتان)

- ‌الوظيفة الأولى (الوزارة، إذا كان متولّيها من أرباب الأقلام، كما هو الغالب)

- ‌الوظيفة الثانية (كتابة السّرّ، ويقال لصاحبها «صاحب دواوين الإنشاء» )

- ‌الطبقة الثانية (من أرباب الوظائف الديوانية بالحضرة السلطانية أصحاب التواقيع، وهم على ثلاث درجات)

- ‌الدرجة الأولى (ما يكتب في قطع النصف ب «المجلس العالي» وكلّها مفتتحة ب «الحمد لله» )

- ‌الوظيفة الأولى (نظر الخاصّ)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر الجيش)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر الدواوين المعبّر عنها بنظر الدّولة)

- ‌الوظيفة الرابعة (نظر الصّحبة)

- ‌الدرجة الثانية (من تواقيع أرباب الوظائف الدّيوانية بالحضرة بالديار المصرية

- ‌الوظيفة الأولى (كتابة الدّست)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر الخزانة الكبرى)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر خزانة الخاصّ)

- ‌الوظيفة الخامسة (نظر خزائن السّلاح)

- ‌الوظيفة السادسة (استيفاء الصّحبة)

- ‌الدرجة الثالثة (من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بالديار المصرية

- ‌الضرب الخامس (من أرباب الوظائف بالدّيار المصريّة بالحضرة- أرباب الوظائف العاديّة، وكلّها تواقيع)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له في قطع النصف بالمجلس العالي، وهو رئيس الأطبّاء المتحدّث عليهم في الإذن في التطّبب والعلاج والمنع من ذلك وما يجري هذا المجرى)

- ‌الضرب السادس (من أرباب الوظائف بالديار المصرية) زعماء أهل الذمة

- ‌الوظيفة الأولى (رآسة اليهود)

- ‌الوظيفة الثالثة (بطركيّة اليعاقبة)

- ‌النوع الثاني (ما هو خارج عن حاضرتي مصر والقاهرة: من وظائف الديار المصريّة مما يكتب لأربابها. وهي ثلاث جهات)

- ‌الجهة الأولى (ثغر الإسكندريّة، والوظائف فيها على ثلاثة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل (وظائف أرباب السّيوف وبها وظيفة واحدة وهي النّيابة)

- ‌الصنف الثاني (من الوظائف التي يكتب بها بثغر الإسكندرية- الوظائف الدينية، وكلها تواقيع، وفيها مرتبتان)

- ‌الوظيفة الأولى (القضاء)

- ‌الوظيفة الثانية (الحسبة بثغر الإسكندرية)

- ‌الوظيفة الثالثة (نظر الصادر)

- ‌الصنف الثالث (من الوظائف التي يكتب بها بثغر الإسكندريّة المحروس، الوظائف الدّيوانية، وهي على طبقتين)

- ‌الطبقة الأولى (من يكتب له في قطع الثلث ب «المجلس الساميّ» بالياء

- ‌الطبقة الثانية (من يكتب له في قطع الثلث ب «المجلس السامي» بغير ياء أو «مجلس القاضي» وفيها وظيفتان)

- ‌الوظيفة الأولى ((كتابة الدّرج)

- ‌الوظيفة الثانية (نظر دار الطّراز بثغر الإسكندريّة)

- ‌الجهة الثانية (مما هو خارج عن حاضرتي مصر والقاهرة بالديار المصرية- بلاد الرّيف)

- ‌الوجه الأوّل (الوجه القبلي، وهو المعبّر عنه بالصّعيد)

- ‌الوجه الثاني (من وجهي الديار المصرية البحريّ، وهو الشّماليّ)

- ‌الضرب الأوّل (أرباب السيوف)

- ‌الجهة الثالثة (درب الحجاز الشريف)

- ‌مراجع الهوامش للجزء الحادي عشر من صبح الأعشى

الفصل: ‌الوظيفة الأولى (القضاء)

‌الصنف الثاني (من الوظائف التي يكتب بها بثغر الإسكندرية- الوظائف الدينية، وكلها تواقيع، وفيها مرتبتان)

المرتبة الأولى «1» (ما يكتب منها في قطع الثلث ب «الساميّ» بالياء، وفيها وظائف)

‌الوظيفة الأولى (القضاء)

وهو الآن مختصّ بالمالكيّة، وقاضيها يتحدّث في نفس المدينة وظاهرها، ليس له ولاية فيما هو خارج عنها.

وهذه نسخة توقيع بقضاء ثغر الإسكندريّة المالكيّ، كتب به للشيخ «وجيه الدين محمد بن عبد المعطي الإسكندريّ المالكيّ» وهي:

الحمد لله رافع قدر من نوّه العلم بذكره، ونوّر التّقى مواقع فكره، ونبّه الورع على رفعة قدره، وأشرق به منصب الحكم العزيز إشراق الأفق بطلوع بدره، وأضاءت بنور أحكامه غوامض القضايا الشرعيّة إضاءة الدّجى بغرّة فجره، وقضى له دوام الإصابة في الاجتهاد بإحراز أجريه إذا كان أحد قسمي الاجتهاد مقتضيا لأجره، ومليء صدره بأنواع العلوم الدينية فوسّع له الشرع الشريف صدر مجلسه وأعدّ له مجلس صدره، وزخر من خاطره بحر العلم فارتوت رياض الخواطر بأنوار فرائد درّه وأسفر وجه الدين بنور علمه وعمله: فقام هذا مقام السّرور في أساريره وناب هذا مناب الشّنب «2» في ثغره.

نحمده حمدا يزيد قدر النّعم تنويها، ويسوّغ في المحامد تعظيما لمسدي

ص: 402

المنّة وتنزيها، وينهض بشكر التوفيق في اختصاص منصب الحكم بمن كان عند الله وجيها.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تفترّ ثغور الإسلام بإدامتها، وتبنى قواعد الإيمان على إقامتها، وتشيم بوارق النصر على جاحدها من أثناء غمامتها، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي أنارت الآفاق بملّته، ودارت أداة التشبيه بين أنبياء بني إسرائيل وعلماء أمّته، وضاهى شرعه شمس الظهيرة في وضوح أحكامه وظهور أدلّته، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين عملوا بما علموا، وجاهدوا أعداء الله فما ضعفوا لذلك ولا ألموا، وقضوا بالحق بين أمّته فلا المقضيّ لهم أثموا ولا المقضيّ عليهم ظلموا، صلاة لا تزال لها الأرض مسجدا، ولا يبرح ذكرها متهما في الآفاق ومنجدا، وسلم تسليما كثيرا.

وبعد، فإنّ أولى من قلّد الحكم وإن نأى به الورع عن توقّعه، وخطب للقضاء وإن أعرض به الزّهد عن طلابه وتتبّعه، ودعي إليه إذ الإجابة عليه متعيّنة، ووضعت مقاليده بحكم الاستحقاق [في يديه]«1» إذ أولويّته البيّنة لا تحتاج إلى بيّنة- من عقدت على تعيّنه لهذا المنصب الجليل الخناصر، ودعت إلى استدعائه إليه فضائله الثابتة القواعد وزهادته الزاكية الأواصر، ودلّت عليه علومه دلالة الأضواء، على لوامع الشّهب، ونبّهت عليه فنونه تنبيه الأنواء، على مواقع السّحب، وشهد بورعه المتين، تفقّهه واعتزاله، وأنبأ عن نهوضه بنصرة الدين، قوّة جداله الذي هو جلاد مثله ونزاله، وتبحّر في أنواع العلوم حتّى جاوز البحر بمثله ولكنّه العذب الزّلال، وشغل نفسه بالتنوّع في الفنون فكان التحلّي بعبادة الله ثمرة ذلك الاشتغال، ومشى على قدم الأئمة العلماء من أسلافه فلم يشقّ في ذلك المضمار غباره، ونشأ على طريقة العلم والعمل: فنهاره بالانقطاع إليه ليله وليله بالاشتغال بهما نهاره.

ص: 403

ولما كان فلان هو الذي خطبته هذه الرتبة السنيّة لنفسها، وتشوّقت إلى الإضاءة بطلوعه في أفقها تشوّق المطالع إلى الإضاءة بطلوع شمسها، وأثنى لسان القلم على فضائله وهو يعتذر من الاختصار، واقتصرت البلاغة على اليسير من التعريض بوصفه وطالب ما لا يحصر معذور في الاقتصاد والاقتصار، وعيّن لما تعيّن عليه من مصالح الأمة وذلك يقضي لمثله من أهل الورع أن يجيب، وطلب لعموم مصالح الإسلام التي ما ينبغي لمثله من أنصار السّنّة أن يتأخّر عن مثلها أو يغيب، وكان ثغر الإسكندرية المحروس من المعاقل التي يفترّ عن شنب النصر ثغرها، ومن أركان الدين التي يغصّ بأبطالها بحرها، وهي مأوى صلحاء «1» الجهاد الذين سهام ليلهم «2» أسبق إلى العدا من سهامهم، وموطن العلماء من أهل الاجتهاد الذين يعدل دم الشهداء مداد أقلامهم؛ وهي داره التي تزهى به نواحيها، وموطن رباطه الذي يوم وليلة منه في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نخصّ منصب حكمها بعالم أفقها المنير، وزاهد ثغرها الذي ما شام برقه بصر عدوّ إلا وانقلب اليه خاسئا وهو حسير، وأن نفوّض إليه منصب القضاء والحكم العزيز بثغر الإسكندريّة المحروس، على قاعدة من تقدّمه فيه، نظرا في عموم ذلك الثغر [المحروس به]«3» إلى من انعقد إجماع أئمة عصره ومصره على سعة علمه ووفور ورعه وكمال فضله.

فليباشر هذا المنصب الذي ملاك أمره العلم والتّقى، ونظام حكمه العدل والورع وهما أكمل ما به يرتقى، وليحكم بما أراه الله من قواعد مذهبه المحكمة، وأحكام إمامه التي هي بمصالح الدّين والدنيا محكّمة، وليقض بأقوال إمام دار الهجرة التي منها صدرت السنّة إلى الآفاق، وعنها أخذت ذخائر العلم التي تزكو على كثرة الإنفاق، وبها حمى الأحكام الدينية موطّأ الأكناف، وفيها

ص: 404

استقام عمود الملّة ممدود الطّرف على سائر الأطراف، فليل من ذلك وغيره جميع ما كان يليه من تقدّمه، وتقتضيه قواعد ولايته التي أمضينا فيه لسانه وقلمه.

فأمّا ما يدخل تحت هذا الإجمال من آداب القضاء وقواعده، وأدواته وعوائده: من تخصيص الحكم بأوقاته، ومساواته بين الخصمين في إنصافه وإنصاته، واجتناب الحكم في الأوقات المقتضية لتركه، وتوقّي نقض الأحكام التي نظمها عدم مخالفة النص والإجماع في سلكه، فإنه مكتف بالإجمال عن تفصيلها، مكتف عن ذكر كثيرها بالإيماء إلى قليلها، إذ هو أدرى بأوضاعها شرعا وعرفا، وأدرب بما قد يشذّ منها عن ألمعيّته أو يخفى، وملاك الوصايا تقوى الله تعالى وهي من خصائص نفسه، وفواتح ما ابتدأ الورع بإتقان درسه، والله تعالى يؤيد حكمه، ويعلي علمه، بمنّه وكرمه! والاعتماد [على الخطّ الشريف أعلاه] إن شاء الله تعالى.

واعلم أنه كان فيما تقدّم قد وليها قاض شافعيّ.

وهذه نسخة توقيع بقضائها، كتب به للقاضي «علم الدين الإخنائي» الشافعي، في ثامن شعبان سنة ثلاثين وسبعمائة، وهي:

الحمد لله الذي رفع لنا في كل ثغر علما، وأجرى لنا في جوار كلّ بحر ما يضاهيه كرما، وجعل من حكّام دولتنا الشريفة من يعرف بنسبه الإسنائي «1» بل السّنائي أنه يمحو من الظّلم ظلما.

نحمده على أن زادنا نعما، ووفّر للأحكام الشرعيّة بنا قسما، وأغلى قيما، فأضحت تنافس الدّرّ الثمين قيما، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نجرّد لإقامتها سيفا وقلما، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي جعل

ص: 405

الله له شريعة ماذيّة «1» ودينا قيما، ونصب من أئمة أتباعه كلّ علم يهدي أمما، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة باقية ما بقيت الأرض والسّما، وسلّم تسليما.

وبعد، فإنّ أولى الثّغور بأن لا يزال به علم مرفوع، وعلم مصون حجابه الممنوع، وعمل يمشي به أئمة الأمة على طريقه المشروع، ثغر الإسكندرية- حماها الله تعالى- فإنها من دار الملك في أعزّ مقام، ومن مجاورة البحر في موطن جهاد تخفق به الأعلام، وغالب من فيها إما فقيه يتمسّك بالشريعة الشريفة في علوّ علومه، أو ربّ مال له وقوف بمجلس الحكم العزيز ينتصف من خصام خصومه؛ ولم تزل وظيفة القضاء بها آهلة الصدور، كاملة البدور، متهلّلة بما لا يفوت الشّنب كبارق الجزع «2» إذا حكى إيماض الثّغور؛ وكان لها مدّة قد خلت ونحن نفكّر فيمن يكون سدادا لثغرها، وكافيا فيما يهمّ في الأحكام الشرعية من أمرها، وكافلا من الحق الذي أمر الله به بما يقي النفوس، وقائما في مدارسها بما يزيد معالمها إشادة في الدروس، حتّى أجمعت آراؤنا الشريفة على من يحسن عليه الإجماع وتحسم به دواعي النّزاع، ويحسد علمه علم الشمس لما علا عنها من كرة الارتفاع، ومن يتضوّع بنشر العدل في يمنى كفّه القلم، وإذا وقفت به الركائب قالت: يا ساري القصد هذا البان والعلم؛ وكان المجلس الساميّ القضائيّ العلميّ الإسنائي الشافعي، أدام الله علوّه هو العلم المنشور، والعلم المشهور، والمراد بما تقدّم من وصف مشكور، فاقتضت مراسمنا المطاعة أن تناط به من الأحكام الشرعية القضايا، وأن يبسم هذا الثغر بحكمه عن واضح الثّنايا.

فلذلك رسم بالأمر الشريف، العاليّ المولويّ، السلطانيّ، الملكيّ،

ص: 406

الناصريّ: زاده الله شرفا، وضاعف له تصرّفا- أن يفوّض إليه القضاء بمدينة إسكندرية- حماها الله تعالى- على عادة من تقدّمه وقاعدته المستقرّة إلى آخر وقت، على أنه يستنيب عنه في تحمّله وفيما شاء منه من هو موصوف بصفته، موثوق بدينه وعلمه ومعرفته؛ ولينتصب في مجلس الحكم العزيز لمن ينتصف، وليعمل بما يرضينا من مراضي الله تعالى فإنّ للعيون أن تنظر وللألسنة أن تصف، ولينظر في أمر الشهود فإنّ الأحكام الشرعية على شهادتهم تبنى، وليحترز من الوكلاء فإنّ منهم من يجعل الظنّ يقينا واليقين ظنّا، ولينظر في أمور الأيتام ويتصرّف في أموالهم بالحسنى، وليقم الحدود، على مقتضى مذهبه، وليعوّل في العقود، على من لا يخاف معه امرؤ على إلحاق في نسبه، وغير هذا مما إليه مرجعه، وإليه ينتهي مفترقه ومجتمعه وبحكمه يفصل أمره أجمعه، وليتخذ الله تعالى عليه رقيبا، ويعلم أنه سيرى كلّ ما يعمله عند الله قريبا؛ وتقوى الله هي التي نتخذ معه عليها عهدا مسؤولا ورجاء مأمولا، وقولا عند الله وملائكته وأنبيائه مقبولا، ونقلّده منها على كل مخالف سيفا مسلولا، ونحن نرغب إلى الله أن يوفّقه في حكمه، ويعينه على كل ما يملى من الوصايا بما هو مليّ به من عمله وعلمه، والخط الشريف أعلاه، حجة فيه.

قلت: وكان قد استحدث بالإسكندرية قاض حنفيّ في الدولة الأشرفية «شعبان بن حسين» يولّى من الأبواب السلطانية رفيقا للقاضي المالكيّ بها، يتحدّث في الأحكام في القضايا بمذهبه خاصّة، وأمر مودع الأيتام ونظر الأوقاف، وغير ذلك من متعلّقات قضاء القضاة مختصّ بالمالكي، ثم صارت بعد ذلك تارة يولّى بها حنفيّ كذلك، وتارة تشغر منه. فإن وليها حنفيّ، كتب له في قطع الثّلث كما يكتب للقاضي المالكيّ، وليس بها الآن شافعيّ إلا نائبا عن المالكيّ، ولا حنبليّ بها أصلا.

ص: 407